من المثير أننا عندما نحب شيئاً، أو نفرط في حب الحصول عليه، أو تحقيقه!، لا نظل نرى سعادة، إلا عبره، أو من خلاله، ويعترينا الحلم به في كل لحظة، ونمني أنفسنا به ونقول مع كل متنفس ماذا لو تحقق!، ماذا لو كان موجوداً!، فتعترينا نشوة لحظية بالسعادة، ويتلبسنا الإحساس بأن في غياب هذا الحلم، قد تغيب معه السعادة.
ماذا لو ننفث غبار التفكير بهذا الحلم، ونطوي صفحته، ونجرِّب التفكير بطريقة أخرى، حتى لو اعتبرنا أن ما سنفكِّر به ليس أهلاً، وأنه لا يأتي على مقاسنا، المهم نجرِّب وصفة قد تغيِّر مجرى الحياة في عروقنا، وبه نمنح الأمل والحلم تغييراً آخر، فليس المهم تغيير الوجهة في الحياة، إنما الاقتناع أن التغيير دواء، وأن الإدمان على أي عادة كيفما كانت، ستخلق في النفس صموداً، وثباتاً، وسكوناً، قد يلغي الحركية والانفعال في روح الإنسان، فالانطوائية والانعزال بالحلم وبالتفكير في مؤشر واحد للسعادة، يثبط العزائم الأخرى، ويستحوذ على طاقات العطاء.
كل يوم، وكل صباح نصحو على أخبار جديدة!، نحاول من خلالها التقرّب إلى هذا العالم المتناقض كغلاء الأسعار، وغلاء المعيشة، وإحساس الطبقة الكادحة بالانزلاق نحو هاوية الجوع، والموت البطيء، وكذا عواقب كل هاته الكوارث الإنسانية، التي تتجلّى في انتشار الفوضى، وفوبيا التفكير، والتحليل!، إضافة إلى الاختمار النفسي، واعتلاء الذات عرش التفكير، لان الفرد لا ينفك ذهنه يخرج عن الأنا، وسد رمق جوعه، وجوع أبنائه، إضافة إلى التكفير بجميع قرارات الآخرين، أو تحليلاتهم الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، فالكل في نظر المتضرِّر مسؤول، ومجرم، يرتكب جرمه في حق المقهورين.
إن تغير الصفحة ترقب ما يجري من حولك، فتجد كوارث طبيعية تهدِّد البشرية، وتحمد الله أنك لا تعيش بآسيا، إذْ الأعاصير لا تعرف عنوانك، ولا بريدك الإلكتروني حتى تقرصن روحك.
أما عندما تريد الخروج من قوقعتك و عندما يعتريك الشوق لسماع موسيقى هادئة ترى فيها المتنفس، فإذا بك تصاب بحمى الاصطدام بفن هابط لا يزيدك إلا تقيئاً، أو يصيبك بسوء الهضم، ما الحل إذن ؟