ترجمات إنجليزية لمعاني القرآن الكريم في ميزان الإسلام /محمد مصطفى
ترجمات إنجليزية لمعاني القرآن الكريم
في مــيــزان الإســلام
د. وجيه حمد عبد الرحمن
المـقـدمــة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، واقتدى بسنته إلى يوم الدين.

لا نظن أن أحدا يمكن أن يشكّك في الدور البارز الذي تؤديه الترجمة في حياة الشعوب، ويتجلى دور الترجمة في شتى مجالات الحياة من سياسة واقتصاد وتقنية وأدب وغيرها. وفوق ذلك كله يبرز دورها في الجانب الديني حيث يتنافس أصحاب الملل والنحل السماوية منها والوضعية في ترجمة عقائدهم إلى مئات بل إلى آلاف اللغات. ويتبارون في استخدام أحدث ما وصل إليه التقدم التقني من مخترعات وآخرها الإنترنت.

ومنذ بزوغ فجر الإسلام اضطلع المسلمون بدورهم العالمي الذي اختاره الله عز وجل لهم ألا وهو تبليغ الرسالة السماوية الخاتمة الخالدة إلى البشرية جمعاء، لا فرق في ذلك بين عربي وأعجمي أو أبيض وأسود أو رجل وامرأة، فالإسلام هو الرحمة المهداة التي أنزلت على المبعوث رحمة للعالمين إمام الأنبياء والمرسلين وخاتمهم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الذي بشرت ببعثته الكتب السماوية كافة قبل أن تمسّها يدُ التحريف. ولم يدع النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة من وسائل الدعوة إلا استخدمها. ومن هذه الوسائل استخدامه صلى الله عليه وسلم الترجمة لمخاطبة غير العرب ودعوتهم إلى الدين الحق والرد على رسائلهم.

روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه معلقا عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن زيد بن ثابت: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتعلم كتاب اليهود حتى كتبتُ للنبي صلى الله عليه وسلم كتبه، وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه".

ويرى بعض العلماء أن الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى الإسلام كانوا يعرفون لغات من بعثوا إليهم. وقد نقل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، عن محمد بن سعد في الطبقات بأسانيده إلى: ابن عباس، والشفاء، والعلاء بن الحضرمي، وعمرو بن أمية الضمري -دخل حديث بعضهم في حديث بعض- قالوا: "إَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما رجع من الحديبية في ذي الحجة سنة ست، أرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، وكتب إليهم كتبا، فقيل: يارسول الله، إن الملوك لا يقرؤون كتابا إلا مختوما، فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خاتما من فضّة، فصه منه، نقشه ثلاثة أسطر: محمد رسول الله، وختم به الكتب، فخرج ستة نفر منهم في يوم واحد، وذلك في المحرم سنة سبع، وأصبح كل واحدٍ منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم. أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل: دحية بن خليفة الكلبي، وإلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية: حاطب بن أبي بلتعة، وإلى كسرى: عبد الله بن حذافة السّهمي، وأرسل إلى الحارث بن أبي شمر الغساني - وكان نصرانيا بظاهر دمشق - فبعث إليه شجاع بن وهب الأسدي، وأرسل إلى غير هؤلاء".

وفي رواية أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "ايتوني بأجمعكم بالغداة"، وكان رسـول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجـر يجلس في مصلاه قليلا يسبح ويدعو، ثم التفت إليهم، فبعث عدة إلى عدة، وقال صلى الله عليه وسلم : "انصحوا لله في أمر عباده، فإن من أخبر عن شيءٍ من أمور المسلمين، ثم لم ينصح، حرّم الله عليه الجنة، انطلقوا ولا تصنعوا كما صنعت رسل عيسى ابن مريم، فإنهم أتوا القريب وتركوا البعيد"، فأصبحوا ) يعني الرسل ( وكل منهم يعرف لسان القوم الذين أرسل إليهم، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هذا أعظم ما كان من حق الله عز وجلّ عليهم في أمر عباده".

وكان الصحابة رضوان الله عليهم يدعون الناس إلى الإسلام بواسطة المترجمين في البلاد المفتوحة. قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي الديار السعودية رحمه الله : "… إن الصحابة رضي الله عنهم لما غزوا بلاد العجم من فارس والروم لم يقاتلوهم حتى دعوهم إلى الإسلام بواسطة المترجمين، ولما فتحوا البلاد العجمية دعوا الناس إلى الله سبحانه وتعالى باللغة العربية، وأمروا الناس بتعلمها، ومن جهلها منهم دعوه بلغته وأفهموه المراد باللغة التي يفهمها، فقامت بذلك الحجة، وانقطعت المعذرة، ولا شك أن هذا السبيل لابد منه، ولا سيما في آخر الزمان وعند غربة الإسلام وتمسُّك كل قبيلة بلغتها، فإن الحاجة للترجمة ضرورية ولا يتمّ للداعي دعوةٌ إلا بذلك".

ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، أن الفرس ترجموا مصاحف كثيرة إلى اللغة الفارسية، فقال: "وأبناء فارس المسلمون لما كان لهم عناية بهذا (أمر الترجمة) ترجموا مصاحف كثيرة، فيكتبونها بالعربي، ويكتبون الترجمة بالفارسية، وكانوا قبل الإسلام أبعد عن المسلمين من الروم والنصارى، فإذا كان الفرس المجوس قد وصل إليهم معاني القرآن بالعربي وترجمته، فكيف لا يصل إلى أهل الكتاب وهم أقرب إلى المسلمين منهم؟".

أما في الأندلس فقد بلغت الترجمة أوجها سواء أكان ذلك في مجال الإسلام أم غيره، وقد اهتم أكثر العلماء بها اهتماما بالغا وتفرغوا لها جماعات وأفرادا، حتى اشتهر بعضهم في هذا الميدان الدعوي. فهذا أبو محمد عبد الله بن عبد الله الميروقي كان قسيسا ومن أحبار النصارى في الأندلس في القرن الثامن الهجري، أسلم وحسن إسلامه وتعلم اللغة العربية في سنة واحدة وأتقنها، ثم أخذ يبذل جهده في الترجمة الدينية بين المسلمين والنصارى حتى لقب بالترجمان، وعينه السلطان رئيسا لشؤون الترجمة وقد كشف في كتابه (تحفة الأديب في الرد على أهل الصليب) هوية كُتّاب الأناجيل الأربعة (متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا) وأكد أنهم ليسوا من حواريي المسيح عليه السلام، بأدلة علمية دقيقة، ثم ناقش قضايا التعميد (التغطيس) والتثليث والأقانيم، والخطيئة الأولى والعشاء الرباني وصك الغفران وقانون الإيمان، وفنَّدها كلها بنصوص الأناجيل وبأدلة العقل الصريح، ثم أثبت بشرية المسيح عليه السلام ونفى ألوهيته المزعومة وعرض التناقضات في نصوص الأناجيل المحّرفة، ثم تعرض لما يعيبه النصارى على المسلمين كزواج العلماء والصالحين والختان والنعيم الحسي بالجنة ثم ختم كتابه بإثبات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضله ومنـزلته بنصوص من التوراة والإنجيل.

وفيما بعدُ ترجمت معاني القرآن الكريم إلى مختلف لغات العالم من إنجليزية وفرنسية وألمانية ولاتينية وبولونية وإيطالية وبرتغالية وإسبانية وعبرية وهولندية وألبانية ودنمركية وأرمنية وبلغارية ورومانية ومجرية ويابانية وصينية وسويسرية وأفغانية وبنجابية وسواحلية وسندية وجاوية وغيرها كثير.
محمد مصطفى

http://www.etlaforums.com/new/showthread.php?3742