الاسير القسامي / نصر سامي يتايمه
بطل في أقبية التحقيق
قائد ميداني
مدى الحياة مرتين وعشر سنوات
المولد والنشأة
ولد الأسير القسامي نصر يتايمة في محافظة طولكرم بتاريخ 1/7/1977م.. وهو ينحدر من عائلة متواضعة ذات دخل محدود.. ويبلغ عدد أفراد أسرته 14 منهم 7 ذكور و 5 إناث.. تسكن العائلة في منزلها الجديد في الحي الشرقي لمدينة طولكرم الذي انتقلت اليه قبل اعتقال نصر بشهر..
تربى نصر في أحضان المساجد التى تعلق قلبه فيها منذ نعومة أظفاره.. فكانت بمثابة المدرسة الأولى التي تلقى فيها علوم القرآن والفقه الى جانب دراسته.. كما كان ناشطا في مجال العمل الدعوي.. فلم تخل ساحة من هذا المجال إلا وتجد لنصر حضروا فيها.. ولم يكن يبخل على إخوانه بصوته الجميل.. أحبه كل من عرفه وأخلص لمحبيه..
نشاطه في انتفاضة الأقصى
ومع اللحظات الأولى لانتفاضة الأقصى وفي هبة الجماهير المنتفضة التي خرجت من كل حدب وصوب إيذانا ببدء مرحلة جديدة من الصراع مع المحتل الغاصب.. كان للفارس نصر يتايمة حضورا بارزا بعدما امتزج حب الوطن في قلبه مع رغبة الثأر والانتقام.. فعمل الى جانب رفقاء دربه من جند القسام وقادته أبطال الثأر المقدس القائد القسامي عباس السيد ومعمر شحرور ونهاد كشك ومهند شريم وغيرهم.
لكن كانت بداية الانطلاق في انطلاقة يوم جديد من ايام العزة والكرامة التي سطرها شعب رفض أن يدنس مسجده وأقصاه.. فأخذ يعد التحضير لمسيرة هزت محافظة طولكرم بحجمها وضخامتها حيث خرجت تلبي نداء القدس بعدما داس الشارون هذا أرضها الطهور.. ولكن لم يكن لنصر الذي عمل بصحبة الشهيد القسامي الفارس عامر الحضيري لينتظر الشهادة حتى تأتيه وما كان له ليختبأ خلف خطوط المواجهة عندما كان المسيرات تصل الى حيث يقيم الاحتلال حواجز الموت.. وإنما كان يثور ثوران البركان وينتفض انتفاضة الأسود عندما تزمجر غضبا وهي تطارد خصمها.. فقد كان يتقدم صفوف المواجهة وإن كانت في بدايتها بالحجارة والزجاجات الحارقة.. حتى تطورت الى استخدام السلاح.
بداية المعركة الحقيقية
لقد كان نصر بصنيعه يمزج بين الكلمات والأفعال.. كلماته التي كانت تخرج مع أعماقه تحمل في ثناياها تباشير النصر وأفعاله التي اختط بها طريقا نحو التضحية والفداء.. ففي أول اجتياح لمدينة طولكرم بالدبابات الصهيونية المسماة بمركافا وغيرها خرج أسود القسام من عرينهم يحملون أسلحة رشاشة خفيفة لم تكن تظهر في الاستعراضات وإنما خبئت ليوم المواجهات..
وكان في مقدمتهم ملثما ظهر في كل شاشات التلفاز.. يرتجل كالفرسان.. يحمل السلاح فوق كتفيه.. ويرمي المحتل برصاصات تنم عن جسارة وبسالة.. هذا الفارس بدا وكأنه من عالم آخر وهو يقف متحديا لدبابات اعتبرت الأقوى في عالم التحصين العسكري.. لقد خاله أهل طولكرم بعشرة رجال.. يطلقون جميعهم رصاصات واحدة.. ولكن هذا الملثم لم يكن إلا الأسير القسامي نصر..
لقد كانت بداية المعركة مع ساعات الفجر الأولى والناس نيام.. ولكن هيهات لعين القسام أن تنام.. فبعد ساعات وأيام من الانتظار أصاب الملل كافة المقاومين من مختلف الفصائل حيث خلدوا الى الراحة قليلا.. في تلك اللحظات باغتهم المحتل باجتياحه لطولكرم من الجهة الغربية.. فوجد مقاومة شرسة من أسود القسام نصر وصحبه معمر ومهند وغيرهم.. فلم تستمر الدبابات المحصنة في زحفها.. فقد أرعبتهم مفاجأة ظهور رهبان الليل.. فأجبروا على الانسحاب والاندحار من حيث أتوا..
وعندها أدرك المحتل أن معركة اقتحام المدينة لن تكون نزهة أو سهلة.. فبدأ يجند العملاء لملاحقة أبناء حماس ومن يتوقع أنهم ينتظمون في صفوف القسام.. فتعرض نصر للملاحقة والمتابعة على الرغم من عمله في الجانب الميداني والسياسي..
من الحجر إلى العمل العسكري
لم يكن نصر ليقبل أن تبقى مقاومته للمحتل بالحجر فحسب.. بل وجد أن المحتل لا يدميه إلا ما هو أشد إيلاما وقوة.. فلا بد وأن يكون الرد على جرائهم بنفس الشدة الرادعة.. فلم يتردد كثيرا وبدأ رحلة البحث عن كتائب القسام..
فهيهات لنصر أن يقف متفرجا على نكبات الشعب الفلسطيني.. فكيف لمن تربى على حب الشهادة أن يهدأ أو أن تلين له قناة.. فبدأ هو وعامر ومعمر بالبحث عن مصدر لشراء السلاح والرصاص.. ومكان آمن للتدريب.. الى أن جاءت اللحظة التي تمناها بالانضمام إلى كتائب القسام.
انتفاضة الأقصى وبداية الرحلة في ركب القسام
ففي بداية عام 2001م انضم الأسير القسامي نصر يتايمه إلى كتائب القسام على يد القائد القسامي الشهيد "نشأت ثلثين" الذي تم اغتياله في شهر 9 عام 2002م بعد مطاردة دامت سنوات على أرض كفراللبد شرق طولكرم مسقط رأسه.. وكان دور نصر تسهيل حركة نشأت وتأمين له المأوى ونقل الرسائل منه الى القائد القسامي ومهندس التصنيع الشهيد" مهند الطاهر" في نابلس عاصمة الاستشهاديين.. كما تدرب على يد نشأت على استخدام السلاح والمواجهة الميدانية وكيفية اقتناص الجنود على الطرقات وفي الحواجز.. وهكذا بقي نصر جنديا مجهولا الى أن تم اعتقال خلية عسكرية حديثة في وقت سابق في عام 2001م عملت بشكل خفي في إحدى قرى طولكرم..
من خلية الى خلية
وبعد انتقال نشأت للعمل في منطقة نابلس.. بدأت رحلته الثانية مع كتائب العز والفخار كتائب عز الدين القسام في عام 2001م مع الأسير القسامي "معمر شحرور" الذي تولى المسؤولية عنه بعد نشأت..
خماسية القسام.. وقسم بالانتقام
كان انضمام نصر للخلية الجديدة متزامنا مع اغتيال مهندس مادة القسام 19 الشهيد القائد" فواز بدران" الذي تم اغتياله في شهر 7 من عام 2001م.. ليقسم المهندس "عباس السيد" أحد قادة كتائب القسام على الثأر بخماسية تردع الصهاينة وتثخن فيهم الجراح.. فبدأ الترتيب لخمس عمليات استشهادية في قلب كيان الغاصب في المناطق المحتلة عام 48م وفي مقدمتهم الاستشهادي "عبد الباسط عودة "و"نضال القلق".. ولكن اعتقال "نهاد أبو كشك" واغتيال "عامر الحضيري" حال دون تنفيذ العمليات..
اعتقال نهاد واغتيال عامر وعبد الباسط قنبلة موقوته
لقد احترق قلب نصر واعتصر ألما لفراق صديق طفولته الشهيد الفارس "عامر الحضيري" الذي احترق جسده بعد اغتياله بواسطة صواريخ حارقة أطلقت من طائرات أباتشي قتالية على سيارة كان يقودها داخل مدينة طولكرم.. فشداه نصر في أنشودة قدمها في حفل تأبين أقيم لعامر وعيونه تقطر دمعا مائلا الى لون الدم.. وأنفاسه الحرى المكتوية بنار الفراق ضاقت بصدره ذرعا لدرجة احتبس فيها صوته وسط بكاء الجمهور الذي لم يتمالك نفسه حينما رأى الغصة في حلق نصر.. فكان هذا أول إنذار للصهاينة بثأر مقدس ينتظرهم..
لقد بدأت خلية الثأر المقدس التي قادها المهندس "عباس السيد" بالعمل الحثيث تحت ظروف القهر والمطاردة والملاحقة من قبل الاحتلال وعملائه من أجل الرد على جرائمه ومجازره بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.. وذلك بعد اعتقال القسامي "نهاد أبو كشك" واستشهاد الفارس القسامي "عامر الحضيري" في 5/8/2001م.. فاعتبر في حينها الاستشهادي عبد الباسط عودة الذي وجدت وصيته في سيارة نهاد قنبلة موقوته.. يمكن أن تنفجر في أية لحظة.. وهنا كانت الخلية في سباق مع الزمن.. تنتظر اللحظة المناسبة للثأر والانتقام..
نصر وعملية بارك
فبعد الإيعاز لنهاد ومعمر بتجهيز الاستشهاديين لدك حصون الاحتلال.. وبعد اعتقال نهاد.. وتكليف معمر بتجهيز عبد الباسط من جديد.. استعادا لتنفيذ عملية اعتبرت الأعنف في تاريخ الصهاينة ووصفت بالمذبحة وبالمجزرة..
وفي شهر 9 من عام 2001م وبتنسيق من القيادي عباس كان معمر على تواصل مع القائد القسامي الشهيد "علي الحضيري" الذي اختفى عن الأنظار في مدينة نابلس بعد ملاحقته من قبل مخابرات الاحتلال بعد اغتيال شقيقه القسامي عامر.. واقتصر التواصل مع معمر عبر الكباسيل والرسائل المشفرة..
وبعد فترة في بداية عام 2002م طلب القيادي "عباس" من "معمر" التواصل مع القسامي "علي الحضيري" من أجل تجهيز حزامين ناسفين للاستشهاديين "عبد الباسط عودة" و"نضال القلق".. وفعلا كانت استجابة علي سريعة وجرى تجهيز حزام نقل الى نقطة ميته في طولكرم.. ثم أبلغ معمر عبر رسالة مشفرة بعد أسبوع من طلب الحزامين بمكان وجود الحزام الأول.. وبدوره توجه معمر مصطحبا معه القسامي نصر يتايمه الذي قام بحراسته ومراقبة المكان لحين أخذ الحازم الى مكان مهجور وآمن.. ثم بعد عدة أيام وصلت رسالة ثانية إلى معمر من علي تتحدث عن وصول حزام آخر.. فتوجه معمر ونصر إلى مكان الحزام الثاني ونقلاه الى حيث يوجد الحزام الأول في المكان المهجور في الحي الشرقي للمدينة.
وفي منتصف شهر 3 من عام 2002م تم استدعاء "عبد الباسط" إلى الشقة المهجورة وقام المهندس "عباس السيد" بفحص الحزامين للتأكد من عملهما فتبين وجود مشكلة في كهرباء أحد الأحزمة عن طريق المهندس "أحمد الجيوسي".. مما دفع عباس الى استبداله بآخر تم إحضاره بنفس الطريقة من نابلس.. كما قامت الخلية بتصوير الاستشهادي عبد الباسط فيديو وصورا فوتوغرافية وهو يتلوا وصيته..
وفي 27/3/2002م رقصت أرض نتانيا المحتلة عام 48م على دقات صوت التفجير الذي سوى مطعم بارك دمارا حيث كان يتواجد قطعان المستوطنين الراقصين على جراحات الشعب الفلسطيني في يوم عيد الفصح عندهم.. لقد كانت عملية استشهادية اعتبرت الأضخم في تاريخ الاحتلال نفذها الاستشهادي القسامي "عبد الباسط عودة" ابن محافظة طولكرم.. قتل خلالها 32 صهيونياً وجرح مالا يقل عن 180 معظمهم في حالة خطرة..
وفي نفس اليوم كان معمر قد طلب من نصر تحميض الفيلم الفوتوغرافي للاستشهادي "عبد الباسط" دون أن يراه صاحب المحل.. وبعد العملية تم نشر الصور في الصحف وقنوات التلفزيون المختلفة ووضعت صورة منها في بوستر الاستشهادي..
من المطاردة الى الاعتقال
طارد جيش الاحتلال الصهيوني خلية أبطال الثأر المقدس ومن ضمنهم الأسير نصر يتايمه الذي داهم جنود الاحتلال منزل والده أكثر من مرة وجرى تفيش المنزل واحتجاز أسرته للضغط على نصر من أجل تسليم نفسه.. وكان ذلك مرافقا لاجتياح كافة محافظات الوطن بعد تلك العملية التي هزت أركانهم ومرغت أنفهم بالتراب..
واستمرت الملاحقة لهذا الأسد الذي أتقت فن المراوغة والتخفي والتنقل بين المحافظات الى أن كان على موعد مع الاعتقال في 10/4/2002م بعد المواجهة العنيفة التي شهدتها أزقة البلدة القديمة في مدينة نابلس عندما تصدى نصر وعدد من المقاومين لتقدم جيش الاحتلال في البلدة بما يملكون من أسلحة رشاشة خفيفة.. وبعد نفاذ ذخيرته تمكن جنود الوحدات الخاصة من محاصرته واعتقاله ومن ثم اقتياده الى مركز تحقيق الجلمة.. حيث وجهة إليه التهم بالمشاركة في العملية الاستشهادية التي أتت على فندق بارك فجعلته دامارا وأوقعت كل من فيه ما بين قتيل وجريح..
الحكم مدى الحياة مرتين وعشر سنوات إضافية وسحب للهوية
لم يرق للصهاينة وقفة العز والشموخ التي عبرت عن معادن الرجال حينما يواجهون الموت بجسارة غير آبهين بالهالة التي تقام حول سلاح الاحتلال الذي يوصف بأنه لا يقهر.. فجاء الانتقام عاجلا بالحكم على الأسير القسامي "نصر" بالسجن الفعلي مدى الحياة 29 مرة (29 مؤبد) و20 سنة في محاكمهم العسكرية إضافية الثلاثة الذين كانوا معه في المحكمة "معمر شحرور" و"مهند شريم" و"فتحي الخصيب" الذين وقفوا كالجبال الشم وهم يتلقون حكما غير واقعيا لا ينم إلا عن حقد دفين..
http://www.alqassam.ps/arabic/asra3.php?id=233
--