ليتني كنت حمارا.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

لكل كائن حي على وجه الأرض الحق في أن يحيا بكرامة في أمن وسلام ، بما فيهم الإنسان الذي هو في ذات الوقت المسئول الأول عن ذلك بوصفه خليفة الله في أرضه،ومن هنا فلا يحق لإنسان ما أن يهين أو أن يمس مخلوقا ما بضرر لمجرد المتعة أو الفكاهة ، أو التلذذ بذلك. منذ يومين قامت شركة روسية باستخدام حمارفي الإعلان عن منتج ما ،بواسطة إسقاطه ( أي الحمار أعز الله مقامكم) ، بالمظلة. وكان المسكين يصرخ ناهقا لا نعرف خوفا أم احتجاجا ،أم فرحا وسعادة ، والعلم عند علام الغيوب.فقامت الدنيا و(برطعت) جهات عدة احتجاجا وتأييدا وتعاطفا مع الحمار ، وتلك لعمري فطرة طيبة لبشر لا يحبون مشاهدة تعذيب ( واحد من خلق الله.)
و في بريطانيا ، ( قامت مجلة صن اللندنية بإرسال بعثة خاصة لمقابلة الحمار وشرائه وتوفير الحماية له)
وأرسل الأطباء والممرضات وقاموا بفحص المسكين ، ووفروا له الرعاية
( الإنسانية والطبية والاجتماعية ).
ما علينا … فالحمار مخلوق مثلي ومثلك عزيزي القاريء ، ومن حقه أن ينال التأييد والعطف لو وقع في موقف حرج ، مثلنا تماما ، ولقد تخيلتني كمواطن ماشي جنب الحيط صبور، ( بكح تراب) ، صامت ، غير معترض ، قد علقت من كتفي بمظلة وألقى بي من قمة جبل ، في إعلان تجاري كدليل على نتائج التقشف ، والبطالة، وفوائد المسلسلات ، والقرارات المتضاربة في بلاد تركب الحمير ، وأثر ذلك كله على درجة النحافة ، ومنسوب البلاهة ، ناهيك عن فقر الدم ، والتوهان ، فبانت نتائج ذلك كله باهرة على شخصي الكريم ، فماذا أنا فاعل ؟

لابد لي أن أسعد لأن هناك من يدافع عني ، ويهتم لأمري .
لكن ما يجعل الحليم حيرانا ، أن العالم المتحضر لا يهب هبة الإنسان لأخيه الحيوان عندما يداس الأطفال بأحذية الجنود ، ولا يتحرك عند بقر بطون النساء وسحل الجرحى وحصار الفقراء، ونزع الأشجار وحرق المزروعات ، وتسميم المياه وتلويث الأنهار، ونهب الثروات ، وتقطيع الأجساد وبيعها في المزاد ، ورفع الأسعار بإلقاء الزائد من الغذاء العالمي في البحر المالح، يحدث هذا والملايين تفرمها المجاعات وتطحن عظامها وجلودها النكبات، وإذ نرى كل هذه البانوراما الهزلية على الهواء مباشرة في الشاشات ووكالات التصوير ونقل الأحداث رقميا عبر قارات كوكبنا ، لا نسمع سوى الصمت الجليل أمام هذا كله.

نعم ، عيب وعار أن يعذب الإنسان حمارا أو بغلا ، أو تيسا أو ماشئت من حيوان وطير ونبات وجماد، فهم أخوة لنا في الخلق.
ويا للعجب تتغافل الدنيا عن إهانة إنسان، مواطن بسيط عادي مثلي ومثلك.
وتقوم الدنيا من أجل حمار !!!
أين العيب يا سادتي؟ ..
في الإنسان أم في الحمار؟



(........................)

إذن ……ليتني كنت حمارا.