وطني أحبك...سراً


تباً لمن أسرى بي من وطني نهاراً
إلى تابوتِ أحلامي
فبين النطع والعرش مقابرٌ حبلى
تناشد قلباً بالتحجرلئلاّ تجوع
وهي المعتادة ُكرمَ الأسياد
أدركت أن رأسي أينع,َ
ـ قالوا :
مطلبك الأخير ؟
ـ قلت :
شحذ ُالمقصلة

فجأةً جاء صوتٌ ينادي
الرأفة ‘ الرحمة ‘الجوع كافر‘
أمعاءُ مقبرةٍ تجيشُ ، خاوية ً تستجدى عطف َ( مسرورَ) تئنُّ
فما ذنبُ المقابرَ أن تجوع َ
ارتفع صوتُها ًوقست نبرته
ـ من أنت ْ؟ ـ أدركت أني خُلقت الآن . . . .!
ـ قلتُ: محباً يحلم ُبالوطن .
ـ ما حالك َ ؟
ـ ضامرُ البطن ِ‘ خميص َالروح ِ ‘عفيفَ النفس ِ‘ أقولُ الحقَ‘
ما أمضيتُ من سنواتٍ كانت عجافاً
أحلم ُ بلحظاتٍ سمان .
والأسراء من الأقصى إلى وطني
من الحرام إلى الحلال
فنُفيتُ إلى الأضغاث نهاراً وأسريَّ بي إليك ِ

والأقصى أقصوه . . . . والحرام ُ . . . . مباح ُ!
وللحرية الحمراء ثمن زيارتك قبل الأوان . ..!
وللزنزانة الظلماء باب . . . (قولوا حطة . . .)
على قدر قتلاك َتكون مصاناً
يكفي أن تضعَ يدك َبيد ال . . تكون عزيزا ً. .!
فعجباً لمن يرقى وععجباً لمن يرضى وتباً لمن نجى ! .
الحق في حرم الحرام محرم
والكذبُ في نظرِ الجبانِ جمال . . . . .!
اصدق ‘ اغمض‘ ترى نطعاً
ترى نعشاً . . .
ترى أرجوحة ً نُصبتْ
تتسع ,لأضيق ِ نقطةٍ من جسمك . . .!
اكذب أنظر ترى عرشاً ترى خدماً ’سندسا وحور عين
صفق ترى كلَ شيئ ٍجميل . . . .!
ترى العفن َزغباً ‘ ترى الحطبَ براعم
ترى الهياكل َالعظمية مغلفة بشبه ِجسد
أولم تكن مكسوة يوماً‘ تتبادل الحواس والإحساس .
لو نملك ُ النظر َ لرأينا أنفسَنا هياكل بإنتظار التعرّي
فالنتعرَّ . . .!
وكفانا ‘ كفانا ‘ كفانا ،
كلنا متشابهون
كلنا هياكل
آهٍ لو أني أزفر وأزفر وأزفر ‘ دون شهيق .
أ ُخرج مخزوناً حبيساً .
وحده البكاء ‘
وأنت يانطعي ومقصلتي . . .
وأنت ياصديقتي
القادرون . . . . . . . . . . . !

البرزخ

تعلو روحي أمتاراً
دمائي تتدفق .
قطرات ساخنة تسقط فوق جبين آمر نطعي
يمسحها لا تمسح، لن تمسح، لتبدي سماهُ . .
فانهال بصاقا ً وركلاً للجثة .
وأشار بظاهر يمناه ،
فشحطت من رجليَّ .
من خلفي رأسي معلقاً بزناقه .
وصلت إليك ،
علّي أجد وطناً خصباً لمواطنتي ،
ـ لن تجد سوى سرداب .
ـ قد ينسيني الغربة .
والوحشة تنقلب أنساً .

إنتُهك شرف الإنسانية هناك
بدأت تتلاشى . . . . . . . . تتراخى
أُجبرت أن أنتمي والسارق والمارق إلى ترابٍ أعشقه،
امتزج مع جسدي الآن وتوحد .
أتساءل إن كان سيمتزج مع إلتهم أعشاب الخلود . .؟
ـأنزلني السرداب شرنْبٌ أسمر
ذو شنب ملطخ ٍ بغرغرتي وغبارالحِصْحِص
الملقى عليَّ !
وأنا الرجل ، ما كنت لأولد َ لولم يكن في هاجسي قضية
وأي قضية ؟ . !
من رحم آلآم .البشرية ، نشأتي الأولى ، من صرخات الإنسانية
لكن في زمن الإستثناءآت ،
في زمن الأشباه والأنصاف والأرباع
في زمن الأصداء . . . .!
* * *
أُغلقَ سردابي , خشيت نفاذ (الأوكسجين )
سمعت حسيساً يسخر مني، أن لاحاجة لك به.
يتملكني رعب ، تذكرت ُ( الأنكرين )،
أسمع قهقهةً ،لا أعلم كم مر من الوقت . . .؟
ديدان ـ أذكرها من قبل ـ تخرج من سِمام وجهي . .
دفق تراب ناعم ينهار على جسدي المتشلشِل
يدفعه خلد، يتحسس شفتّي المهترئة ،
صأى بلغته لكني فهمت :
ـ أنا أحفر التراب ، أدفعه أمامي ، لدي نواجذ صلبة . . .
أما أنت ، دست الجمر بأقدامٍ حافية ٍ
أبعدت قريص الدرب بجسد عارٍ ، فأبعدك ،
سبحت بلا لوح ٍضد التيار .
نطقت الصدق، شهدت الحق ، أولم تخشى يوماً من هذا اليوم . . .؟
آه ٍما أسوء حظي إذلاحاجة بي لنواجذك الصلبة .
لو أن لك عينين ، لبكيت بعينيك .
فعينيَّ قسُمتا رزقاً للديدان، وجسدي المؤقت . . .
* * *
سرمديةٌ رسالتي . .
لن تفنى بفناء الجسد .
باقية، خالدة، ما نبض عرق في جسد لم يتدنس ،
لم يبق إلا من ينتظر لقائي
ليحاسِبني . . .
أو نتحاسب .
و أحاسبه .
هب أن نوحاً لم يحمل بسفينته زوجين من الديدان ،
لما أكلت عيناي .
لولم يحمل زوجين من الأفعى ما كانت لتموت أميرة بصرى . .!
أولم يحمل زوجين من الهدهد لبقي عرش بلقيس لأصحابه . . .
لو لم يحمل نحاسا ً كيف ستعلق نياشينُ على صدر الوالي ؟ .
لو لم يحمل ذهباً كيف كان من خرق الأرضَ . .؟
وأهدا ما بداخلها أعداء الوطن ِ ، سيضاجع (الليدي )
لو لم يحمل حديدا ً كيف ستصنع أبواب الزنزانات . .؟
ونسجن إن أكل أحدنا رغيفَ الآخر . . . .!
هب أن نوح لم يحمل زوجين من الأسياد . .
من كان سيحكمنا ؟ . وكيف نحرر القدس وكيف نعيش بلا حكام ؟ .
أولم ينقذنا نوح من الطوْفان ؟ .
من ينقذنا اليوم من الطَوَفان ؟ .
عليك اللعنة يا هدهد . . .
كم أكرهك . .؟ يا من أفسدت في الأرض .
* * *
ـ يا الله ! يا لمعجزة الأرض . .!
أأنتما ثانيةً ؟ .
ـ هل تعرفنا ؟ .
ـ رأيتكما برفقة مولانا من قبل .
ـ لا . نحن (أنكر ونكير )
ـ أقسم : أني هذين الوجهين رأيت .
ـ لا تهذِ ، و أجب عن كل الأسئلة ولا تكذب .
فيضيق عليك القبر وتتألم .
ـ هل بقي ألم ؟ .
بعد أن فرّج عني صديقي النطع وأجتثَّ آلآمي وأحاسيسي .
وحده النطع يخلصنا . .
إنتظرت طويلاً شيئاً . . . أحداً . .؟
غير النطع فلم يأت ِ المخلّص ،
صلبت أمه وهو جنين .
المهدي . . . يهوا . . . . صاحب الزمان .
لم يأت أحد
* * *
لسؤال الأول :
ــ دنست جبين سيدك بثلاث نقاط من دمك،
أيعقل أن قابل رعيته وجواريه معصوباً . . .؟
ـ هه . . . .
أيقابل سيدنا أحداً ؟ .
السؤال الثاني :
ـ شربت كأساً من خمرٍ بارد ،
ونظرت من الشق الخلفي لفستان راقصة القصر . . . .
ـ هه . . . . . .
هي الأفخاذ البيضاء تسرق النظر . .
والخمر البارد يندس في الحلق ، لنرَ القليل كثيرا ،
فنخال أنّا نملك شيئاً .
السؤال الثالث :
ـ كم مرة دخلت الحمام بيمناك . .؟
وخالفت إشارات السير
وأكلت رغيف أخيك
ونظرت نظرتين متتاليتين إلى النساء .
ولم تغتسل قبل الموت لتلقى ربك بجسد نظيف .
تأهب لليوم الموعود . . . . . .
الحساب
بعد لصق الرقبة وترميم الإهتراء ،
رُميتُ في مكان مختلف أسمع أصواتاً ،
ولا أرى إلا النور المبهر،
مع موسيقا تصويرية فيها رهبة أكثر من وجه ( مسرور) .
فاشتكل عليّ الأمر وأنا المعتاد على الظلمات،
ظلمات الإسراء ، ظلمات الزنزانات،
ظلمات السرداب .
صوت رهيب . . .
ـ اركع واسمع خلاصة حكمك .
أستغرب مندهشاً أتساءل ؟ . ! .
ـ ألهذا الصوت خرّ موسى صاعقاً ؟ .
نادى ثانية :
ـ أنت وقود للنار .
ـ كنت وقود محرقة في الدنيا وكبش فداء .
وتعاقبت بلا خطأ .
و أولوا النعم خرقوا الأرض
باعوا الأوطان لملذات ٍ
شردوا أطفالاً ونساءً و شيوخاً
مقابل خصرٍ غربي يهتز ونهدين يلتطمان .
سرقوا وزنوا ، سفكوا دماء .
نهشوا لحمنا أحياء وأمواتا ،
سلخوا جلودنا من قبل ومن دبر .
كيف يحاسب من حبس هرة وجوعها . .؟
فلقد حبسوا، جوعوا، عروا، وأدوا،
عاقروا، عاشروا ، قامروا،
أكلوا الميتة .
رموا القنابل الذرية
فضوا بكارة كل الأشياء ،
وعذرية السماء،
وخضرة الزيتون ورائحة المطر .
السنديان ،
الأرز،
الصنوبر،
وحياء صفصاف الضفاف .
جعلونا أرقاماً ،
علباً ،صناديقاً مفتحة ً
طمساً، عميا ً،صماً، بكماً .
الويل لمن فهم ، الويل لمن رأى ،الويل لمن سمع ،
والنطع لمن نطق .
نموت سغباً .
ويسغبلون المن والسلوى إذ يأكلون .
أيعقل أن نفذت حجارة سجيل . .؟
إنقرض طير أبابيل . .؟
و بقي الهدهد . . . .!

لبنان البقاع 20/4/2007