أخطأنا، ومنكم السماح
د. فايز أبو شمالة
أخطأنا، قالها بشهامة الفرسان، وشجاعة الرجال، أخطأنا؛ قالها السيد غسان الشكعة، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رداً على سؤال من إذاعة لندن: لماذا تصر القيادة الفلسطينية على وقف الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات، وقد فاوضتم سنوات طويلة تحت سيف الاستيطان؟
أخطأنا عندما فاوضنا سنوات رغم تواصل الاستيطان، أنه يعترف بالنيابة عن نفسه وزملاؤه في القيادة بالخطأ في حق الوطن ، وليس الخطأ في حق مواطن، أو حق عائلة، أو حق مدينة، أو في استثمار اقتصادي، أو ترقية وظيفية في غير محلها، أو ثقة زائفة في شخصية فاسدة، وإنما أخطأنا اعتراف بالخطأ في حق كل فلسطين. وأخطأنا؛ لفظة تعبر عن خطأ جماعة قادت العمل السياسي الفلسطيني على أقل تقدير منذ توقيع اتفاقية أوسلو، وبدء المفاوضات مع الإسرائيليين تحت سيف الاستيطان، وحتى يومنا هذا.
لقد جاءت لفظة أخطأنا من السيد غسان الشكعة في موعدها، وهي تعبير لفظي يستجدي الصفح والغفران من الشعب الفلسطيني، وهي تعبير وجداني يقول: إن القيادة السياسية تتحمل كامل المسئولية عن النتائج السلبية لهذا الخطأ في كافة المجالات، ومنها:
النتائج السلبية لخطأ التنسيق الأمني، والنتائج السلبية لخطأ التعاون الاقتصادي، والنتائج السلبية على المجتمع الذي انقسم بين هذا التنظيم وذاك، والنتائج السلبية التي محقت النفس الفلسطينية وأطفأت في عينها الأمل, والنتائج السلبية التي أثرت على الفكر، وعلى مساحة الأرض التي ضاعت، ومساحة النفس الفلسطينية التي سكنها المستوطنون!.
شخصياً لا أصدق الروايات التاريخية عن "سيف بن ذي وزن"، العربي الذي اعتنق الديانة اليهودية، وتصدى لجيش الحبشة عندما غزا أرض اليمن. وكما تقول الرواية: إن الرجل قاتل قتال الأبطال، ولكنه أخطأ تقدير قوة عدوة، وانهزم، ولأنه أخطأ، فقد قرر أن يتحمل المسئولية، وأن يكفّر عن الخطأ، فماذا فعل؟
ركب "سيف بن ذي وزن" فرسه وأقتحم البحر، وظل موغلاً في البحر حتى اختفى، ولم يعد؟ لم يعد إلى أرض اليمن حتى يومنا هذا، اختفى خجلاً من مواجهة الناس!
لا أصدق هذه الرواية، فهي من صناعة اليهود الذين أسهمت روايتهم في جعل "سيف بن ذي وزن" بطلاً مغواراً لأنه يهودي، ولأنه يهودي يعترف بالخطأ، ويتجرأ على مصارعة الموت. أما غير اليهود فإنهم يصدقون رواية اليهود عن السلام الموعود، وهم يرون مدنهم الفلسطينية تغتصبها الصهيونية. ولكنهم باقون كي يخطئون!.