حرية النزوة

[رغد قصاب]

حرية النزوة
-------------
كثيرون يشعرون أنه يتوجب عليهم تناول ثلاث وجبات من اللحم يومياً، وآخرون مقتنعون أنه لا ينبغي لهم تناول سوى الخضروات والمكسرات وأنهم سيمرضون فيما إذا نوّعوا غذاءهم قليلاً!
مثل تلك الاعتقادات هي ضرب من الاستعباد. يجب على الشخص أن لا يسمح لأي من عادات الحياة بتقييده، وأن يمتلك بدلاً من ذلك المقدرة على تغيير عاداته طبقاً لما توحيه الحكمة ويمليه الصواب.
يجب أن نتعلم العيش باستقامة، مستخدمين قوة الاختيار الحر المدفوع والموجّه بالمعرفة الرشيدة.
وينبغي أن يتمكن الشخص من النوم على فراش وثير ليلةً، وعلى الأرض ليلة أخرى.. بنفس الراحة.
ذلك الإفلات الرائع من قيود العادة هو التحرر الذي ينادي به الحكماء.
هناك من يعتقد أن الحرية هي عمل كل ما يحلو للإنسان عمله، وهذا ما أدعوه حرية النزوة والهوى.
وبسبب فكرة مغلوطة عن الطبيعة الحقيقية للحرية فإن بعض الآباء والأمهات يجعلون من أبنائهم عبيد عاداتٍ بالإنصياع لرغائبهم دون تمييز.
وعلى هذا الأساس يشب الطفل محتسباً أنه ما دامت رغائبه محققة يبقى سعيداً وأن الغاية من الحياة هي إشباع الرغبات.
لكنه يدرك فيما بعد أنه قد خُدع. فالعالم خارج المنزل يختلف كلياً عما رآه وتعوّده داخل البيت.
ليس من السهل إشباع كل نزوة في الحياة! فالآخرون قد يدفعونه جانباً في تزاحمهم المحموم للحصول على مبتغاهم، وهو بدوره أيضاً يصبح متحجراً، قاسي القلب من أجل تحقيق أهوائه ونيل مشتهاه، معتقداً أن تحقيق الرغبات الجسدية هو الهدف الأسمى للإنسان، مستيقناً أن هذا العالم هو الكل في الكل.
يتعين على أولياء الأمر تسليح أبنائهم بإرادة قوية وتمييز حصيف كي يتمكنوا من شق طريقهم في العالم دون أن يتأثروا بعاداته السيئة.
من تعاليم المعلم برمهنساترجمة محمود عباس مسعود

[غالب الغول]

بسم الله الرحمن الرحيم

وبما أن هذا البحث يتناول في مقدمته , ( تناول الطعام ) فعلية استعمال كلمة اشتهيت الطعام : أي رغبته وأحببته , يقال شهيَ الشيْ وشهاه يشتهاه شهوة واشتهاه وتشّهاه . فإن كانت الشهوة مخفية فهي من الفواحش , وإن كانت علنية فهي مباحة وهي مبتغى الإنسان وطلبه وحلاله ما لم يكن بها إسراف أو تبذير , قال عمر بن الخطاب لرجل كلما اشتهى اشترى , ( أكلما اشتهيت اشتريت ) بمعنى لا يجوز التبذير , والإصراف , ولا نستعمل كلمة ( نزوة الطعام ) لأن للنزوة معان قد لا يليق استعمالها بهذا المقام , فالنزوة معناها الوثوب , وهو نزو الذكر على الأنثى , ويقال هذا للسباع عامة , والنزاء معناها السِّفاد , والسفاد معناها النزو .

فعندما نخلط بين الشهوة والنزوة للطعام فإن المعنى والشرح سيكون به اختلاف في وظائف الكلمات , ولو استبدل ( حرية النزوة . بحرية الإشتهاء ) لكان المعنى أصوب .

هذا من جهة , ومن جهة أخرى , تقول الكاتبة (وعلى هذا الأساس يشب الطفل محتسباً أنه ما دامت رغائبه محققة يبقى سعيداً وأن الغاية من الحياة هي إشباع الرغبات.
لكنه يدرك فيما بعد أنه قد خُدع ))

وأظن أن المترجم قد خلط في المعاني , ولقد أصاب في استعمال كلمة الرغبات , وأخطأ في استعمال كلمة النزوات , وأنا أخالف رأي الكاتب في العبارة أعلاه , فعلى الطفل أن يشبع رغباته , ويجب على الوالدين تحقيقها ما دامت هذه الرغبات لا تتعدى المأكل والمشرب والأدوات المدرسية وأدوات اللعب , والتنزه , والسير على الأقدام وتسلق الأشجار , ليكتشف من هذه الحركات وهذه التصرفات أشياء أخرى قد تفيدة في تجنب الكثير من الأخطاء التي تصادفه , ولكن علينا أن نعترف بأن بعض أو كل هذه النعم قد تزول , ومن الأفضل أن يكون الإنسان معتدلاً في مأكله وملبسه ومشربه تماشياً مع القول ( إخشوشنوا فإن النعم لا تدوم )

وأما القول ( لكنه يدرك فيما بعد أنه خدع ) فهذا غير صحيح , ولا يمكن أن يؤدي هذا إلى خديعة , ما دامت كل الأمور بمستوى المعقول التي تناسب إدراك الطفل , ومن جهة عامة , باستطاعتنا القول , بأن البشرية تريد من حياتها إشباع رغباتها فتجنح لاستصلاح الأراضي وشق الطرق وحرث الأرض واختراع كل ما يلزمها للحياة من أدوات ,المطبخ والمصنع والدفاع عن الأرض , والتفكير باستحداث أنواع من الفواكه والخضروات تحقيقاً لما تشتهيه النفس , وليس لإشباع ( النزوات ) التي قد تفسر لأغراض أخرى .

للكاتبه الأستاذة والمربية والأديبة رغد قصاب , أجمل الأوقات ولها كل التحايا والاحترام .

[محمد إقبال بلو]

موضوع منقول يعنى بجيل عاش على : اطلب تعطى ـ ومات حلمه لانه بات استهلاكيا بامتياز.
شكرا لك

[غالب الغول]

[QE=محمد إقبال بلو;287]موضوع منقول يعنى بجيل عاش على : اطلب تعطى ـ ومات حلمه لانه بات استهلاكيا بامتياز.
شكرا لك[/QE]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ

أخي محمد إقبال , السلام عليكم

تقول في مشاركتك: (موضوع منقول يعنى بجيل عاش على : اطلب تعطى ـ ومات حلمه لانه بات استهلاكيا بامتياز )

أخي الغالي :

هذا الجيل الذي تقول عنه هو امتداد لجيلنا المعاصر , وبخاصة أن الكاتب أجنبي متحرر من كل القيم والمبادئ , وهذا تعرفه من خلال قوله: ((هناك من يعتقد أن الحرية هي عمل كل ما يحلو للإنسان عمله، وهذا ما أدعوه حرية النزوة والهوى ))

إن العبارة السابقة يمكن أن تكون على قسمين , القسم الأول ( أن الحرية هي عمل كل ما يحلوا للإنسان عمله ) وهذا صحيح تماماً , ولكن الأعمال على أنواع , ف( من عمل صالحاً فلنفسه , ومن أساء فعليها) , وهذه الآية لم يدركها الغرب الفاسق , فليست كل الأعمال مباحة , ودائماً يطلب الإنسان الحرية بكامل أنواعها المحللة والمباحة اجتماعياً وإنسانياً وقانونياً وكل ما يحبذ المجتمع عمله من تصرفات صحيحة لا تلوث الشرف والقيم والعادات والعرف ,

وأما قول الكاتب في الشق الثاني من العبارة ( وهذا ما أدعوه حرية النزوة والهوى ) فأي حرية وأي هوى يطلبها الكاتب ؟ هل أصبح الإنسان حيواناً لا يهمه إلا إشباع نزوته وهواه , والله سبحانه وتعالى يقول ( والذين هم عن اللهو معروضون ) ثم قال:

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا

(((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى

((((إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ

فالهوى وحب الشهوات من النساء وكل النزوات التي يطلبها الإنسان خفية , فهي من الفواحش المحرمة شرعاً , لذا فالحرية للإنسان مطلوبة , حرية الأكل والشرب وكل ما حلله الله , حتى النزوات مع الزوجات , وحتى الشهوات مع ما حلل الله , فكل ذلك به إباحة ولا حرج .

أشكرك أخي الأستاذ محمد إقبال , ولك التحية على التعقيب .

[رياض محمد سليم حلايقه]

حوار شيق ومفيد
لكن من الواجب تلبية رغبات الأطفال ما دامت ضمن المباح
وأكيد أن ذلك سيعود عليه بالفائدة.
احترامي للجميع

[غالب الغول]

[qote=رياض حلايقة;2007]حوار شيق ومفيد
لكن من الواجب تلبية رغبات الأطفال ما دامت ضمن المباح
وأكيد أن ذلك سيعود عليه بالفائدة.
احترامي للجميع[/qute]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@

أشكر مرورك وحضورك وتعليقك أخي الغالي رياض , وأنا أقدر قولك (لكن من الواجب تلبية رغبات الأطفال ما دامت ضمن المباح ) وهذا ما أدعو إليه في تعقيبي على المقال السابق للأخت الأديبة رغد قصاب , لأن الطفل في مقتبل عمره يريد أن يكتشف كل شيء يحيط به , ويريد أن يكتسب مزيداً من المعرفة , وهذا يهمنا أن نوفر له كل ما يصبو إليه بحدود إمكاناته الجسدية والعقلية والصحية والنفسية .
لك الشكر والتقدير .

ونأمل من الأخت رغد أن تخرج من موجة الثلج لنستمع تعليقها على هذه المشاركات وشكراً لها .

[ريم اليافي]

بارك الله بكم أساتذتنا على هذا النقاش المفيد
إن الأمور تجري بالمقادير
طالما أن هنالك مقدار معين في إعطاء الطفل ما يريد وتلبية حاجاته
فلن يخدع ولن يكن هناك أي ضرر عليه وبالتالي سيفهم مبادئ عظيمة
وأهمها أن مثل ما له يجب أن يكون لغيره وبالتالي سيبتعد عن الأنانية وحب الذات
الحرية لها مفهوم جميل ورائع جدا وهي أنها تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين
هذه هي وظيفة الأهل
قال تعالى :"وكل شيء عنده بمقدار"
سبحان الله قاعدة قرآنية ربانية مذهلة النتائج إذا ما طبقت بيننا
وللأستاذة رغد جزيل الشكر والتحية ولكل من شارك وأفادنا
بوركتم فرساننا

[غالب الغول]

بارك الله بكم أساتذتنا على هذا النقاش المفيد
إن الأمور تجري بالمقادير
طالما أن هنالك مقدار معين في إعطاء الطفل ما يريد وتلبية حاجاته
فلن يخدع ولن يكن هناك أي ضرر عليه وبالتالي سيفهم مبادئ عظيمة
وأهمها أن مثل ما له يجب أن يكون لغيره وبالتالي سيبتعد عن الأنانية وحب الذات
الحرية لها مفهوم جميل ورائع جدا وهي أنها تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين
هذه هي وظيفة الأهل
قال تعالى :"وكل شيء عنده بمقدار"
سبحان الله قاعدة قرآنية ربانية مذهلة النتائج إذا ما طبقت بيننا
وللأستاذة رغد جزيل الشكر والتحية ولكل من شارك وأفادنا
بوركتم فرساننا

@@@@@@@@@@@@@@@@
أشكرك يا أستاذة ريم اليافي على هذه الكلمات , وهي مطابقة لما هو في مشاركاتي , وأنا أقدر رأيك , وشكراً لك .

ننتظر الأخت الكريمة رغد لتعلق على مداخلاتنا , ويرعاكم الله .