اسم ( المليفاي Mille feuilles) باللغة العربية ؟
في كل يوم أزداد يقيناً أن الفارغين في بلادي أكثر جهلاً وأكبر عدداً مما نتوهم ونتصور ، وإلا ما معنى هذا الغثاء الذي يملأ صفحات وسائل التواصل الاجتماعي و يتساءل عن اسم ( المليفاي Mille feuilles) باللغة العربية ، لكأننا إذا وضعنا لهذه الكعكة اسماً ما سيرتقي تعليمنا إلى عليين ، ويصبح اقتصادنا رصيناً مكين ... أو لكأن اللغة العربية التي تَفَكَّهَ علمائها فوضعوا للخمر 50 إسماً ، وللأسد 70 اسماً ، وللسيف 70 اسماً ، وللخيل نحو ذلك ... هم عاجزون عن وضع اسم لكعكة لعلها واحدة من بين آلاف أنواع الحلوى والڤاطوه ... عندما ظهرت هذه المفرقعات التي تُسمى (القنابل) وهي إحدى أنواع الأسلحة الهجومية في العصر الحديث ، وَضَعَ لها علماء اللغة اسم القنابل وهي في الحقيقة اسم من أسماء ( الخيل ) وما سُميت قنابل إلاّ لأن حوافرها تصدر قعقعة ودمدمة أثناء العدو أو الركض ، وعندما ظهر ( البُّن) سمّاه العرب ( قهوة ) ، بينما القهوة ( لغة ) هي اسم من أسماء الخمر ، ولو قلت لرجل عاش في العصر الأموي أو العباسي أريد قهوة ، لما تبادر إلى ذهنه سوى أنك تريد أن تُدَوّخ رأسك بقدح من البيرة ، لكن القهوة صارت في عصرنا ( اصطلاحاً ) هو هذا المشروب المستخلص من البُّن الذي تعارفنا عليه ... أما وَضْعُ الأسماء أو توليد المصطلحات واستحداثها للأشياء الجديدة ، فهو ليس أمراً عسيراً على مجامع اللغة العربية ، وليس صعباً على لغة غنية ثرية بالمفردات لعلها تتجاوز الإثني عشر مليوناً أو تزيد ، والوَضْعُ إما أن يكون بالاشتقاق ، أو الاقتباس ، أو الاستنباط ، أو المحاكاة ، أو المجاز ، أو الاستعارة ، أو بترجمة المعنى لا ترجمة المصطلح كأن نترجم Base de vie (معسكر) وليس ( قاعدة الحياة ) كما شاهدت ذلك في المنطقة الصناعية حاسي الرمل ، والعيب ليس في العربية التي اختارها الله لغة لكتابه المجيد ، وإنما العيب في الفرنسية التي ما يزال الناطقين بها يقولون للرقم (99)...!!!تسعة وتسعين ( quatre-vingt-dix-neuf ) أي ( أربع عشرينات وتسعة عشر) ...!!! هل هذه لغة سليمة ؟ ويكتبون عدة حروف ميتة في آخر الكلمة ولا ينطقونها ، وهو قصور وعيب آخر في لغة بيجار ، أما اللغة العربية فهي سليمة من عيوب النطق والكتابة ، والمقصرون في حقها هم أهلها والناطقين بها الذين تأخروا تأخراً يقتل القلب أسفاً وحزناً وكمداً عن ترجمة العلوم الحديثة ، بل إن العارفين بخفايا وخبايا الترجمة يقولون أن مجموع ما ترجمه العرب منذ إنشاء بيت الحكمة في عهد هارون الرشيد وإلى يوم الناس هذا لا يساوي ما يُترجمه الأسبان إلى لغتهم في عام واحد ، وهنا يحضرني سؤال طُرح على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي لمّا سألوه عن اسم ( الترموس Thermos) فقال على الفور سَمُّوها ( الكاظمة ) وهي اقتباس لطيف من القرآن الكريم (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) .
واتفق علماء اللغة على أن لا مترادفات في اللغة العربية ، فالنوم والرقاد والسهاد والكرى والنعاس والسِنَة والسبات والهجوع ... مفردات ليست سواء ، والظُلمة والسدفة والعتمة والدجنة ... ليست سواء ، والحب والعشق والغرام والهيام والصبابة والشغف واللوعة والوجد والولع ... ليست سواء ، وقس على ذلك .
أما الذين يتندرون على اللغة العربية وكأنها قاصرة أو عاجزة عن مواكبة العصر ولن تجد لبعض المفردات مصطلحات تليق بها فهم إما جهيل بن جهيل لا يعرفون اللغة العربية إلاّ يسيراً ، وإما فرنكو علمانيين حاقدين على لغة الضاد ولا يريدون لها البقاء يوماً أو بعض يوم في هذا البلد العربي أصلاً ونسباً ، وإما متهكمون يزدرون العربية لأنها لغة العرب ، وتاريخ العرب ، وثقافة العرب ... لذلك يسخرون منها ومن أصحابها ، و( السخرية ) هي سلاح قديم للمفسدين والعنصريين والمتعصبين ... الذين لا يحبون الصلاح للعباد والبلاد .
أما هذه الكعكة الفرنسية صنعاً ، المجرية منشأ ، فيمكننا أن نسميها ( كعكة نابليون ) لأنه أول من أتى بهذه الحلوى من المجر ، أو يمكننا أن نسميها ( كعكة سَجَدْ ) نسبة إلى مدينة سجد في المجر وهو أصلها الأول ، أما الترجمة الحرفية فهي خطأ كبير ولا يمكن تسمية ( المليفاي Mille feuilles) [ ألف (1000) ورقة ] ، كما لا يمكن ترجمة Base de vie ( قاعدة الحياة ) وإنما نترجم المعنى وهو ( معسكر ) ، والله أعلى وأعلم .
✍🏾: #الاستاذ_محمد_رميلات