خـنـفـشـــاري !!! ... بقلم : إيــاد نــزيــه الــدرويــش
هناك صنف من الناس يعتقد أنه يحسن الحديث في كل شيء , تسأله في الموسيقى فيجيبك كما لو كان بيتهوفن، وفي الرياضة فيرد بثقة تتجاوز الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم ، وفي الاقتصاد فتحسب أنك أمام محافظ البنك المركزي، وفي الطبخ فتخاله الشيف رمزي، وفي الكمبيوتر فلا تظن أن أمامك غير بيل غيتس، وفي السياسة فتجزم بأنك تستمع إلى بان كي مون .
هذا الصنف من الناس لا يمكن إلا أن يكون مدعياً، وفي رواية نصّاباً، لكنه لا ينصب المفعول به، بل ينصب على الفاعل والفعل معاً، بادعاء المعرفة في كل شيء، وهو لا يفقه شيئاً بتاتاً.
قد يبهر هؤلاء البعض فترة من الزمن، وقد يخدعون آخرين فترة أخرى، لكنهم لا يستطيعون أن يخدعوا ولو قلة من البشر طوال الوقت.
مدعو علم كل شيء يسمون الخنفشاريون، ومفردها خنفشاري ، ومن المعروف عن علماء اللغة الأوائل أنهم كانوا يجوبون البوادي والفيافي بحثا عن العرب الصرحاء ليأخذوا منهم اللغة العربية صافية سليمة لم يشبها الاحتكاك بالشعوب المجاورة. وكان علماء اللغة قد جمعوا الكثير من لغة هؤلاء العرب الصرحاء، وكان بعضهم يعتد ويفتخر بما لديه من الغريب والكلم الذي جمعه من العرب الفصحاء .
ومن هؤلاء كان هناك عالم لا يسأل عن كلمة إلا شرحها وتكلم عن معناها ودلالتها ومن القبائل التي تستخدمها مع ذكر شاهد شعري أو نثري يحتوي عليها.
وبسبب إجابته الحاضرة عن كل سؤال أو كلمة، شك بعض طلابه في أن تكون هذه الحصيلة العلمية والمفردات العربية مجرد أشياء يؤلفها من رأسه وليست مأخوذة فعلا عن كلام العرب أو لهجاتهم الخاصة. فتواطئوا على أن يفحموه ويسألوه عن كلمة لا ينطق بها العرب أصلا وليست من كلامهم , ليسمعوه ولو مرة واحدة يقول :
لا أعرف هذه الكلمة، أو ليس لدي علم بها. فقالوا ليأت كل منا بحرف ومن ثم نجمع هذه الحروف لتكون كلمة، إلى أن عملوا كلمة (خنفشار). بعدها جاؤوا لشيخهم فقالوا: يا شيخنا الفاضل، نريد أن نعرف ما هو (الخنفشار)؟ تفكر الشيخ قليلا وأحس أن في المسألة خبيئا قد خبئه له هؤلاء الطلاب (الزعران) ليفحموه. لكنه لم يلبث أن أجاب على الفور: الخنفشار نبات ينبت في أطراف بلاد اليمن، إذا وضع في الحليب راب، قال الشاعر : لقد عقدت محبتكم فؤادي ******* كما عقد الحليبَ الخنفشارُ.
وقال صلى الله عليه وسلم : ............... فقال له صحبه: حسبك! كذبت على هؤلاء، فلا تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم !!!
فأسموه بعدها الخنفشاري، وذهبت مثلاً لمدعي العلم أو المتعالمين، أعاذنا الله وإياكم منهم!
فتعجب الطلاب من بداهته، واحتاروا في أمرهم: فهل وافقوا بسؤالهم كلمة موجودة أصلا في اللغة العربية قد تكون من أصول غير عربية، أم أن الشيخ أحس بما خبئوه له فلفق إجابة من رأسه ليفسد عليهم الخطة؟ ))
هذه هي قصة الخنفشار ... وبهذه الطريقة دخل هذا اللفظ الغريب إلى اللغة العربية... ولكن لا تحاولوا البحث عن معنى لها في المعاجم... لأنني سبقتكم وحاولت في كل من لسان العرب ومختار الصحاح والقاموس المحيط ... فلم أجد لها معنى.
هذه مساهمتي أرجو أن تتقبلوها مني بعد طول انقطاع , سائلا المولى عز وجل أن يفرج هذه الغمّة عن بلدنا الحبيب قريبا" إنه سميع مجيب ودمتم بألف خير .
E.N.D
المصدر:
http://www.syria-news.com/dayin/mosa...ws.php?id=9667