متن القصيدة

سماءٌ
تستندُ إلى أحواض زهورٍ
ورقُ الشجرِ الناشفُ
فوق بساط العشب الأخضر
يتوزعُ بين سكونٍ ، أو خشخشةٍ ،
أو دورانٍ وقتيّ في الريح
ليُشاغبَ أقدامَ الحسناوات
غرابٌ يمرح بين الأغصانِ
وفوق الأسوار الواطئةِ
وحذْوَ الشرفاتِ النعسانةِ في العطر
فتاةٌ في الأبيضِ تلتفُّ
على خديها
يتقاطعُ خطّان بروجٍ أحمر
شرطيان يدلاّن المارّ
إلى موقع إضراب الجوقةِ
أتطلّعُ صوب الموسيقى
فتجاذبُني غاباتُ الشارعِ ، كي أعدو
فيما نابليون الهادئُ في القبر ،
يراقبُني مبتسما
ولدٌ
يرسمُ صدرَ حبيبته المزهوّة
بين يديها
يتوتّرُ فهدٌ ، يشرعُ نابيْهِ
وفوق ملامحها دعةٌ
لا أملكُ أن تتمهّلَ عيني
عند بياض النهدِ
فما ثمّ فضولٌ
في باريسَ
ولا أشواقٌ مكتومه


قراءة فى قصيدة ملائكة الرحمة / عماد غزالى

عندما ترى المشهد الموصوف بالحروف فاعلم أن كاتبه عماد غزالى
مشهد 1 ( مشهد افتتاحى ) :
سماءٌ
تستندُ إلى أحواض زهورٍ
ورقُ الشجرِ الناشفُ
فوق بساط العشب الأخضر
يتوزعُ بين سكونٍ ، أو خشخشةٍ ،
أو دورانٍ وقتيّ في الريح
ليُشاغبَ أقدامَ الحسناوات
سماء تطل على حوض من الزهور , ورق من الشجر الناشف يفترش الأرض المعشوشبة .
والورق بعضه ساكن لا يتحرك , وبعضه يتحرك جراء الهواء فيصدر صوت الخشخشة .
أو يدور فى رقصة جميلة مع الريح فيتساقط عند أقدام الحسناوات .
الجمال هنا :
يكمن الجمال فى تلك اللوحة الجمالية التى رسمت بريشة فنان .
فأنت ترى السماء وحوض الزهور والعشب وورق الشجر .
ثم جمالية تصوير الحركة فى مشهد دوران الورق راقصا مع الريح ثم يتساقط عند الحسناوات .
مشهد 2 :
غرابٌ يمرح بين الأغصانِ
وفوق الأسوار الواطئةِ
وحذْوَ الشرفاتِ النعسانةِ في العطر
فتاةٌ في الأبيضِ تلتفُّ
على خديها
يتقاطعُ خطّان بروجٍ أحمر
يكمل الشاعر اللوحة بإضافة عناصر جديدة فهذا غراب يطير مرحا بين الأغصان يعلو ويهبط فوق الأسوار .
وهاهى فتاة بيضاء تلتف أيضا بمعطف أبيض وترتسم شفتاها بالروج الأحمر .
الجمال هنا :
تناقضات الألوان .. ( الغراب الأسود , الفتاة البيضاء ) - ( المعطف الأبيض - الروج الأحمر ) .
مقابلات لونية جميلة تمنحك راحة فى العين وموسيقى فى الأذن .
مشهد 3 :
شرطيان يدلاّن المارّ
إلى موقع إضراب الجوقةِ
أتطلّعُ صوب الموسيقى
فتجاذبُني غاباتُ الشارعِ ، كي أعدو
فيما نابليون الهادئُ في القبر ،
يراقبُني مبتسما
ثم ها هما شرطيان يدلان المارة إلى موقع الاضراب .
فيسمع الشاعر موسيقى فينظر صوب مكانها فأرى الشارع الممتد أمامى يغرينى أن أعبره .
كل هذا الصخب فى باريس , ونابليون القائد الفرنسى الأعظم هادىء فى قبره , ولكنه يراقبنى وهو يبتسم .
الجمال هنا :
المقابلات بين ( الاضراب - الموسيقى ) رغم صخب الاثنان إلا أن الموسيقى للترويح , والاضراب يعكس الفوضى !!
( الشارع - القبر ) صخب الشارع وضجيج المارة , وصمت القبر .
( نابليون الصامت فى قبره مبتسما ) تشبيه رائه وتجسيد لهذا الفرنسى الذى يطالع دولته وهى صاخبة ولكنه ساكن فى قبره ينظر مبتسما !!
مشهد 4 :
ولدٌ
يرسمُ صدرَ حبيبته المزهوّة
بين يديها
يتوتّرُ فهدٌ ، يشرعُ نابيْهِ
وفوق ملامحها دعةٌ
ثم مشهد جديد لولد يرسم حبيبته المزهوة بكلبها الفهدى الذى يتفاخر بنابيه القويين .
مشهد 5 :المشهد الأخير
لا أملكُ أن تتمهّلَ عيني
عند بياض النهدِ
فما ثمّ فضولٌ
في باريسَ
ولا أشواقٌ مكتومه
فأتوقف لأنظر نحو تلك الفاتنة ذات البياض الشاهق والنهد الرائع الجمال .
فهنا ليس هناك حرج فالفضول لا مكان له فيمكنك النظر بتمعن , والأشواق العربية المكتومة تخرج كلها فى باريس بلد النور والحرية !!!!!
الجمال هنا :
فى واقعية وصف المشهد بالمقابلة بين العربى ذو الفضول والأشواق , وبين الحرية الملعونة فى فرنسا فكأنك فعلا تشاهد مشهدا حقيقيا .
تحية لك أيها الشاعر ذو القلم الكاميرى الجميل
يحيي هاشم