اليَومَ أَعتَزِلُ الكِتابَة !!


..




يا أَيُّها المُتَقَلِّبُونَ عَلَى الكآبَةْ
وَ العاكِفُونَ عَلَى مُمارَسَةِ الرَّتابَةْ
يا أُمَّةٌ سَلَّتْ سُيُوفَ الحَربِ مِنْ وَجعِ الرَّبابَةْ
لَقَدِ انسَلَختُ اليَومَ مِنْ زَمِنِي
وَ مِنْ وَطَنِي
وَ مِنْ قَدَرِ انتِمائِي
وَ اكتَفَيتُ اليَومَ مِنْ نَفسِي
وَ مِنْ يَأسِي
وَ مِنْ طَرحِ السُّؤالِ وَ لا إِجابَةْ
**
أَنا مُنذُ عامِ النَّكبَةِ الأُولَى
وَ مُنذُ النَّكسَةِ الأُولَى
أَلُوكُ الشِّعرَ
مِنْ تِسعِينَ جُرحًا
مُنذُ عَهدِ الثَّورَةِ الكُبرَى
مُرُورًا بِاتِّفاقِيَّاتِ " كَلِمَنصُو "
وَ " كامَبْ - دِيفِيدْ "
و " شَرمِ الشَّيخِ " - " خارِطَةِ الطَّرِيقِ "
وَ مُنذُ مُصطَلَحِ التَّوَحُّدِ وَ التَّحَرُّرِ
وَ الشِّعاراتِ التِي صارَتْ دُعابَةْ
أَنا مُنذُ ذاكَ الوَقتِ مَسكُونٌ بِأَوجاعِ الكِتابَةْ
وَ اليَومَ أَعتَزِلُ الكِتابَةْ
**
تِسعُونَ مَرَّتْ
وَ العُرُوبَةُ فِي قَمِيصِ النَّومِ تَحتَرِفُ الجَنابَةْ
وَ تُمارِسُ الأَوهامَ مِنْ عامٍ لِعامٍ
فَوقَ صَدرِ الهَيأَةِ العُليا لِمَحكَمَةِ العَدالَةِ
فِي سَرِيرِ الإِنتِداباتِ القَدِيمَةِ وَ الحَدِيثَةِ
تَمزِجُ الأَفيُونَ بِالدَّمِ وَ الدَّقِيقِ
وَ تَستَجِرُّ الحُلمَ مِنْ عَينِ الرَّقابَةْ
تِسعُونَ ..
بَلْ تِسعُونَ أَلفًا مِنْ عَذاباتِي
أُعاقِرُ لَيلَها
عَلِّي بِها أَنسَى الذِي ما بَينَنا
- يا أُمَّةَ الخِصيانِ -
مِنْ صِلَةِ القَرابَةْ
وَ اليَومَ أَخرُجُ مِنْ ثِيابِي
مِنْ عَباءَةِ والِدِي
مِنْ تَحتِ جِلدِ الصَّبرِ
مِنْ صَمتِ المَلايِينِ التِي عاشَتْ
عَلَى قانُونِ غابَةْ
وَ تَوَحَّدَتْ لا بِالنِّضالِ
وَ إِنَّما بِالكِذبِ فِي فَنَّ الخَطابَةْ
**
اليَومَ أَكفُرُ بِالوِئامِ
وَ بِالخِصامِ
وَ بِالذِينَ استَخدَمُونا فِي الكَلامِ
عَنِ السَّلامِ
وَ فَرَّقُوا لَحمَ الشُّعُوبِ عَنِ العِظامِ
وَ أَستَرِيحُ مِنَ العِصابَةْ
وَ أُضَمِّدُ الجُرحَ القَدِيمَ
لَعَلَّها تُشفَى الإِصابَةْ
**
جَرَّبتُ مِنْ تِسعِينَ أَنْ أَتَزَوَّجَ الهَمَّ الثَّقِيلَ
وَ أَكتَفِي بِالقادَةِ النُّجَباءِ عَنِّي
فِي الحُرُوبِ
وَ فِي مُحاسَبَةِ الجُيُوبِ
وَ فِي الصُّمُودِ عَلَى الحُدُودِ
وَ فِي طُلُوعِ الفَجرِ مِنْ غَسَقِ الدُّمُوعِ
وَ فِي زُجاجاتٍ تُراقِصُها أَناغِيمُ الشُّمُوعِ
وَ فِي الذِّهابِ وَ فِي الرُّجُوعِ
وَ فِي الثَّباتِ وَ فِي الخُضُوعِ
وَ فِي مُداعَبَةِ الأَصابِعِ لِلضُّلُوعِ
وَ فِي العِبادَةِ وَ السَّعادَةِ وَ الشَّهادَةِ وَ البَلادَةِ
وَ اختِيارِ النَّائِبِينَ عَنِ الجَماهِيرِ العَرِيضَةِ وَ المَرِيضَةِ
وَ اكتَفَيتُ اليَومَ مِنْ تِلكَ النِّيابَةْ
وَ مِنَ الجُيُوشِ
وَ ما ادَّعَتهُ مِنَ الصَّلابَةْ
وَ مِنِ اقتِرافِ الحَرِّ فِي ظِلِّ السَّحابَةْ
وَ مِنَ المَسِيرِ المُستَمِرِّ مِنَ الغَيابَةِ لِلغَيابَةْ
وَ مِنَ الهَوانِ
وَ لا غَرابَةْ
**
يا أُمَّةٌ ثارَتْ جَحافِلُها
وَ ما قَتَلَتْ ذُبابَةْ