السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمرّ الذكرى الثانية والستين لاغتصاب فلسطين وقيام دولة اسرئيل المسخ دون أن يلتفت أحد من العرب لهذه الذكرى الأليمة فالعرب لاهون بما هم لاهين فيه وغافلون عما هم غافلون عنه .
ولكن فلسطين هي في ضمير ووجدان كل عربي حر شريف وفي عين وقلب كل مسلم مؤمن مجاهد .
فلسطيـن الحبيبـة كيـف أغفـو=وفـي عينـي أطيـاف الـعـذاب
أطهّر باسمـك الدنيـا ولـو لـم=يبرح بي الهوى لكتمـت مـا بـي
تمـر قوافـل الأيــام تــروي=مؤامـرة الأعـادي والصـحـاب
فلسطين الحبيبـة .. كيـف أحيـا=بعيـداً عـن سهولـك والهضـاب
تنادينـي السـفـوح مخضـبـات=وفـي الآفـاق آثـار الخضـاب
تنادينـي الشواطـىء باكـيـات=وفي سمع الزمان صدى انتحـاب
تنادينـي الـجـداول شــاردات=تسيـر غريبـة دون اغـتـراب
تناديـنـي مدائـنـك اليتـامـى=تنادينـي قـراك مــع القـبـاب
ويسألـنـي الـرفـاق ألا لـقـاء=وهل مـن عـودة بعـد الغيـاب
أجل .. سنقبـل التـرب المنـدّى=وفـوق شفاهنـا حمـر الرغـاب
غداً سنعـود والأجيـال تصغـي=إلى وقـع الخطـى عنـد الإيـاب
نعـود مـع العواصـف داويـات=مع البـرق المقـدس و الشهـاب
مـع الأمـل المجنـح والأغانـي=مـع النسـر المحلـق والعقـاب
مع الفجر الضحوك على الصحارى=نعود مع الصبـاح علـى العبـاب
مـع الرايـات داميـة الحواشـي=علـى وهـج الأسنـة والحـراب
ونحـن الثائريـن بـكـل أرضٍ=سنصهر باللظـى نيـر الرقـاب
تذيـب القلـب رنـة كـل قـيـدٍ=ويجرح في الجوانـح كـل نـاب
أجل !.. ستعود آلاف الضـحايـا=ضحايا الظلـم تفتـح كـل بـاب
فلسطين ما قبل الميلاد
وجدت آثار الوجود البشري في منطقة جنوبي بحيرة طبريا، وهي ترقى إلى نحو 600 ألف سنة قبل الميلاد
وفي العصر الحجري الحديث (10000 ق.م - 5000 ق.م ) أنشأت المجتمعات الزراعية الثابتة
ومن العصر النحاسي (5000 ق.م - 3000 ق.م ) وجدت أدوات نحاسية وحجرية في جوار أريحا وبئر السبع والبحر الميت
ووصل الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية إلى فلسطين بين 3000 ق.م و 2500 ق.م
وفي نحو 1250 ق.م استولى بني إسرائيل على أجزاء من بلاد كنعان الداخلية
وما بين عامي 965 ق.م و 928 ق.م بنى الملك سليمان هيكلاً في القدس
وفي عام 928 ق.م قسمت دولة بني إسرائيل إلى مملكتي إسرائيل ويهودا
وفي 721 ق.م استولى الآشوريون على مملكة إسرائيل، وفي عام 586 ق.م هزم البابليون بقيادة بختنصر مملكة يهودا وسبوا أهلها إلى بابل وهدموا الهيكل
539 ق.م يستولي الفرس على بابل ويسمحون لليهود بالعودة، ويبنى الهيكل الثاني
وفي عام 333 ق.م. يستولي الاسكندر الأكبر على بلاد فارس ويجعل فلسطين تحت الحكم اليوناني
وبموته وبحدود 323 ق.م. يتناوب البطالسة المصريين والسلوقيين السوريين على حكم فلسطين وحاول السلوقيون فرض الدين والثقافة الهلينيستية (اليونانية)
ولكن في عام 165 ق.م حسب التاريخ اليهودي يثور المكابيون على انطيوخس ابيفانس السلوقي، حاكم سوريا، ويمضون في اقامة دولة يهودية مستقلة
وفي عام 63 ق.م تضم فلسطين إلى الامبراطورية الرومانية .
فلسطين زمن روما وبيزنطة
قام الحاكم الروماني بومبي العظيم بالسيطرة على فلسطين عام 63 ق.م وجعل منها مقاطعة رومانية يحكمها ملوك يهود، في سنة 70 للميلاد، قمع الامبراطور الروماني تيتوس ثورة يهودية في فلسطين، وسوى القدس بالأرض ودمر معبدها. وفي أعقاب ثورة يهودية أخرى ما بين 132م و135م شيد الامبراطور هادريان مدينة وثنية جديدة على أنقاض القدس أطلق عليها اسم كولونيا إيليا كابوتاليا، وحرم على اليهود دخولها. وبعد انتهاء عهد هادريان، زاد باطراد عدد المسيحيين المقيمين في القدس. ومع اعتناق الامبراطور قسطنطين الأول للمسيحية، وزيارة أمه الملكة هيلانة للقدس سنة 320م، بدأ طابع القدس وفلسطين المسيحي يغلب على طابعهما الوثني. وشيّد قسطنطين نفسه كنيسة القيامة، ودأب خلفائه، ولا سيما جستينيان على الإكثار من بناء الكنائس والنصب المسيحية في فلسطين. وسمح البيزنطيون لليهود بدخول القدس يوما واحداً في السنة فقط، للبكاء قرب حجر كان لا يزال باقيا في موقع المعبد. ولكن البيزنطيين أبقوا على الموضع أجرد موحشاً، إكراماً لما كان قد تكهن به السيد المسيح (إنجيل متى 2:24)
فلسطين صدر الإسلام والخلفاء الراشدين
قبل ظهور الإسلام في القرن السابع، كان قد حدث تمازج متصل بين المسيحيين في فلسطين والسكان العرب (الذين كان العديد منهم من المسيحيين أيضا) القاطنين إلى الجنوب والى الشرق من فلسطين. وكان نبي الإسلام محمد بن عبد الله وأتباعه يتجهون إلى القدس كقبلة للصلاة، وتروي الرواية الإسلامية إسراء النبي من مكة المكرمة إلى القدس وعروجه منها إلى السماء.
وبعد معركة أجنادين وانتصار المسلمين فيها بدأ المسلمون يسيطرون على أراضي فلسطين، وقد استولى العرب المسلمون على القدس من البيزنطيين سنة 637م، أعرب الخليفة عمر بن الخطاب عن احترامه للمدينة بأن تقبل بنفسه استسلامها، وكتب لهم وثيقة أمان عرفت فيما بعد بالعهدة العمرية، أعطاهم فيها أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، فمن خرج منها فهو آمن ومن أقام فهو آمن، وشهد على ذلك خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص، ومعاوية ابن أبي سفيان، وقد اقرّ السير وليم فينز جيرالد "لم يحدث قط في تاريخ الفتوحات حتى غزو القدس ونادراً منذ ذاك، أن أظهر فاتح تلك المشاعر السخية ألتي اظهرها عمر للقدس." وكان الاسم العربي الذي أطلق على القدس هو البيت المقدّس، كمقابل للبيت الحرام. وأصبحت ولاية فلسطين البيزنطية ولاية إدارية وعسكرية عربية أطلق عليها اسم جند فلسطين منذ ذاك
فلسطين زمن الأمويين
كانت عاصمة الأمويين وعاصمة الخلافة دمشق وبلغت الخلافة أوج سلطانها ووصل نفوذها إلى وسط آسيا شرقاً وحدود فرنسا في أوروبا غرباً لتكون بذلك أكبر دولة إسلامية في التاريخ، وكان معاوية أول الخلفاء الأمويون، كما أن الخليفة الأموي الخامس عبد الملك بن مروان ، شيد المسجد الذي عرف باسم قبة الصخرة، كما شيّد الوليد بن عبد الملك المسجد الأقصى المجاور، وكان تفضيل الأمويين لفلسطين والقدس سياسي إلى حد ما، لأن مكة المكرمة كانت في يد خصوم بني أميّة في العقود الأولى، ولكن حتى بعدما دانت مكة المكرمة والمدينة المنورة بالولاء للأمويين سنة 692م، فإن الخليفة السابع سليمان بن عبدالملك ، نصب على كرسي الخلافة في القدس ثم في العاصمة دمشق، وذلك يرجع إلى ما ذكره الحديث الشريف من ذكر فضل الصلاة والزيارة والسكنى في القدس
فلسطين زمن العباسيين
اتخذ العباسيون من بغداد عاصمة لهم، وبلغت الخلافة العباسية أوج سلطانها ونفوذها في غضون قرن من إنشائها، أمّا بعد ذلك، فقد وقع الكثير من أراضي الامبراطورية تحت سلطان حكامها الذين كان ولائهم للخلافة العباسية اسميا، وظلت فلسطين طوال الشطر الأكبر من الفترة الواقعة بين انتهاء القرن التاسع الميلادي وحتى الحملات الصليبية في نهاية القرن الحادي عشر للميلاد تحكم من قبل حكام مسلمين اتخذوا من القاهرة مقراً لهم.
زارها من العباسيين اثنان من الخلفاء، كان المنصور أولهما، وهو ثاني الخلفاء العباسيين، زار القدس مرتين وأمر بإصلاح التلف الذي لحق بالمدينة بسبب زلزال كان قد أصابها، اما الخليفة الثاني فهو المهدي، ثالث الخلفاء العباسيين، زار القدس خصيصا لأداء شعائر الصلاة في المسجد الأقصى، وقد أمر المأمون سابع الخلفاء العباسيين بإجراء ترميمات كبرى في مسجد قبة الصخرة، تحت إشراف شقيقة وخلفه المعتصم، الذي كان آنذاك مندوب الخليفة في سوريا
فلسطين زمن حروب الفرنجة والحملات المضادة لها
انقطع تسلسل الحكم العربي والإسلامي لفلسطين بفعل حملات الفرنجة حيث أن الفرنجة غزو فلسطين وأقاموا مملكة القدس اللاتينية بين عامي 1099 و 1187 للميلاد، ولكن الحملات المضادة للفرنجة بقيادة صلاح الدين الأيوبي وخلفائه استمرت حتى عام 1291 م ، حيث استرد المسلمون آخر المعاقل الفرنجة في قيصرية( قيسارية ) وعكا، وقد قام الفرنجه، بعد دخولهم القدس بتعذيب وإحراق وذبح آلاف من المسلمين العزّل من الرجال والنساء والاطفال، فضلا عن العدد القليل من الأهالي اليهود الذين التجؤوا إلى معبدهم، وقد قامت عدّة حروب في تلك الفترة حاول فيها القادة المسلمون تحرير فلسطين منها محاولة الوزير الأفضل الفاطمي التي باءت بالفشل
فلسطين في عهد المماليك
كان المماليك هم من أخرج آخر الصليبيين من فلسطين وهم من هزموا المغول بقيادة هولاكو حفيد جنكيز خان، وامتدت فترة سيطرتهم ما بين عامي 1260م إلى الغزو العثماني لمصر عام 1517م ، وظل اسمها "جند فلسطين" وقسمت إلى ستة اقضية هي : غزة - اللد - قاقون - القدس - الخليل - نابلس
فلسطين تحت الحكم العثماني
هزم العثمانيون المماليك في حدود 1517م وكانت الدولة العثمانية سيطرت على فلسطين عام 1516م بعد معركة مرج دابق في 23 آب من ذلك العام، وعينت القسطنطينية حاكما محليا عليها، كانت البلاد قد قسمت إلى خمسة مناطق تسمى سناجق هي سنجق القدس وغزة وصفد ونابلس واللجون، وكانت جميعها تابعة لولاية دمشق، ولكن كان الحكم إلى حد بعيد في أيدي السكان المحليين. وتم إعادة إعمار المرافق العامة في القدس على يد سليمان القانوني عام 1537م.
وقعت أجزاء فلسطين المختلفة وعموم بلاد الشام تحت سيطرة عائلات وكيانات متعددة في فترة الدولة العثمانية تراوحت بين الولاء والعداء للدولة المركزية
وقفة لابد منها
تاريخ اليهود في أوروبا وتطورات الأحداث
نبدأ من أوروبا في القرون الوسطى ..
دانت أوروبا بالمذهب الكاثوليكي و الشرق كان مذهبه أورثوذوكسي و المذهبين معا تبعاً للمسيحية يكرهون اليهود كراهة كبيرة جداً فقد كان النصارى يحملون اليهود قتل المسيح عليه السلام طبعا نحن كمسلمين نعتقد اعتقاداً تاماً أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب بنص قوله تعالى :" وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " إذاً فالثرات المسيحي يصف اليهود بالأمة الملعونة .
سنة 1290 ميلادية قام ملك انجلترا إدوارد الأول بطرد ما يسمونهم الكفار وهم اليهود , تزامن هذا الأمر بعد عدة سنوات بأن قام فيليب الأول ملك فرنسا بإعطاء اليهود 3 اختيارات
إما أن يقتلوا أو يخرجوا من فرنسا أو يتنصروا فاختار بعضهم الخروج و البعض الآخر اختار الدخول في المسيحية طبعا فهم من قال عنهم الله عز و جل :" و لتجدنهم أحرص الناس على حياة "
الطائفة التي خرجت منهم لم يقبلهم أحد من الشعوب إلا المسلمين حيث هاجر اليهود إلى الأندلس إذ لم يكن هناك موضعا للحرية الدينية إلا موضعاً واحداً عند المسلمين فقد مارس اليهود عباداتهم و عاشوا في كنف المسلمين عملوا في مجالات عدة.. التجارة والسياسة .. و كوّنوا ثروات كثيرة كل هذا تحت رعاية المسلمين دون أي نوع من القهر أو الظلم..
أما من بقي في فرنسا و اختار الدخول في المسيحية فقد ترقى معظهم في المناصب مع مرور الوقت و كذا في الكيان الكنسي أصبح منهم قساوسة و رهبانا وبدؤوا يتدرجون حتى وصلوا إلى مناصب عليا في الحكومة و الكنيسة الفرنسية و غير ذلك ..
عودة إلى الأندلس و ما حدث هناك سنة 1492 للميلاد
بعد هذه الأحداث بحوالي 150 سنة احتل الصليبيين الأندلس وبدءوا يضطهدون المسلمين و اليهود على السواء و قهروهم على تغيير دينهم .. هنا قرر اليهود الخروج و البحث من جديد في كل العالم عن مكان يقبلهم كتجار وشعوب تعيش في أمان لم يجدوا إلا الإسلام من جديد ليقبلهم .. قبلتهم الدولة العثمانية وهي حينئذ أعظم دولة .. كانت قد فتحت القسطنطينية قبل سقوط الأندلس بحوالي 40 سنة و بذلك أسقط الكيان البيزنطي وهي الدولة الرومانية الأورثوذوكسية في الشرق فقبلت الدولة العثمانية أن يعيش بينها اليهود وهذا هو الفكر الإسلامي في قبول الغير .. منحت الدولة العثمانية مدينة سالونيك اليونانية كمقر لليهود عاشوا فيها لفترة طويلة دون أي تعرض من الدولة ..
الدولة العثمانية قامت على الخلافة وحكمت العالم الإسلامي لأكثر من 6 قرون وصلت في حكمها إلى أكثر من 20 مليون كلم مربع من مساحة الأرض ، من الجزائر غربا إلى منتصف إيران شرقا ووصلت في أوروبا إلى أسوار فيينا يعني دخلت في بلغاريا و اليونان ورومانيا و بولندا وفي أجزاء من إيطاليا وأجزاء من النمسا وألبانيا ويوغوسلافيا و كوسوفا و غيرهم ... و تركيا و الشام و الجزيرة العربية يعني دولة هائلة بقائد واحد بسلطان واحد ..
الله سبحانه و تعالى قال :" وتلك الأيام نداولها بين الناس " فلا شيء يستقر على حال.. مع مرور الوقت ضعفت الدولة العثمانية بخلافتها وبدأت تفقد من أملاكها وتفقد من سلطانها .. فقدت الجزائر ثم ليبيا ثم مصر وهكذا بدأت تتقلص و سبب هذا أشياء كثيرة جداً منها فشو الجهل.. وبدأ الضعف والركون إلى غير المسلمين وما عاد بعض الولاة والحكام يحتكمون إلى الشرع بل عادوا يحتكمون إلى القناصل الأوروبية الفرنسية والإنجليزية في دراسة وتقييم المشاريع السياسية و غيرها ..
عوداً إلى أوروبا
ظهر في هذه الآونة المذهب البروتستانتي و البروتستانت هم المعترضون على المذهب الكاثوليكي هم طائفة من النصارى قامت في أوروبا تقريبا سنة 1523 ميلادية بعد سقوط الأندلس بحوالي 40 سنة تدعوا إلى الخروج على الكاثوليكية و الاتجاه إلى الدين المسيحي الصحيح في تفسيرـ هذه الطائفة ـ هو الدين الذي يفهمه اليهود .. و صاحب هذه الأفكار هم اليهود الذين تنصروا إذ أنهم ترقوا كما شهدنا من قبل ترقوا في المناصب وفي الكنيسة هم في الظاهر نصارى لكنهم غير ذلك و الذي شجع على قيامها هو ما يحدث من مفاسد و ظلم و اضطهاد وقهر و غيره من الكنيسة الكاثوليكية ..
مارتن لوثر كان قساً ألمانياً لم يكن يهوديا بل كان نصرانياً كتب كتاب سماه :" المسيح ولد يهوديا " يدعوا في كتابه أن اليهود هم الأسياد وهم أبناء الرب و نحن النصارىـ يقول لوثر ـ عبيد يأكل فتات سادتهم هكذا جاء في كتابه و بدأ بنشر أفكارا يعتقدها اليهود و يدعوا إلى الخروج على النظام الكنيسي الظالم ..حصل حينها نوع من الاضطراب في أوروبا فقد هاجت الكنيسة في مقرها بإيطاليا حيث البابا و كذا في فرنسا حيث كانت الدولة المساعدة للمذهب الكاثوليكي هنا حصل نوعا من الصدام بين أتباع لوثر من اليهود المتنصرين و من الشعوب التي دخلت معهم نتيجة القهر الكاثوليكي الواقع على الناس ..فبدأت دعوته تنتشر في أطراف أوروبا مع مقاومة شديدة من البابا و فرنسا ..
عودة إلى الدولة العثمانية
اليهود كما ذكرنا عاشوا لفترة من الزمن في ظل الدولة العثمانية إلى سنة 1603 ميلادية حيث ولد سبتاي تيزفي وهو يهودي عاش إلى أن وصل سنه 22 سنة أعلن حينها أنه المسيح المنتظر بالرغم من أنه يدعو إلى فكرة غريبة و غير مقبولة إلا أن الدولة العثمانية تركته واعتبرت أنه يتكلم من معتقد من معتقادته مما لا يؤثر على الدولة ..
هنا بدأ تيزفي يدعو إلى فكرته سافر إلى أوروبا وبعض الدول العربية المسلمة وسافر إلى فلسطين ودعى اليهود إلى اجتماع في تركيا في عقر دارهم ـ الدولة العثمانية ـ ليقسموا العالم عليهم .. قسم العالم إلى 38 جزءا وجعل على كل جزء ملكا و جعل نفسه فوق كل هذه الملوك وقال أنه سوف يسيطر على العالم باسم المسيح المنتظر ..
بدأت هذه الدعوة بالجهر و المظاهرات و المطالبة بالانشقاق عن الدولة العثمانية و هي التي مدت إليهم يد العون وآوتهم لأكثر من 150 سنة هنا اضطرت الدولة العثمانية القبض على هؤلاء وعلى سبتاي لدعوته إقامة دولة في فلسطين حاكمتهم و حكمت عليهم بالإعدام بتهمة الخيانة .. قرر حينئذ سبتاي الدخول في الإسلام و طبعا هذه طريقة اليهود في فرنسا ..وبالرغم من معرفة الدولة العثمانية أنه يريد فقط بإسلامه الهروب من الإعدام إلا أنها قبلت إسلامه وهذا هو منهجنا كمسلمين لنا الظاهر و الله يعلم الخفايا و الباطن فلم تقم عليه الحد لا هو ولا أصحابه و أسسوا حركة سموها يهود الدونمة يعني الردة عن اليهودية إلى الإسلام .
عودة إلى أوروبا
هناك بدأ البروتستانت بالتفكير في وطن لليهود في فلسطين وإذَا ما تحدثنا عن مذهب البروتستانت نجده يقول أن العهد الجديد وهو الإنجيل محرف وأن العهد القديم و هو التوراة غير محرف لكنهما في واقع الأمر محرفان ومن هنا يأتي اعتماد البروتستانت على التوراة هذا من جهة من جهة أخرى دعى البروتستانت لعودة المسيح عليه السلام فلابد من إقامة وطن لليهود على أرض فلسطين .. ظهرت لذلك الحركة الصهيونية المسيحية
و الصهاينة يا إخوان هم المنتسبون لجبل صهيون في فلسطين و يرغبون العودة إليه هذا هو تفسيرهم لمعنى صهاينة ..
بدأت هذه الأفكار لإنشاء وطن لليهود تنتشر وتجمع لها الأموال والطاقات والإعلام والسياسات وغيرها أملا في نزول المسيح عليه السلام !!!
عاش البروتستانت فترات من الاضطهاد إلى أن اعتنق جورج الثامن ملك انجلترا البروتستانتية فالتجأ إلي انجلترا ليس فقط البروتستانت بل اليهود أيضا ..
إذا في ما ذكرناه سابقا وصلنا إلى أمرين خطيرين ؛ توجد فرقتان كبيرتان جداً تدافعان عن حق إقامة وطن قومي لليهود في داخل فلسطين، هاتان الفرقتان في الظاهر ليسوا يهودا لكن في الباطن من اليهود ..
الفرقة الأولى : هي فرقة المسلمين الذين في ظاهرهم إسلام و في باطنهم يهود في داخل الدولة العثمانية وهم من عرفوا بيهود الدّوْنمة كان مكانهم في اليونان لكن انتشروا و ظهرت أفكارهم في أماكن عدة بل منهم من هاجر إلى فلسطين ووصل عددهم هناك إلى حوالي خمسة آلاف يهودي عاشوا على أرض فلسطين وكانوا يطالبون بإقامة وطن قومي لليهود ..
الفرقة الثانية الكبرى : هي طائفة البروتستانت في أروبا الذين يدْعون إلى إقامة وطن قومي لليهود في أرض فلسطين لكن هؤلاء جوبهوا بمحاربة شديدة من الكاثوليك بزعامة البابا ومن ورائه فرنسا .. هاجروا إلى إنجلترا استقبلتهم استقبالا حافلاً لأن زعيمها أصبح يعتنق المذهب البروتستانتي وبذلك فتح الباب للبروتستانت ولليهود ليسكنوا في انجلترا و من هنا كانت الكثافة العددية الكبيرة لليهود وللبروتستانت .. وقد وقفت هذه الأخيرة مع المشروع اليهودي وزرعت اليهود على أرض فلسطين و دفعت و مدت اليهود بالسلاح ..
حصل تطور كبير وخطير في القرن الـ 16 الميلادي و الذي أدى بعد ذلك إلى تغيير في الخريطة السياسية في العالم .
هذا التطور كان في ظهور أمريكا وجد حينها البروتستانت الذين يعانون من الاضطهاد في فرنسا و إيطاليا وفي غيرها في أوربا منفساً لهم .. نعم ، كانت انجلترا أحد المتنفسات التي كانت للبروتستانت لكن أمريكا كانت بلد جديدة بكر واسعة وواعدة ، فتوجهت إليها هذه الطائفة من أوروبا لهذا فإن معظم الأمريكيين بروتستانت إلى الآن يمثلون حوالي 60 في المائة من النصارى داخلها و الكاثوليك 30 في المائة و 10 في المائة تمثل طوائف مختلفة والبروتستانت يمثلون عماد النصارى في أمريكا وهم من ذهبوا هناك و في تفكيرهم إنشاء وطن قومي لليهود في أرض فلسطين زعما منهم لنزول المسيح عليه السلام وهذا معتقد الشعب الأمريكي وبالذات المتدينين الذي يعتقدون أنه لن يروا و لن ينزل المسيح عليه السلام إلا إذا أقيم وطن قومي لليهود في أرض فلسطين بل إنهم يروا ان اليهود شعب مقدس عكس الكاثوليك و الأرثوذوكس كما رأينا من قبل .
إذا هناك دولتين كبيرتين جدا في العالم تدافعان عن حقوق اليهود وهي انجلترا و أمريكا وهذا يفسر لنا مراحل كثيرة جدا مرت بنا في التاريخ الإسلامي و مازلنا نمر بها ولعلنا نمر بها في فترات طويلة قادمة لأن هذه معتقدات شعوب ومعتقدات رجال كنيسة ومعتقدات سياسيين وإعلاميين وليست مجرد فكرة شخص واحد وليست مجرد دفع من اليهود الذين يسكنون في هذه البلاد ، وفي نفس الوقت فتحت أمريكا أبوابها لليهود الذي يعلنون دينهم صراحة ولا يتخفون في زي البروتستانت أو في زي الإسلام .. وقد هاجر عدد كبير من هؤلاء اليهود من أوروبا ومن كل بلاد العالم إلى أمريكا .
وبدأ يهود الدّوْنمة يتغلغلون في داخل النظام العثماني مع ضعف هذه الأخيرة بدأت تعطي الصلاحيات للممالك الأوربية التي كانت من ألد أعدائها .
الدولة العثمانية كانت تحارب في زمن قوتها على أكثر من جبهة كانت تحارب الروس في الجبهة الشرقية وتحارب في الجبهة الغربية النمسا وألمانيا وفرنسا وإنجلترا وكانت تحارب في الجبهة الجنوبية في خليج عدن البرتغاليين الذين كانت أساطيلهم تجوب العالم أجمع فكل هؤلاء أورثوا كراهية شديدة جداً بين الممالك الأوربية المختلفة و بين الدولة العثمانية .
في زمن ضعف الدولة العثمانية أعطت امتيازات كبيرة جدا للأوربيين للأسف الشديد فتغلغلوا في داخل الخلافة وأصبح لديهم قناصل في الشام و مصر و في كل مكان تحكمه الدولة العثمانية ، هذه القناصل لم تكن مجرد سفارات تؤدي نوع من الرسائل بين الخلافة و بين دول أخرى ولكن كان هؤلاء السفراء جيوبا خطيرة جداً وكانوا يملون آراءهم على الدولة العثمانية و يفرضون تغييراً في حركة وخط تسييرها وهذا لضعف هذه الأخيرة ، و اعتبر هؤلاء القناصل أنهم وسطاء أوفياء على حقوق النصارى في داخل الدولة كنصارى الأورثوذوكس و الكاثوليك وغيرهم و فوق هذا اعتبر الإنجليز أنهم أمناء على حقوق اليهود في داخل الدولة العثمانية مثال على ذلك أنشأت قنصلية لبريطانيا داخل القدس وأول رسالة أرستلها انجلترا إلى تلك القنصلية أن ترعى حقوق الطوائف اليهودية في داخل فلسطين طبعاً هذا من منطلق عقدي لأن معظم الانجليز بروتستانت ومن ثم فرعاية حقوق اليهود في أرض فلسطين مطمح لا بديل عنه في عقيدتهم .
فرنسا في ذلك الوقت كانت في موقف مختلف فهي على المذهب الكاثوليكي والكاثوليك يكرهون اليهود كراهية شديدة جداً وهي لم تكن تؤيد الحقوق اليهودية و لكن حصل تطور مذهل في سنة 1789ميلادية وهو قيام الثورة الفرنسية وقد قامت على الملكية و كسرت كل شيء وسجنت أشخاصاً كثيرين وقتلت الكثير ؛ كانت ثورة دموية بكل المقاييس وقامت بأفكار عدة غيرت كثيرا من خرائط العالم كله .
من أولها فكرة القومية يعني الاعتزاز بالجنسية و الأصل ولا تهتم بالدين إذا هذا هو أول معتقد وهو الاعتزاز بالجنسية الفرنسية وصدّرت هذا المعتقد إلى كل بلاد العالم بحيث تنظر هذه الأخيرة إلى الثورة الفرنسية على أنها محور رئيسي جداً من محاور التغيير ولكن لما صدّرت هذه الأفكار إلى الدولة العثمانية حصل مشكل كبير جداً بحيث بدأت تدخل فكرة القومية أن هناك أتراك و هناك عرب و العرب أنفسهم قسمتهم إلى شاميين و فلسطينيين ومصريين ...
الفكرة الثانية التي قامت عليها الثورة الفرنسية كانت كذلك واضحة جداً فكرة العلمانية يعني أحكم الدولة بأي دين.. و الفكر العلماني لم يكن في أوربا بل كانت كلها كاثوليكية صرفة وبعض الأجزاء فيها بروتستانت إذا رفض الدين و ترك الدين و الخروج عن الكنيسة فكرة انتشرت في الثورة الفرنسية.
لكن هناك فكرة ثالثة غريبة جداً أن تكون مع فكرة العلمانية وهي اعتناق الثورة الفرنسية للمذهب البروتستانتي فأرادت أن تأخذ الناس جميعا إلى خلاف ما كانوا عليه كنوع من الثورة على المعتقدات القديمة أيا كانت معتقدات ملكية ومعتقدات كنيسة حتى معتقدات كاثوليكية دينية ، طبعا هذا الكلام مؤقت لأن فرنسا عادت للمذهب الكاثوليكي لكن في بداية الثورة كانت تعتنق المذهب البروتستانتي و تبنته وبدأت تدعو إليه هنا و هناك مع أنها دولة علمانية ، نتج عن هذا الأمر أنها بدأت تطلب من القناصل الفرنسية المتواجدة داخل الدولة العثمانية أن يرعَوا حقوق اليهود وبدأوا يطالبون بإقامة وطن قومي لهم في أرض فلسطين طمعاً في نزول المسيح عليه السلام كما تنص على ذلك العقيدة البروتستانتية ، هذا الوضع المعكوس بدأ يحزّب العالم الغربي كله لصالح اليهود وبدأنا نرى دفاعا عن حقوق اليهود في كل مكان و مطالبة للمسلمين بإقامة وطن قومي لهم داخل أرض فلسطين و كما سبق الذكر أن فلسطين كان يعيش فيها 5000 يهودي .
هذه المشاريع كانت في منتهى الخطورة لدرجة أن نابليون بونابرت عندما دخل مصر و اتجه إلى الشام كان في نيته المشروع اليهودي ..
في سنة 1798 ميلادية نظم حملة كبيرة جداً لاحتلال مصر و نجح في احتلالها في نفس العام ودخل بجيوش كبيرة وكان بشخصيته النفعية الإجرامية ليس لديه أدنى مبادئ مع أنه بروتستانتي واعتنق هذا المذهب بعد توليه الحكم في فرنسا إلا انه لم يكن لديه مانع في إعلان إظهار إسلامه ؛ بمعنى أنه بمجرد ما دخل مصر إعتنق الإسلام تظاهراً كي يقنع الشعب المصري بقبوله حاكما ، لكن مع مرور الوقت ظهرت أفكاره للتوسع و لتكوين إمبراطورية وأنه ليس له علاقة بالدين ؛ لا الدين النصراني و لا الدين الإسلامي .
خرج من مصر سنة 1799 ميلادي متجها إلى الشام لاحتلال فلسطين لكنه فشل في احتلالها ، حاصر عكا عدة شهور وفشل في احتلالها أيضا وفقد 2200 قتيل حول أسوار عكا لكنه دخل أرض فلسطين من أماكن مختلفة وبدأ يدعو اليهود من كل أطراف العالم ليأتوا إلى فلسطين ليقيموا حكما لهم على أرضها ، طبعا هذا شيء غريب لأنه كما نعلم علماني و اعتنق المذهب البروتستانتي وبعد ذلك تظاهر بالإسلام ثم عاد للبروتستانتية و ينادي بكل معتقداتها بما فيها قدوم اليهود من كل مكان في العالم إلى أرض فلسطين ؛ طبعا هو يريد أن يدغدغ مشاعر البروتستانت في العالم وكذلك مشاعر اليهود و يحزّب الأحزاب ضد الدولة العثمانية ، كان من الممكن أن يتحقق ذلك لولا أن الدولة العثمانية استنجدت بإنجلترا و روسيا ، طبعا كانت هذه مشكلة كبيرة ؛ الدولة العثمانية كانت في مرحلة من الضعف و الخلل و الجبن وصلت إلى هذا المستوى المؤسف فبدأت تستعين بأعدائها.
إنجلترا طبعا لديها مشاكل مع فرنسا فاستغلت هذا الاستنجاد من الدولة العثمانية و دخلت بجيوشها و كذلك روسيا الأورثوذوكسية التي لديها خلافات كثيرة مع معتقدات نابوليون والثورة الفرنسية ، حينها نابليون انسحب من أرض فلسطين نتيجة وجود الجيوش العثمانية والروسية والإنجليزية . انسحب نابوليون و كان معه 3000 أسير عثماني قتلهم و هو مغادرا وسط البحر .
بمجرد ما انتهت الحرب بدأت إنجلترا تفكر في أطماع لديها في مصر وبدات تجمع الجيوش لتحارب الدولة المصرية التي كانت تابعة للخلافة العثمانية في ذلك الوقت ، الخلافة العثمانية رأت أنه إذا كانت مصر قد نجت من الإحتلال الفرنسي فبعد عدة أيام أو أشهر أو سنوات على الأكثر ستقع في الإحتلال الإنجليزي فأرسلت أحد قاداتها الكبار لنجدة مصر من الإحتلال الإنجليزي ؛بعثت محمد علي باشا ولنقف قليلا لنتعرف على هذه الشخصية على حقيقتها ..
محمد علي ليس عثمانيا بل ألبانيا كان أحد كبار القواد و التجار في الدولة العثمانية وكان يتاجر في السجائر وكان رجلا علمانيا لا دين له ، حاول على قدر المستطاع أن يصل إلى بغيته؛ إلى مصر ليدافع عنها ضد الإنجليز ليستقل بها عن الخلافة العثمانية وهذا ما حصل بالفعل؛ دخل محمد علي مصر سنة 1805 للميلاد وللأسف الشديد كان الشعب مغيباً بل حتى العلماء كانوا مغيبين في هذه الفترة، استقبلوه وظنوا فيه خيراً وقدموه حاكما عليهم و طلبوا من الخليفة العثماني آنذاك أن يجعله والياً مستديماً على مصر ، بالفعل أخذ الولاية على مصر لكن بمجرد توليه قتل العلماء و قتل الزعماء الذين كانوا في هذا الوقت في مصر ، و قتل المماليك وعمل أشياء منكرة، و سيطر على الأمور سيطرة تامة ، وبدأ يتعاون مع فرنسا و إنجلترا لضرب الخلافة العثمانية؛ هذه هي قصة محمد علي على حقيقتها التي لا نعرف عنها شيئا ، الشيء الذي ربما نعرفه عن شخصيته أنه أنشأ منطقة مصر الحديثة وكان أحد دعامات التقدم وأنشأ قناطر ومصانع بمساندة فرنسية وإنجليزية واضحة وضد الخلافة العثمانية ، كان معولاً كبيراً لتفكيك الخلافة التي كانت تحارب فرنسا وإنجلترا فترة طويلة جداً من الزمن .
هنا بدأت تزيد أطماع محمد علي ليضم إليه فلسطين والشام وهذا يعيدنا مرة أخرى لقضيتنا فلسطين ؛ بدأ ينشر قواته يمينا و شمالاً وبدأ بالفعل يدخل أرض الشام و يحتل أرض فلسطين، ضم إليه فلسطين والشام ووصل بجيوشه إلى تركيا وكان يريد أن يغزو تركيا في عقر دارها كان يريد احتلالها و جعلها كلها مملكة تابعة له، وللوقوف عند تاريخ الخديوية ـ من محمد علي باشا إلى الملك فاروق ـ كل هؤلاء ليسوا تابعين للدولة العثمانية بل انشقوا عنها وكانوا عونا للإنجليز والفرنسيين وارتكبوا أعمالاً إجرامية وموبقات وأخطاء كثيرة، و من العدل ألا نُحمّل الخلافة العثمانية أخطاءهم تلك .
وصل الأمر في النهاية إلى معاهدة بين الدولة العثمانية و بين محمد علي على أن يرجع بجيوشه إلى مصر لتبقى مصر ولاية له ولأولاده من بعده وبهذا خرجت مصر من الخلافة العثمانية و أصبحت ولاية تابعة له؛ خرجت خارج معادلة فلسطين و طبعا هذا أراح اليهود بشكل كبير جداً وبدأوا يفكرون جدياً في قضية فلسطين بعد غياب مصر من الساحة الإسلامية وليس هذا ما حصل عليه محمد علي فحسب بل أخذ حكم الشام مدى الحياة وبعد موته تعود مرة أخرى إلى الخلافة العثمانية .
في هذا الوقت كان هنالك أمراً خطيراً جداً يحدث على الساحة ولم يلتفت إليه أعضاء الخلافة ألا وهو تنامي قوة يهود الدونمة بحيث بدأوا يتغلغلون وسط كيان الخلافة وفي المناصب السياسية و المناصب الرئاسية وفي القضاء حتى في بعض المناصب الدينية و كوّنوا قوات في الجيش العثماني ولعل كلنا نسمع عن حزب الإتحاد و الترقي كان يقوم في المقام الأول على أكتاف اليهود الذين تظاهروا بالإسلام ومن هنا سيغيرون كثيراً من سياسات الخلافة العثمانية أملاً في إقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين .
هذه المشاريع كانت تعمل بمنتهى القوة ومنتهى الحمية ، و كان اليهود يعتبرون أن إقامة وطن لهم في فلسطين يحتاج إلى وقت قليل جداً ، لكن حصل شيء غيّر مشاريع اليهود ومشاريع إنجلترا و فرنسا وروسيا، وهي ظهور شخصية إسلامية جديدة على الساحة ظُلمت كثيرا في التاريخ، والكثير منا يعتبرها شخصية دموية منحرفة ظالمة لكنها كانت على غير ذلك تماما .
- يتبع -