بعض الجوانب المُعيبة على هامش نتائج (سُفن الحرية)

لا شك، أن مفعول رحلة سُفن الحرية التي انطلقت من تركيا فاق كل الجهود التي سبقتها، فقد امتلأ الفضاء الإعلامي العالمي بأصداء ردود الفعل التي صدرت من كل أنحاء العالم. فارتفعت الأصوات بالمطالبة برفع الحصار عن شعب غزة الصامد، حتى من داخل الولايات المتحدة الأمريكية، التي تشكل غرفة عناية حثيثة لهذا الكيان المسخ الذي يتجبر بفعل الإمداد المادي والمعنوي الأمريكي. فأصوات المطالبين أمام البيت الأبيض الأمريكي ومن قبل ناشطين أمريكيين بالتوقف عن إمداد الكيان الصهيوني بعوامل جبروته، ما كانت لتخرج بهذا الشكل لولا فعل قافلة سُفن الحرية.


وبالرغم من ابتهاج المراقب العربي بتلك النتائج والتي جاءت من أكثر من دولة (أيرلندا، اليونان، بريطانيا) بالإضافة للأمم المتحدة ودول أخرى، فإن هناك جانب مُظلم يدعو للشعور بالخزي من جهتنا نحن العرب، فالناشطون الأجانب وغير العرب وجدوا من حكوماتهم نشاطاً جاداً في متابعة أوضاعهم واسترداد حقوقهم الإنسانية.

هل الإنسان عندنا أرخص من الإنسان في العالم؟

نحن نعرف أن وحدات النقد (العملة) تختلف قيمتها من دولة الى أخرى، فقد يساوي أكثر من ألف دينار من عملة معينة دولاراً واحداً، ولهذه المعادلة مؤثرات وأسباب مختلفة ومعقدة، لسنا في صدد الحديث عنها. لكن أن يساوي مواطن غربي ألف مواطن عربي، في موضوع التبادل، كما يحدث في مفاوضات التبادل مع الكيان الصهيوني في لبنان أو في قضية (جلعاد شاليط) فهي مسألة تحتاج الى وقفة.

إن تسعة مواطنين أتراك ضحوا بدمائهم من أجل غزة، قد ترفع الحصار عن غزة، أو تخفف آثاره، وأن دم ناشطة أمريكية (راشيل كوري) جعل من العالم لا ينسى تلك الناشطة التي سحقتها آلة الصهاينة قبل أكثر من سبع سنوات، فأطلقت أيرلندا اسمها على سفينتها المتوجهة الى غزة.

قد يقطع رئيس دولة غربية جولته أو برامجه من أجل رهينة من مواطنيه، ليهدد ويتوعد الخاطفين ودولتهم ومن (يشد على أذرعهم)، وتبقى هذه الرهينة تتصدر أخبارها نشرات الأخبار حتى يُفرج عنها. في حين معتقلي بلداننا الذين يتم اعتقالهم في دولٍ غربية يتمنون بكل حرقة أن لا يُرحلوا الى بلدانهم، لأن غضب معتقليهم أرحم مليون مرة من (تأديب) دولهم لهم!

كيف يقبل حاكم على نفسه أن يحكم شعباً، يضع له سعراً رخيصاً بهذا الشكل؟ فإن كان الحكم يشبه في بلادنا بالأبوة فإن الأب يفاخر بأن يكون أبنائه على قدرٍ من الرفعة، فحين يقدمهم للآخرين، يدرج إنجازاتهم وشهاداتهم ليتباهى بهم أمام الآخرين، أما أن لا يأسف على فقدانهم أو مقتلهم فهذه مسألة تحتاج الى أكثر من وقفة.

الشرعية الدولية متخصصة في التطبيق في بلداننا

(إذا أرادت الأمم المتحدة أن يُطبق لها قرار فإنها تصدره بحق بلداننا وشعوبها) وهنا تضمن تطبيقه بالتمام والكمال، فعندما حوصر السودان والعراق وليبيا كان من يخترق ذلك الحصار هم من غير العرب، فقد زار شافيز العراق الذي حوصر ثلاثة عشر عاما على أسباب باطلة، وحطت طائرات في مطار بني غازي من كل الجنسيات عدا العربية، وتم شراء البضائع السودانية بأسعار بخسة من قبل الأجانب، في حين لم يستطع عربي أن يستورد بضاعة منه بأي شكل!

في ردود الفعل حول قضية أسطول الحرية، وكعادة النظام العربي الرسمي لم يستعجل في عقد اجتماعه على الفور، بل صبر حتى يهيئ كل مندوب حقيبة سفره وعطوره، ليتفتق عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب، قرار بالذهاب للأمم المتحدة لتقديم شكوى!


إنها بعض الجوانب المخزية التي جاءت على هامش تجلي العمل البطولي لسُفن الحرية.