اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغد قصاب مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
..
بات معروفا ان هناك من يتسلق سلم المجد إن لم يكن سلما حقيقيا بمجهوده وسعيه بطرق لانعرفها وربما عرفناها وغضضنا الطرف لاننا لانستطيع ان نكون مثلهم او ان نقوم بما يقومون
وحتى يكون المجتمع فعالا يمثقفيه يجب ان نرفع النخبة الثقافية إن جاز التعبير لمصاف ملائمة نستفيد منها ونفيد
كيف يمكننا ان نفعل هذا وسط كل المعطيات الحالية في الوطن العربي ككل؟وعبر النت أيضا؟
ولكم كل الشكر
سيدتي الغالية رغد قصاب المحترمة

عدنا

كَثُرَ في الوطن العربي الحديث عن المثقف والنخبة والثقافة النخبوية وغيرها من المفاهيم ، والغريب بالأمر أن من يطرح هذه المواضيع وهذه المفاهيم هم ذاتهم المثقفون، الذين ينكرون وجود مثقف ونخبة مثقفة، كما أنني لاحظت الخلط الكبير في كثير من المواضيع المطروحة بين عدداً من المفاهيم ومنها على سبيل المثال: المثقف والنخبة والثقافة النخبوية والنخبة الثقافية والمتعلم والعلم والعالم والمفكر والمبدع وكل هذه المفاهيم يستخدمها البعض تحت عنوان مثقف ، والفرق بين هذه المفاهيم كالفرق تماماً بين مفهومي العلم وعلم العلم.
لذا يجب التدقيق والتفريق بين كل مفهوم من هذه المفاهيم عند الحديث عن المثقف ودور المثقف والنخبة ودور النخبة كي يكون الحديث واضحا ومفهوما عند الجميع.
كما أنني لاحظت مؤخراً ولادة مفهوما جديدا تم طرحه من قبل بعض المفكرين ، والمفكر ليس بالضروري أن يكون مثقفاً، وهذا المفهوم الذي أتحدث عنه هو (موت المثقف)،وأنا شخصيا لا أؤمن بهذا المولود الجديد(أي مصطلح موت المثقف) وهنا أعود لبداية طرحك في هذه المداخلة حول الآتي:

((بات معروفا ان هناك من يتسلق سلم المجد إن لم يكن سلما حقيقيا بمجهوده وسعيه بطرق لانعرفها وربما عرفناها وغضضنا الطرف لاننا لانستطيع ان نكون مثلهم او ان نقوم بما يقومون))

وهذا يعني أن كثرة الرداءة أخفت الجودة، ووجود المثقف في هذه الأجواء جعله شبه مختفياً ( لأن المثقف فئة من المجتمع وباتت هذه الفئة قليلة لكنها موجودة حتماً، وإنما دورها لا يكاد يظهر للعيان لانتشار الرداءة وعجز المثقف عن إزاحتها لأسباب عديدة ، منها: التوجه العام في المجتمع، الحالة الاقتصادية السائدة، الحالة الاجتماعية، الحالة السياسية، الحالة التربوية والتعليمية، وتدهورها في المجتمع العربي ككل.
كل هذه الأسباب ساعدت المتسلق للوصول إلى سلم المجد، وأصبح ظاهرة عامة، لا يمكن أن يجاريها المثقف الحقيقي، ولذا لا شك أنك تلاحظين التقزيم في المجالات سواء الفنية أو الاجتماعية أو العلمية، فلا الفنان هو فنان، ولا الأديب بات أديباً، ولا الشاعر شاعراً، بل معظم ما نشهده اليوم على الساحة الثقافية مقزم بالفعل، ولم يتم هذا الأمر عن طريق المصادفة البحتة ، إطلاقاً، وإنما عن دراية ودراسة وتخطيط مسبق ومتعمد ، إما عن طريق السلطة والأنظمة الحاكمة ، أو عن طريق خارجي صهيوني، يسعى لتقزيم ثقافتنا وتقزيم مجتمعاتنا لتسهل السيطرة عليها.
وحتى لو كان مدروساً من قبل الأنظمة فالهدف واضح تماماً ، وهو تفريغ المبدع العربي والمثقف العربي والمواطن العربي من محتواه لتسهل أيضاً السيطرة عليه، لذلك هنا يواجه المثقف واقع مرير بالفعل وإن لم يسعى هو لتغيير هذا الواقع سيبقى خارج السرب وتبقى طاقاته معطلة.

((وحتى يكون المجتمع فعالا يمثقفيه يجب ان نرفع النخبة الثقافية إن جاز التعبير لمصاف ملائمة نستفيد منها ونفيد

كيف يمكننا ان نفعل هذا وسط كل المعطيات الحالية في الوطن العربي ككل؟وعبر النت أيضا))؟


أما كيف يمكننا أن نرفع النخبة المثقفة لتصبح فعالة في المجتمع، فهذا الأمر يقع على عاتق النخب المثقفة نفسها،وعلى قدرتها في التغيير والتأثير، ومحاربة الفساد، وأعني بالفساد هنا، كل المشاكل والآفات الاجتماعية والثقافية والتعليمية والتربويةوآلام المواطن، وطرح البدائل على القاعدة الشعبية.
لاشك أن هذا ليس بالأمر السهل والهين، بل هو عمل شاق يقضي السهر ويحتاج لكثير من الجهد والعناء، وهذا واجب النخب المثقفة، فكلمة نخبة ليست للتفاخر والتباهي، بل هي مشروع يحمله المثقف ليصل إلى مستوى النخبة ، وهذا المشروع من المفترض أن يكون جماهيري ، وموجه للجماهير من أجل التغيير، وإن لم تكن هذه النخب قادرة على حمل مثل هذه المشاريع فالأجدر بها أن تعترف وتعلن عجزها، وموتها الحقيقي.
ومن خلال ملاحظاتي العامة، أستطيع أن أقول على الرغم من الرداءة الموجودة وعلى كافة الصعد في عالمنا العربي إلا أنني أرى مثقفين ونخب من مختلف المجالات (نخب تربوية، نخب فنية، نخب اقتصادية، نخب اجتماعية ) تعمل وتسعى للتغيير ، ودليل ذلك إعلان الرفض للواقع العربي من محيطه إلى خليجه من قبل هذه النخب،وهناك مقترحات وبدائل يتم طرحها بين الفينة والأخرى، ولا شك أن هذه النخب تحارب بشدة من قبل الأنظمة الحاكمة المستقرة على عروشها، ووجود هذا الحراك النخبوي الثقافي يهدد هذه العروش بشدة، لكن إن استمر نضال هذه النخب فلا شك أن الأنظمة ستستجيب بشكل أو بآخر، وإلا فهي تعمل على إنهيارها السريع.

لك محبتي وللحديث بقية