تعد التجربة الأولى في فلسطين ..فتيات في عمر الزهو يصنعن فيلم كرتون موجه للأطفال .

خان يونس – عطية شعت

بصوت متمكن مفعم بالشجن وعيون ممتلئة بالدموع استقبلت فاطمة المصرى (14) عاما التهاني وكلمات الإعجاب من أصدقائها ومدرسيها بنجاح تجربتها هي وزميلتها اللواتي اشتركن في صياغة وتنفيذ فيلم كرتوني موجه للأطفال .

فقد اشتركت فاطمة مع أكثر من عشر فتيات من مركز بناة الغد التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر،بكتابة القصة ورسم الشخصيات وبناء الحوار والأداء الصوتي لفيلم الكرتون الذي حمل اسم الكؤوس الستة ، واختارت فاطمة وزميلاتها معالجة قضية النظافة والهندام عند الأطفال وانعكاسها على حياتهم الشخصية وعلاقتهم بزملائهم ومحيطهم ونظرة الناس إليهم.


فاطمة تحدثت عن تجربتها بشجن أمام مدرسيها وزملائها وأقاربها ممن حضروا العرض الخاص للفيلم في مركز بناة الغد ،فقالت "كنت خائفة جدا أنا وزميلاتي ولم نكن واثقين من النجاح ، فقد عقدنا أنا وزميلاتي أكثر من ورشة عمل لاختيار موضوع الفيلم وتابعت المصري وبعد أن وجدنا الفكرة ، أردنا أن نتأكد من أهمية الفكرة بالنسبة للأطفال ، فقمنا باستطلاع العشرات من الأطفال وتأكدنا أن اختيارنا كان صائبا ، وتابعت المصري ، بعد ذلك بحثنا عن أفضل السبل لتوصيل فكرتنا واجمعنا أن الرسوم المتحركة هي أفضل وسيلة لإقبال الأطفال عليها ، فبدأنا نكتب بالقصة ونرسم شخصياتها ونبنى حوارها ، وقبل ذلك بحثنا بمساعدة مركز بناة الغد عن أفضل صناعها فوقع اختيارنا على الفنان جميل القيق.

الأجيال الناشئة قادرة على إعطاء أفكار غير نمطية ومبدعة:

وبدوره قال مخرج الفيلم جميل القيق " اقتصر دوري في هذا الفيلم على ترجمة وصياغة أفكار الفتيات في قالب فني جميل ، مضيفا أن الفتيات هن من قامن بكتابة القصة وبناء الحوار ورسم الشخصيات ،واشرفن بشكل كامل على كل مراحل تنفيذ الفيلم .

وأضاف القيق أننا هنا ليس لمناقشة الفيلم وجودته بل لعرض تجربة رائدة ، مؤكدا أنها المرة الأولى الذي يقوم فيها أطفال من غزة باختيار موضوعاتهم بأنفسهم ومعالجتها بطريقتهم وبأسلوبهم الخاص .


وأشار القيق إلى أن الأجيال الناشئة قادرة على إعطاء أفكار غير نمطية ومبدعة وتدهش الكبار فى حال تم إعطائهم مساحة من الحرية والاختيار

وأكد القيق على أهمية تعميم التجربة وطالب أولياء الأمور والتربويين بضرورة السماع لأطفالهم وإعطائهم مساحة من الحرية للتعبير عن أرائهم وأفكارهم ، لأنها المسار الطبيعي لتطور الفكر البشرى .

وثمن القيق دور مركز بناة الغد الذي أنتج الفيلم واشرف على هذه التجربة وأظهرها إلى النور ،مشيرا إلى أن جمعية الثقافة والفكر الحر رائدة العمل المبدع في قطاع غزة بما فيها من كوادر فنية وتربوية وأكاديمية مؤهلة لهذا العمل .


التجربة ومردودها الايجابي :

وعن الأثر الذي تركته التجربة على شخصية الفتيات قالت روان الطويل (14) عاما " أن نجاح التجربة عززت من ثقتنا بأنفسنا وشعرنا أننا قادرات على الإبداع والانجاز وغيرت مسار اهتمامنا فبدأنا نقرأ أكثر ونناقش قضايانا بشكل أكثر جدية ".

وأكدت اميمة شنينو مديرة مدرسة روان كلام الفتاة حيث قالت "أصبحت أكثر هدوء وانضباطاً والتزاماً وأكثر نشاطا واشتراكا في مختلف النشاطات ،مشيرة إلى أن نجاح التجربة عزز من ثقتها بنفسها وجعلها تتصرف بمسؤولية عالية .

وبكل فخر واعتزاز حدثتنا مرام وادى (14) عاما، عن مشاركتها قائلة " النجاح لم ياتى من فراغ فهو نتاج ثمان شهور من العمل ، موضحة أن المشاركات في صناعة الفيلم قد أنجزن (4) ورشات حول كيفية كتابة القصة القصيرة وكيفية عمل السيناريو والإخراج.

وأكدت مرام أن الفيلم هو من نسيج أفكارهن بالكامل وأنهن اشرفوا على كل مراحل تنفيذه ، فتقول : "تدخلنا في كل صغيرة وكبيرة لإنجاز الفيلم ، مشيرة الى أنهن أيضا من اشرفن بالكامل على تنظيم هذا الحفل فقد كتبن الدعوات واشرفن على توزيعها وكتبن كلمات الحفل واختارن طريقة الاستقبال وعرض الفقرات .

مؤسسة الثقافة والفكر الحر:


وتعتبر مؤسسة الثقافة والفكر الحر من المؤسسات الرائدة في مجال تعزيز حقوق الطفل الفلسطيني وتنتهج مراكزها المختلفة ولاسيما التى تعنى بفئة الأطفال والفتيان مبدأ حق الاختيار وتعطى الأطفال مساحة واسعة للتعبير عن أفكارهم وأرائهم ، بل وتترجمها في كثير من الأحيان لواقع ملموس .

وكانت ثلاث من مراكز جمعية الثقافة والفكر الحر قدمت الأسبوع الماضي تجربة حقيقية لتأكيد مبدأ حق الاختيار بإجرائها لانتخابات مارس فيها الأطفال والفتيان والفتيات حقهم في اختيار قادة من أقرانهم لإدارة المخيمات الصيفية .

وأوضح خليل فارس مدير مركز بناة الغد ان المؤسسة تسير بخطوات ملموسة نحو تجسيد حقوق الطفل الفلسطيني الذي تضمنتها كافة المواثيق الدولية والديانات السماوية من خلال الممارسة الفعلية .
موضحا أن المنتج الحقيقي من وراء هذه التجربة ليس الفيلم بحد ذاته ، بقدر ماهو تجسيد حقيقي لحقوق الطفل في الاختيار والتعبير والمشاركة .

وأشار فارس إلى أن المؤسسة تسعى لنشر هذه التجربة وتعميمها ، حيث ستقوم بتوزيع أكثر من 500 سي دي على المدارس والمؤسسات التربوية ووزارة التربية والتعليم والمهتمين في المجال.

ومن جهتها قالت مدير عام مؤسسة الثقافة والفكر الحر مريم زقوت " كثر هم ممن يتحدثون عن ضرورة إشراك الأطفال والفتيات في منتجاتهم ،نحن أدركنا منذ البداية أن أفضل طريقة للقول هو العمل بكل ماتحمله هذه الجملة من معاني رائدة .



مطالبات بتعميم التجربة :

ولاقت التجربة اهتمام وإعجاب كل الذين شاهدو الفيلم ،وعايشوا التجربة ،وطالب الحاضرين من المختصين والتربويين وزراه التربية والتعليم والمؤسسات الغير حكومية بضرورة تعميم التجربة ، حيث أكدت مديرة مدرسة حيفا العليا للبنات سمية النمروطى على المردود الايجابي للتجربة وآثرها الايجابي على شخصية الفتيات المشاركات ، مشيرة إلى أنها عززت من قدراتهن المختلفة وجعلتهن أكثر فعالية ومشاركة .
وطالبت النمروطى المؤسسات والجمعيات التي تعنى بفئة الأطفال الاحتداء بمؤسسة الثقافة والفكر الحر وانتهاج مبدأ حرية الاختيار في أنشطتها وبرامجها .


تجربة الكؤووس الستة التي نقلت حق الاختيار من كلمات مسطرة إلى أسلوب عمل وطريقة ،تعد حسب صناع الرسوم المتحركة التجربة الأولى من نوعها في فلسطين ،الذي يكتبها وينفذها أطفال .