مَهْوَىَ الفُؤَادِ وعِلَّةَ الأَحْبَابِ
مَازَالَ فِيكِ تَحَبُّبِي و عِتَابِي
إنِّي عَشِقْتُكِ لَوْحَةً مُزْدَانَةً
فِيِهَا الهَوَىَ بِكُهُولَتي وشَبَابي
إنِّي عَشِقْتُكِ زَهْرَةً بَرِّيَّةً
رَوَّيْتُهَا قَلْبِي. .كَذَا أعْصَابِي
إنِّي عَشِقْتُكِ رغم ما أنْكَرْتُهُ
قَدَرُ المُحِبِّ اللِيِنُ لِلأَحْبَابِ
والعِشْقُ فيكِ كَرَامَةٌ مَحْمُودَةٌ
تُحْيي الحَنِينَ بِسِحْرِها الغََلابِ
كَمْ ذَا أُسَامِرُ لَحْظَةً فِيهَا الصَّفا
يَا حُسْنَها فِي قَلْبِيَ الجَوَّابِ
سَامَرْتُ فِيِكِ سَمَاحَةً وبَسَاطَةً
أحْبَبْتُ فِيكِ قَرَابَتي و صِحَابي
أحْبَبْتُ فِيكِ نَسِيمَكِ الطُّهْرَ الذِي
يُغْري الحُقولَ تَفَيضُ بالأَطْيَابِ
أحْبَبْتُ فيك النِّيلَ يَجْرِي شَامِخاً
وَ الْمَجْدُ ضِفْتُهُ مَدَى الأحْقَابِ
أحْبَبْتُ فيك النِّيلَ شَيْخاً زَاهِداً
بِالمُلْكِ بِالألْقَاب بِالأَسْلابِ
يَسْرِي فَيَرْوي أَنْفُساً مُشْتَاقَةً
لِيَهِيمَ زَهْرٌ فِي رَبِيعِ رَوَابِي
لا يَعْرِفُ الحِقْدَ البَغِيضَ ولا الهَوَى
عَدْلاً يَسِيرُ عَلَى فَسِيحِ رِحَابِ
أحْبَبْتُ فِيكِ الشمسَ نُوراً مُبْهِراً
مَا بَالُها تَخْبُو كَعُودِ ثِقَابِ
أحْبَبْتُ فِيكِ مَسَاجِداً مَعْمُورَةً
تَسْبيحُهَا يَهْدِي الغََوِيَّ النَّابِي
أحْبَبْتُ فِيكِ تَلاحُما لِطَوائِفٍ
لا مَا اشْتَرَىَ غِراً عَوَىَ بِسِبابِ
أحْبَبْتُ فِيكِ الرُّوحَ قَبْلَ لُهَاثِها
بِالمَادةِ الرَّعْنََاءِ ذِي الأنْيَابِ
أحْبَبْتُ فِيكِ أُمُومَةً تَحْوِي الدُّنَىَ
وَلَكَمْ هَمَتْ فِي حِضْنِهَا أَهَدَابِي
ومَرَرْتُ بِالأَطْفَالِ في هَزَجِ الصِّبَا
والفَرْحُ يَغْرِي رَوْعَةَ الإعْجَاب
وَبَرَاءَةُ الأطْفَالِ تَاجُ رُؤُوسِهِم
وَطَعَامُهُمْ خُبْزٌ بِلِين لُعَابِ
ومَضَتْ طُفُولَتُهُمْ فَعَادَ رَبِيعُهُمْ
يَبْكِي دِمَاءً بالغَدِ الكَذَابِ
ورأيْتُ فِيكِ الطِّفْلَ يَعْشِقُ عُمْرَهُ
وَهَوى ليحْرِق حُلْمَهُ بِشَبَابِ
والحُلْمُ مَاتَ عَلَىَ مَذَابِحِ قَهْرِهِمْ
فَرَأَى الحَيَاةَ بِحُسْنِهَا كَتُرابِ
كَرَّهْتِهِ عُمْراً فَخَرَّ مُصَارِعاً
نَاراً تَلَظَّتْ فِي رَقِيقِ إِهَابِ
إنِّي عَشِقْتُكِ نَغمَةً رَتَّلْتُهَا
فَتُجِيبُ لَحْنِي أَسْفُحِي و شِعَابِي
لَكِنَّمَا لَحْنِي الجَمِيلُ أَضَعْتِهِ
أَنْكَرتِنِي وهَزَأتِ مِنْ أوْصَابِِي
وَرَكِلْتِنِي كَيْ مَا أكُونَ مُهَمَّشاً
أَوْلَيْتِ حُبَّكِ عُصْبَةَ الأذْنَابِ
أَوْلَيْتِ حُبَّكِ كُلَّ أَفَّاقَ الهَوَىَ
و العَطْفُ مِنْكِ لِدَاجِلٍ رَيَّابِ
أَوْلَيْتِ حُبَّكِ للرُّوَيْبِضَةِ الَّذِي
مََنَحَ الذِّمَامَ لِسَارِقٍ نَهَّابِ
غَدَرُوكِ جَهْراً دُون أَيِّ تَلَعْثُمٍ
وَ بِكُلِّ قُبْحٍ مَاجَرَى بِكِتَابِ
قَرَّبْتِ غَدْرَهُمُ اسْتَبَحْتِ وِدَادَنَا
لأرَاهُ مَطْرُوداً عَلَى الأَبْوابِ
وَكََأنَّ نِسْبَتَنَا إلَيْكِ لَقِيطَةٌ
وَ كَأنَّنَا جُرْمٌ أَتَى لِعِقَابِ
وَكَأنَّ حِلْمِي في وِدَادِكِ ذِلَّةٌ
ودَمِي المُرَاقُ لَدَيْكِ كَالأَنْخَابِ
فَشَرِبْتِهِ حَتَّى الثُمَالَةِ لُعْبَةً
وَشَرِبْتُ صَبْرَ الحُرِّ مُرَّ شَرابِ
لا تَحْسَبي صَبْري كَضَعْفِ مُخَاتِلٍ
فَالصَّبْرُ عِنْدِي حِكْمَةُ الألْبَابِ
إِنَّي الأَبِيُّ ومَا رَضَخْتُ لغَاصِبٍ
رَأْسِي النَّخِيلُ عَلَى رَفِيعِ هَضَاب
لا ما انْحَنَى طُهْري لِغَدْرِ فَحِيحِهِمْ
بَلْ كَانَ نُوُرَاً لِلْهُدَى الأَوَّابِ
وَصَبَرْتُ يَا أُمِّي الحَبِيبَةَ مُرْغَماً
بِمَشَاعِرِي بِمَلاحِمِي بِعَذابيِ
حَتَّى رَأيْتُ البُخْلَ مِنِكِ لِطِفْلتِي
والبِشْرَ صََار لِخَائِنٍ مُتَصَابي
وَ الآَنَ جِئْتُ فَلا أَرَى حُبِّي الَّذي
قَدْ كَانَ خَيْراً دَافِئا كَسحَابِ
لا الوُدُّ قَلْبٌ لا البَرَاءَةُ غَايَةٌ
لا النُبْلُ أَصْلٌ قَدْ غَدَا كَسَرَابِ
لا الأرْضُ أَرْضِي لا النَّسِيمُ يحُوطُني
فِي حِضْن حُبٍ بَاسِمٍ وَهَّابِ
أَبْدَلْتِ زَهْرَ الرَّوْضِ شَوكا قَاسِيا
والأفْقُ أَضْحَى مُثْقَلاً بَضَبَابِ
لا لَمْ أَكُنْ يَوْماً عَصِياً غَاوِياً
حَتَّى وَصَمْتِ الحُبَّ بِالإرْهَابِ
ضَاعِتْ مَلامِحُنا وغَابَ رُوَاؤُها
وَالمَجْدُ أَضْحَى في دُمَىَ الألْعَابِ
لا تُنْكِري غَضَبي فأنْتِ حَفَرْتِهِ
وَ نَشَرْتِهِ طَيْراً هَوَى كَعُقَابِ
لا تُنْكِري غَضَبي فَكَمْ كَبَّلْتُهُ
وَلَكَمْ سَخَرْتِ بِصَابِرٍ غَضَّابِ
لا تُنْكِري غَضَبي فأنْتِ نَفَخْتِهِ
نَاراً فَغََاضَ بِنَهْرِيَ السَّكَّابِ
لا تُنْكِري غَضَبي فَتِلْكَ ظُلامَةٌ
لِلْعِز يُرْمَىَ طُعْمةً لِكِلابِ
لا تُنْكِري غَضَبي فتلْك محَبَةٌ
فَالمَجْدُ أرْوَعُ فِي أنِيقِ ثِيَابِ
مَا زَالَ حُبُّكِ قَائدِي يا مُهْجَتِي
والقَلْبُ يَنْزِفُ حُبَّهُ بِعِتَابِ