شخصيات ادبيه عالميه
------------------------
ادباء عالميون
---------
الكاتب الساخر
جورج برناردشو
---------------------
ولد برنارد شو فى دبلن بتاريخ 26/7/1856 ... فى بيئة متواضعة . وان كانت اسرته من سلالة فرسان العصور الوسطى , وكان هذا الاصل فى بؤرة تفكير اهله رغم الظروف التى كانوا يعيشونها وقد تقلب والد شو فى عديد من المهن والوظائف . زلكن ينتهى به دائما الى الفشل .. اما والدته فقد عاشت فى كنف عجوز من الاثرياء , وقد اتاح لها ذلك ان تتربى تربية النبلاء , وان تعيش على امل الثراء في المستقبل بعد ان يؤول اليها الميراث , ولكنها تمردت على هذه الحياة وهى فى سن العشرين , واستجابت لنداء " جورج كارشو " وتزوجته , وكانت تأمل من وراء هذا الزواج ان تسعد بالاستقرار , ولكنها لم تلبث ان اكتشفت فى زوجها ووالد ابنها برنارد , رجلا يدمن الشراب ...
وفى هذا الجو كانت نشأة برنارد شو .. فقد انجبت امه من قبل ابنتين , وكان هو الثالث وفى هذا يقول برنارد :- ان ميلاد عبقري يحتاج الى هذه التجربة التى سبقته بولادة ابنتين . وهذا العبقرى الذى يتحدث عن نفسه بهذه اللهجة المتعالية , كان تلميذا فاشلا .. ولم يقدر له ان يتم دراسته . وترك المدرسة وعمل موظفا براتب 18 جنيها سنويا فى مكتب سمسار عقارات , ثم ترقى واصبح صرافا بالمكتب الا ان نفسه ضاقت بهذا الحظ الضئيل , فترك العمل , ورافق امه الى لندن حيث احبت الموسيقى " فنداليريلى " .
وكانت البداية صعبة فهو لم يكسب طوال تسعة اعوام من الادب ما بين (1876- 1885 ) سوى ستة جنيهات نظير كتابة اعلانات . ولكن هذا الفشل لم يفت فى عضد برنارد شو الذى كان يقرأمن الصباح حتى المساء بنهم بالغ .. فقد كان بعناده الايرلندى على يقين من ان المستقبل له , وان هذا الظلام لا بد ان ينفرج عن نور ساطع . وكان يبحث عن الفرصة ما وجد الى ذلك سبيلا حتى وجدها عند انضمامه الى الجمعية الفابية ليصبح عضوا فيها , وقد لفتت اسئلته الذكية انظار كبار الادباء والمفكرين اليه , وكان ان عين فى نهاية الامر على وظيفة ناقد موسيقى ثم ناقد مسرحى , وعندما جاءته هذه الفرصة اعطاها كل بضاعته , فقد كانت لديه ذخيرة ضخمة نتيجة قراءاته المتعددة من ناحية ونتيجة دراسته الموسيقية من ناحية اخرى .. وكان مالفت اليه الانظار هو اسلوبة الفكه اللاذع وهو يقول فى ذلك :-
"لكى يسمع ما اقول , اضطررت الى ان اتكلم على نحو يجعل الناس يتصورون اننى مجنون ... مجنون يسمح له الناس بالحقوق والحريات التى يتمتع بها مضحك البلاط .." والى جانب ذلك الدور الذى قام به فى مجال النقد فانه اعطى للحياة الادبية ثمرات يانعة بمواصلته التأليف المسرحى , متأثرا الى حد كبير بالاديب " ابسن "..
وكانت اول مسرحية مثلت فى عام 1892 وهى بيوت العزاب .. وخلال عامين استطاع ان يثبت قدميه ككاتب مسرحى بعد ان قدم مسرحيته " السلاح والرجل " فى عام 1894
لقد التزم شو في حياته طريقا هو اقرب الى التزهد والتقشف , فقد عاش عزبا لا يقرب النساء ونباتيا لم يأكل اللحم ولم يشرب الخمر ولم يعرف التدخين ختى القهوة والشاى حرمها على نفسه , لانه كان يعتقد ان كل استثارة للذهن جريمة اعتداء على الذات الانسانية .. حتى ان زواجة كان انتصارا لمبادئة التى عاش لها فقد احبته فتاة ايرلندية ثرية ضاقت بالفراغ وتفاهة الحياة , وشغلت نفسها بالدعوة الاشتراكية والتقت بشو على هذا الطريق وخوفا على سمعتها من الاقاويل تزوجها في سنة 1898 , وظلت تشاركه حياته حتى توفيت عام 1943 , فواصل وحيدا رحلة الحياة حتى توفى سنة 1950 .
بلزاك .. على درب الطموح
------------------
النبوغ كالحب , مامن احد يتقبله فى ارضنا الغنية , بصدر رحب , فلابد له من العنف ليفرض نفسه ومن بواعث الاسى فقر المجتمع فقرا روحيا مدقعا , يجعله عاجزا عن ادراك الساعات الاولى من صباح قدر جليل او مصير عظيم .. فالاباء والمعاصرون يعيشون جميعا بلا تأثر او مبالاة بمجد بازغ مولود فلا يناله من دهره الا حسرة الافئدة بعد فوات الاوان , عندما تتأمل جمال العبقرية المفقوده ...
قرأت هذه الكلمات فى مقدمة كتاب عن امير الرواية الفرنسية " بلزاك" وهو من اروع الروائيين فى فرنسا وشعرت انها تحوى الكثير من المعانى التى لا بد لجيل الشباب فينا ان يغذيها فى نفسه وينميها , لما تعنيه من مدلولات ذات اهمية كبيرة فى المثابرة والاجتهاد لتحقيق الطموح ..
وها هو بلزاك فى يونيه 1813 فى الرابعة عشرة من عمره على شاطئ " اللوار " بمدينة " تور " يتنزه مع اخته بصحبة امهما صاح فج"أة : لور .. اتعرفين ان اخاك سيصير رجلا عظيما .. فتضج الصغيرة بالضحك وترد عليه امه الحصيفة : " مالك ولكلمات تجهل معناها " .
وبعد عام ينتقل والده للعمل بادارة المهمات الحربية فى باريس , ويشعر اونويه بلزاك بالفخر لأنه اصبح ساكنى تلك المدينة الساحرة ... وكان قلبه يشتعل شوقا لرؤية : نوتردام , واللوفر , والتويلرى , واين يسكن الامبراطور , واين فصلوا رأس الملك عن المقصلة .. فلقد بدأ عهدا جديدا كله حماسة وحيوية وكله انجذاب وافتتان ...
كان اونوريه ملكيا , ولكنه كان يرى رأى ابيه القائل بان لكل انسان الحق فى ان يطمح الى المجد , بتكريس نفسه فى خدمة بلاده , وقضى اربعة اعوام فى الدراسة منها سنتان بمدرسة الحقوق كان يذرع فيها باريس الشاسعة من اقصاها الى اقصاها , وتابع بشغف دروس السوربون هذا هو تاريخه حتى سن العشرين . كان يتملكه ويسيطر عليه قلق ملح , ورغبة جانحة : " حذار .. حذار ان تضيع الوقت .." وعندما كانوا يزعمون انه يتنزه او يتجول كان يؤدى ما ينبغى له : ينظر حياته .. ولما
كان يتجول فى باريس , مدفوعا بما يراه كان يبحث فى باريس , مدفوعا بما يراه كان يبحث عن الامس , عن الماضى الغابر ويعجب به , ويمجده ويحييه , لأنه هو الذى سيلهمه المجد فى المستقبل . وقد بدت له الدنيا شريرة فى حين الكتب هى الخيرة الكريمة . ولم بعد فى غرفته موضع لقدم بسبب ولعه الشديد بقراءة الكتب , وكل ما يقرأ يثيره : التاريخ والاداب والعلوم .. وكان مفتونا بمحاضرات السوربون , وكان يصغى للمحاضرين الى حد انه يتخيل نفسه مكان المحاضر ويشعر بأنه هو الذى يلقى المحاضرة , وبينما يصفق كالاخرين للاستاذ يحلم ويبتسم , وكأنه هو الذى القى المحاضرة وبجانب هذا فقد كان كثير التردد على التياترو الفرنسى , وهو المسرح الوحيد الذى يعرض ايات فى التمثيل وليس وراءه وقت يضيعه فى سواه والحق انه مامن شئ يؤثر فيه مثل التياترو وكانت تغريه فكرة التأليف المرحى : شكسبير وموليير وسوفر ليكس .. الامجاد العظمى , وهو يضيف الى هذه الاسماء اسم اونوريه بلزاك .. ولكن والده فى الوقت نفسه كان يعد له مركزا من طراز اخر مركزا حرا يكسب منه اونوريه كسبا مكفولا , ولكن اونوريه قال لوالده : " اتريدنى مسجلا للعقود ... شئ لا أفهمه .. اعرف انه فى الامكان ان يكون المرء قائدا عظيما , او شاعرا عظيما او سياسيا عظيما .. وانى لراغب فى مثل هذه المهن ... ولكنى لا ارى مسجلين للعقود عظماء .. ابدا ".
كان بلزاك يريد ان يكون نابليون الادب ذلك لأنه نشأ فى اوائل القرن الماضى حيث كان نابليون فى ذلك الحين بطل الابطال , وكذلك كان بلزاك يريد ان يكون اديب الادباء فى اوربا والعالم .. لقد كان موهبة رائعة وكان غزير الانتاج غزير العاطفة , وقد استطاع بالجهد والطموح ان يحقق مجدا جعله واحدا من اكبر عشرة عباقرة انجبتهم دنيا الادب العالمى , كما قال عنه البريطانى سومرست موم وهو لم يكن روائيا فحسب بل كان انسانا مليئا بالعواطف والاندفاعات , وكانت حياته قصة مثيرة من المغامرات ومن النجاح الضخم والفشل الضخم , ولكنه بالطموح حقق المجد والنجاح التاريخى .