منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    يوميات الرياض : من مذكرات الكاظمي

    يوميات الرياض : من مذكرات الكاظمي "1"

    أشرت في الكُليمة السابقة (من "المثالية" إلى "الواقعية" إلى مذكرات الأستاذ أحمد علي الكاظمي .. وقد قرأت الجزء الأول منها ... ومما جاء في مقدمة الناشر .. (تعد اليوميات التي يسجلها بعضهم{هكذا!!!} مصدرا مهما من مصادر التوثيق لأنها تشمل الكثير من الأحداث والتجارب والخبرات التي ربما لا يوجد للكثير منها توثيق من خلال أشكال التدوين الأخرى ومن هذه اليوميات ما دونه أحمد علي الكاظمي في أثناء إقامته في الرياض.
    ولعل كاتب اليوميات لم يكن يتخيل أن تنشر يومياته في يوم من الأيام،ولكن الدارة انطلاقا من أهدافها التي تسعى إلى خدمة تاريخ المملكة العربية السعودية (..) رأت نشر هذه اليوميات.(..) و تدور أغلب هذه اليومات في منطقة نجد،وتتطرق إلى الوصف الجغرافي لمعالم الطريق بن الحجاز ونجد والمنطقة الشرقية وغيرها من مناطق المملكة،وتتبع تطور معالم هذا الطريق سن بعد أخرى،وهي تؤرخ للأحداث والواقع ومراحل التقدم والنماء في الفترة من عام 1356هـ / 1937م إلى 1404هـ / 1984م. فهذه اليوميات تحوي سطورا من صميم الواقع. كتبها الأستاذ أحمد علي بن أسد الله الكاظمي"1325 – 1413هـ".){الجزء الأول / ص7 "يوميات الرياض : من مذكرات أحمد علي بن أسد الله الكاظمي" / دارة المكل عبد العزيز 1419هـ = 1999م}.
    وقد صاهر صاحب اليوميات الشيخ العلامة محمد بن عبد الرزاق حمزة إمام وخطيب الحرم المكي الشريف – قام،أيضا، بإمامة المسلمين في المسجد النبوي،على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم – المتوفى عام 1392هـ،وله منها ولدان وست من البنات. .. وهو من هذا الباب يكون (عديلا) للشيخ عبد الله خياط .. حيث ذكر في (لمحاته) أنه صاهر الشيخ محمد بن عبد الرزاق حمزة.
    جاء في المقدمة – أيضا – أن اليوميات – التي أهدتها أسرة الاستاذ"الكاظمي" إلى الدارة – في قرابة أربعين مجلدا ... وتتميز بحسن الخط ... والترتيب ... من إنتاج صاحب اليوميات .. (ترجمته لكتاب (البلاد السعودي) للمستشرق (توتشل) وتم نشر فصوله المترجمة في مجلة المنهل. كما ترجم كتاب (حكام مكة) للمستشرق (ديجوري) ونشر فصوله في مجلة الحج. كما نشر ترجمة أخرى (لديجوري) عن البلاد العربية السعودية وقبيلة عنزة تم نشره في صحيفة اليمامة.
    أما إنتاجه في التأليف العلمي (التاريخي) والأدبي فله ثلاثة مؤلفات وهي :
    تاريخ آل سعود : طبع في بيروت عام 1376هـ.
    ذكريات " طبع في نادي الطائف الأدبي عام 1397هـ.
    رحلة إلى الغرب : طبع في نادي الطائف الأدبي عام 1406هـ.
    رحلة إلى الشرق : لم تطبع حتى الآن وهي عبارة عن مسودة فقط.
    أيضا له إنتاج واحد في مجال تحقيق المخطوطات وهو إنتاج مشترك مع صديقه الأديب الأستاذ / محمد سعدي{هكذا} العامودي – رحمه الله – وهي مخطوطة الشيخ عبد الله مرداد الخير – رحمه الله – بعنوان "نشر النور الزاهر"وتم نشره وإخراجه في جزأين 1407 بعد قيام المحققين بتهذيبها واختصارها وترتيبها.){ص 12 - 13}.
    لا أدي إن كان التهذيب والاختصار والترتيب .. يخرج الأمر من تحت مظلة (تحقيق مخطوطة)!!!
    على كل حال .. يبدو أن (البيروقراطية) ليست جديدة علينا!! .. يقول الأستاذ "الكاظمي" رحمه الله :
    (كنا قد قدمنا الطلب بثلاث سيارات لنا"شاحنتين وواحدة صغيرة" لجلالة الملك،وجلالته قد أحال الأمر على رئيس ديوانه وهو بدوره حوّله إلى وزارة المالية. والمالية أحالته إلى الورشة لإنفاذه،ولكننا تأخرنا عن مراجعة هذا الأمر فبقي مهملا لدى الورشة،وظننا أن هذا الأمر قد ذهب في زاوية الإهمال،لذلك قدمنا طلبا آخر نطلب فيه السيارات،فأحاله جلالة الملك على كبير خاصته الشيخ عبد الرحمن الطبيشي،وذلك يوم سفر جلالته من مكة. (..) ولكن حينما راجعنا الورشة فيها وجدنا منها التأجيل والتسويف،وأن السيارات كلها نفذت وليس بالورشة شيء صالح للسفر إلى نجد،فأخذوا في المماطلة والتريث مع مراجعتنا لهم كل يوم مرة أو مرتين في اليوم الواحد ولكن دون جدوى.(..) وبعد أربعة أيام – أي من سفر جلالته – أخبرتنا الورشة أن السيارات قد وجدت.){ص 18}.
    ثم يذكر الكاتب بعض الطريق الذي سلكته بهم السيارات .. وبعض المعاناة ... لإخراج السيارة من الرمال .. ووصف قرية (المويه) ... ووصف السيارتين ... (اخترقنا سوق القشانية وسوق الليل وسوق المعلا والخريق والمعلاة والحجون والمعابدة حتى وصلنا "قهوة المرحوم عثمان"فوقفنا في انتظار السيارتين،لأنهما قد تأخرتا عند المدرسة السعودية في حمل الكراسي. (..) وأراد السائق أن يأخذ بسيارته داخل هذه الأشجار بعيدا عنا فنزلت السيارة في رمل غزير أو في هوة رملية،ودخلت عجلاتها إلى النصف في الرمل،فحفرنا أمامها وخلفها،وأخرج السيارة إلى الوراء وأوقفها في محلها،ونزل مَنْ بها،وذهب الشيخ عبد الله بأهله إلى داخل الأشجار بعيدا عن باقي السيارات والرجال.(.. ) .. المويه : قرية بها بئر وفيها القلعة التي فيها مستودع البنزين،وأمامها ثلاثة بيوت للبدو والرعاة،اتخذوها من براميل البنزين الفارغة بعد ملئها بالرمل،ووضع بعضها فوق بعض،ووضع السقف فوق ذلك،وسد الفجوات التي بين البرميل والآخر بالطين. (..) فسيارة من سيارتنا كانت قوية ذات ثماني أسطوانات فهي في الغالب كانت متقدمة على السيارة الصغيرة لأنها قديمة. وأما الثالثة : فهي كثيرة الخراب والعطل،ولكن بحمد الله كان خرابا يسيرا تقف قليلا ويعالج السائق خرابها ثم يسوقها،وزيادة على ذلك فلم تكن بها مكابح. ولذلك كان يختار بها طريقا بعيدا عن أخواتها ويسير بها وحده.){ص 22 - 30}.
    العجيب هنا .. أن الأستاذ "الكاظمي"يذكر أن الشيخ عبد الله خياط،اصطحب معه زوجته،أو "اهله" .. بينما لم يذكر الشيخ عبد الله ذلك،في مذكراته !!!!! كما أن الكاتب يذكر – ربما بسبب اليوميات – ولادة طفل للشيخ عبد الله .. وأنه سماه (عبد العزيز) .. ولم يذكر الشيخ ذلك!!! وهو أي الطفل الذي ولد .. هو الذي كتب مقدمة لكتاب والده (لمحات من الماضي) .. وقد أصبح الدكتور عبد العزيز بن عبد الله خياط ... عضو مجلس الشورى...
    على كل .. ربما يكون الأستاذ"الكاظمي" – رحم الله الجميع – قد أخذ زوجته معه .. ولم يخبرنا!!!
    نعود لليوميات .. لتحدثنا عن رفض عملة (الريال العربي) ... ووصولهم إلى أطلال مدينة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ... (وقد وجدوا رجلا مع غنم وطلبوا منه أن يبيعهم واحدة فأبى وقال : إذا كنتم تريدون الشراء فهاتوا ريالات فرنسية لنعطيكم بها شاة،أما هذه الريالات العربية فلا نبيع بها. واضطر مندوبنا أن يرجع بخفي حنين،مع أن الدراهم موجودة والسلعة أو الشيء المراد شراؤه موجود،ولكن الفرق هو في العربي والفرنسي.(..)أخبرنا السواقون أننا سنأتي على مدينة كبيرة،ولكنها بائدة،وبيوتها كلها خراب،وآبار معطلة،وهي مدينة الشيخ محمد بن عبد الوهاب،وحمدنا الله إذ دخلنا هذه القرية،وكان عن يميننا ويسارنا أطلال بيوت،ومزارع وحقول،وفيها بعض محلات عامرة ومزروعة،وبقينا سائرين من وسط هذه الأطلال والخرائب حتى انتهينا منها،وبعد مسافة مررنا بمدينة الجبيلة. (..) جاءنا أحد أهالي الجبيلة بحطب فأخذناه منه،وسألناه عن اللبن الحامض فقال : عندنا ولكن أرسلوا معي أحدا يأتي به،لأن بيع اللبن وما شابهه يعيبونه،وأكثر عيبا من البيع،هو حمل اللين إلى المشتري،لأنهم ربما تساهلوا في البيع،أما في نقله من الدار إلى من يرده فلا يتساهلون فيه أبدا.){ص 37 - 40}.
    وأخيرا ... وبعد معانة وصلوا إلى الرياض .. والبحث عن (مسكن) ... ووصفه ... صافحوا الطبيشي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي فنادى أحد رجال دائرته بأن يذهب بنا إلى من يهيئ لنا أمر الدار،وقال لنا : اذهبوا مع هذا فهو يدبر لكم ويدلكم على الدار التي تنزلون فيها. قلنا خيرا،وذهب الطبيشي لشأنه وأركبنا مندوب الطبيشي معنا في السيارة،وأخذنا إلى بيت الرجل الذي أحال عليه الطبيشي أمر إسكاننا. فلم يكن موجودا أو كان موجودا فلم ينزل،بل أرسل ولده وأمر بأن يذهب بنا إلى رجل آخر.وهو المتعهد في مسألة البيوت وبحثها،وإنزال الضيوف فيها بعد إذن الطبيشي وأمره طبعا. وهذا الأخير أين نجده؟ مقره في السوق وليس له مقر خاص،نزل مندوب الطبيشي من السيارة وركب مندوب هذا الآخر معنا ورجع بنا إلى المكان الذي كنا فيه،أي باب القصر،وصدفة كان متعهد البيوت مارا من هناك فأوقفنا السيارة،وناداه باسمه يا ابن ملحوق ! جاء ابن ملحوق،وهو شيخ مسن ولكنه في نشاطه وحيويته – ماء شاء الله – يشبه الشباب والصغار. (..) وفي يوم السبت 4/3/1356هـ وهذا أول صبح لنا في الرياض نزلنا عن السطح إلى المحلات السفلى وهي عبارة عن مخازن،وأحسنها هو الذي يلي الباب،والذي يسمى في الرياض "الديوانية"وهو عبارة عن غرفة الاستقبال والزوار،وليس فيها نافذة مطلقا،لأن فتح النوافذ على الشارع غير مستحسن عند أكثر أهل نجد،فمن أين النور والهواء؟ هناك فتحة في السقف يسميها أهل الرياض"باقدير" معناها "قابض الهواء"وهي في ألأصل فارسية محرّفة وأصلها"بادكير،بادقير"وهذه الفتحة عليها غطاء خشبي يرفع وينزل بحبل ممدود إلى أسفل.
    رتبنا أمتعتنا وجعلنا هذه الديوانية للرجال،والمحلات الداخلية للشيخ عبد الله وأهله.){ص 45 - 48}.
    نختم هذه الحلقة .. مع التساؤل عن هذه المفردة(الفارسية) .. ومفردة أخرى .. وهي (دروازة الثميري) ... أو باب الثميري .. ما الذي تفعله هناك؟!!

    إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.
    س/ محمود المختار الشنقيطي المدني
    س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب.

  2. #2
    يوميات الرياض : من مذكرات الكاظمي "2"

    نبدأ هذه الحلقة بمقابلة أعضاء هيئة تدريس مدرسة الأمراء،للملك عبد العزيز ... (دخل الحاجب على جلالة الملك وبلغه بوصولنا فأذن لنا،ودخلنا وكنا خمسة : الشيخ عبد الله خياط،والشيخ صالح خزامي،والشيخ علي حمام،والكاتب،و زكريا البخاري،وسلمنا عليه وقبلنا يده الكريمة،فأشار علينا بالجلوس عن يساره على الكراسي فجلسنا وسألنا عن صحتنا وبأننا تأخرنا وقال جلالته : "كل ما تحتاجونه من شأن المدرسة ولوازمها،فهذا عندكم رشدي يقضي الأمر". دخل علينا ونحن جلوس عند جلالته الأستاذ ماجد،الذي يأخذ أخبار العالم المذاعة من محطة لندن الإنجليزية،واستأذن جلالته بالقراءة فأذن له،وقرأ عليه،ولما انتهى من كلامه تحدث جلالته عن سياسة إيطاليا والإنجليز. ثم التفت إلى الشيخ عبد الله خياط وقال : هذا عندكم"وأشار إلى رشدي ملحس"اتفقوا معه على الطريقة التي تريدون السير عليها،وأخبروه بكل ما تريدونه للمدرسة..! ثم قام جلالته فقمنا وخرج من الشعبة السياسية إلى محل آخر.
    كان بالمجلس الشيخ عبد الله القاضي مدير مالية الأحساء،والسيد حمزة غوث،والأستاذ رشدي ملحس،ورجل آخر ما عرفته. بعد قيام جلالة الملك وخروجه من المكان تصافحنا مع الجميع وخرجنا إلى المدرسة،أي : إلى الجناح الذي فيه المدرسة،وهي قريبة من محل الشعبة،ليس بينها وبين المدرسة إلا ممر طويل.(..) جاءنا الأستاذ رشيد وقال : إن جلالة الملك أمرني أن آتيكم وتخبروني بكل ما تريدونه للمدرسة من الأشياء والأدوات الناقصة،وعليكم أن تقيدوا ذلك في ورقة،وأرسلوها إليّلأعرضها على جلالته،وهو يوقع عليها وينفذ لكم جميع طلباتكم.
    كان الشيخ عبد الله قد أخبر أو طلب من جلالته حينما قام من الشعبة السياسية خارجا أن يسمح لنا بالإبراق إلى أهل كل واحد منا يخبرهم بوصوله إلى الرياض،وقد أذن جلالته،وأمر أحد جلسائه بأن يخبر مدير اللاسلكي بأخذ رسائلهم وإرسالها بريقا.){ص 49 - 50}.
    يبدو أن المنزل لم يعجب أعضاء المدرسين ... فسعوا إلى استئجار بيت آخر ... (فكرنا في استئجار هذا البيت الذي وصف لنا وزرنا صاحب الدار وسألنا عنها عن طريق صديق لنا فقيل لنا إنه لا يؤجر بأقل من "150"أو"155"ريالا عربيا.
    وبناء عليه كتبنا لعبد الرحمن الطبيشي نطلب استئجار هذه الدار بدلا من تلك التي نحن فيها،فلم يجد طلبنا جوابا.
    بعد ذلك تشرفنا ذات ليلة بالاجتماع مع جلالة الملك في مجلس الدرس بعد العشاء،وبعد الانتهاء من الدرس استأذن الشيخ عبد الله خياط جلالته للاستفسار عن بعض المسائل – وقد كانت مسألة الدار من ضمنها – فقال جلالته (..) وأنتم ابحثوا عن دار تناسبكم وعلينا أن نستأجرها لكم.فجزاه الله خيرا. (..) فأتينا صاحبها بأنفسنا واجتمعنا معه وسألناه عن الإيجار الذي يطلبه في داره فاتفقنا معه في آخر الأمر على"160"ريالا،وكتبنا بعدها لجلالة الملك المعظم أننا استأجرنا المنزل المناسب وجلالته – حفظه الله تعالى ومتع المسلمين بحياته – أحال العريضة وطلبنا إلى الطبيشي لتنفيذ،وهو بدوره أرسل أحد رجاله إلى صاحب الملك واتفق معه على الإيجار المذكور.){ص 55 - 56}.
    وأخيرا تم افتتاح مدرسة الأمراء .. (انتهينا من الإصلاحات التي كانت بالمدرسة،فعزمنا على افتتاحها يوم الأربعاء 9/ 3 / 1356هـ ،وقد أبلغنا جلالة الملك بافتتاحها ليأمر أنجاله بالحضور،فأرسل جلالته الأستاذ رشدي ليخبر الشيخ عبد الله خياط أن الدراسة تكون الآن مؤقتا"3"حصص في النهار ابتداء من الساعة الواحدة لغاية الساعة الرابعة،لأن"العيال"الأنجال يخرجون مع جلالة والدهم إلى "الباطن"و"البديعة"وسيستمر هذا الخروج مدة الصيف،ولكن الشيخ عبد الله لم يستحسن هذه الطريقة وأراد أن يتفاهم مع الأستاذ رشدي،ولكن الأستاذ رشدي أشار عليه بمراجعة جلالة الملك نفسه حتى يقنعه أو يقتنع جلالته. فاتجه الشيخ عبد الله ذات ليلة في مجلس الدرس بعد العشاء مع جلالة الملك وعرض عليه الأمر،ووضح له أن الدراسة بهذه الصفة غير مجدية،ونحن لا نؤخر الأنجال عن خروجهم إلى البديعة،ولكن مع هذا نريد أن تكون حصص الدراسة أكثر من هذا،وطلب من جلالته أن يسمح له بالتدريس في البديعة بعد الظهر ولو ساعة واحدة.(..) فسمح جلالته – بارك الله في حياته – بالتدريس في البديعة بعد الظهر وبأربع ساعات دراسية في الرياض(..) ابتدأت الدراسة صباح الأربعاء 9 / 3 / 1356هـ وقد أبرقنا لمديرية المعارف بذلك،وكان من الأمراء الذين حضروا :
    بندر – عبد المحسن - مشعل – سلطان – عبد الرحمن – طلال - مشاري – بدر – تركي.
    ثم التحق بعد ذلك :
    فهد بن محمد بن عبد العزيز – فهد بن سعود بن عبد العزيز – فيصل بن سعود بن عبد العزيز.
    وكانت الفصول ثلاثة،فصلا ابتدائية وفيه الأنجال الكبار الخمسة،ومعهم بعض أتباعهم الذين في درجتهم العلمية،,فصلا أولا للأنجال الصغار،وفصلا ثالثا للأتباع و الخدم،,هذا مختص بالشيخ علي حمام حسب أمر جلالة الملك لسعادة مدير المعارف السيد طاهر الدباغ عندما أمر بفتح هذه المدرسة للمرة الثانية،حيث أمر أن يجعل مع المدرسين مدرسا خاصا لأتباع الأنجال والأيتام الذين عندهم،ثم زيد فصل رابع في المدرسة ووضع فيه فهد بن سعود بن عبد العزيز،وفيصل بن سعود بن عبد الرحمن،وبعض الطلبة الآخرين.(..) نمكث في البديعة ساعة كاملة نقرأ فيها درسين،ثن نقوم وقد خصص لنا جلالته "الهجور"أي : الطعام الذي يؤكل عند الهاجرة،فإذا ما انتهينا من تدريس الأنجال جاءنا هذا الهجور،وهو عبارة عن تمر ولبن حامض.
    انتهينا من الدرس والهجور،وركبنا السيارة وجئنا راجعين إلى الرياض حيث نتناول طعام الغداء في الدار،ثم بعد الظهر إما أن ننام قليلا أو نجلس لعمل من الأعمال،ونصلي العصر عادة في الدار،ونستعد بعدها للخروج إما إلى السوق إذا كان لنا حاجة فيه،أو إلى الضواحي حيث نقضي الوقت الذي بين العصر وأذان المغرب،ثم نعود إلى أقرب مسجد ونصلي المغرب فيه،ونذهب إلى القصر والمدرسة لوجود بعض أسباب الراحة هناك.
    نضيء المصابيح الكهربائية،ونجلس إما أن نطالع وندرس،أو نقرأ أو نكتب حتى العشاء فننزل ونصلي العشاء في القصر،ثم نعود إلى الدار حيث يتناول الجميع ما عداي طعام العشاء ونشرب الشاي ثم نذهب إلى النوم ولا أستيقظ صباحا إلى جرس الساعة،وقد اشتريت هذه الساعة خصيصا لهذا الغرض، أي : لتوقظنا في الصباح.){ص 56 - 60}.
    في يومية أخرى يحدثنا الأستاذ"الكاظمي" عن السوق ,,, وعن الوقت الذي يتناول فيه أهل الرياض – في ذلك الزمان - طعامهم ... (الأسواق أو السوق : عبارة عن دكاكين صغيرة أو مخازن،فسوق الأقمشة والأشياء التي تستغل في اللباس تباع في محل واحد،وسوق الخضار في جهة واحدة،والحراج في ناحية. وسوق الخضار والفاكهة سوق طويل وأصحاب الدكاكين من النساء،فهن يبعن جميع الخضار وما تبعها وليس لهن دكاكين،بل يجلسن على الأرض ويضعن فوقهن شيئا للاستظلال.وسوق اللحم في جهة بعيدة عن هذه الأسواق،ولا يباع اللحم إلا بالقطع أي: لا يوزن،والأفران توجد بجانب سوق اللحم،وأمام سوق اللحم ساحة كبيرة تسمى"بالمقبرة"وهي كالحراج للفحم والحطب والمواشي.
    أما الأسواق التي فيها الأقمشة والبضائع الثانية فيجد فيها الإنسان كل ما يريده من الأشياء اللازمة والكماليات. وما أكثر الصيارفة في السوق،وأظن أن كل واحد عنده جنيهان جلس صيرفيا.) {ص 61 - 62}.
    يوم الجمعة 1/ 5 / 1356هـ .. ربما يحسن أن نذكر بأن التوقيت الذي يُذكر في هذه اليوميات،إنما هو ما كان يُعرف بالتوقيت "الغروبي" أو"العربي" ... وهو ببساطة يبدأ من أذان المغرب .. حيث يضبط صاحب الساعة ساعته على الساعة "12" ... وهكذا يوميا!! :
    (خرجنا للصلاة،أي : صلاة الجمعة الساعة الثالثة و"45"دقيقة،ومررنا على المدرسة ومنها دخلنا للصلاة،وكان المسجد خاليا،وبعد جلسونا بدأ المصلون في التوافد حتى امتلأت المحلات (..) وخرجنا من الجامع وأتينا إلى المدرسة،ومن هناك مشينا ومعنا رجل اسمه الحميدي – وهو تلميذ بالمدرسة – مشى معنا ليدلنا على بيت رجل دعانا بعد صلاة الجمعة فوجدنا الداعي،وهو عند باب المرقب،وتناولنا عنده الغداء،على خلاف طريقة أهل الرياض لأن أهل الرياض،لا يأكلون بعد الظهر وإنما يتعشون بعد العصر أو قبله،ثم عدنا إلى الدار.){ص 62}.
    وصول البريد .. وصورة مؤثرة .. وموقف غير جيد من"معالي الوزير" ... وقراءة مجلة "السياسية الأسبوعية" ... (يوم الاثنين 11 / 5 / 1356هـ : وصل البريد ولكن غير رسمي،وتناولت عدة خطابات من الأخ عبد الحميد،خطابين من مصر وبداخلهما صورة له تمثله عند خروجه من مستشفى قصر العيني،وصورة للأخ عبد اللطيف. وقد كانت صورة الأخ عبد الحميد صورة مؤثرة لما يبدو عليه من آثار المرض والضعف الشيء الكثير ... وتناولنا خطابا من الأستاذ عبد الظاهر أبي السمح،وكتابا مزدوجا باسمي وباسم الشيخ عبد الله من الأستاذ عمر صيرفي والأخ عبد الكريم الجهيمان.(..) الأحد 17 / 5 / 1356هـ : وصل الشيخ عبد الله السليمان وزير المالية صباحا إلى الرياض،ومعه ابن أخيه سليمان الحمد،والخريجي ،والطويل.
    بعد رجوعنا من البديعة فكرنا – أداء واجب – أن نزور الوزير،فذهبنا إليه الساعة التاسعة ولم نجده،وعدنا إليه بعد العشاء الساعة الثانية ليلا،وما صعدنا الطابق العلوي من داره إلا ورأيناه خارجا من غرفته الخاصة ومعه ابن أخيه الأخ سليمان الحمد فسلمنا عليه أولا وصافحناه،وسألنا عن صحته ونحن وقوف،ثم سلمنا على سليمان الحمد،ثم نادى سعادته سكرتيره الخاص أحمد موصلي ليأخذنا إلى محل نجلس فيه،ودخلنا المجلس وجلسنا،وجلس معنا الموصلي،وكنا نظن أن الوزير خرج لمقابلة جلالة الملك في قصره العالي،وفي أثناء ذلك جاءنا رجل مسن كأنه كان نائما قد عرفناه بحديثه أنه الخريجي جلس معنا،وقام الموصلي من عندنا. بعد برهة قليلة استأذنا للانصراف وانصرفنا. ونحن في خروجنا رأينا سعادة الوزير جالسا مع بعض الناس في مكان خاص. فخرجنا وقد تأسفنا بعض الأسف على هذه المقابلة ولكن ماذا نفعل.(..) الاثنين 18 / 5 / 1356هـ : مضى اليوم والليلة ولم يحدث شيء يذكر.
    أرسلت أربعة ريالات بواسطة الأستاذ العامودي للأخ المزروع مقابل ثمن السياسة الأسبوعية.){ص 66 - 70}.
    نختم هذه الحلقة بحديث صاحب اليوميات عن "الشركة النجدية للسيارات" .. وزيارة الملك عبد العزيز لمدرسة أنجاله ... ( يوم الثلاثاء 19 / 5 / 1356هـ : جاءنا الأخ "عطا الله "وهو قادم من مكة مع الأفندي الطويل،وقد عُين كاتبا عنده في الشركة،وأخبرنا ببعض معلومات عن هذه الشركة النجدية للسيارات،فذكر أن سياراتها تقوم بعملها في المدن النجدية،والأجور لغير أيام الحج للسيارة الكبيرة من مكة إلى الرياض"16 جنيها إفرنجيا"ذهبا مع البنزين،أما بدون بنزين فهي بـ"13 جنيها إفرنجيا"ذهبا وأما في الحج فتعدل الأجور. (..) كان الشيخ عبد الله قد كتب لجلالة الملك من أيم خطابا خاصا يطلب فيه أن يحدد له جلالته وقتا خاصا في الأسبوع مرة لمقابلة جلالته يعرض عليه المسائل التي تتعلق بالأنجال،ويستفيد بآراء جلالته نحو تعليم أبنائه. وقد وعده جلالته أنه سوف ينظر في طلبه هذا ويجيبه إلى ذلك،ولكن مرت أيام ولم يحصل شيء،فكتب اليوم خطابا ثانيا باسم جلالته وأرسله مع زكريا فما كانت الساعة الثالثة الدراسية إلا وقد جاء الأستاذ رشدي ملحس إلى الشيخ عبد الله وأخبره أن جلالة الملك سيأتيكم الآن فاستعد،وما خرج إلى باب المدرسة إلا وكان جلالته قادما فرحب به وشرّف جلالته المدرسة،ثم شرف(فصل أبنائه)أي "السنة الأولى الابتدائية"وجلس على كرسي المعلم،وقد كنت عند الأنجال الصغار فجاءني الشيخ عبد الله وقال للأنجال الصغار : قوموا لوالدكم فقام الأمراء،أنجال جلالته،ودخلوا عليه وظلوا واقفين،ودخلت معهم أيضا وبقيت واقفا معهم أمام جلالته،فالتفت إلى الشيخ عبد الله وقال : ما الذي تشكو منه التأخير؟ أم شيء غير التأخير،فالتفت جلالته إلى الأنجال جميعا وهددهم بأن الذي لا يجتهد،أو الذي يسمع عنه أي شكوى أو شيء يشعر بعدم الاجتهاد نأخذ منه كل ما عنده الرجال والخيل والسيارات وفوق ذلك نحبسه،وأقسم على ذلك بالله،والتفت إلى الشيخ عبد الله ثانيا وقال : أخبرني إذا حدث شيء،يوميا بكل دقة،وإني الآن أسير معهم بهذه الخطة،والذي فات لا بأس به،ولكن من الآن فصاعدا،كل تقصير أو إهمال يحدث،أخبرني وأنا أجازي صاحبه بما يستحق،لأننا ما جئنا بهم إلى هذه المدرسة إلا ليتعلموا،وإذا لم يتعلموا الآن فلن يتعلموا بعده أبدا.){ص 70 - 71}.
    إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.
    س/ محمود المختار الشنقيطي المدني
    س: سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب.

  3. #3




    يوميات الرياض : من مذكرات الكاظمي "3"
    نبدأ هذه الحلقة – وكل حلقة – بحمد الله سبحانه وتعالى ... فحين يرى الإنسان كيف كانت الرواتب تتأخر بالأشهر ... فإن عليه أن يحمد الله سبحانه وتعالى .. قبل أن نصل إلى موضوع تأخير الرواتب – وهو أمر متكرر في اليوميات – نمر بالعرضة .. والتي تكاد أن تصبح عيدا من جهة إغلاق الأسواق ... (يوم الاثنين 2 / 6 / 1356هـ : كان اليوم موعد العرضة والسباق خارج البلدة في الناحية القريبة منها. فانتهينا من تناول الإفطار الساعة الثانية عشرة،ثم خرجنا ونحن نسمع دوي الرصاص. وفي الشوارع لم نجد غير الناس الذاهبين إلى هذا المكان،أما الدكاكين والأسواق فكلها مغلقة كما يكون يوم العيد. وصلنا نحو باب المدينة فرأينا بعض الفرسان راجعين سألنا بعضهم فقال : إن السباق انتهى،و العرضة لا تزال دائرة فأسرعنا إلى المكان،حيث الجموع محتشدة رجالا وأطفالا ونساء،و العرضة قائمة،وجلالة الملك وسمو ولي العهد قد نصبت لهما خيمة خاصة. و العرضة كانت كبيرة،وظل الملك وولي العهد يستعرضون هذه الفرق وهما واقفان حتى ارتفعت الشمس،وانتهت جميع الفرق من المرور أمام مجلسهما.(..) لم ندرس هذا اليوم أيضا. بعد رجوعنا من العرضة وجلوسنا في المدرسة جاءنا الموزع وأخذنا منه بريد مكة،وبشّرنا أحد الإخوان أن مع هذا البريد راتب شهر صفر مرسلا من المعارف.){ص 77 - 78}. وهم في جمادى الثانية كما ذكر المؤلف.قبل (73) سنة .. عاد ولي العهد آنذاك ... الأمير سعود بن عبد العزيز من أحد أسفاره ... فزاره إخوته من طلاب مدرسة الأنجال .. وألقوا أمامه الخطب ... باستثناء أحدهم والذي لم يذهب لعذر ما .. ولكنه في .. (يوم الأربعاء 4 / 6 / 1356هـ : حضرنا المدرسة وبدأنا في الدراسة كالعادة،أما الشيخ عبد الله فقد ذهب بالأمير سلطان إلى الأمير سعود المعظم ليلقي خطبته،فخطب وأجاد.){ص 79}.رحم الله – سبحانه وتعالى – والديّ ورحم الجميع .. ورحمنا إذا صرنا إلى صاروا إليه.لعلي قلت أكثر من مرة أنني أعتبر المذكرات (مادة أولية للتأريخ) .. ففي ثنايا إحدى اليوميات يأتي (خبر ما ) عرضا ... مثل اغتيال "بكر صدقي" ... (يوم الخميس 5 / 6 / 1356هـ : الدراسة في المدرسة حسب المعتاد،بعد الانتهاء من الدراسة أحببنا أن نزور الأمير محمد بن عبد العزيز ومعنا الأستاذ المزروع،فذهبنا إلى داره وسألنا أحد رجاله فقال : إنه ليس بالدار،بل خرج إلى أخيه خالد،فذهبنا إلى دار خالد فلم نجده،ونحن عائدون إلى المدرسة رأينا ابن الأمير محمد،فهد بن محمد فسألناه عن والده،فقال لنا : إنه بالدار،وعلمنا أن ذلك الرجل كان كاذبا. وأدخلنا إليه،ودخل معنا،وكان الأمير جالسا مع خاصته في مكان صغير فسلمنا عليه،وجلسنا عنده برهة قصيرة شربنا فيها القهوة،ثم استأذنا وخرجنا من عنده.قبل أن نجيء للأمير محمد مررنا على الشعبة السياسية فوجدنا الأستاذ يوسف ياسين،الذي قدم إلى الرياض أمس جالسا على مكتبه،ومعه الأستاذ فؤاد بك حمرة،والأستاذ رشدي ملحس فدخلنا عليهم وسلمنا على الأستاذ يوسف سلام الوصول،وعلى بقية الأساتذة،وجلسنا عندهم برهة،ورأينا أن جلالة الملك المعظم يكلم الأستاذ فؤاد بك تلفونيا،ويخبره بوفاة القائد بكر صدقي أركان حرب العراق،قتله أحد الجنود وهو يهم بالصعود على الطائرة.){ص 79}.مما يلفت النظر في هذه اليوميات أن الأستاذ(الكاظمي) يكتب الأمور بكل باسطة .. وكما حصلت .. "أخبرهم أنهم خرجوا"!!!!!! كما رأينا من قبل الاشتراك في مجلة"السياسة الأسبوعية" نرى هنا مزيدا من المجلات ... ( يوم السبت 7 / 6 / 1356هـ : تأخرت السيارة علينا حتى جاءت الساعة الرابعة والربع فقمنا إلى الدار،وقد أخبرنا أحد الأمراء وهو الأمير مشعل أن السيارة إلى الآن لم تصل،وعليه أن يخبر جلالة الملك بالموضوع إذا سئل. نزلنا وإذا رجل ينادينا : هذه السيارة قد جاءت،فقلنا له : الآن الساعة السابعة والربع وهذا وقت رجوعنا من البديعة لذلك لا نتمكن من الذهاب وعدنا إلى الدار.سمعنا أن البريد وصل الدوادمي.وعندما كنا في المدرسة إذ صعد علينا رجل وقال إن هناك عند الباب رجلا اسمه عبد الله المهاجر،ويقول : إنه يريد عبد الله خياط. ولكوننا ظننا أننا سنذهب إلى البديعة،وأن الوقت قصير قلنا له : أخبره أنهم خرجوا. (..) وبعد المغرب جاء موزع البريد ومعه الرسالة والرواية واللطائف والمرسلة من الأخ عبد الحميد خان،وعليها طابع مصر الجديد الذي فيه صورة الملك فاروق.){ص 80}.في يومية أخرى .. نجد ذكرا لمعاهدة عربية ... (يوم الأربعاء 18 / 6 / 1356هـ : كنت جالسا في فسحة الدرس وقد بقي درسان،إذ جاءني أحد كتاب الشعبة السياسية وقال : الأستاذ رشدي يريد الكاتب الذي يكتب مذكرات جلالة الملك،فأشار الشيخ عبد الله إليّ وقال : اذهب معه لتكتب له ما يريد .. ذهبت إليه فقدم لي الكتبة الورق والذي أكتب عليه،وكان ما يريدون كتابته هو معاهدة الأخوة العربية والتحالف وكان ذلك بالخط الفارسي،فكتبتها لهم،وقد استغرق ذلك وقتا طويلا .. ولكنها تمت والحمد لله.تغير الجو اليوم أو من البارحة فالسماء ملبدة من البارحة بالغيوم،واشتد البرد في الليل،ولا تزال قطع السحاب في السماء.){ص 86}. من المعاهدة العربية .. إلى تفضيل (الرياض) على (لندن) ... وإنهاء أحد الأمراء لقراءة القرآن الكريم ..(يوم الخميس 19 / 6 / 1356هـ : لا جديد يذكر،اجتمعنا البارحة بالأستاذ جسور فقد شرفنا بالمدرسة،وجلس معنا ساعة من الزمن يحدثنا بأحاديث الرحلة والطريق.وطريق نجد وما لاقى فيه من شدة وعناء من جرّاء الحرارة والسموم،ووهج الشمس.بلغ اليوم أحد الأمراء الصغار وهو الأمير مشاري في قراءته القرآن لنصفه،وبدأ من اليوم في النصف الثاني والحمد لله رب العالمين.سألت الأستاذ جسور في عرض كلامي أيهما أحسن لندن أم الرياض؟ ففكر حضرته ثم أجاب : بما أنك لم تسألني إلا عن البلدتين،ولم تعين لي لا الجو ولا غيره فعليه أقول لك : إن الرياض هي الأحسن،لأنه محل العمل والمعيشة.وحينئذ حدثت نفسي وقلت ننظر إلى هذا الأستاذ الذي جاء من مصر التي هي كأوربا في الحضارة والمدنية قادم الآن من لندن وباريس و .. ثم أساله فيقول : إن الرياض أحسن،لأنها محل العمل.فأين ألئك الذين أسمع منهم كلمات التضجر والتأفف من مجيئهم إلى هذه البلدة،مع أنهم لم يقدموا إلا برغبة واختيار،وأظهروا موافقتهم للمجيء إليها وهم قادمون من مكة شرفها الله،التي لا تعد بالنسبة إلى مصر والبلاد الأخرى شيئا في الرقي والتمدن.انظروا إلى هذا الأستاذ الذي ترك وراءه الأهل والأطفال،أفلاذ كبده في وطنه وهو يكابد ألم الغربة والسفر والطريق غير مبال .. لا لشيء إلا أنه يعلم أن الله كتب له رزقا هنا،وأن جلوسه هنا مفيد له ولعياله. ولكن أين من يفهم؟ {يوم الأربعاء 10 / 7 / 1356هـ } كتب الشيخ عبد الله لصاحب الجلالة مذكرة يخبره فيها بدنو ختم الأمير مشاري للقرآن،وأن ذلك سيكون – إن شاء الله – يوم الثلاثاء الآتي،وقد أخذ المذكرة هو والأمير معه وقدمها بنفسه،وقد سر جلالته كما سمعنا منه. (..) السبت 21 / 6 / 1356هـ : كنا سمعنا البارحة بورود البريد ولكن لم نتحقق! (..) فسألنا : هل جاء البريد؟فكانت إجابتهم : نعم. وهذه الخطابات لكم!وكان اسمي على "ربطة"كبيرة،فيها كتب فتحتها فإذا هي كتب إنجليزية للترجمة اسمها "مرشد المترجم"مرسلة من قِبَلِ الأخ محمد مظهر فشكرته. وجاء موزع البريد ثانية ومعه المصروف،أي : راتب المدرسين لشهر ربيع الأول وكتاب آخر،وهو "ملوك المسلمين"الذي طلبته من أخي!كل أخذ كتابه وجلس يقرأ،وضاعت فسحة الدرس في قراءة الكتب. ) {ص 87 - 94}.لقاء .. وحوار مع حافظ وهبة .. (يوم الأحد 29 / 6 / 1356هـ : ذهبت حسب عادتي للأستاذ جسور وجلست عنده،وبينما أنا جالس إذ أحد يناديه فقام له،وكان القادم الأستاذ حافظ وهبة فقمت وحييته،وقد قام الأستاذ جسور بدور التعارف فعرفه بي،وأما هو فمعروف.وقد قلت للشيخ حافظ : إنني أحب أن أُدَرّس جغرافية بلاد العرب،حتى الآن وما وجدت كتابا أحسن من كتاب سعادتكم في هذا الموضوع،ولذلك فأنا آخذ وألخص منه،أي من كتاب "جزيرة العرب في القرن العشرين"فقال سعادته : تأخذون منه؟ وصحيح أنه ليس هناك كتاب جديد يبحث في جغرافية هذه البلاد؟-نعم.-بودي أن أضع لهذه البلاد كتابا جغرافيا خاصا ولكن الظروف لا تسمح.- ليت سعادتكم قام بلك.-أين الوقت؟ومن يقدّر ذلك إذا قمت به فرضا؟جلست أتحدث معهم وقلت لسعادته : إنكم استعملتم غاية الصراحة والحقيقة في كتابكم،فكيف كان ذلك؟قال : نعم اشترطت قبل أن أؤلف أن أكون صريحا،وأبين الحقيقة كما هي،أو أترك الأمر بالكلية فلا كتاب ولا وظيفة .. فأذن جلالة الملك وقال : قل ما تشاء ..){ص 91}.نأخذ جولة مع الكراسي الدراسية ... والاهتمام بتعلم اللغة الإنجليزية ... حتى من قبل الشريف شرف رضا!!!! ... (يوم الخميس 4 / 7 / 1356هـ : وصلت المقاعد للمدرسة من مكة التي عُملت خاصة لمدرسة الأمراء.ذهبت للأستاذ جسور فوجدت عنده فخري،ومدحت شيخ الأرض وهما يتعلمان عند الأستاذ الإنجليزية،لذلك أستحسن أن أجيئه يوما بعد يوم!زارنا الأمير مساعد بن عبد الرحمن،وأخذ بعض الكتب من المكتبة للمطالعة.(..) يوم الخميس 11 / 7 / 1356هـ : خرجنا الساعة الحادية عشرة كلنا إلى الشمسية.والشمسية اسم مكان شمال غربي الرياض،وهو عبارة عن ميدان واسع،وفي أوله بعض بساتين النخيل،ماء آبارها عذب،وأحسن من مياه آبار البلدة،وقد أنشي ء حديثا وسط هذا الميدان مركز اللاسلكي محاط بسور كبير،ومحصن بأبراج مرتفعة عن السور.وقد استحسن جلالة الملك المعظم أن يشيد لبعض أسرته قصورا داخل هذا السور فأمر بذلك،ولا يزال العمل جاريا في تشييد ستة قصور،وقد تم منها الجزء السفلي ويعمل فيها الآن سبعمائة عامل.كان غرضنا من الخروج إلى الشمسية مشاهدة هذه القصور،و الدخول فيها للزيارة فقط،لأنها إذا تمت فلا نستطيع الدخول إليها. ولكن ما وصلنا المربع إلا وقد أذن للمغرب،وقد كان الناس ينتظرون الصلاة،دخلنا عند مأموري اللاسلكي وصلينا المغرب عندهم،ثم جلسنا معهم وشربنا الشاي واستأذناهم بالانصراف الساعة الواحدة. وصلنا البلدة ففكرنا أن نذهب إلى الأمير مساعد بن عبد الرحمن،وافق الجميع على الفكرة وذهبنا إليه.فرحب بنا وحيانا كعادته أحسن تحية،لم يكن الراديو بجانبه،وقد اعتذر لنا بقوله : إن البطاريات لم تُملأ اليوم.ثم جاء الأمير أحمد بن الإمام عبد الرحمن أخو الأمير مساعد ولم يطل الجلوس فقد خرج الساعة الثالثة.(..) يوم السبت 13 / 7 / 1356هـ : (..) طلب الشريف شرف رضا كتاب اللغة،لأنه بدأ يتعلم على الأستاذ جسور.){ص 92 - 96}.وهذه لمحة عن (تغيير المناهج) ... والرغبة في تعلم اللغة الإنجليزية .. وعام دارسي لا نهاية – محددة – له ..... وانتقاد "كتاب" .. (يوم الاثنين 15 / 7 / 1356هـ : ذهب الشيخ عبد الله إلى الأستاذ فؤاد بك فأفاده أن جلالة الملك قد اقتنع أن تبقى الدروس كما هي،ما عدا الحساب فهو يلغى بتاتا،وزاد الأستاذ فؤاد بك أن تكلم مع جلالته في موضوع إنهاء الدراسة،فصرح جلالته أن السنة الماضية لا تقاس،أن السيد أحمد العربي "مدير مدرسة الأمراء سابقا"هو الذي قدم الطلب وطلب من جلالته الرخصة للسفر إلى الحجاز.فتبين من كلام جلالته أن ميعاد إنهاء الدراسة ليس محددا ومعينا.بقيت مسألة اللغة الإنجليزية فقال الأستاذ فؤاد : إن المجتهدين من الأمراء يتعلمون عند الأستاذ جسور،فأجابه الشيخ عبد الله أن الأمراء الخمسة كلهم راغبون في تعلمها. قال إذن ننظر في الأمر. رجع الشيخ عبد الله إلى المدرسة ثم تذكر أنه لم يتعرض لدرس وكتب المطالعة،لأن جلالته يريد أن يقرؤوا في كتاب سيرة ابن هشام،فكتب مذكرة للأستاذ فؤاد بك وأرسلها إليه مع الفراش،وكان جوابها أن قال : سوف نجيبكم على كل ذلك فيما بعد. (..) انتهيت من مطالعة جولة في ربوع الشرق الأدنى،وقد لحظت فيها أن المؤلف أحيانا يسرد الأقوال التاريخية أو ما يقوله الناس،دون أن يعلق عليها بصفته مسلما متعلما،كأقواله التي أوردها في تاريخ المسيح وصلبه ودفنه وغسله،دون أن يبين أن ذلك رأي النصارى أو غير المسلمين){ص 97}.وهذه"ظاهرة غريبة" ... واستدعاء الأستاذ"الكاظمي" مرة أخرى للكتابة بخطه الجميل .. (يوم الأربعاء 24 / 7 /1356 هـ : ظاهرة عجيبة! منذ يومين لا أدري ما الذي حدا ببعض الأمراء الصغار أمثال نواف،وطلال إلى لبس "البذلة العسكرية"فرآها جلالة الملك المعظم عليهم فلم يمانع،بل جعلها كألعوبة لهم يلبسونها وقت اللعب. وامتدت المسالة إلى بقية الأمراء الصغار فاشتاقوا أيضا إلى لبسها فأمر لهم جلالته بذلك وصاروا يلبسونها ويلعبون بها بالحركات العسكرية الأولية،وقد رأيت معهم بنادق اللعب.(..) يوم السبت 27 / 7 / 1356هـ : (..) دُعيت إلى الشعبة السياسية لكتابة ظروف كبار باسم جلالة الملك إلى الإمام يحي بالخط الفارسي الجلي. وكانوا يودون أن أكتب لهم الخطابات أيضا،ولكنني تأخرت في الدروس ولم أتمكن من الذهاب إليهم إلا متأخرا،فكتبوها على الآلة الكاتبة.(..) خرجنا بعض العصر الساعة العاشرة إلى ناحية طريق البديعة،وجلسنا على تل بعيد عن البلدة وكنا خرجنا "بترمس"الشاي فشربنا ونحن على تلك الربوة وصلينا المغرب هناك.عدنا إلى المدرسة وقد جاءنا في الليل بين العشاءين الأمراء مساعد،وعبد الرحمن،وبدر وهم ببدلاتهم العسكرية،وجاء معهم الأمير بندر،وسلطان،وعبد الرحمن ثم جلسوا إلى أذان العشاء وانصرفوا بعده.){ص 101 - 103}.وهنا يومية .. تكشف عن مدى اهتمام الملك عبد العزيز بأنجاله .. وحرصه على تحصيلهم ... (يوم الخميس 2 /8 /1356 هـ : يرسل الشيخ عبد الله أسبوعيا بيانا عن ملخص ما يأخذه الأمراء من الدروس،وقد أرسل في الأسبوع الماضي حسب العادة،ولكن البيان أعيد اليوم من قِبَل سعادة فؤاد بك حيث يقول : إن جلالة الملك المعظم تعجب من أن الأمير عبد الرحمن "أحد الأمراء"قرأ"تسعة"أجزاء في هذه المدة.وذهب الشيخ عبد الله لإثبات ذلك بالدفتر اليومي،الذي يكتب فيه الدرس،وأخذ معه الأمير عبد الرحمن حتى يقرأ أمامهم،ويُظهر أنه قد انطلق لسانه فلا يتكلف في القراءة،وقد تقابل مع سعادة فؤاد بك فعرض عليه الأمير فقال له : نؤجل الموضوع إلى بعد غد. (..) عدنا بعد المغرب إلى المدرسة،وجاءنا الأمير متعب مع بعض خدمه وجلس حتى قبل العشاء ثم انصرف.قمنا بعدها وذهبنا إلى الأمير مساعد بن الإمام عبد الرحمن وجلسنا عنده حتى"3.30"،ولم يكن عنده راديو،ولا ندري عن السبب ثم عدنا إلى الدار.){ص 105}.يبدو أن الراديو كان شديد الأهمية ... إذ كان وسيلة التسلية – إضافة إلى معرفة أخبار العالم – الوحيدة .. وقد حصل أعضاء هيئة التدريس على (راديو) خاص بهم .. ولكن بعد .. وساطة لأخذ(الفسح) .. ثم استلموا البطارية .. في انتظار الراديو .. نكتفي بهذا القدر من يوميات الأستاذ أحمد علي الكاظمي .. على وعد بأخذ لمحتين أو أكثر من كتاب الشيخ عبد الله خياط .. إذا أذن الله. س/ محمود المختار الشنقيطي((سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب))



المواضيع المتشابهه

  1. يوميات جائع
    بواسطة ندى نحلاوي في المنتدى فرسان المطبخ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-19-2011, 06:49 AM
  2. يوميات الرياض : من مذكرات الكاظمي
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-28-2011, 06:20 PM
  3. يوميات مقاتل
    بواسطة ابراهيم خليل ابراهيم في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-02-2011, 04:16 AM
  4. يوميات..
    بواسطة د. محمد رائد الحمدو في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 06-02-2008, 11:40 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •