وصلني من بريد أختنا الأستاذة منال الكندي ..



يقول الدكتور جاسر الحربش: "لا أعتقد أنّه توجد شعوب أخرى غير شعوبنا العربية لديها نفس القابلية للعبث بالوقت والصحة والمال وتضييعها على المتع التافهة.. الأمثلة عن المتع التافهة والضارة أيضاً كثيرة، وليس لها علاقة سلبية أو إيجابية بالأخلاق الحميدة، هي فقط ممارسات لا تضيف شيئاً مفيداً للعقل ولا للمهارات ولا لصحة النفس والبدن.. السهر الطويل حتى ساعات الفجر الذي أصبح ديدنا لكثير من الشّباب ولبعض النّساء وربّات البيوت، ثم الاستيقاظ مع صلاة الظهر، هذه واحدة من أهم الممارسات الشائعة للعبث بالوقت والصحة والمال.. من بين كل عشر مراجعات للعيادات الطبية تشتكي سبع أو ثماني سيدات من عسر الهضم وحرقة المعدة وانتفاخ البطن والإجهاد السريع وضيق التنفس.. عندما تسأل إحداهن عن برنامج حياتها اليومي تكتشف أنها تسهر حتى ساعات الفجر أمام التلفزيون، ثم تنام حتى الظهر، لتستيقظ بمزاج البائس التعيس الذي لم يرَ نور الصباح ولم يستنشق هواء نقيا منذ أعوام طويلة.
بالفحص الطبي يتضح عند هذا النوع من ربات البيوت مجموعة من الأمراض الناتجة عن العبث بالوقت والحياة، منها: عضلة المريء ترتخي مما يسبب الارتجاع الحمضي. الأمعاء تصبح طبلاً مليئاً بالغازات المتخمّرة من وجبة العشاء المتأخرة. الكبد غارق في الدهون. فقر دم رغم السمنة الظاهرة. عضلات الأطراف ضامرة رغم ضخامة الجذع والبطن. طاقة التنفس هزيلة، والعظام هشة بسبب نقص فيتامين د وعنصر الكالسيوم لانقطاع التعرُّض لأشعة شمس الصباح... ما هي إلا سنوات قليلة ثم يداهم مثل هذه السيدة مرض السكري والكوليسترول وحصوات المرارة وارتفاع ضغط الدم، ثم تتحوّل إلى عالة على منزلها ومصدر نزيف مالي مستمر على الأدوية والاستشارات الطبية.
هذا النموذج من ربات المنازل لا يوجد فقط في الطبقات الغنية المرفّهة، بل تجده في أغلب البيوت.. الشبان والشابات من طلبة المدارس والجامعات، مصابون أيضاً بداء السهر وبنفس العلل الصحية المترتبة عليه، لأنهم يسهرون حتى بعد منتصف الليل على أجهزة الدردشة وبرامج التلفزيون.الرجال في مثل هذه البيوت لديهم نفس الاعتلالات والأمراض؛ لأنهم يدمنون السهر في الاستراحات وملاحق المنازل، ويتناولون وجبات عشاء دسمة بعد منتصف الليل من أقرب مطعم فتصبح الحال من بعضها.قبل سنوات الطفرة الأولى، كان الناس عندنا ينامون بعد صلاة العشاء بساعتين على الأكثر، وينهضون مع بواكير الفجر الأولى مكتملي الحيوية والنشاط، ومع طلوع الشمس ينصرف كل طرف إلى مهماته اليومية.. آنذاك كانت معدّلات الإصابة بالسكري وضيق الشرايين وتصلُّب المفاصل والاعتلالات الهضمية تكاد تكون صفراً.. مجتمعنا الحالي مصاب بكل أمراض التسيب والتساهل مع الوقت وشروط الحياة الطبيعية. نحن في أمسّ الحاجة إلى إعادة تأهيل وبرامج توعية، تعيدنا إلى الالتزام بقواعد التعامل مع الزمن وشروط الجودة النوعية للحياة".(منقول باختصار).إلى متى يظلّ بعض المسلمين مصرّين على مخالفة سنن الحياة وتنكّب الفطرة التي فطر الله عليها خلقه، عندما جعل الليل للنوم والرّاحة والنّهار للسّعي والكسب، ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ، وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ))؟ وإلى متى يصرّون على مخالفة نهي النبيّ– صلّى الله عليه وآله وسلّم- عن السّهر بعد العشاء، عند البخاري ومسلم عَنْ أَبِي بَرْزَةَ- رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا؟