الزواج

عقد يفيد حـل اسـتمتاع الزوجين بعضهما ببعض على الوجه المشـروع ويجعل لكل منهما حقوقـا" وواجبات تجـاه الآخر. وقد عرف قانون الأحوال الشخصية السوري الزواج بأنه عقد بين رجـل وامرأة تحل له شـرعا غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل.
فمتى تحققت أركان العقد وشرائطه العامة حل استمتاع كل من الزوجين للآخر ولا يحتاج الأمر فيه إلى طقوس دينية ولا أن يتم أمام رجـل دين معين مأذون بإجراء هذا العقد لأن الزواج في الشريعة الإسلامية عقد كبقية العقود له صفة المدنية بهذا المعنى فمتى توافرت شروطه التامة سواء أكان في البيت أم في المسجد فهو عقد صحيح يستلزم أثاره الشرعية, إلا أن الزواج الذي يجري خارج المحكمة الشرعية دون تثبيت له آثار سـلبية قد تنعكس على حقوق الزوجة وقـد يهدد ذلك بضياع هـذه الحقوق ونحن ننصح مـن وجهـة نظر قانونية وشرعية صحيحة عدم اللجوء إلى عقد الزواج خارج المحكمة الشرعية وإن هـذا العقد شـرع ليكون "أبديا" فهـو غير قابل للتوقيت فأي توقيت فيه يفسـده.
ومـا الطلاق إلا أمر طارئ على عقد الزواج وليس بشرط أسـاسي فيه وتترتب على الزواج الصحيح آثار شرعية وقانونية وهى المهر والنفقة الزوجية والمتابعة الزوجيـة والميراث والنسب وحرمة المصاهرة والعدة ونفقة العدة وحسـن المعاشرة والمعيشة المشـتركة فإلى جانب الحقوق والواجبات الماديـة التي تنشـأ بموجب عقد الزواج تترتب التزامات أديبة متبادلة, أهما حسن المعاشرة والمعاونة والمسـاعدة والمعيشة المشتركة إذ كيف يكون هناك محبة ومودة وتكون أسرة إذا لم يكن هذا الواجب قائما" بشـطريه المادي والمعنوي إن هذا لا يكون إلا في بيت يسوده التفاهم وتظله السـعادة وقد ضمن الإسـلام لهذا العقد المقـدس.

الرضائية التامة

فلا زواج بإكـراه أحـد الزوجين على مـن لا يختاره بمحض إرادتـه وجعل للـولي حق الاعتراض إذا تم زواج بيـن فتاة وشاب بشكل لا ينبئ عن استقرار وتوافق ليضمن للزواج الدوام والاستمرار . هذا الزواج الذي شرع لأغراض معينة ومقاصد بينها الشارع قد يعترضه بعض ما يحول دون تحقيق أهدافه فقـد يكون أحد الزوجين عقيما" فلا يحقق الزواج هدفه من التناسـل والتوالد وقد تتباين طبائع الزوجين وتختلف أخلاقهما فلا ينشـأ التوافق والانسـجام بين الزوجين الذي حرص الإسلام على توافره بينهما .
وقد تتضرر الزوجة أو الزوج من أذى يلحقه أحدهما بالآخر أو تتضرر الزوجـة لغياب زوجها في سجن أوغيره وبصورة عامة قد لا تتحقق المحبـة والمودة بين الزوجين فلا ينشأ عن هذا الزواج الهدف الذي لأجله شـرع بل لأجله تـم الرضا بين الزوجين في هذا العقـد المقدس وبما أن رفع الظلم عن كل مـن الزوجين أمر واجب وضرر كل منهما أمر محـرم فما هو علاج هذه الحالات التي تتعرض لها كل حيـاة زوجيـة لم يكتب لها القدر النجاح لا نجد أمامنا إلا حلا” من ثلاثة حلول:
1- استمرار الحياة الزوجية رغم ما أصابها من وهن وضعف وتفكك وإضرار وعدم جواز التفريق بين الزوجين مهما طرأ على هذه الحياة من أمور .
2- أو أن نجيز لكل من الزوجين حق التفريق إذا ما رأى أحدهما أن الحياة الزوجية لم تعد تلك الحياة التي كان يأمل فيها من رخاء وسـعادة واستقرار فيفارق زوجـه بطلاق أو فسخ بإرادته المنفردة دون حاجة الى حكم القاضي وبيان السبب في ذلك.
3- أما أن نعطي القاضي حق التفريق بين الزوجين إذا ما شـكا أحـد الزوجين إضـرار الآخرين أو تعذر استمرار الحياة بينهما .
والحل الثالث هو النظام المعمول به في أكثر البلاد في العالم حيث تنص قوانينها على أسباب معينة للتطليق فيتقدم أحد الزوجين بطلب إلى القضاء شـارحا" الأسـباب التي دعته لمثل هذا الطلب فينظر القـاضي الدعوى فإن رأى ذلك حقا" حكم بالتفريق وقد أخـذ قانـون الأحوال الشخصية السـورية بهذا الحل وقننه في نصوصه القانونية وهي مجموعة من المواد القانونية 112 وما يليها فيتقدم أحد الزوجين بدعوى تدعى دعوى التفريق لعلة الشقاق أمام المحكمـة الشرعية بأنه قد استحالت حياته مع زوجه لأسـباب سـيعرضها بالتفصيل أمام القاضي وبأنه قد لحقه الضرر سـواء المادي والمعنوي بعد المضي بإجراءات المحاكمـة وتبليغ الأطراف في الدعوى وتمثيلهم أصولا" بأنفسهم أو بواسطة محامين أساتذة عنهم يؤجل القاضي الدعوى شـهرا" أملا" في حصول المصالحة بين الطرفين فإذا مضت مدة الشـهر ولم يتم الصلح بين الطرفين وأصر مـدعي التفريق يقوم القاضي بتعيين حكمين مـن الأهل أولا" لإجراء التحكيم فيما بينهما ولمعرفة مدى إسـاءة كل من الطرفين للأخر ومرجعه في ذلك قوله تعالى (( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمـا" من أهله وحكما" من أهلها إن يريدا إصلاحا"يوفـق الله بينهما )). وقد جرت العادة في المحاكم على تعيين حكمين من الأباعد يقومان بمهمة التحكيم بين الزوجين يبدأ الحكمين بتعيين مجلـس عائلي يجمعا فيه الطرفين أمـامهما وأمام السـيد القاضي أو من يقرر الحكمين دعوته أصولا" ونلفت الانتباه هنا على أن امتناع أحـد الطرفين عن حضور هذا المجلس بعد تبليغه بشكل أصولي لا يؤثر في التحكيم ويبدأ الحكمين بالوقوف على حقيقـة الخلاف بين الطرفين وأسـبابه ومبررات كل منهما تمهيدا" لإجراء المصالحـة بينهما ورأب الصدع في هذه الأسـرة ويبذلون الجهد الكافي للإصـلاح وذلك من خلال عدة جلسات يجرونها مع الزوجين فإذا عجزا عن الإصلاح بينهما يحددون مدى إساءة كل منهما للآخر ويقررا التفريق بينهما بطلقة بائنة فإذا كانت كامل الإسـاءة من الزوج يلزم السـادة الحكمين الزوج بكامـل المهر المعجل والمؤجل وإذا كانت الإساءة بالكامل من الزوجـة مع إعفـاء الزوج من كامل المهر وإن كانت الإسـاءة مشـتركة فيتم الإعفاء أو الإلزام بالمهر حسب نسبة يحددها الحكمين تعادل لإسـاءة من كل منهما عندئذ يرفع السادة الحكمين تقريرا" خطيا" لايجب أن يكون معللا" للسيد القاضي بمدى الإسـاءة وانعكاس ذلك على المهر ليقـوم القاضي بدراسته باستيفاءه لشـروطه الشكلية والموضوعية ومن ثم إذا وافق السـيد القاضي على ما خلص إليـه تقرير الحكمين وسـماعه على طعون أطراف الدعوى بهذا التقرير يقوم بتصديق تقرير الحكمين والتفريق بين الزوجين بطلقة بائنة لا يحلان لبعضهما إلا بعقد ومهر جديد وإذا رأى السـيد القاضـي أن التقرير مخالف للأصول القانونيـة يقرر إعـادة التحكيم بمعرفـة حكمين آخـرين يتوليان هـذه المهمة ويكون الأمـر بنهاية المطاف تحت سـلطة المحكمة التي تنظر في النزاع بين الطرفين.

ملاحظات قانونية:
1- أعطى المشـرع الحق لكل من الزوجين دون استثناء حق إقامـة دعوى التفريق أمام القضاء خلافا" لما هو متعارف عليه بين الناس.
2- لا يجوز شرعا" أو قانونا" اللجوء إلى دعوى التفريق إلا لأسـباب جوهرية بحيث تصبح الحياة الزوجية معها شبه مستحيلة ولابد من الابتعاد عن الخلافات الطفيفة والسـطحية والانفعالات الشخصية وأي خلاف معتاد في كل أسرة.
3- التفريق في دعوى الشقاق يكون بحكم القاضي ولا يتوقف على إرادة أي مـن الزوجين وفي ذلك تيسـير على الناس ويكون بعد دراسـة موضوعية لما تعانيه هذه الأسرة من خلافات قد يصل السـادة الحكمين لحل لها وبالتالي عدم متابعة الدعوى أمام القضاء.