سم الله الرحمن الرحيم
أحبتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ 133
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين 134َ



أنت مع من أحببت


الحب من أسمى العلاقات، وأرفع المقامات، وهو سلوة الفؤاد، وريحانة الضمير، الحب دوحة غناء، وظل وارف، الحب إخلاص وصفاء ونقاء، نعم.. بالحب تصفوا الحياة وتشرق الشمس ويرقص القلب، وبالحب تُغفر الزلات وتقال العثرات وترفع الدرجات، ولولا الحب ما التف الغصن على الغصن، ولا بكى الغمام على جدب الأرض، ولا ضحكت الأرض لزهر الربيع، وحين ينتهي الحب ويضيع، تظلم النفوس وتضيق الصدور، فلله در الحب كم أضاع من وقت؟
وكم أسر من فؤاد؟ وكم أذهب من عقل؟ فما أجمل الحب وما أكثر مدعيه؟ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: متى الساعة؟
قال « وماذا أعددت لها »
قال: لاشيء إلا أني أحب الله ورسوله
فقال: « أنت مع من أحببت » [رواه البخاري]
إنه الحب الحقيقي لا الحب الزيف، إنه الحب الذي يقرب إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه الحب الذي دعا صاحبه إلى أن يقول هذه الكلمات النيرات "والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي"
إنه الحب الذي ملك قلوب أولئك الصحابة البررة الأطهار يوم أعلنوا الحب وقالوا: "يا رسول الله: هذه أموالنا بين يديك فاحكم فيها بما شئت، وهذه نفوسنا بين يديك، لو استعرضت بنا البحر لخضناه، نقاتل بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك"


إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا

* حقيقة المحبة:
المحبة ليست قصصا تُروى، ولا كلمات تقال، ولا ترانيم تُغنى، المحبة لا تكون دعوة باللسان، ولا هياماً بالوجدان، وإنما هي طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، المحبة عمل بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم، تتجلى في السلوك والأفعال والأقوال
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [آل عمران: 31]
* وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن عبد الله بن هشام قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له عمر يا رسول الله: لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك»
فقال له عمر: فإنه الآن، والله لأنت أحب إلي من نفسي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:ـ«الآن يا عمر» [رواه البخاري ] وبذلك يُعلم أن محبته صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الدين.
* أسباب جالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
1. محبة الله عز وجل والأنس بذكره وحمده وشكره
2ـ تقديم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على ما سواه
3ـ محبة قرابته وأهل بيته وأصحابه
4ـ تمني رؤيته والشوق إلى لقاءه
5ـ محبة سنته صلى الله عليه وسلم والتمسك بها
6ـ معرفة أن الله اختاره واصطفاه لمقام النبوة والرسالة
7ـ ما خصه الله به وفضله على سائر الأنبياء
8ـ تذكر العاقبة الحميدة والأجر العظيم لمحبي النبي صلى الله عليه وسلم
* أقسام محبة النبي صلى الله عليه وسلم:
ذكر ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم درجتين:


الأولى: فرض وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله، وتلقيه بالمحبة والرضى والتعظيم والتسليم.
والثانية: فضل وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به وتحقيق الاقتداء بسنته وأخلاقه وآدابه ونوافله وطاعاته وأكله وشربه ولباسه وحسن معاشرته لأزواجه وغير ذلك من آدابه الكاملة وأخلاقه الطاهرة .
* كيف تحقق محبة النبي صلى الله عليه وسلم:
1. استشعار أن محبته عليه الصلاة والسلام عبادة وقربة لله تعالى.
2ـ الإخلاص لله ومتابعته صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة.
3ـ تقديم محبته على النفس والوالد والولد والناس أجمعين.
4ـ معرفة قدره ومحاسنه صلى الله عليه وسلم.
5ـ تقوى الله عز وجل والخوف منه وحده وخشية مفارقته صلى الله عليه وسلم عند الصراط.
* آثار محبة النبي صلى الله عليه وسلم:
1. أنها جالبة لمحبة الله تعالى.
2ـ الإكثار من ذكره والثناء عليه بما يناسب مقام رسالته ونبوته.
3ـ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم والتأدب عند ذكره والاستماع لحديثه.
4ـ الاهتداء بهديه والتحاكم إلى سنته.
5ـ الذب عن شخصيته الكريمة ونصرة سنته النبوية.
6ـ بمحبته صلى الله عليه وسلم يتذوق العبد حلاوة الإيمان.
* صور من الجفاء مع النبي صلى الله عليه وسلم:
1. عدم تطبيق سنته ظاهراً وباطناً.
2ـ العدول عن سنته وسيرته الشريفة.
3ـ الجهل بخصائصه ومعجزاته.
4ـ اتباع الهوى والابتداع في الدين.
5ـ الغلو في محبته صلى الله عليه وسلم.
6ـ ترك الصلاة عليه لفظاً وخطاً.
7ـ عدم الذب عن صحابته وحمايتهم والوقوع فيما شجر بينهم.
وبعد أخي المسلم .. فإن من تمام الإيمان: محبته صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتوقيره «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» [رواه البخاري]


هذا الموضوع منقول من طريق الإسلام مع الشكر الجزيل لهم