هامش على : عندما يقول الرجل أريد الطلاق
هذه كُليمة قديمة عثرت عليها وأنا أبحث عن موضوع آخر .. فلعلها لم تنشر من قبل!!
لا أذكر أنني كتبت عن "الطلاق" على كثرة ما كتبت عن (الحياة الزوجية)!!! ربما يكون ذلك لأن الطلاق حين يقع،فقد انتهى الأمر ولم يعد هناك مجال للكلام .. ربما.
على كل حال،هذه رسالة تقبع في بريدي – وصلتني من مجموعة "أبو ماجد" - من فترة ولم تكن لديّ رغبة في إرسالها دون تعليق ولم أجد وقتا – أو مزاجا – للتعليق!! ليس ذلك فقط،ولكنني – أيضا – رأيت في القصة نوعا من القسوة .. ثم بدا لي أن تلك (القسوة) – أو موت الزوجة بالسرطان – مدخل جيد للتعليق ... فكل زوجة طُلقت عليها أن تنظر إلى النعم التي منّ الله – سبحانه وتعالى – بها عليها ... نعمة الصحة والعافية ... والقدرة على بدأ حياة جديدة .... وإكمال رسالة تربية الأطفال ... إن وجدوا ... بل إن "الطلاق" إذا لم يكن هناك حل غيره هو،في حد ذاته، نعمة من نعم الله، سبحانه وتعالى.
هناك أيضا .. قدرة "المطلقة" التي لا تتحمل مسؤولية انفصام العلاقة الزوجية،على النظر في عيون صغارها دون أن تشعر بــ(الذنب).
لاشك أن الأطفال هم المشكلة الكبرى حالة وقوع "الطلاق"لأن هناك من يتخذ قرارات .. وهناك من يتضرر منها،بحرمانه من التمتع بأن ينشأ بين والديه...
إن انفصام (شركة الحياة الزوجية) .. وإغلاق (الفرع الرئيسي) للشركة لا يجب أن يلغي الاهتمام المشترك،والحرص على إنجاح (فروع الشركة) التي لا زالت تعمل .... والمصيبة أننا نقرأ ونسمع،عن محاولة البعض الانتقام من (شريكه السابق) عبر (الصغار)!!!!!!!!!!! وذلك فعل إن وصف بأنه (جريمة كبرى) فقد تمت مجاملته.
قبل الهذيان بدقيقة
تقول الدكتورة فوزية الدريع :
(غالبا الرجال أكثر من النساء تكيفا مع الطلاق،الرجال أقل ضررا،أقل ألما،أقل خسارة،هذه حسبة منطقية كلنا ندركها.
حكاية "وصمة الطلاق"على المرأة ومعاناتها وخسارتها المادية والمعنوية،هناك الخسارة الأعظم التي تحصل للمرأة المطلقة،خسارتها صحتها،هناك نساء هن طلبن الطلاق،ولكنهن مرضن بعد حدوثه.
هناك نساء كان عليهن ضرر نفسي وربما بدني ومادي من بقائهن في الزواج ولكنهن تعبن ومرضن أكثر بعد الطلاق. لماذا تمرض المرأة حين يتركها رجل،سواء كانت تحبه أم لا تحبه،تريده أم لا تريده،متضررة من بقائها معه أم غير متضررة؟!
هنالك في العلاقة بين الرجل والمرأة تفاعل كيميائي،دراسات عديدة تجريبية وجدت بالفحص الطبي أن المناعة في جسد المرأة والرجل تتأثر بنوع العلاقة التي يعيشانها من تفاهم وشجار.
لكن وجد أيضا أن درجة تأثر المرأة أكثر بكثير من درجة تأثر الرجل.(..) الحاصل من وجهة نظري أن المرأة بعد الانفصال عن الرجل يبقى هذا الرجل بداخلها.
المرأة بفطرة تركيبتها تملك خيالا،وخيالها درامي عاطفي سريع اجتراري،كثيرات يتصرفن في حياتهن وكأنهن ما زلن على ذمة ذلك الرجل،(..) البعض الآخر من النساء تدرك جيدا أنها مطلقة،هو ذهب من حياتها ولكنها ما زالت تجتر الأيام المرة،تتحدث عنه بغضب،تعيد وتزيد تجربتها المرة،إذا هي تعيش مع شبحه،وهنا نقول أنه وجد أنك حين تفكر في إنسان وبشكل قوي فإن ذاكرتك وخيالك يستحضران كيمائية بدنه حين كان معك يتفاعل جسمك بتعب ومرض كما لو كنت معه،بل أكثر،لماذا؟ لأنه في حالة التواجد الفعلي هناك انفعالات لفظية واللفظ والتلافظ فيهما مجهود مشترك فعلي بين الرجل والمرأة.
ولكن حين يكون التصارع مجرد أفكار فالمرأة تؤدي الدورين معا وخيالها يرهق بدنها،بالضبط مثل الممثل الذي يقرأ في وقت واحد دورين لفيلم واحد.){مجلة فواصل العدد 95 / إبريل 2002م}.
كنت قد نقلت كلام الدكتورة (فوزية) هذا في كراس (هموم شنقيطية)،متسائلا إن كان هذا التحليل يشمل المرأة الشنقيطية ؟!! وذلك لغياب (وصمة الطلاق) بسبب انتشاره – كنتيجة طبيعية لغياب التعدد – لدرجة أنه أصبح يقع دون سبب،فلم تعد عبارة "مطلة"تعد "وصمة" ... ولا شك أن بقية المجتمعات العربية في طريقها إلى نفي "وصمة الطلاق" للسبب نفسه ... انتشار الطلاق دون سبب "يصم صاحبته".
حقيقة لست أعرف وقع كلام الدكتورة (الدريع) على المرأة،ولكنني لا أشك في أن اطلاع الإنسان – رجلا كان أم امرأة - على معلومة ما – تأثير الطلاق على المرأة في حالتنا هذه - توسع مداركه وتعطيه مساحة أكبر للتفكير في تلك المعلومة.
باب في الهذيان
في تصوري أن "وصمة الطلاق" جزء من الصورة فقط،لذلك فإن عدم إلصاق تلك الوصمة بالمطلقة لا ينفي معاناتها .. وكونها تتأثر به أكثر من الرجل.
تروي بعض كتب التراث أن "الفرزدق" تخاصم مع زوجه "النوار"عند أحد الأمراء،فتشفع هو بأبناء الأمير،وتشفعت هي بزوج الأمير،فحكم لها. فقال "الفرزدق"أبياتا منها :
ليس الشفيع الذي يأتيك مؤتزرا ********* مثل الشفيع الذي يأتيك عرايانا
مرة أخرى ... في تصوري الشخصي أن المرأة / الزوجة ... يكون شفعاؤها عند زوجها كثر .. وحين يطلقها الرجل فذلك يعني – بمعنى من المعاني : في وعيها أو في لاوعيها – أن شفيع "حبها" قد فشل ... كما فشل شفيع "عشرتها" ولم يكن شفيع "خدمتها" أحسن حظا ... ولا نفع شفيع "جمالها" ولا حتى شفيع "جسدها"!!
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني