بسم الله الرحمن الرحيم
والدي (يرحمك الله) ..
أخي .... ولدي
استميحكم عذرا ... ولو دقائق
هلا سمحتم لي ببعض الأشئلة الغبية .. أو الباحثة عن مجيب
هل تمنيتم صغارا ( مثلي ) أن تصبحوا ...... مثلا
ضابطا .... فيه من النبل والشجاعة ما يحتذى مثلا وقدوة
أو
طبيبا ... يملك بنظرة منه أن يخفف آلام غيره ... ويداويها
أو
قاضيا ... بكلمات منه ... يعيد الحق لأصحابه
أو
معلما ... بصبره وفكره ... ينير ظلمات الجهل في عقولنا
أو
صديقا وفيا .... بقلبه الكبير .... يستوعب كل همومك ويسري عنك
أو
آلاف الوظائف المهنية والاجتماعية ... التي تعين المرء في دنياه
وتبني قواعد شخصيته وتقومها ... وتعينه على كبد الدنيا

عــــذرا
أقسم بالذي نفسي بيده
وجدت كل ذلك متجسدا في بشر واحد
مخلوق ساحر ... فاتن

إنها .... الأنثى
ولكنها فقط .... عندما تكون .... زوجة ... وأما ... وفقط

أي عندما تكون فقط
متفرغة لهذه المهمة المقدسة ... الشاقة ... والعظيمة

ساعتها فقط
تتفجر فيها كل هذه المقومات ... والقدرات ... والإمكانيات

ومهــــلا ... سادتي الرجال
فهذه هي الحقيقة
فلا يستطيع مخلوقا ... ولا حتى الرجل
أن يؤدي هذه المهام
مهما أوتي من علم ... وقوة .. وفكر ... وخبرة

ولكنها الأنثى أيضا ... والتي لاتستطيع أبدا
أن تبدع وهي تقوم بأكثر من مهمة

بل إني أجزم ... أنها قد تكون مدمرا
لو انشغلت .... بغير هذه المهمة

وهي منوطة بها .... فطريا

ولا يستطيع بشرا ... أن يبدع بالطبع ... في أي شيء
إذا عاند فطرته .... وعاند نفسه
وانشغل بما لم يخلق من أجله
عما هو مخلوق له

خسر كل شيء

خسر الاستمتاع بإبداع هو أهل له .... وقادر على الابداع فيه

وخسر نفسه
لأنه فاشل بالطبع في الابداع والاستمتاع بالنجاح فيما لم يخلق من أجله

والمؤسف
أنها لا تكتشف هذا ... إلا بعد أن يولي العمر

والمؤسف أكثر
أنه تأخذها العزة بالإثـم ... فلا تجرؤ على الاعتراف بخطأها ... وتكابر

وتكذب ... وتخدع نفسها والآخرين
ولكنها في النهاية

ستقابل ربا ... رقبيا
سميعا ... عليما
شهيدا

وقبلها

ستدفع كل الثمن ... غاليا
سواء بالوحدة .... إن لم يكن لها أبناء
أو بالجفاء ورد الدين بمثله ... في دارا للمسنين
أو وحيدة جدران هجرتها عمرا بمن كانوا فيها .... لتهتم بما رأته أهما منهم

هذا سادتي ما فعلوه .... بالأنثى

أفسدوها ... حولوها ...

استخدموها فيما لم تخلق من أجله

وتحت مسيات ... وشعارات ... ودعاوى .. أريد بها باطل

ففقدنا ... الزوجة ... وفقدنا الأم

وأصبح قدوتنا في النساء
بعض الفاتنات .. المفتنات ... المائلات ... المميلات

وكأن ... الأنوثة لا يدركها الرجال ...
إلا بين أيديهن ... هؤلاء الفاسدات ... المفسدات

أو من بين أيديهن
هؤلاء المتشبهات بالرجال

أو بين أيديهن ... هؤلاء ... الراغبات في مشاركة الرجال في أعمالهن

حتى أصبح من النساء من يفتي في كل شيء
حتى في مسائل فقهية ... وشرعية

وهن كثيرات

وأين الزوجة .... والأم
هذه المهمة المقدسة ... والخطيرة ...

لها ما تبقى منهن ... من وقت ... وفكر ... وجهد

أين أمــي

التي كانت تنتظر عودة كل منا من مدرسته
تنظر في الوجوه .... في الملابس
في العقول ... والقلوب
والنفوس

تسأل كل منا سؤالا خاصا به
ليخر كل منا ... بما حاول أن يخفيه من أفعاله أو حتى .. ما جال بخاطره
أو يسرع كل منا ليحكي لها ... عن يومه
مشاعره ... آماله .... فكره واحلامه

وتنصت هي في عناية

ثم تصدر تعليماتها ... أوامرها
أو تمسح بعطفها ... أو شدتها

أو بكلماتها ... كل بقايا الضعف ... والسوء
أو التخاذل ... والنوايا السيئة ... في النفوس

هل هذا .... يحدث اليوم

وكيف يحدث

والأم تعود من عملها بعد أولادها

هي آخر من يعلم

وليس لديها الوقت لتعلم

حتى بعض الأمهات غير العاملات
مشغولة بالدعوة
إن لم يكن خارج البيت
فبالتليفون .... أو عبر النت

ولساعات طوال

أين أمـــي

كان لها في كل يوم من أيام الأسبوع طقــوس

فالخميس يوم لقــاء الأسرة الأسبوعي
فهي حفل غداء فاخر ... للأسرة مجتمعة .. ولا أعذار للتخلف عنها
ويوم تلتقي فيه الأسرة مساءا .... في سهرة مغلقة
يوم تستعد له ... ببعض الحلويات ... وربما التسالي
لجلسة ما بعد العشاء ... للسهرة القصيرة ... وربما الطويلة
ليحكي كل منا ... ما يريده
وليطلب كل منا ... ما يحلم به
ليناقش كل منا ... مع والديه ... ما يريد
ولست في حاجة لأبين كم كان هذا اليوم الأسبوعي عظيما وجليلا وهاما

أما الجمعة ... فهو يوم له طقوسه
يوم الصلاة ... فالكل لابد وأن يغتسل قبل الصلاة
وهو يوم قد يدعى فيه عنا أو خالا للغداء
وقد نكون نحن معزومون على الغداء خارج البيت

وكذلك السبت ... أول أيام الأسبوع
كان له طقوسه ... عند أمي
يوم المراجعة السريعة ... لكل ما بدأ جديدا من دروس
وما نحتاج نحن من أدوات .. أو مساعدة مادية .. أو علمية

ثم يوم الأثنين
فمعظم الأسرة صائما ... ولكن بإذن رب الأسرة
وهو يوم مميز في طعامه ... ربما يكون طيورا أو أكلة جديدة أو خفيفة

ثم الثلاثاء ...
يوم تغيير ملابس المدرسة بغيرها نظيف
وهو يوم تغيير نوعية الغداء ... بسمك أو خلافه
وهو يوم مراجعة دروس وواجبات المدرسة عن الأيام الأربعة الماضية

ربما هذا ما أذكره عن طقوس أمي في الأيام

حقا كان لكل يوم معالمه

وكان لكل يوم ... نتائجه
وآثاره علينا جميعا

وكان صاحب هذه المعالم ... هي أمي
هي المنظم ... والقائد ... والمشرف .... والمدبر

أين أنتي الآن ..... يا كل أم غابت عن مهمتها

عن فطرتها

عما خلقها الله من أجله

فتحول مصنع الأجيال .... لمعلف للبغال

وهو موضوع الرسالة القادمة (معلف البغال ... أم مصنع الأجيال)
جمال عمر