-
باحث في علم الاجتماع
الغرب والإسلام الطائفية قرين الاستبداد ...! (101)
مصطفى إنشاصي
ولم تتوقف محاولات الغرب استغلال بعض الطوائف في وطننا لتحقيق اختراق فيه، فقد قام بتحريض ودعم تمرد بعض الأقليات الطائفية في وطننا لزعزعة استقرار الوضع الداخلي في الدولة الإسلامية العثمانية منذ القرن السابع عشر، فقد دعم حركة (فخر الدين المعني والشهابي) في لبنان للاستقلال، ولكنها فشلت لقوة الدولة العثمانية آنذاك! واستمر الغرب بالتأسيس لاستغلال الطائفية في وطننا لتدمير وحدته واحتلاله، فسعى إلى استغلال الامتيازات الأجنبية التي منحتها الدولة العثمانية أيام قوتها لبعض الدول الغربية، وكانت امتيازات تجارية واقتصادية وسياحية في بدايتها، وبدأت تستغل تلك الامتيازات مع ضعف الدولة العثمانية وتحولها إلى امتيازات سياسية، وحقوق لرعاية بعض الطوائف في وطننا تحت ذرائع كثيرة تمهيداً لتحريضها ودعمها للاستقلال عن الدولة العثمانية وتفكيك وحدة الأمة والوطن!
ولم تتوقف محاولات استغلال الطائفية في وطننا أو بعض الطامحين في الملك والسلطة والسيادة، فبعد فشل حملة نابليون على الشرق الإسلامي استغلت فرنسا من خلال أحد ضباطها الذي ساعد محمد علي في تأسيس جيش عصري وأشرف على تدريبه وسهل له شراء الأسلحة من فرنسا، إلى استغلال طموح محمد علي باشا ضد الخلافة الإسلامية والقيام بحملته على بلاد الشام والحجاز، التي انتهت بفتح باب التدخل الغربي في الدولة العثمانية واسعاً مقابل دعمها ضد محمد علي، وهكذا تحولت بعض طوائف وطننا رعايا محليين لبعض دول الغرب الطامع في وطننا، وانتهَ الأمر إلى ما أصبح معلوماً للجميع ... لذلك لا أمان لوطننا إلا باجتثاث الطائفية!
الطائفية قرين الاستبداد
قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ) (القصص:3)! نفهم من الآية الكريمة أن الطغاة والمستبدين هم الذين يقسمون ويفرقون وحدة الشعب إلى شيع وطوائف ليسهل عليهم السيطرة عليهم وقمعهم وحكمهم واستعبادهم، ونظرية (فرق تسُد) الرومانية مشهورة، فالطائفية قرين الطغيان والاستبداد ونتيجتها الظلم والفساد، والطائفية تهدد وحدة المجتمع بل هي ضد وحدته، حتى لا يواجه استبداد المستبد ويقاوم ظلمه متوحداً!
كما أن المقاومة والطائفية لا يجتمعا معاً، لأن الطائفية أياً كان سببها عدو للمقاومة، فالخلافات بين طوائف المجتمع الذي تفرض عليه ظروف خارجية في مرحلة ما المقاومة تنعكس أثارها على موقف المجتمع منها، ويختلف بين مؤيد ومعارض ومتآمر مما يضعف تلك المقاومة! حتى وإن اتفقت الطوائف في مرحلة معينة على شرعية المقاومة إلا أنه سيأتي وقت تتقدم فيه المصلحة الطائفية على مصلحة الوطن، وتهدم وتخرب كل ما بنته وحدة الطوائف في مرحلة ما، لأن مصلحة الوطن تتعارض مع مصلحة زعماء الطائفة، وليس عموم أبناء الطائفة الذين تشترك مصلحتهم مع عموم مصلحة أبناء الوطن من الطوائف الأخرى!
كما أن قيام مصاصي الدماء سواء الحكومات الطائفية أو زعماء الطوائف والأحزاب المشاركة في الحكومة بإرهاب المتظاهرين ضد فسادها باتهامهم أن مَنْ يحركهم الجهة أو الحزب كذا (أعداء) طوائفهم، وذاك الحزب متهماً في الثقافة المجتمعية الطائفية والحزبية في مرحلة التظاهر بأنه عدو للوطن، ذلك يعني أن الحكومة القائمة على المحاصصة وزعماء تلك الطوائف وأحزابها يُصرون على تكريس الطائفية، وشرذمة الوطن، لحماية أنفسهم من المحاسبة ومواصلة فسادهم وامتصاص دماء أبنائه وتجويعهم، ولمزيد من نهب ممتلكاته وثرواته التي هي ملك لجميع أبناء الوطن، لأنهم يدركون أن انتفاضة الشعب بكل طوائفه وإن غلب على المتظاهرين طائفة بعينها، تعني وحدة الشعب ووحدة أهدافه ووحدة مطالبه لا تتحقق إلا بسقوط الطائفية.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى