هذيان ثوري متقاعد

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

******
وأنت الآن تنظر إلى الخلف
وتشم أصابعًا
تضخمت من التبغ
وملح البارود
وتفرك عيونًا
تقطبت بالحمى
كانت تسكنها العصافير
المذعورة
وتنقب أذناً
كانت تسمع وشوشات
الطل للزهر
قبل صلاة الفجر
****
وتنظر الى عمر
بات يتعب مفاصلك
وتقول آه
ثم آه
ثم آه
وتلف ما تبقى من العمر
لفافة تبغ مر
تقطع أنفاسك
وتنظر خلفك
هنا سقط احمد
وهنا سقط أسعد
وهنا علي
وهنا محمد
وهنا كان النجم
وهناك كان الوهم
وهنا اللحم
وهنا العظم
وهنا
بات الطريق
بلا طريق
*****
وهنا على أصابعك
ينبت الصنوبر
ويشتعل الحريق
كم انت وحدك والطريق
كم انت وحدك
لا رفيق
***
وأنت الآن تنظر للخلف
وتغيب ما بين
الزفير
والشهيق
تحدق بأخشاب العمر
على ساحل الوجع العتيق
أيهذا البحر
هل تذكرني
انه العشق على الروح يضيق
انه الحلم على الوهم يضيق
كم تغيرت
الأشياء
وكم بقيت كما أنت
منذ الخطوة الأولى
كان قبرك مفتوحًا
وكنت تحمل الروح على
كفيـــــك
وتمضي
وها أنت الآن
ما زال قبرك مفتوحًا
وتحمل الروح على كفيك وتهذي
تنظر إلى حلمك المعلّق
عند أبواب
المدائن
تدمع عيناك من لسعة التبغ
وترى الأفق
يغص بالسفائن
لكنك تجلس هنا
عند باب المخيم
تفرك مفتاح الدار
تفرك جمرة النار
وتتمتم
هل قاتلت كل هذا العمر
لأجلس على حجر
يطل على طريق
بات على النعل
يضيق
تبصق سل رئتيك
على من كان بالأمس.... رفيق
تكره كل السيارات
السوداء
وأربطة العنق
وقطاع الطريق
****
من يعيد إليك
قدمك المقطوعة
من يعيد المفتاح
للباب العتيق
****
أعرفك
لقد تسرعت
حين قلت
أولاد فلسطين
يا أولاد الكلب
لماذا اعتدتم تقبيل الأعداء
بهذا الشكل
وأطلقتم النار
على كل من كان بالأمس صديق
أعرفك تسرعت
لكنها الروح تشب كالحريق
إنه الجرح
في القلب عميق!