فَواتِير !!

..
دخل كمن صعقته الكهرباء ؛ ممتقع الوجه ؛ رث الحال , فسألته عما به , فقال :

..




صَعَقَتنِي ضَرِيبَةُ الكَهرَباءِ=وَ فَواتِيرُ هاتِفِي وَ الماءِ
وَ حُسُوماتُ راتِبِي - اليَومَ - صارَتْ=سَبَبًا فِي مَلامِحِي الشَّوهاءِ
كَيفَ أَقوَى عَلَى مَصارِيفِ عَيشِي ؟=وَ جُيُوبِي مَلِيئَةٌ بِالهَواءِ !
أَنحِتُ الصَّخرَ كُلَّ شَهرٍ لِأَلقَى=أَنَّ دَخلِي مُمَزَّقُ الأَشلاءِ
كُلُّ أَجرٍ قَبَضتُهُ بِيَمِينِي=بِيَسارِي دَفَعتُهُ لِلفَناءِ
كُلُّ قِرشٍ كَسَبتُهُ بِعَناءٍ=- رُغمَ عَنِّي - صَرَفتُهُ بِالحِذاءِ !
وَ أَرَى النَّاسَ كالِحِينَ بِجَنبِي=يَتَهاوَونَ تَحتَ ضَربِ الغَلاءِ
أَيُّها البائِسُونَ - مِثلِيَ - ماذا=يَستَطِيعُ المُعتَرُّ مِنْ أَشياءِ ؟
كُلُّنا واهِمُونَ فِي ما ظَنَنَّا=وَهَمَ اللَّحمِ فِي رُؤَى " البامِياءِ " !
كُلُّ فَردٍ مُواطِنٍ لَيسَ إِلَّا=مَورِدًا لِلضَّرائِبِ الصَّمَّاءِ
تَتَلَقَّاهُ لَطمَةُ البُؤسِ صُبحًا=وَ جِياعُ الأَفواهِ عِندَ المَساءِ
بَينَما يَنعَمُ الغَنِيُّ بِعِزٍّ=فِي ظِلالِ الإِدارَةِ العَمياءِ
نَتَحَرَّى رِضَى الحُكُومَةِ , لَكِنْ=تَتَحَرَّى لُحُومَنا لِلشِّواءِ !
فَإِذا ما بِأَدمُعٍ قَدْ شَكَونا=رَمَقَتنا بِمُقلَةِ استِهزاءِ
لا تَقُولُوا بِأَنَّنِي أَتَجَنَّى=بِكَلامِي , لِأَنَّنِي فِي ابتِلاءِ
هِيَ بَلوَى طَوِيلَةُ المَكثِ فِينا=أَدمَنَ النَّاسُ جُورَها بِالوَلاءِ
عِندَما رُحتُ لِلـ : " دَّوائِرِ " أَسعَى=بِشَكاوَى مَتبُوعَةٍ بِاستِياءِ
حَوَّلُونِي إِلَى المُدِيرِ مِرارًا=وَ مِرارًا قَدِ اكتَفَى بِازدِرائِي !
بَعدَ لَأيٍ ؛ وَ حِقبَةٍ مِنْ سُبابٍ=كَشَفَ النَّابَ جاهِرًا بِعُواءِ
قالَ : ( سَدِّدْ مُقَدَّمًا ؛ ثُمَّ عارِضْ=وَ إِذا شِئتَ فالتَجِئْ لِلقَضاءِ
أَو إِذا شِئتَ لِلجُباةِ تَحَدَّثْ=فَهُمُ الأَدرَى بِالذِي فِي الخَفاءِ )
فَتَوَجَّهتُ حَيثُ خِلتُ بِأَنِّي=سَوفَ أَلقَى إِجابَةً لِنِدائِي
كُلُّ جابٍ - وَ لَيسَ يَعدِلُ نَعلًا -=فِي غُرُورٍ يَرُدُّ وَ استِعلاءِ !
بِجُمُوعٍ تَقاسَمُوا جَرَّ ثَوبِي=كالسَّعادِينِ جاذِبِينَ رِدائِي
قَمَعُونِي ؛ فَلَيسَ يُدرِكُ وَجهِي=مِنْ أَمامٍ صُفِعتُ ؟ أَمِّنْ وَراءِ ؟
وَ أَراهُمْ كَأَنَّهُمْ - وَيحَ رَأيِي -=كِضِباعٍ تَفَرَّدَتْ بِظِباءِ !
فَيَكِيلُونَ لَكمَهُمْ بِالتِذاذٍ=وَ يُطِيلُونَ لَطمَهُمْ بِانتِشاءِ !
مُذْ تَعَرَّضتُ لِلتَّفاعُلِ مَعْهُمْ=عَرَّفُونِي مَعانِيَ الكِيمِياءِ !
مُنذُ أَملَيتُ نَحوَهُمْ بِكِتابِي=عَلَّمُونِي بِالنَّحوِ وَ الإِملاءِ !
كُلُّ عَينٍ تَوَرَّمَتْ تَحتَ لَطمٍ=شَكَتِ الظُّلمَ أَدمُعًا بِالبُكاءِ
كُلُّ ضِلعٍ تَحَطَّمَتْ تَحتَ رَكلٍ=زَفَرَتْ بِالأَنِينِ وَ الإِعياءِ
قَدْ تَوَهَّمتُ أَنَّ لِي بَعضَ حَقٍّ=بِاعتِراضِي , وَ قَدْ لَقِيتُ جَزائِي !
وَ لَقَدْ تُبتُ ؛ فاكتَفَيتُ ؛ فَطُوبَى=لِلذِي داوَى بِالتِي هِيَ دائِي !