منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7

العرض المتطور

  1. #1

    Cool .:: كتـــابـ حولـ العلمـــانيـــة ::.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ((العلمانية)) هي الترجمة العربية لكلمة ((Secularism , Secularite )) في اللغات الأوروبية . وهي ترجمة مضللة لأنها توحي بأن لها صلة بالعلم بينما هي في لغاتها الأصلية لاصلة لها بالعلم . بل المقصود بها في تلك اللغات هو إقامة الحياة بعيداً عن الدين، أو الفصل الكامل بين الدين والحياة .
    تقول دائرة المعارف البريطانية في تعريف كلمة (( Secularism )) .
    (( هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحيـاة الدنيا وحدها . ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر. ومـن أجـل مـقاومة هـذه الرغـبة طـفقت الـ (( Secularism )) تعرض نفسها من خلال تنمية النـزعة الإنسانية ، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية البشرية ، وبإمكانية تحقيق طموحاتهم في هذه الحياة القريبة . وظل الاتجاه إلى الـ ((Secularism )) يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية)) (1).
    وهكذا يتضح أنه لاعلاقة للكلمة بالعلم ، إنما علاقتها قائمة بالدين ولكن على أسـاس سلبي أي على أساس نفي الدين والقيم الدينية عن الحياة . وأولى الترجمات بها في العربية أن نسميها (( اللادينية )) بصـرف النـظر عـن دعـوى (( العلمانيين )) في الغرب بـأن (( العلمانية )) لاتعادي الدين ، إنما تبعده فقط عن مجالات الحياة الواقعية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية .. إلخ
    ولكنها تترك للناس حرية (( التدين )) بالمعنى الفردي الاعتقادي ، على أن يظل هذا التدين مزاجاً شخصياً لادخل له بأمور الحياة العملية .
    _____________________________________________
    * أصل هذا الكتيب فصل من كتاب (( مذاهب فكرية معاصرة )) للشيخ محمدقطب وراينا نشره مستقلا تعميما للفائدة . وقد أذن لنا الشيخ بذلك





    ؛





    [ أَنْتَـ ]



    مَعْزُووفـة تُجَسّدْ أحَاسيسْ جَمّـة مَسْتَوْطِنَـة فِي الجَسَدْ , بِرواائِحْ المَطَرْ وَرَوَاائِحْ الـرووحْ ؛



    ؛

  2. #2
    1) Encyc Britanica v. ixp. 19

    بصرف النظر عن هذا الاعتراض الذي سنناقش مدى حقيقته بالنسبة للـحياة الأوروبية ذاتها ،كما سنناقشه بالنسبة للإسلام لنتبين مدى تطابقه أو عدم تطابقه مع المفاهيم الإسلامية فإن (( اللادينية )) هي أقرب ترجمة تؤدي المقصود من الكلمة عند أصحابها ولكن مع ذلك سنظل نستخذم المصطلح المعروف عند الناس _ مع بيـان بعـده عن الـدقة _ حتى يتفق الكتاب على نبذ هذا المصطلح المضلل ، واستخدام اللفظة الأدق.

    * * *

    نبذ الدين وإقصاوه عن الحياة العملية هو لب العلمانية .
    وتبدو نشأة العلمانية في أوروبا أمراً منطقياً مع سير الأحداث هناك، وهذا راجع إلى عبث الكنيسة بدين الله المنـزل ، وتحريفه وتشويهه ، وتقديمه للناس في صورة منفرة ، دون أن يكون عند الناس مرجع يرجعون إليه لتصحيح هذا العبث وإرجاعه إلى أصوله الصحيحة المنـزلة ، كما هو الحال مع القرآن المحفوظ _ بقدر الله ومشيئته _ من كل عبث أو تحريف خلال القرون .
    فمن المعلوم أن الإنجيل المنـزل من عند الله لم يدون على عهد المسيح عليه السلام ، إنما تلقاه عنه حواريوه بالسماع ، ثم تشتتوا تحت تأثير الاضطهاد الذي وقع على أصحاب الرسالة الجديدة سواءً من اليهود أو من الرومان ، فلما بدئ تدوينه بعد فترة طويلة من نزوله كان قد اختلط في ذاكرة أصحابه كما اختلطت النصوص فيه بالشروح ، ثم غلبت الشروح على النصوص . . ووقع الاختلاف والتحريف والتصحيف الذي يشير إليه كتاب التاريخ الأوروبي ومؤرخو الكنيسة على السواء ، واستبد رجال الدين بشرح ما سمي الأناجيل ( مع أن المنـزل من عند الله إنجيل واحد لامعنى للتعدد فيه ) ثم استبدوا أكثر بالاحتفاظ بعلم (( الأسرار )) التي نشأت من التحريف والتصحيف والتي لاأصل لها في دين الله المنـزل ، ثم زاد استبدادهم فصار طغياناً شاملاً يشمل كل مجالات الفكر والحياة . طغياناً روحياً وفكرياً وعلمياً وسياسياً ومالياً واجتماعياً . . وفي كل اتجاه .





    ؛





    [ أَنْتَـ ]



    مَعْزُووفـة تُجَسّدْ أحَاسيسْ جَمّـة مَسْتَوْطِنَـة فِي الجَسَدْ , بِرواائِحْ المَطَرْ وَرَوَاائِحْ الـرووحْ ؛



    ؛

  3. #3
    ____________________________________________
    (1) سورة القيامة (14-15) (2) سورة الغاشية (21-26)




    لأن أوروبا كما أسلفنا قد تلقت المسيحية عقيدة منفصلة عن الشريعة ( بصرف النظر عما حدث في العقيدة ذاتها من تحريف على أيدي الكنيسة ) ولم تحكم الشريعة شيئاً من حياة الناس في أوروبا إلا (( الأحوال الشخصية )) فحسب ، أي أنها لم تحكم الأحوال السياسية ولا الأحوال الاقتصادية ولا الأحوال الاجتماعية في جملتها .وهذا الوضع هو علمانية كاملة من وجهة النظر الإسلامية (1) ولكن الذي تقصده أوروبا بالعلمانية ((Secularism )) ليس هذا ، لأنها لم تألف الصورة الحقيقية للدين أبداً في يوم من الأيام ! إنما الذي تقصده أوروبا حين تطلق هذه الكلمة هو إبعاد مافهمته هي من معنى الدين عن واقع الحياة ، متمثلاً في (( بعض )) المفاهيم الدينية ، وفي تدخل (( رجال الدين )) باسم الدين في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر والعلم والأدب والفن . . وكل مجالات الحياة ، ثم إقامة هذا كله بعيداً عن نفوذ الكنيسة من جهة وبعيداً عن مـفاهيم الدين كلها من جـهة أخـرى بصرف النظر عن وجود الكنيسة أو عدم وجودها .
    بعبارة أخرى نقول إن مانبذته أوروبا حين أقامت علمانيتها لم يكن هو حقيقة الدين فهذه كانت منبوذة من أول لحظة , إنما كان بقايا الدين المتناثرة في بعض مجالات الحياة الأوروبية أو في أفكار الناس ووجداناتهم . فجاءت العلمانية فأقصت هذه البقايا إقصاءً كاملاً من الحياة ولم تترك منها إلاحرية من أراد أن يعتقد بوجود إله يؤدي له شعائر التعبد في أن يصنع ذلك كله على مسئوليته الخاصة ، وفي مقابلها حرية من أراد الإلحاد والدعوة إليه أن يصنع ذلك كله بسند الدولة وضمانتها !


    * * *





    ؛





    [ أَنْتَـ ]



    مَعْزُووفـة تُجَسّدْ أحَاسيسْ جَمّـة مَسْتَوْطِنَـة فِي الجَسَدْ , بِرواائِحْ المَطَرْ وَرَوَاائِحْ الـرووحْ ؛



    ؛

  4. #4
    ___________________________________
    (1) سنتحدث في هذه النقطة تفصيلا في نهاية الكتاب




    كيف نشأت هذه العلمانية في أوروبا ؟
    أي كيف أقصيت بقايا الدين من الحياة الأوروبية وصارت الحياة (( لادينية )) تماماً في كل مجالاتها العملية ؟
    نحتاج أن نتذكر أولاً أنه في الوقت الذي لم يكن للدين الحقيقي وجود في أوروبا _ سواءً في صورة عقيدة صحيحة أو صورة شريعة حاكمة _ كان هناك نفوذ ضخم جداً يمارس باسم الدين في مجال العقيدة وفي مجالات الحياة العملية كلها من قبل رجال الدين ، ويتمثل في حس الناس هناك على أنه هو (( الدين )) .
    أى أن الصورة الواقعـية للدين في أوروبـا كانت تتـمثل أولاً في عـقيدة مأخـوذة من (( الأناجيل )) وشروحها تقول إن الله ثالث ثلاثة وإن الله هو المسيح ابن مريم ، وتتمثل ثانياً في صلوات وقداسات ومواعظ واحتفالات تقام في الكنائس يوم الأحد بصفة خاصة ، وتتمثل أخيراً _ وليس آخراً _ في نفوذ لرجال الدين على الملوك وعلى عروشهم إلا بإذن البابا ومباركته ، ولايتولون سلطانهم على شعوبهم إلا بتولية البابا لهم ، وإذا غضب عليهم البابا غضباً شخصياً لا علاقة له البتة بتحكيم شريعة الله , نبذتهم شعوبهم ولم تذعن لأوامرهم . وأما نفوذهم على عامة الناس فيتضمن أنهم لا يصبحون مسيحيين إلا بتعميد الكاهن لهم وليس لهم صلاة إلا بحضور الكاهن أمامهم في مكان محدد هو الكنيسة ، ولا يموتون موتاً صحيحاً إلا بإقامة قداس الجنازة لهم على يد الكاهن ، ولايعتقدون إلا مايلقنهم إياه رجال الدين من شؤون العقيدة ، ولايفكرون إلا فيما يسمح لهم رجال الدين بالتفكير فيه ، وعلى النحو الذي يسمحون لهم به ، ولايتعلمون إلا مايسمح لهم رجال الدين بتعلمه ، ولرجال الدين فوق ذلك نفوذ على أموالهم وعلى أجسادهم وعلى أرواحهم .





    ؛





    [ أَنْتَـ ]



    مَعْزُووفـة تُجَسّدْ أحَاسيسْ جَمّـة مَسْتَوْطِنَـة فِي الجَسَدْ , بِرواائِحْ المَطَرْ وَرَوَاائِحْ الـرووحْ ؛



    ؛

  5. #5
    هذا الدين _ بهذه الصورة _مخالف للدين المنـزل من عند الله في أكثريته . . ولكنه ليس خلواً بالمرة من حقائق الدين ، وهذا شهادة الله فيهم : } ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به { (1) .


    ____________________________________________
    (1) سورة المائدة (14)


    ففيه من حقائق الدين أن الله هو الذي خلق الكون كله ، وهو الذي خلق الإنسان على هذه الصورة الإنسانية وجعله عاقلاً مفكراً مريداً ، وكفله الأمانة ، وكفله عمارة الأرض والهيمنة عليها ، وعرفه أن هناك بعثاً ونشوراً وحساباً وثواباً وعقاباً يوم القيامة ، وأن هناك جنة وناراً أبديتين يصير الناس إليهما كل بحسب عمله . وفيه من حقائق الدين كذلك أن الله حرم القتل والسرقة والزنا والربا والكذب والغش والخيانة . . وأوجب على الناس في حياتهم أخلاقيات معينة يتقيدون بها في تعاملهم بعضهم مع بعض ، وأن الله شرع الزواج وحرم علاقات الجنس خارجه ، وشرع الأسرة وأوجب صيانتها وجعل للرجل القوامة عليها . . إلى آخر ما يجري هذا المجرى من حقائق الدين .
    ولكن الدين المنـزل من عند الله ليس فيه أن الله هو المسيح ابن مريم وأن الله ثالث ثلاثة وليس فيه أن يشرع رجال الدين ( الأحبار والرهبان ) من عند أنفسهم فيحلوا ويحرموا بغير ما أنزل الله ( كما أحلوا الخمر والخنـزير وأبطلوا الختان ) وليس فيه أن يطلب رجال الدين لأنفسهم سلطاناً يرهبون به الناس ويفرضون عليهم ما أحلوا هم وماحرموا من دون الله ، كما يفرضون عليهم الحضوع الكامل لأهوائهم في الوقت الذي لا يستخدمون فيه سلطانهم الرهيب في فرض شريعة الله على الأباطرة والملوك ليحكموا بها بدلاً من القانون الروماني ، ويكتفون بجعل هذه الشريعة مجرد مواعظ خلقية وروحية من شاء أن يتقيد بها تقيد ومن شاء أن يتفلت منها فلا سلطان لأحد عليه في الأرض ، بينما القانون الروماني يعاقب المخالفون له بالقتل أو الحبس أو ما سوى ذلك من العقوبات !





    ؛





    [ أَنْتَـ ]



    مَعْزُووفـة تُجَسّدْ أحَاسيسْ جَمّـة مَسْتَوْطِنَـة فِي الجَسَدْ , بِرواائِحْ المَطَرْ وَرَوَاائِحْ الـرووحْ ؛



    ؛

  6. #6
    وليس فيه أن يفرض رجال الدين لأنفسهم _ لا للفقراء والمساكين _ عشور أموال الناس ، ولا السخرة المجانية في أرض الكنيسة .
    وليس فيه كل ما فعله رجال الدين من فضائح ومخازٍ ودناءات . . كصكوك الغفران والفساد الخلقي بكل أنواعه ومناصرة الكنيسة للمظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والواقعة على الشعوب!
    ولكن أوروبا حين أنشأت علمانيتها نبذت الدين كله ، لم تفرق بين أباطيل الكنيسة وبين حقائق الدين !



    وصحيح أن الدين الكنسي _ بحقائقه وأباطيله _ لم يكن صالحاً للحياة ، ولم يكن مقبولاً عند الله } قل ياأهل الكتاب لستم على شيءٍ حتى تقيموا التوراة ولإنجيل وماأنزل إليكم من ربكم { (1) .
    ولكن أوروبا _ كما أشرنا من قبل _ حين نبذت دين الكنيسة الفاسد لم تبحث عن الدين الصحيح ، الذي يصدق الحقائق ويبطل الأباطيل .

    * * *
    كان الدين الكنسي ذا سطوة عنيفة على كل مرافق الحياة في أوروبا في قرونها الوسطى المظلمة . وكان ذلك أمراً سيئاً شديد السوء ، لا بسبب سيطرة (( الدين )) على الحياة كما خيل لأوروبا بغباء في جاهليتها المعاصرة ، ولكن بسبب سيطرة الفساد الكامن في ذلك الدين الكنسي على كل مرافق الحياة !
    ولكي نستيقن من الحقيقة في هذا الأمر ما علينا إلا أن نراجع فترة مقابلة (( وموازية )) من التاريخ ، كان فيها الدين الصحيح ذا سيطرة عظيمة على كل مرافق الحياة . تلك هي الفترة الأولى من حياة المسلمين التي أمتدت حوالى سبعة قرون من الزمان . فكيف كانت ؟ ! كان الهدى . وكان النور . وكان العلم . وكانت الحضارة التي عرفت أوربا طرفاً منها في الأندلس والشمال الأفريقي . وكان كل جميل من الأفكار والمشاعر وأنماط السلوك برغم





    ؛





    [ أَنْتَـ ]



    مَعْزُووفـة تُجَسّدْ أحَاسيسْ جَمّـة مَسْتَوْطِنَـة فِي الجَسَدْ , بِرواائِحْ المَطَرْ وَرَوَاائِحْ الـرووحْ ؛



    ؛

  7. #7
    شكرا اختي حياة
    موضوع رغم معرفتنا به الا ان فيه اسقاطات تستحق الوقوف
    بنت الشام

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •