لحظة تدبر / د. ضياء الدين الجماس
في الآية الكريمة : (إنا كل شيء خلقناه بقدر)
كل شيء : إطلاق يشمل جميع المخلوقات ما ظهر منها وما بطن.
بقدر: تعني بمقدار محسوب بدقة متناهية سواء في طبيعة المخلوقات أو تفاعلاتها وتصرفاتها مع بيئتها التي تحيط بها.
إن حساب المقادير المطلقة الدقة تعني أنَّ من يقوم بتقديرها هو قادر قدير مقتدر ولا يمكن أن يتيسر له ذلك إلا لعليم علام خبير مطلق العلم وحاسب حسيب سريع الحساب ومُحْصٍ ومحيط بكل شيء.
ولا يتسنى ذلك إلا لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
أمثلة بسيطة على دقة التقدير :
1- وضعت الأرض على بعد مناسب من الشمس يوفر درجة الحرارة المناسبة لمخلوقات الأرض، ولو قربت الشمس قليلاً من الأرض لاحترق كل من عليها، ولو بعدت قليلاً لتجمد كل من عليها.
2- قدَّر سبحانه وتعالى مقدار سكر الدم المناسب للحياة الطبيعية بمقدار معين فإذا زاد عنه تولد الداء السكري ولو نقص عنه لتلف الدماغ أولا واستحالت الحياة
3- جعل للغازات نسبة معينة لكل منها في الهواء ، فنسبة الأكسجين 21% تقريباً. فإذا زادت تسمم به الجسم ولو نقصت مات الجسم اختناقاً.
4- قدر لنا زمن الليل والنهار بالتناوب ، ولو جعل الحال واحداً إما ليلاً مستمراً أو نهاراً مستمراً لاستحالت الحياة.
5- جعل قدرتنا البصرية بمجال لا نرى فيه إلا ما نسر لرؤيته بهدوء ولو جعل قدرتنا البصرية أقوى بحيث نرى الجراثيم والفيروسات والفطور لما استمتعنا بالحياة.
6- جعل سمعنا بقدر معين نسمع الأصوات الملائمة لحياتنا ولو جعلها بمجال أوسع لسمعنا ما يسبب لنا ضجيجاً مزعجاً يحرمنا النوم الهانئ.
7- كذلك حال الحواس كلها قدر لها مجال إحساسها بحيث توفر لنا المعلومات الكافية لنحس بما حولنا بلطف، ولو زادت أو نقصت لاستحالت القدرة على جمع المعلومات الحسية المناسبة.
هذا غيض من فيض عليك أخي الكريم أن تجلس متفكراً متدبراً في آيات خلقك وما أنعم الله تعالى به عليك ، لتتعرف على أسمائه ونعمه فتتقرب إليه وتحبه ويحبك.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.