منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: من مساءاتِ إب

  1. #1

    من مساءاتِ إب

    رحلةٌ رائعة .. كانت رحلتي من صنعاءَ إلى تعز.

    ولم أدرِ أيةَ غبطةٍ تملَّكتني رغم الشعور الدائم بحزنٍ دفينٍ يلاحقُني.

    كانَ مساءً عليلاً من مساءات تعز ..
    حيث جلستُ أرتشِفُ كوباً من (الشاهي الملبَّن) على ناصية الشارع أمام مقهىً متواضع، والنسيمُ الرطيب يلفحُ وجهي، بعد أن أعياني التَّجوُّلُ في شوارعِ تلك المدينة الرائعة.


    أروعُ نشوةٍ انتابتني .. عندما صادفني المطرُ من خلفِ زجاج الحافلة قربَ إب، بعد شهرين من الجفاف في صنعاء.


    فبعد مسيرة ساعتينِ في أرضٍ يبابٍ من صنعاء إلى ذمارَ .. تبدَّلتِ الحالُ فجأةً قربَ العُدَين، فأصبَحَتِ الخُضرةُ تُعَمِّرُ كلَّ مكان، والأشجارُ والورودُ والألوان.

    أنواعٌ من الشجرِ لم آلَفْها من قبلُ، وأنواعٌ من الثمارِ الاستوائيةِ تتعلَّقُها، والمياهُ تتسربُ من شقوقٍ على جانبِ الطريق.


    كانَ قد اصطحبني الدكتور (أديب نظام)، وهو صديقٌ تعرَّفتُ إليهِ بين ثنايا الغربة في اليمن، كان قد اصطحبني إلى إب .. قبل أن أتابعَ رحلتي باتِّجاهِ تعز، حيث نزلنا فندقاً هناك.


    كنا قد وصلنا إب ليلاً، فلم نشاهِد منها عن كثبٍ، إلا صفحة السماء الصافية التي تتلألأ بالنجوم ..

    هي اللواءُ الأخضرُ، حيثُ قيلَ لي أنَّكَ أنَّى نظرتَ تلقاكَ الخضرةُ.


    حتى سقوفَ البيوتِ من الداخلِ نمَتْ فيها الطحالبُ لتُضفي على المكانِ بهجة.


    لكنَّ الليل لهُ سحرُه أيضاً ..
    فبينما كنا في مشوارِنا الأوَّلِ في شوارع إب، قلتُ له:
    انظر فوق!!

    وأشرتُ إلى ضوءٍ يسطعُ كالنجم

    أتبعت:
    هل تعتقدُ أنه نجمٌ أم منزلٌ ؟

    كانَ اللُبسُ قائماً إذ ذاك .. فالضوءُ كان يومِضُ في كبدِ السماء الليلية لحظَتها .. ولا فرقَ إن كانَ ما يحيطُ به سماءٌ أم جبل ..

    قالَ جازماً:
    بكلِّ تأكيدٍ هو نجم!!

    لا أدري لِمَ ساورني الشكُّ حينها .. لكنِّي التفتُ إليهِ أباغِتُهُ في حقيقةٍ لا مِراءَ فيها كما يتصوَّر هو.

    قلتُ لهُ:
    أتراهِن؟!

    فقالَ مؤكِّداً:
    هذا أمرُ غيرُ قابلٍ للجدال!

    لكن .. وفي نفسِ اللحظةِ .. حُسِمَ الرِّهانُ لمصلحتي.

    فقد مرَّ أعلى هذا النجمِ ضوءٌ يسيرُ ببطء، وبشكلٍ متعرِّجٍ، بما لا يوحي بأنه جرمٌ سماوي على الإطلاق.

    أسرعتُ إليه بالإشارة:
    إنهُ أنوارُ سيارة .. أرأيت؟

    فدُهِشَ أيَّما دهشةٍ، ابن جبالِنا الساحلية في (قِسْمِين).

    لكنَّهُ أكدّ لي أنه يوماً لم يعتدْ مثل هذه الارتفاعاتِ الشاهقة!


    بعد هنيهةٍ لاحظَ كلانا مجموعةَ نجومٍ كالثُّريا في عليائها ..
    لكنها ..
    لم تَكُنِ الثُّريا ..
    كانت أضواءُ قريةٍ على سفح الجبل.


    1/11/1989

  2. #2

    رد: من مساءاتِ إب

    جميلة ونص رقيق الحاشية
    تحيتي لك
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    رد: من مساءاتِ إب

    قصة ممتعة ووصف متين
    كل التقدير لك

  4. #4

    رد: من مساءاتِ إب

    شكراً أيها الصديقين
    ريمة الخاني وحسن لشهب

    ممتنٌّ للتعليقين

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •