الاختفاء البشري المؤقت آخر تحديث:الخميس ,15/05/2008

صالح الخريبي

ماذا يكون شعورك إذا كنت تقف إلى جانب صديق، تتحدث إليه، وفجأة يختفي من أمامك لمدة ثانية أو ثانيتين، وتنظر حولك تبحث عنه، فلا تجده، وبعد لحظة تجده أمامك يقول لك: “ولو.. إنني هنا.. ألا تراني؟”، وماذا تقول إذا بحثت طويلا عن شيء، فلم تجده، وبعد لحظات تعثر عليه في مكان أنت واثق أنك بحثت فيه جيدا ولم تعثر فيه على ذلك الشيء؟ أنا واثق أنك مررت في حياتك بتجربة من هذا النوع، وأغلب الظن أنها لم تشغل تفكيرك، وربما عزوتها إلى الشرود، ولكن العلماء يعترفون بأن هذه الظاهرة موجودة، ويطلقون عليها اسم “الاختفاء البشري المؤقت”.

ومن حالات الاختفاء البشري المؤقت التي درسها العلماء ما حدث لسيدة كانت تختار ملابس لطفلتها في أحد محلات الملابس الجاهزة، وتقول الأم: “كانت ابنتي التي لا يزيد عمرها على عشر سنوات في غرفة تغيير الملابس، وكلما جربت رداء تقول إنه غير مريح، فأعود إلى واجهات العرض وأبدله، وفجأة، عدت إلى غرفة تغيير الملابس وأنا أحمل رداء آخر لها، فلم أجدها داخل الغرفة، وهيئ لي أنها شعرت بالملل، وغادرت الغرفة إلى واجهات العرض لتختار بنفسها، ولكنها لم تكن موجودة هناك أيضا، فعدت إلى غرفة تغيير الملابس لأجدها لا تزال داخل الغرفة، تنظر إليّ بدهشة وتقول: ماذا حدث لك؟ لقد جئت إلى الغرفة وأنت تحملين رداء جميلا، وقلت لك إنه جميل، ولكنك لم تأبهي لي، وعدت إلى واجهات العرض”.

والعلماء لا يملكون تفسيرا لظاهرة الاختفاء البشري المؤقت، ويستبعدون أن تكون نتيجة حدوث خرق في نسيج الزمن، كما هو الحال بالنسبة للذين يسافرون عبر الزمن، إذ إن الذين يسافرون عبر الزمن لا يعودون بسرعة، أما في ظاهرة الاختفاء البشري المؤقت فإنهم يختفون لمدة ثانية أو أكثر، فلا يراهم المحيطون بهم، ثم يعودون إلى الظهور ثانية، دون أن يشعروا بما حدث لهم، ويقول البروفيسور نورمان فريتزهامر، المختص بالظواهر الخارقة للعادة إن هذه الظاهرة بدأت تنتشر بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة، وقد حقق شخصيا في العديد من الحالات، ويضيف “لم نتمكن من معرفة الطريقة التي تعمل بها هذه الظاهرة، أو أسبابها، ولكننا على ثقة أنها موجودة”.

ومن الباحثين المهتمين بظاهرة الاختفاء البشري الفوري البروفيسورة دونا هيجبي، وقد حققت في حالة شخص يدعى دانيال سولتس روى تجربته بالقول: “كان بعض الأصدقاء يحاولون إطلاق أسهم نارية دون الحصول على ترخيص، فحاولت منعهم، وقلت لهم إن الحصول على ترخيص لا يستغرق وقتا، بل يمكن الحصول عليه من أي مركز للشرطة على الفور، وفي أي ساعة من ساعات الليل أو النهار، فلم يرتدعوا، وبدأوا بإطلاق الأسهم، وفجأة حضرت الشرطة، وطالبتهم بإبراز الترخيص، فقالوا إنه غير موجود، فطالبهم رجال الشرطة بإبراز هوياتهم، والغريب أنه لم يطلب أحد مني ذلك، وجرى اقتياد زملائي إلى المخفر، وبدا وكأن رجال الشرطة لا يشعرون بوجودي، وبعد ساعات، عاد رفاقي، ولاموني لأنني “هربت” عندما حضرت الشرطة، فقلت لهم إنني كنت موجودا، ورويت لهم ما حدث، ولكنهم لم يصدقوني”.

وتعتقد البروفيسورة دونا هوجبي أن هذه الظاهرة لها علاقة بالقوى التي يحصل عليها الذين يمارسون رياضة اليوجا، ولكنها تقول: “المزعج في هذه الظاهرة أن الذين يتعرضون لها لا يملكون السيطرة عليها، ويختفون دون أن يعرفوا”.

وحياة الإنسان حافلة بالأسرار التي يقف العلم أمامها حائرا، ربما لكي نتذكر أننا ما أوتينا من العلم إلا قليلا.