المبحث السابع
----------------------------------------------
الهواجس الصهيونيه :-
- سجل شارون في كتابة عام1999 أي بعد مضى ستة اعوام على توقيع اتفاقية اوسلو ، بانه يرى ان الفلسطينيين جميعاً ارهابيون لا يستثنى منهم احداً لقد كان شارون بمثابة القاسم المشترك الاعظم فى كافة المذابح التى ارتكبتها اسرائيل ضد الفلسطينين عبر تاريخهم منها مذبحة مخيم البريج فى غزة فى اغسطس 1953 ،وهو اول من يعلم ان تلك المذابح لم تكفل امنا للا سرائيلين . فهل يعتقد شارون حقاً ان نتيجة المذابح الجارية هذه الايام ستكون مختلفة عما سبقها؟ لقد كان شارون المعلن لمذابحه الاخيرة هو القضاء على البنية التحتية الاساسية لما يسميه الارهاب!! فماذا فعل شارون ؟ لقد بدأ بحصار عرفات صاحب اوسلو والحائز على جائزة نوبل.وهدم بيديه كل مستوطنات الصهاينه في قطاع غزه ايضا .
- ان مراجعة تاريخية وفكريه لهذا الفهم الشاروني ، يدعونا للتذكير بان اسرائيل قامت منذ البداية كمجتمع استيطانى عسكرى يضم ابناء قوميات عديدة يتباينون فى اصولهم الحضارية ، ولم يكن ثمة ما يمكن ان يوحدهم تمهيداً لصهرهم سوى زرع الاحساس بالخطر فى اعماقهم بحيث يستشعرون دوما بأن العالم المحيط بهم _ اى العالم العربي _يهددهم بالفناء مع تاكيد مواز للقدرة العسكرية الاسرائيلية على التصدى لذلك التهديد . ونشر في صحيفة دافار 5/8/1992مقالا له بعنوان ((تأملات مع أنتهاء المؤتمر الصهيوني))جاء فيه:
"هناك من يقولون أن الحركة الصهيونية قد أستنفذت أغراضها بتحقيق هدفها الأساسى ألا و هو إقامة دولة اليهود في فلسطين .و لو نظرنا لأحداث المؤتمر الصهيونى الثاني والثلاثون الذى انعقد في القدس مؤخراً ,فقد يحق لنا القول أنه قد حان الوقت لإطفاء الأنوار فى الحركة الصهيونية ,وأن يذهب كل إلى حال سبيله . لقد كان افتتاح المؤتمر الصهيونى فيما سبق بمثابة حدث حقيقى فى حياة الشعب اليهودى ، تخصص له الصحف صحفاتها الأولى ...فى حين انزوت أخبار المؤتمر الحالى و أصبحت على الهامش.
- ولقد روجت الصهيونية طويلاً و ما زالت لفكرة أن اليهود كياناً واحد متجانس ممتد فى الزمان والمكان، بمعنى أن اليهود وفقاً لهذا المفهوم _ يمثلون كياناً حضارياً ممتد زمنياً دون أن يتأثر جوهره بما طرأ أو يطرأ على العالم المحيط به من تغيرات ،و ان كل ما يبدو من أختلاف بين يهود اليوم ، ويهود الأزمان الغابرة ، إنما هو قشور لا تتجاوز السطح إلى الجوهر . كذلك فأن ثمة ما يربط دائماً بين اليهود جميعاً فى شتى أنحاء الأرض ، مهما تباينت الظروف المحيطة بهم قد تتمثل تلك الرابطة لدى البعض فى الديانة اليهودية ،وقد يراها غيرهم متمثلة فيما يلقاه اليهود من عنت و اضطهاد وقد يراها أخرون متمثلة فى غير هذا وذاك ،إلا أن الصهاينة جميعاً يتفقون على أن ثمة رابطة أقوى وأعلى من تباين الظروف المادية تربط بين اليهود جميعاً .
وكان دائما التهديد السكاني هو الهاجس الصهيوني الدائم ، خاصة وان الفلسطينيين بلغ عددهم فى اسرائيل ، نهاية عام 2002،نحو 1,25 مليون نسمة ، وهم بهذا التعداد يشكلون نسبة 19% من مجمل السكان فى إسرائيل ، وهي نفس النسبه منذ قيام إسرائيل ، وكان هذا التوازن النسبي يعود دائما الى الهجره اليهوديه القادمه واخرها كان الطوفان اليهودي السوفييتي ، فاذا ما توقفت الهجره سينقلب التوازن القائم لمصلحة الفلسطينيين ، وذلك لان نسبة الزيادة الطبيعية لدى اليهود التي بلغت خلال عام2003 حوالى 1,3% ، اقل من مثيلتها بين الطوائف العربيه والتي بلغت لدى الدروز 2,1%وعند المسلمين الى 3% .
ولذا فان السلطة الاسرائيلية تواجه هذا الخطر بامرين وهما :-
1- اضعاف الانتماء العربى والاقليمي للفلسطينيين وتمثل في الشواهد التاليه :-
* اثر زيارة عبد الوهاب دراوشه أحد الاعضاء العرب البارزين فى الكنيست الاسرائيلى لسوريا عام 1993 كانت افتتاحية الجيروزاليم بوست تحمل كعنوان رئيسى "خيانة دراوشة" مشيرة إلى إنه قد صرح خلال زيارته بأنه يتحدث بأسم العرب "..فى المناطق المحتلة... والفلسطينيون فى الجليل والنقب والمثلث .
* وفى مؤتمر بعنوان "الفلسطينيون يطرقون ابواب العالم العربي " عقد فى القاهرة، ورد فى الكلمة الافتتاحية للسيد عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية (( أرى انه من الخطأ مقاطعة جزء من الشعب الفلسطينى ..رغم إحكام الحصار الذى ساهمنا فيه دون ان ندرى ونراهم يواجهون ذلك بروح قومية عربية )) . وقد اعترض أحد الحضور من الشعب الفلسطينى ..على استخدام تعبير عرب اسرائيل فى الاشارة اليهم فقال مقاطعاً كلمة عمرو موسى التى القاها نيابة عنه السيد سعيد كمال الامين العام المساعد للجامعة العربية وقال ((نحن عرب فلسطين ..وهذه كلمة الامين العام لجامعة الدول العربية تقول اننا عرب اسرائيل للمرة العاشرة ))فما كان من سعيد كمال الذى تلا الكلمة إلا ان قال ((..حسناً .. فلسطينيو الداخل)).
* وقال "امير مخول" الامين العام لمؤسسة <اتجاه> التي هي اتحاد لجمعيات اهلية عربية ومقرها حيفا <<إننا نطلق على أنفسنا أسم فلسطينيين>> وأضاف إن << علاقتنا بالدولة العبرية ليست علاقة أنتماء .. نحن لا نشعر بالانتماء لإسرائيل.. نشعر بشئ أقيم على انقاض شعبنا .. مواطنتنا فرضت علينا .. وعلاقتنا بالدولة قانونية وتشكل بالنسبة لنا تذكرة البقاء في الوطن>>
* وقال محمد كمال الأمين العام لحركة <أبناء البلد > وهي حركة سياسية عربية داخل اسرائيل لرويترز تعليقاً على تسميتهم بعرب اسرائيل (( هذا مصطلح شائع للأسف ...لكن هذه المصطلحات غير طبيعية )) وجاءت نتيجة لوضع غير طبيعي واشار الى ان مصطلح (( فلسطينى الداخل هو الادق ..والهدف منه هو التعريف عن اى جزء نتحدث عنه بين افراد الشعب الفلسطينى ))
* وفى ندوة لاحقة عقدت أيضاً بالقاهرة فى ابريل 2003 بعنوان (( ندوة استراتيجية التواصل مع فلسطينيي الداخل)) حاول فيها المشاركون التوصل الى تشخيص دقيق وتفصيلى لأوضاعهم فى ظل سياسات التميز الا سرائيلية ضد حقوقهم القومية والسياسية والمدنية ،ومغزى هذه السياسات بالنسبة لطبيعة الدولة الاسرائيلية ورؤيتها لوضع الفلسطينيين وما يمثلون من تهديد لامن هذه الدولة وطبيعتها.
وقد اوضح المشاركون من الفلسطينيين كيف ان اسرائيل تعتبر الاقلية العربية تهديداً امنياً وقنبلة ديموجرافية ومن ثم فأن سياستها التميزية تتجه للانسان الفلسطينى والارض الفلسطينية ،وكيف ان الجزء من الشعب الفلسطينى يمثل الضلع الثالث من المثلث الفلسطينى حيث يمثل اللاجئون الفلسطينيون واحداً من اضلاعه وفلسطينو الضفة وغزة ضلعه الثانى .كما اشارالمشاركون الى ان دور الفلسطينيين يعد دوراً استراتيجياً حتى بدون ان يفعلوا شيئاً ، وبغض النظر عن كفاحهم المدنى ،اذ يكفى وجودهم وبقائهم فى اسرائيل .
والامر الثاني / يتمثل في حرب اباده للعرب والمسلمين في فلسطين تحت مسمى محاربة الارهاب الدولي ، الذي ينساق بعض العرب خلفه بانانيه الخوف من العقاب الصهيوني الدولي ، ويظهر في الشواهد التاليه :-
*اعتبر نتنياهو في محاضرة له ألقاها امام منتدى تناول قضايا الامن في "هرتسيليا" قرب تل ابيب يوم 17_12_2003 ان "مشكلة اسرائيل الديموجرافية " لا تكمن فى فلسطينيى الضفة الغربية وقطاع غزة ، انما فى فلسطينى الداخل.
كذلك عبر الوزير جدعون عيزرا من الليكود عن تأييده لما ذهب إليه نتنياهو فقال فى تصريحات صحفية فى اليوم التالى : "اذا لم يكن هناك هجرة لأسرائيل وتواصلت الزيادة الطبيعية لعرب اسرائيل فسنخسر دولة يهودية "
كما هدد وزير الداخلية الاسرائيلي في نفس المؤتمر بتجريد الفلسطينيين من الهوية الاسرائيلية لمشاركتهم فى الهجمات التضامنية مع الانتفاضة ، واكد انه يريد تجميد طلبات لم الشمل بين الفلسطينين الى ان يتم وضع سياسة رسمية بشأن هذه المسألة . واعرب عن أمله فى ان تدرس المحكمة الاسرائيلية العليا مسألة جنسية المواطنين العرب . وذلك اثر التظاهرات الفلسطينيه داخل الخط الاخضر تضامنا مع انتفاضة الاقصى في الضفة الغربيه وقطاع غزه – ومن بعدها ضد بناء الجدار العازل وقبلها لمكافحة تهويد القدس .
*وقد اعتقل " رائد صلاح " بسبب دفاعه عن عروبة القدس مرارا لعدة شهور " كما هدد "عزمي بشاره " بالسجن والاعتقال لارائه القوميه العربيه والمناهضه للصهيونيه ، وتم التحقيق مرات عديده مع " احمد الطيبي " لقبوله منصب المستشار السياسي لياسر عرفات – هذه هي الهواجس ذات البعد الاقليمي التي لن تجد لها اسرائيل حلا ابديا الا بحرب اباده تستعين فيها بقوى عظمى دوليه بوزن امريكا للقضاء على الافكار القومية العربيه والغاء العقيده الاسلاميه .
والخلاصه :-
ان البعد الوطني والاقليمي والدولي في القضية الفلسطينية ببعضه بالنظر الي كون اسرائيل صنيعة الاستعمار الغربي القديم والجديد وان النظام العالمي الجديد بقيادة امريكا انتقل بعد زوال الشيوعية الي محاربة واضطهاد العرب والمسلمين ويصر علي ان تكون اسرائيل الدولة المحورية المركزية القائدة لمنطقة الشرق الاوسط وان يكون لمنظمة الشرق الاوسط الكبير الاولوية علي اي نظام اقليمي اخر مثل جامعة الدول العربية والفلسطينيون جزء لا يتجزا من الامة العربية ومن الشعب الفلسطيني ويحملون الجنسية الاسرائلية وهم بهذه الابعاد يربطون المحلي بالاقليمي والدولي الذي يسعي منذ مؤتمر مدريد 1991وحتي مؤتمر انابوليس عام 2007 لحل القضية الفلسطينية علي حساب حقوق الشعب الفلسطيني من ناحية ولمصلحة تضخيم مكانة اسرائيل في النظام الاقليمي من ناحية اخري وفي كلا الامرين يمسك بقضية فلسطينيي الداخل لتحقيق اهدافه من خلال :-
ان تقوم دولة اسرائيل اليهودية بنسبة 100% وهذا يعني في نهاية المطاف ترحيل فلسطينيوا الداخل الي خارج اسرائيل ، ولو بمقايضتهم مع سكان المستوطنات القائمه في الضفة الغربيه . او ان يحدث ما يشبه الاتحاد الكونفدرالي ما بين دولة ثنائية القومية في فلسطين تجمع العرب واليهود وبين المملكة الاردنية الهاشمية ليكون هذا الاتحاد واجهة لاختراق اسرائيل للنظام الاقليمي العربي والدخول من خلاله الي جامعة الدول العربية. وان كان هذا الهدف او ذاك فهو مرتبط بالمعادلة الاقتصاديه العالميه التي تجعل اسرائيل الدولة القائده في اي نظام اقتصادي عالمي جديد ومن اهم امثلته المنتديات الاقتصادية الدولية التي تعقد سنويا ما بين دبي وقطر وشرم الشيخ في قلب العالم العربي و اسرائيل عضوا فاعلا فيها .