أتمنى لو أعرف ذلك الفورمون الذي كان يطلقه جسم رجل مثل رودولف فالنتينو الذي جعل معظم نساء العالم تهيم به، فالعلماء يؤكدون أن الجاذبية لا علاقة لها بالوسامة أو الشكل أو لون الشعر أو العينين، وإنما هي “حالة مرضية” تنتقل من “الشخص الجذاب” إلى “المجذوب” بنفس الطريقة التي تنتقل فيها بكتيريا الإنفلونزا مثلاً. ويضيف هؤلاء، في آخر دراساتهم، أن جسم الإنسان يضخ كميات هائلة من المواد الميكروبية الدقيقة التي تنتقل إلى الآخرين عن طريق الهواء، وهذه المواد التي يطلق عليها اسم “الفورمونات” هي التي تجعل الآخرين يحبوننا أو يكرهوننا، حسب تفاعلهم معها.

وآلية عمل الفورمونات وطريقة تأثيرها في الآخرين غير معروفة حتى الآن، ولكن العلماء يقولون إنها تنطلق من أجزاء مختلفة من الجسم، من الجلد، والشعر، وغدد العرق، ويشمها الآخرون عن طريق فتحة شعرية موجودة داخل الأنف لا يمكن رؤيتها إلا بمجهر. ودرجة انجذاب الناس إلى صاحبها أو نفورهم منه تعتمد على مدى تفاعلهم معها، سلباً أو إيجاباً، والفورمونات هي التي تؤجج ما نطلق عليه: الحب من أول نظرة، وهي التي تبقي جذوته مشتعلة، أو هي التي تدفعنا للنفور من شخص ما فور رؤيته، وتغذي هذا الشعور لدينا. وقيس هام بليلى ليس لأنها جميلة وعاقلة وذكية، وإنما لأن فورموناتها راقت له، وعنترة أحب عبلة وقال فيها الشعر لأن فورموناتها من النوع النادر غير المتوافر في الأسواق.

وفورمونات فالنتينو كانت من النوع الاكسترا، وكذلك فورمونات هيفاء وهبي ونانسي عجرم ومذيعات القنوات الفضائية اللواتي يجعلن الرجال يهملون كل شيء، ويتسمَّرون الساعات الطوال أمام التلفزيون. وفورمونات بنات العم سام والعم بوتين شديدة التأثير في أنوف رجالنا، أما الفورمونات العربية فإنها غير مستساغة في أنوف الغربيين، ولذلك يناصبوننا العداء، وعداؤهم لا علاقة له بالعنصرية، أو أي شيء آخر، كما نزعم نحن، فالقضية كيماوية بحتة.

وقضية الفورمونات تثير قضية أخرى في منتهى الأهمية هي أن خبراء الأزياء خدعوا المرأة عندما أوهموها أنها تصبح أكثر جاذبية إذا لبست أزياءهم. وشركات أدوات التجميل غشتها عندما قالت لها إن هذا الشامبو أو ذاك يسهل لها عملية إدارة الأعناق أينما كانت، وخبراء جراحة التجميل يضحكون عليها عندما يقولون لها إن امتلاكها أنفا كأنف بريجيت باردو يزيد جاذبيتها.

وجاذبية المرأة في فورموناتها، والأزياء ومستحضرات التجميل لا تصنع فورمونات، وقد يتمكن جراحو التجميل من تغيير أنف المرأة إلى ما يشبه أنف بريجيت باردو، ولكنهم لا يستطيعون غرس فورمونات بريجيت في أي امرأة أخرى، فالفورمونات بصمة كيماوية تتضمن معلومات عن رغباتنا العاطفية، والرجال يشمونها بأنوفهم لا بأعينهم.