الخيل آخر تحديث:الثلاثاء ,31/03/2009

صالح الخريبي



أتمنى من النوادي الرياضية التي أنشأت فرقاً لكل شيء أن تعمم رياضة الفروسية، وتسهل وصول الشباب إليها لكي يتمكن الآباء من السير على نهج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي طالبنا بتعليم أولادنا الفروسية وركوب الخيل.

الفروسية تراث عربي أصيل، ولم يكن العرب يكرمون شيئاً من مالها ومتاعها كما تكرم الخيل، حتى إن العربي كان يبيت طاوياً ويشبع فرسه ويؤثرها على نفسه وأهله وولده، بل إن العرب كانوا يعتبرون إهانة الخيل مذلة يعيّرون بعضهم بعضاً بها، وها هو عمر بن مالك يقول في فرسه “وسابح كعقاب الدجن أجمله/دون العيال له الإيثار واللطَف”.

وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من أرغب الناس في الخيل وأشدهم إكراماً وحباً لها، ويقول: “الخيل معقودة في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم”. وفي الحديث الشريف: “ما كان شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل”.

ويقال إن تربية الخيول العربية الأصيلة بدأت بشكل منهجي مع بداية الإسلام، وهنالك رواية تقول إن الرسول الكريم، عندما قرر الانتقال بدعوته إلى العلن، وضع في اعتباره ردود فعل قريش، فأحضر عدداً من الخيول وتركها، بوحي إلهي، من دون ماء لمدة ثلاثة أيام، ومنع عن نفسه الماء للمدة ذاتها، وفي اليوم الثالث جلب لها الماء، فتدافعت الخيول إليه تروي ظمأها، فدق نفير الدعوة للقتال، فتجاهلته الخيول بسبب عطشها الشديد، إلا خمسة منها ارتدت عن حوض الماء قبل أن ترده، وجاءت إليه، كأنها تريد أن تخوض غمار الحروب وتؤدي الواجب حتى لو كانت تكاد تهلك من العطش، فمسح الرسول الكريم بطرف كمه على وجوه الخيول الخمسة، ثم وفّر لها الماء والغذاء، واستخدمها في توليد جيل جديد من الخيول يتميز بالنباهة والقوة والقدرة على الاحتمال.

وفي معارك الإسلام الأولى لم تكن بيض الهند تقطر من دماء المجاهدين المسلمين فقط، وإنما من دماء خيولهم أيضاً، ومع ذلك كانت الفرس تتحمل الآلام وتصبر، كما يفعل فارسها. وكم تبدو حركة الفرس العربي الأصيل مذهلة في شعر امرؤ القيس: “مكر مفر مقبل مدبر معاً/ كجلمود صخر حطّه السيل من عل/ له أيطلا ظبي وساقا نعامة/ وإرخاء سرحال وتقريب تتفل”.