لماذا صارت إسرائيل بخيلة؟
د. فايز أبو شمالة
أفرجتإسرائيل عن رفات مئة من الشهداء الفلسطينيين، الذين قاتلوها حتى الرمق الأخير،وكانت إسرائيل قد تعمدت حرمان أهالي الشهداء من توسيد رفات أبنائهم تراب الوطن، وفيالوقت نفسه تعمدت توصيل رسالة إلى كل من يفكر في المقاومة بأن عقاب إسرائيل قاسٍجداً، وأن دولة الصهاينة لا تغفر لمن أراق دم اليهودي، ولا تتسامح مع من رفع سوطاًفي وجه الأطماع اليهودية في المنطقة العربية.
ولماعجزت إسرائيل كل السنوات الماضية عن تحقيق ما طمعت إليه من وراء احتجازها رفاتالشهداء، تعمدت إلى معاقبتهم بطريقة مختلفة، وذلك من خلال تحقير سيرتهم، وتسخيفالأهداف التي من أجلها ضحوا بحياتهم، وأعلنت أنها أفرجت عن رفات مئة منهم تحت مسمى"مبادرة حسن النوايا"، وذلك تقديراً لمواقف رئيس السلطة، ومكافأة له علىمواصلة التنسيق الأمني، وترى مصادر إسرائيلية في تبريرها للمبادرة؛ بأنها خطواتلبناء الثقة مع سلطة عباس تمهيداً لاستئناف المفاوضات بين الجانبين.
منالملاحظ أن إسرائيل قد تعمدت الإعلان عن مبادرتها عشية انتصار الأسرى المضربين عنالطعام، وعشية إحياء الشعب الفلسطيني ليوم النكبة؛ وكأن إسرائيل التي أرادت استباقالأحداث، تعمدت أن تقول للشق الفلسطيني الرافض للمقاومة، لا تهنوا، ولا تحزنوا، فنحنأصدقاؤكم، ونحن قادرون على مساعدتكم، وتقديم ما يعزز مكانتكم من خلال المبادرات،وإذا كان خط المقاومة قد انتصر في الأشهر الأخيرة على إسرائيل بالقوة من خلال صفقةتبادل الأسرى مرة، ومن خلال إضراب الأسرى المفتوح عن الطعام مرة أخرى، فإن إسرائيلقادرة على مساعدة أصدقائها من خلال مبادرة حسن النوايا.
منيقارن بين ما انتزعه الفلسطينيون عن طريق القوة، وبين ما قدمته إسرائيل لرئيسالسلطة عن طريق حسن النوايا، يكتشف أن إسرائيل بخيلة جداً، ولم يكن "نتان ياهو"سخياً كما وعد عباس، وذلك لأن مبادرة الإفراج عن رفات الشهداء لا ترقى إلى مستوىما كان يقدمه الحاكم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية؛ حين أطلق سراح ألف أسيرفلسطيني تعزيزاً لمكانة رئيس روابط القرى "مصطفى دودين"، ولا ترقى إلىما كان يقدمه الحاكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، حين أفرج عن عدة مئات منالأسرى مقابل موافقة بعض رؤساء البلديات على الالتقاء معه في مقر الحكم العسكري فيغزة!
فماالذي حدث؟ لماذا صارت إسرائيل بخيلة؟!.