منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: أوراق مهربة

العرض المتطور

  1. #1
    هشام بن الشاوي
    Guest

    أوراق مهربة

    أوراقٌ مُهرَّبة


    يقول المؤلف الثالث:
    في زمنٍ ما.. زمن ظلامي على أيِّ حال.. في عالمٍ سفليٍّ لا يستحقُّ إلا أن تتبولَ عليه من مرتفعٍ ما حتى لا تغرقَ رجلاك وسط الـ...
    ( تُسمع جلبةٌ وصفير.. يختفي صوتُ الراوي، ويتعللُ " أحدهم " أنّ عطباً فنياً وراءَ انقطاع (اختفاء؟!) صوته.. ).
    ينطلق صوتٌ أنثويٌّ دافئ محفوفٌ بموسيقى ناعمة: أيها الحضور الكريم! رجاء، لا تنزعجوا، ولا تهتموا بمتابعةِ هذا الفصل المسرحيّ اليتيم، فلدواعٍ سياسيةٍ ( وتنطقُ السينَ ثاءً غنجاً ) فرِضَ علينا بثـُّه، ولا تنسوا أن مؤلفَه يعاني من عقدةِ ( أوديب ) وعقد أخرى..!!
    ونعدكم ببرنامجِ سمرٍ حافلاً يتلاءمُ وأجواء ليالي الصيف البهيَّة في بلادنا الخلابة.. شكراً لحضوركم مرّة أخرى!!
    ( تصفيق حار متواصل )
    ****
    يقف الأخُ الأكبرُ على شفا الحفرة، والأبُ الروحيُّ يمدُّ إليه يديه في توسّلٍ، طالباً منه الغفران.. يندفع الأخوان خارجاً، محطمين الأعصاب، يرتميان على التابوت، ينهاران بكاءً.. يناشدان روحَ أمهما أنْ تصفحَ عن جرمِهما.. ويصيح بهما الأخ الأكبر: اغربا عن وجهي..!!
    ويتساءلُ بينه وبين نفسه بصوتٍ كالهمس: " هل تصرَّفَ ذلك الراعي بحكمة حين أكرمَ ضيافة عشيق أمّه، وودّعه أمام أهالي البلدة، وقد أثـقـل كاهلَ حمارِه بالهدايا.. وهو يعلم - سلفاً - أنه تسلل إلى فراشها الباردِ ليلاً؟!".

    ****
    يدفع الأبكم - وهو أشدهم قوّة وأذكاهم، وعاهة لسانه رسَمت على صفحة وجهه صرامةً عسكرية - زوجَ الأمّ نحو الحفرة المريعة معصوبَ العينين، مقيّدَ اليدين خلف ظهره.. يصرخ متأوّهاً حين يرتطم جسمه بقوة بالأرضية البعيدة:.. كنت أعرف أنّ نهايتي هكذا.. ( يشتكي من ألم موزَّع بين عدة مواضع من جسمه ) فقد لعبت اللعبة نفسها مع أبي، انتقاماً من قسوة معاملته لي في طفولتي.. وفي الختام، يريدني أن أرعى.. كومة عظام.. نسيَها عزرائيل..!!
    يصرخ الأخ الأكبر في وجهه، وعيناه جمرٌ يتوهّج: ولكنك لست أبي، بل أنت قاتله، وجعلت أمنا تشاركك جريمتك، وكلّ ذنبها أنها امرأة..
    يتوارى القمر الشاحب خلف غمامة، تتحرك شفتا زوجِ الأمّ بدون أن يُسمعَ له صوتٌ غير الأنين.. يستسلم لقدره، وعلى صفحة وجهه تنعكسُ ظلالُ نفسه..
    الأخ الأصغر: أخيراً، سقط القناع عن القناع..
    الأخ الأكبر: خدعنا عقداً من الزّمن دون أن نعرفَ أنّه قاتلُ أبينا وسارقُ أحلامه وحبه.. قتله برميه في غياهب معتقلٍ منسيّ..!!
    يشاركهمُ الأخ الأبكمُ الحديثَ وجدانياً.. بحركات رأسه، تعبيراتِ ملامحه وإشارات يديه.
    الأخ الأصغر: من يصدّق أنّ خلفَ هذه الابتسامة الراضية الصافية قلباً من حجر؟ هل كانت أبوَّته مزيفة..؟!
    تسود لحظة صمتٍ ثلجية، يقطعها الأبكم بإشارة بحركة أصابعه إلى أن المال، هو الذي يدفع الإنسان إلى قتل الإنسان في داخله.. يحيِّيه الأخُ الأصغرُ بإشارة من يده مهنئاً..
    الأخ الأكبر: لقد فعل بنا ما فعلَ من أجل ثروةِ أمّنا وليس حباً فيها.. وهي لم يكن يهمّها إلا التفكيرَ بأنوثتها.. وسيكون ردُّ شرفنا رقيقاً يليق بها كامرأة.. السمّ أرحمُ ألف مرة من الرصاص، على الأقل، بعد الموت..!! لقد حفرنا هذه الحفرة لنقبرَ عواطفنا وضعفنا الإنسانيّ، لأنهما مجلبة للعار والفضيحة..!!!
    يتوارى عن أنظارهما، يرنو الأبكم إلى الحفرة، ويتساءل بإيماءاته: هل يمكن أن ندفن كل شهواتنا الدنيئة هنا؟!
    في غفلة، الرقيب يرد عليه: آه يا لعين! لو لم تكن أبكم .. لكنتَ شيطاناً!!.. ويخرج من جيب سترته تباناً معطراً، يستعرضُ أمام أخيه الأبكم: آخر هدايا المحبين!! ( يضحك )، إنه تذكار صديقتي المهجرية ( وبنبرة حزن مفتعل ) حتما، سأبكي يوم ترحلين!!..
    (وينفجر ضاحكا)
    ****
    يذرع الأخ الأكبر القاعة الطويلة، ذات الإضاءة الخافتة جيئةً وذهاباً.. بانتظار وصول أخويه بصيدِهما الثمين.. ينظرُ إلى صورة معلقة على جدارٍ قبالته.. يبصق عليها، يطوح بها عبرَ الشبّاك المشرع، ويتخيل صاحبها مضرجاً بدمائه، وجسده كالغربال..
    يبذر توترَ أعصابه بتلميع حذائه الأسود الثقيل، ودخان السجائر يخنق المشهد..
    ****
    تحت جنحِ الظلام الدامس، تسبح ( الفيلا ) المهجورة في صمت مقابِريٍّ يحرسه القمرُ الخجول ، وأضواء المدينة تلوح من بعيد متآمرةً بضوئها الخافت..
    يمسح الحفَّار عرق جبينه بيسراه. يحس غبطة غامضة كلما انتهى من عمله، لا يعرف لها سببا، حتى لو حفر قبراً.. يأمر ابنه أن يجمعَ العدة..
    صوت ( فرامل ) قويّ. تتوقف ثلاث سيارات مرسيديس آخر طراز.. تلفظ ثلاثة رجال أشداء، متشحين بالسواد، يتحلقون حول الحفرة... يهنئهما كبيرُهم على روعة عملهما، ، يدس يده في جيبه، يضع رزمةً من الأوراق المالية في يد الكهل، ويغمز بعينه لأخيه الأبكم - وهو خير من ينفذ هذه العملية - أن يستردَّ المال ويقتلهما.. ولن يظفرا منه ببنت شفة إنْ سألاه عن السبب..!!
    ولاح - لأخويه - وجهُه الأسمر تحت ضوء القمر، بوسامته المنفية خلفَ تعابير قاسية وشاربٍ كث.. وجه - نادراً - ما يبتسم لرجل قليل الكلام ..!!
    ****
    بعد مراجعة مسوَّداتِ هذا الفصل اليتيم، توصلت برسالة من مجهول لم يحدد اسمه ولا عنوانه:
    " هل تسدل الستارة بعد نهاية الفصل الأول؟
    من يجرؤ على كتابة بقية فصول هذه المسرحية بعدما اختفى المؤلف الثالث (!؟) وقتل مبدع هذا النص في زنزانة عفنة، ومزقت أوراقه قطعاً صغيرة ..؟! ؟!
    من يتم ما قام به رفيق المؤلف بعد انطفاء نور عينيه؟ "
    بعدما أطلق سراحه أشعث أغبر شبه مخبول، يطارد الأوراق الملقاةَ على قارعة الطريق، اعتقاداً منه أنها من أشلاء روح أخيه، التي اعتكف في ( الفيلا ) المهجورة ليجمعها، ويحوم حول ( الفيلا ) ليلاً هرباً من أصوات رهيبة منبعثة من الحفرة السحيقة..
    وعثر على أوراق الفصل الأول على طاولة تتوسط القاعة الطويلة، ورجل أعمى أبكم تدل هيئته على أنه مختل عقلياً... أما بقيّة النص/ اللغز.. فقد قامت الريح برميه في الحفرة الطافحة جثثا وجماجم حتى لا.........

    أغسطس 2003

  2. #2
    نصوص تركت مئة سؤال وسؤال...
    هل معظم البشر مرضى نفسيين؟ ام هي حالات خاصه؟
    ام نحن لم نفهم الحياة جيدا؟
    تحيه لقلمك
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    هشام بن الشاوي
    Guest
    ريمة الخاني
    شكرا على دفء كلماتك
    تحياتي

  4. #4
    احيانا نكون ضحايا وظلمة في ان واحد ..ولكن من المسؤول اولا واخيرا؟
    تحيتي لك
    ملدا

  5. #5
    هشام بن الشاوي
    Guest
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملدا شويكاني مشاهدة المشاركة
    احيانا نكون ضحايا وظلمة في ان واحد ..ولكن من المسؤول اولا واخيرا؟
    تحيتي لك
    ملدا
    أهلا ملدا
    كيف أحوالك ؟
    سعيد بمرورك
    مودتي

  6. #6
    أخي هشام بن الشاوي مررتُ للتحية و لمصافحة ألق كلماتك المختلفة
    دمت في خير
    مودتي الدائمة

  7. #7
    أخي هشام بن الشاوي مررتُ للتحية و لمصافحة ألق كلماتك المختلفة
    دمت في خير
    مودتي الدائمة

المواضيع المتشابهه

  1. من أوراق السادات
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-26-2013, 01:54 AM
  2. أوراق السريرة
    بواسطة يسري راغب شراب في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-26-2011, 09:56 AM
  3. أوراق متناثرة
    بواسطة عبد العزيز أمزيان في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-26-2011, 03:22 PM
  4. أوراق القات ...
    بواسطة مصطفى الطاهري في المنتدى فرسان الأدب الساخر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-11-2010, 03:25 AM
  5. أوراق ...
    بواسطة كاظم الفضلي في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-21-2010, 05:33 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •