الذكاء والنجاح



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


فريدون الهرمزي


كان من المع اساتذة القانون واكثرهم انتاجاً ففي كل سنة كان يطرح المكتبات كتاباً أو كتابين في القانون المدني، المجال الذي تخصص فيه وشغف به فاصبح مرجعاً من مراجعه ولا تزال كتبه تعتبر مراجع معتمدة في الكليات. عندما احيل استاذنا على التقاعد رفض الركون للسكينة والابتعاد عن غمار القانون فانتمى الى نقابة المحامين ودخل سوح المحاكم كمحام الا انه بعد سنة واحدة فقط ايقن ان العمل خارج المجال الاكاديمي صعب.. بل ومستحيل بالنسبة له فانسحب بهدوء وذهب الى بيته ليقضي اعوامه المتبقية في الاعتناء بحديقة المنـزل ومطالعة الكتب التي طالعها مرات عديدة من قبل.. كان راتبه التقاعدي يكفيه لكنه كان يتأسف لان عدداً من طلابه غير المجدين ايام الدراسة الجامعية كانوا ناجحين في مهنة المحاماة في حين هو الاستاذ العالم فشل في ذلك وكانت السيدة زوجته تسأل نفسها في حيرة ان الله من على زوجي بالذكاء في اختصاصه فلماذا لا ينجح مثلما ينجح الذين لا يمتلكون موهبته؟

نقلنا سؤال زوجة الاستاذ الى المحامي اردلان احمد رشيد الذي اجاب عليه قائلاً: الذكاء ليس هو فقط الذكاء المنطقي أو البصري أو … الخ التي نتعامل معه في مؤسساتنا العلمية والتعليمية هناك انواع اخرى من الذكاء يحتاجها الانسان ليواجه بها اختبارات الحياة التي هي اصعب آلاف المرات من الامتحانات التي تجريها المؤسسات العلمية لطلابها، انا اعترف ان الذكاء المنطقي ضروري للانسان لكي ينجح في مهنته لكن دون وجود الذكاء الاجتماعي لديه لا يمكن ان ينجح معتمداً على خزينة من المعلومات العلمية التي يمتلكها. فالمحامي يجب ان يعرف كيف يتعاطى مع موكليه الى جانب امور اخرى كثيرة لا مجال هنا لذكرها.

بعد ان ودعنا اردلان احمد التقينا الانسة سوزان كريم عبدالله (مدرسة) وطرحنا عليها السؤال المذكور فقالت: ان الذكاء العلمي قد لا يكفي في معظم الاحيان والاحوال لادخالنا بوابة النجاح والدليل هو ان معظم شعراء وادباء وكتاب العالم عاشوا حياة الفاقة وعانوا الحرمان طوال حياتهم.. نرى فناناً عظيماً مثل فان كوخ الذي مات بصورة مأساوية لم يبع طوال حياته لوحة من لوحاته الا مرة واحدة بادلها بوجبة اكل لكن بعد موته استغل الذين يملكون ذكاء تجارياً الذكاء الفني لكوخ فباعوا لوحاته بالملايين لكن في المقابل هنالك آخرون جمعوا بين الذكاء المنطقي أو الادبي أو الفني والذكاء الاجتماعي والاقتصادي فجنوا الاموال فمن الشاعر المرتزق ابي دلامة الى المهرجين والمداحين الذين كانوا يرقصون كالسعادين في سيرك صدام حسين كان دائماً هنالك من المبدعين واشباه المبدعين الذين عرفوا اين يؤكل الكتف لكن انا لا استطيع ان اقول ان هؤلاء امتلكوا ذكاء اجتماعياً بل كانوا يمتلكون خبثاً اجتماعياً.

كان للسيد فرياد عبد القادر (موظف) رأي آخر بخصوص حيرة السيدة زوجة استاذ القانون فقال مجيباً على سؤالها اعتقد ان هناك نوعين من الذكاء يحتاجها الانسان الناجح، النوع الاول هو الذكاء الذاتي.. الذكاء في مجال الاختصاص.. والذكاء في فهم الذات من مشاعر وعواطف وردود افعال يتمتع بها غالبية الروائيون والفلاسفة وعلماء النفس لكن هذا النوع لوحده لا يكفي لان الانسان الناجح يحتاج الى نوع اخر من الذكاء.. النوع الثاني والذي يسمى بالذكاء الاجتماعي.. واسميه انا ذكاء التعامل مع الآخرين بطريقة ناجحة ومرضية وهذا النوع نجده دائماً عند السياسي والتاجر وهنالك من يطلق تسمية الحكمة والحنكة عليه. قلنا للسيد فرياد وهنالك من يقول انه خبث فقال قد يكون ذلك صحيحاً لكن ليس في كل الاحوال لان الاساس في هذا الموضوع هو النية فاذا كانت النية سيئة لنا ان نسميه بالخبث الاجتماعي اما اذا كانت النية سليمة فهو ذكاء التعامل.

محطتنا الاخيرة كانت دار سيروان سليمان احمد (معلم) فقلنا له انك تقوم بتنمية الذكاء المنطقي أو البصري لدى تلاميذك لكن هنالك ذكاء آخر وهو الذكاء الاجتماعي فمن اين يتعلم هؤلاء الصغار هذا النوع لينجحوا في الحياة؟ فقال: ان هذا النوع لا ينقل بالتعليم والتلقين ولا علاقة له بالعلم والشهادات هنالك اناس موهوبون يمتلكونه دون ان يمتلكوا شهادات دراسية وهنالك من يتعلمه من مدرسة الحياة.







فريدون الهرمزي


كان من المع اساتذة القانون واكثرهم انتاجاً ففي كل سنة كان يطرح المكتبات كتاباً أو كتابين في القانون المدني، المجال الذي تخصص فيه وشغف به فاصبح مرجعاً من مراجعه ولا تزال كتبه تعتبر مراجع معتمدة في الكليات. عندما احيل استاذنا على التقاعد رفض الركون للسكينة والابتعاد عن غمار القانون فانتمى الى نقابة المحامين ودخل سوح المحاكم كمحام الا انه بعد سنة واحدة فقط ايقن ان العمل خارج المجال الاكاديمي صعب.. بل ومستحيل بالنسبة له فانسحب بهدوء وذهب الى بيته ليقضي اعوامه المتبقية في الاعتناء بحديقة المنـزل ومطالعة الكتب التي طالعها مرات عديدة من قبل.. كان راتبه التقاعدي يكفيه لكنه كان يتأسف لان عدداً من طلابه غير المجدين ايام الدراسة الجامعية كانوا ناجحين في مهنة المحاماة في حين هو الاستاذ العالم فشل في ذلك وكانت السيدة زوجته تسأل نفسها في حيرة ان الله من على زوجي بالذكاء في اختصاصه فلماذا لا ينجح مثلما ينجح الذين لا يمتلكون موهبته؟

نقلنا سؤال زوجة الاستاذ الى المحامي اردلان احمد رشيد الذي اجاب عليه قائلاً: الذكاء ليس هو فقط الذكاء المنطقي أو البصري أو … الخ التي نتعامل معه في مؤسساتنا العلمية والتعليمية هناك انواع اخرى من الذكاء يحتاجها الانسان ليواجه بها اختبارات الحياة التي هي اصعب آلاف المرات من الامتحانات التي تجريها المؤسسات العلمية لطلابها، انا اعترف ان الذكاء المنطقي ضروري للانسان لكي ينجح في مهنته لكن دون وجود الذكاء الاجتماعي لديه لا يمكن ان ينجح معتمداً على خزينة من المعلومات العلمية التي يمتلكها. فالمحامي يجب ان يعرف كيف يتعاطى مع موكليه الى جانب امور اخرى كثيرة لا مجال هنا لذكرها.

بعد ان ودعنا اردلان احمد التقينا الانسة سوزان كريم عبدالله (مدرسة) وطرحنا عليها السؤال المذكور فقالت: ان الذكاء العلمي قد لا يكفي في معظم الاحيان والاحوال لادخالنا بوابة النجاح والدليل هو ان معظم شعراء وادباء وكتاب العالم عاشوا حياة الفاقة وعانوا الحرمان طوال حياتهم.. نرى فناناً عظيماً مثل فان كوخ الذي مات بصورة مأساوية لم يبع طوال حياته لوحة من لوحاته الا مرة واحدة بادلها بوجبة اكل لكن بعد موته استغل الذين يملكون ذكاء تجارياً الذكاء الفني لكوخ فباعوا لوحاته بالملايين لكن في المقابل هنالك آخرون جمعوا بين الذكاء المنطقي أو الادبي أو الفني والذكاء الاجتماعي والاقتصادي فجنوا الاموال فمن الشاعر المرتزق ابي دلامة الى المهرجين والمداحين الذين كانوا يرقصون كالسعادين في سيرك صدام حسين كان دائماً هنالك من المبدعين واشباه المبدعين الذين عرفوا اين يؤكل الكتف لكن انا لا استطيع ان اقول ان هؤلاء امتلكوا ذكاء اجتماعياً بل كانوا يمتلكون خبثاً اجتماعياً.

كان للسيد فرياد عبد القادر (موظف) رأي آخر بخصوص حيرة السيدة زوجة استاذ القانون فقال مجيباً على سؤالها اعتقد ان هناك نوعين من الذكاء يحتاجها الانسان الناجح، النوع الاول هو الذكاء الذاتي.. الذكاء في مجال الاختصاص.. والذكاء في فهم الذات من مشاعر وعواطف وردود افعال يتمتع بها غالبية الروائيون والفلاسفة وعلماء النفس لكن هذا النوع لوحده لا يكفي لان الانسان الناجح يحتاج الى نوع اخر من الذكاء.. النوع الثاني والذي يسمى بالذكاء الاجتماعي.. واسميه انا ذكاء التعامل مع الآخرين بطريقة ناجحة ومرضية وهذا النوع نجده دائماً عند السياسي والتاجر وهنالك من يطلق تسمية الحكمة والحنكة عليه. قلنا للسيد فرياد وهنالك من يقول انه خبث فقال قد يكون ذلك صحيحاً لكن ليس في كل الاحوال لان الاساس في هذا الموضوع هو النية فاذا كانت النية سيئة لنا ان نسميه بالخبث الاجتماعي اما اذا كانت النية سليمة فهو ذكاء التعامل.

محطتنا الاخيرة كانت دار سيروان سليمان احمد (معلم) فقلنا له انك تقوم بتنمية الذكاء المنطقي أو البصري لدى تلاميذك لكن هنالك ذكاء آخر وهو الذكاء الاجتماعي فمن اين يتعلم هؤلاء الصغار هذا النوع لينجحوا في الحياة؟ فقال: ان هذا النوع لا ينقل بالتعليم والتلقين ولا علاقة له بالعلم والشهادات هنالك اناس موهوبون يمتلكونه دون ان يمتلكوا شهادات دراسية وهنالك من يتعلمه من مدرسة الحياة.