نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي








‎ with Hamza Kettani


بلغني بكل أسف وأسى نبأ وفاة العلامة الدكتور، الأستاذ عبد الهادي التازي موخا، عميد السفراء والمؤرخين العرب، ورائد فن التار يخ الدبلوماسي، وأدب الرحلات، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة اليوم الخميس عن سن يناهز المائة عام، بعد عمر حافل قضاه في العلم، والوطنية، والدبلوماسية، فرحمه الله تعالى وتجاوز عنه.
الأستاذ التازي من العلماء الأفذاذ المخضرمين، فقد درَس في جامعة القرويين أيام كان يدرس بها أئمة العلوم والمعارف،كما درَس في النظام الأكاديمي الحديث، وعدد لغاته فأتقن بجانب العربي الفرنسية والإنجليزية...وترك تراثا مهما من ضمنه: التاريخ الدبلوماسي للمغرب، في نحو تسعة مجلدات، وتاريخ جامعة القرويين في أربعة مجلدات، وتحقيق رحلة ابن بطوطة في عدة مجلدات، ورحلة الرحلات، استعرض فيه الحديث عن مائة رحلة مغربية للحج...إلى غير ذلك من المؤلفات الرائدة..
إضافة إلى دماثة أخلاقه، وتواضعه مع الكبير والصغير، فقد زرته أخيرا في بيته أنا وشقيقي الدكتور حمزة الكتاني، وحفيده المهندس الدكتور أحمد.وناوله شقيقي موسوعة جدنا - صديقه - الإمام محمد المنتصر بالله الكتاني، (معجم فقه السلف)، ففرح به غاية، وبقي يثني عليه، ويعبر عن بالغ سعادته به.
وللدكتور التازي جانب طريف، ربما أدرى الناس به هم القريبون منه، فقد ألف "حزبا صوفيا" سماه "حزب الجو"، عارض به "حزب البحر" للإمام الشاذلي، كتبه في الطائرة، وكان معتزا مفتخرا به، حدثنا عنه، وكتب في الصحافة والإعلام عنه...
كما كان راوية للحديث، فهو من آخر من يروي عن الحافظ أبي شعيب الدكالي في الدنيا، ويروي عن المدني ابن الحسني، ومحمد بن أحمد ابن الحاج السلمي وغيرهم من الأكابر.
تمتد علاقتنا بالأستاذ التازي منذ سلفنا، فقد درس مع جدي الإمام محمد المنتصر بالله في جامع القرويين، ثم مع عم جدي وابن خالته الدكتور إدريس الكتاني - شفاه الله تعالى - وهو أستاذ لأجيال، فقد درَّس والدتي في كلية الحقوق بالرباط، شعبة العلوم السياسية، وكانت تربطه علاقة طيبة بوالدي العلامة الدكتور علي بن المنتصر الكتاني رحمه الله تعالى، وقد أكرمنا بالحضور في عزائه رحمه الله، ومواساتنا في ذلك بكل لطف و"دبلوماسية".و لما دخلت معزيا في زوجته الشريفة رحمها الله فرح بي و قال لي إنه زار جد جدي اﻹمام محمد بن جعفر رحمه الله في فاس لما رجع من المشرق بعد غيبته الطةيلة و استجازه فأجازه..
لقد أكرم الله تعالى الأستاذ عبد الهادي التازي بأن حفظ له حواسه إلى وفاته، فقد عاش فوق 96 سنة، ومازال يتذكر كل شيء ويحاضر، ويناقش، ويفرح بضيوفه. وإن الخسارة بفقدانه لتعد خسارة عظيمة للمغرب، وللعالم الإسلامي ككل، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم...