ثم دبت الحياة في القصر العدلي , وأصبح يسمع دبيب الأقدام فوق سطح القبو .. حتى لقد انحدرت الحركة إلى سلم القبو , فهبط احد رجال الشرطة واستلم مكان الشرطي الذي بات هنا طول الليل تبادلا التحية العسكرية , وصعد الشرطي الأول وغادر المكان , ظن ان القاضي سيطلبه مع رفاقه الآن حتى لقد انحدرت الحركة إلى سلم القبو , فهبط احد رجال الشرطة واستلم مكان الشرطي الذي بات هنا طول الليل تبادلا التحية العسكرية , وصعد الشرطي الأول وغادر المكان , ظن ان القاضي سيطلبه مع رفاقه الآن ولكن طال الوقت جدا على ذلك , وانتظر دون فائدة هل سيمضي هنا ليلة ثانية؟
أخيرا جاء موظف فأعطى ورقة صغيرة للشرطي الذي فتح الشبك وأمره مع باقي الغلمان بالخروج , ثم أغلق الشبك وساقهم جميعا أمام قاضي التحقيق.
أما هو فلم يسأله القاضي شيئا , وأما رفاقه فتعرضوا لإعادة استجوابهم مرة أخرى.
وأخيرا لفظ القاضي كلمته ..قال له:
-اذهب إلى بيتك.
الصعوبة الآن في العودة إلى دار ام محمد .. كيف ستستقبله , ستستأله فورا بكلامها الممطوط ولكن الشديد الوطاة على السمع :
-أين كنت ياولد وماذا فعلت طول اليومين السابقين؟
وارتعش وتصورها تقول له:
هذا البيت هل هو خان حتى تعودإليه متى شئت؟ وأردت ثم تغادره متى شئت وأردت ؟
من له بإسكاتها , كيف يهدئ من ثائرتها؟
نعم نعم الدراهم هي التي تسكتها . ماذا ؟ وكيف موقف الباصات , ورجال الشرطة لم يكد يخرج من دار التوقيف , ألم يتذكر ؟ إنك لم تتصرف تصرفا حكيما . كان يجب أن تكون كالعصفور دائم الحركة , دائم حركة الرأس , حذرا غاية الحذر عند أقل إنذار يطير ويختفي .
أما الدراهم فلا غنى به عن اكتسابها , هذا ما لا ريب فيه,وأما أن يكون في الوجود مخلوق له من المروءة ما يكفي حتى يتنازل له عن كل ما يحتاجه منها , فهذا هو المستحيل . ماذا بقي ؟ أن يحصل عليها بطريقة الخاصة,
-موقف الباصات وأبواب دور السينما .
وإذا قبض عليه؟
-الحبس , هو معهد الاحداث ليس فيه ما يحزن , أكل وشرب وتعلم مهنة . يا الله إلى مواقف الباصات .
يبدو ان غياب يومين قد شحذ همته جيدا,فإن جولة واحد ة قد جعلته على عشر لير ات سورية دفعة واحدة مبلغ ضخم ماذا يفعل يه؟
أبو لبادة؟ ماذا؟بعنة الله عليه ر, لو ان القاضي التحقيق اوقفه هو للبث أياما بل شهورا , وعده بأن يحلصه ثم لم يفعل , فلماذا يعطيه ؟ تعب بهذا المبلغ وخاطر وجهد وعرق , هذه الليرات العشر له وحده. أبو لبادة على كل حال لا يعلم بها , وأم محمد ؟ يا الله نجول جولة ثانية أمام الباصات ونهبج لها هبجة ثانية خمس ليرات تكفي .
لم يكن رأس صقر هو الذي يقود إلى دار أم محمد وإنما هي قد ماه اللتان تخطوان في ذات الخط في الطريق وبحكم الاستمرار أين يبيت؟ لو انه وفق إلى مكان لما عاد.
-في المرآب .
-مستحيل روائح تخدش الأنوف , وأبو معروف ..
فجاة أصبحت دار ام محمد ثقيلة الوجود , معتمة حالية حاوية , ليس فيها ما يربطه إليها , وشعر بشيء يكبر داخل إهابه لم يكن من قبل , لم تعد هذه الدار مما لا يمكن الاستغنار عنه . ترامى إليه من ساحة الذكرى قول أب لبادة :
-انام حيث أريد , ربما على عتبة باب , أو في مطلع درج بناية او في بناية على العظم , قيد التشييد في فندق.
آه , سيكون كقره فندقا إذا ما زاد مورده من المال , لاب ل منذ الآن .
عند دخل الفندق وطلب غرفة إليه صاحب الفندق نظرة فيها ريبه قال له:
ص 33