منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6

العرض المتطور

  1. #1

    قَصيدَةُ النَثر

    موجة قديمة «مستوردة» تتجدد أخذت تطفو على سطح مشهدنا الثقافي، وكما عبثت المقادير بالقصة القصيرة، وقزّمتها إلى (ق ق ج)، على تهمة كلمة «جداً» التي أضيفت عدواناً لكي تبدو طفرة جديدة، سرعان ما تباطأت وانكفأت إلا قليلاً.

    قصيدة النثر، أو (القصيد) كما أطلق عليها أدباء العصر الحديث أمثال «جبران، وتوفيق الحكيم، وحسين عفيف وغيرهم» للتمييز بينها، وبين القصيدة، وهذا التخبط في اختيار توصيف واضح لهذا اللون من الكتابة «ولا أقول الجنس» قد يكون أوضح دليل على فقدان بوصلة التسمية.
    أعجبني قول «برنار» في محاولته التوصيف فيقول: (قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، مضغوطة، خلق حرّ، ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجاً عن كلّ تحديد، وشيء مضطرب).
    لا يصح، من باب تهذيب الألفاظ، أن نطلق تسميات مرتبكة كيفما اتفق، ونقول نثراً وشعراً، ومن الطريف حقاً أن نعلن، قبل أن يتم الزواج التوافقي بينهما، عن ولادة «قصيدة النثر».!
    نحن نتحدث عن لغة وعن أجناس أدبية وعن نضوج وأصالة وهوية وحداثة أيضاً، عن شيء روحي يسمو فوق توصيفات ماديّة طارئة، وليست الحداثة أن ندمّر معاجمنا، ولا أن نسفّه مسيرة الحداثة التي لم تتوقف منذ بدء الحياة، لأن مسيرة التطوّر تفرض نفسها في كل آن، ولكنها لا تجبّ ما قبلها أبداً.
    الحداثة تنمو على الأصالة ولا تلغيها، أما افتعال التحديث غير المؤصل فهو افتعال عبثيّ، ولا يمكن أن يصبح ترويجاً لحداثة ليس لها غير تنظيرات عابثة.
    وفي عودة إلى مسألة القصة القصيرة جداً، وهي، كما أرى، قصة قصيرة إذا استوفت شروطها في أربعة أسطر، أو في أربع صفحات، الإشكال وقع في تلك الـ «جداً» التي اقتحمت الجنس النثري الجميل فأوقعت إرباكاً غير محدود بين أدعياء الأدب، مستسهلين ركوب موجة عابرة لتفريغ عشرات بل مئات من النصوص التي لا ترقى إلى أيّ جنس نثري، وليست أكثر من طرفة أو نكتة أو كلمات جوفاء ليس لها ارتداد صدى.
    انهالت القصص القصيرة جداً، وأغرقت السوق الأدبية، وجعلت من مرتكبيها أدباء.! فمن قال أو قالت في نصٍّ من هذه النصوص: (صحوت صباحا، فتحت الستارة، وفي المساء أغلقت الستارة.. انتهت) فهل هذا ما يفرض أيضاً الحال على من يروّجون لقصيدة النثر.؟
    الفراهيدي جاء بعد عقود كثيرة ليضبط أوزان الشعر العربي بالتفعيلات المعروفة، وكان الشعر سبّاقاً لأنه حمل على عمود الأساس، وفي مضامينه من رثاء وفخر وهجاء وحماسة ووقوف على الأطلال، وإلى آخر هذه «التهويمات»، حمل عذوبة الموسيقا، وهذا ليس عيباً وليس سبّة، فالشعر وزن وموسيقا، ولو تخلى عن القافية والشطرين «الصدر والعجز» تبقى فيه موسيقاه، وهذا لا يلغي أبداً أن في النثر لغة شعرية، لكنها ليست موسيقا، والحديث عن موسيقا داخلية في النص، أمر أراه أبعد ما يكون عن الفهم.
    أنا لست ضد هذا اللون من الكتابة، بل أقول هو في بعضه جميل، لكنني أختلف على إطلاق تسمية «قصيدة النثر» عليه، ففي التسمية الحالية المرتبكة تضاد مع سويّة الطرح.
    ولست أفهم كيف «يخرج جِنيٌّ من فنجان قهوة ليعانق نوارس الفضاء ثم يهبط مرسالاً ملائكياً بين عاشقَين، على فرجةٍ مفتوحة في حضن الأرض.!» ثم يمهر هذا النص بأنه قصيدة نثرية.! وعلى من يتساءل ما هذا العبث الضلالي، أن يحمل تهمة التخلّف ومحاربة الحداثة.
    إنها دعوة للحوار، وليست دعوة للصراع فنحن جميعاً ننشد الأفضل، وعلى هذا الطريق يجب أن نعمل.
    موقع عدنان كنفاني
    http://www.adnan-ka.com/

  2. #2
    أخي الأستاذ الفاضل عدنان كنفاني ,
    موضوعك هذا الذي يفرق بين الشعر والنثر , موضوع هام , وكم من باحث تصدى لذلك وأنكر اجتماع النثر مع الشعر , أو النثر مع القصيدة , ولكن أنصار الفكرة الغربية كان لهم نظريات فلسفية لا يفهما أحد غيرهم ليضعوا الغربال على العيون فيحجبون به أشعة الشمس .
    كلنا يعرف بأن لغتنا العربية إما أن تكون شعراً وإما أن تكون نثراً , وإما أن تكون قرآناً , فالشعر له الإنشاد , والقرآن له الترتيل , وما تبقى من الكلام فهو نثراً مهما اختصرت ومهما بلغت ومهما صنعت , لأنه يخلو من الوزن , وأكبر أكذوبة نصادفها هي خدعة ( الموسيقا الداخلية ) وأين هذه الموسيقى الداخلية ؟ وكيف نحس بها ؟ وما هي أبعادها , وفي أي نص موجودة , هل الموسيقا الداخلية موجودة في قصيدة النثر وحدها ؟ أم توجد في الرواية والقصة والمقالة والحديث النبوي الشريف أو في آيات الله سبحانه , ؟ أين هي الموسيقا الداخلية وما هو كنهها ؟
    من هنا يطلقون العنان على مصطلحات هم أنفسهم لا يعرفون حدودها , الا يوجد في الشعر العمودي موسيقا داخلية وخارجية معاً , وإذا أردنا أن نضع النقاط على الحروف , دعونا نتعرف على مصطلح ( موسيقا ) فإن عرفنا ما هي الموسيقا كما يفهمها علماء الموسيقى وليس كما يفهما أدباء المصطلحات الرنانة , بعد ذلك نعرف طريق قصيدة النثر إلى أين تسير .
    الموسيقا بمصطلحها المعروف عند أهل الموسيقا أنفسهم , هي أصوات متداخلة مع اللحن قد تكون موسيقا إيقاعية , وقد تكون موسيقا غير إيقاعية , ويعرفها البروفيسور عبدالحميد حمام عميد كلية الآداب في جامعة اليرموك بقوله (( إن لكلمة إيقاع في الموسيقا دلالة تختلف عنها في الأدب وهي تقتصر على معالجة المدة الزمنية , أما ارتفاع الطبقة وانخفاضها والإعادات والتعبير فتنبع لعناصر أخرى مثل اللحن والطبقة والشكل البنائي ))
    وأول ما قله الدكتور هو ( إن لكلمة إيقاع في الموسيقى ) أي أن الإيقاع ينفرد بمواصفات خاصة وهو جزء هام في الموسيقا , بينما الموسيقا قد تشمل الإيقاع وغير الإيقاع , ) ومن هنا نستطيع القول ,بأن هديل الحمام به موسيقا إيقاعية , بينما تغريد كثير من العصافير فيها موسيقا غير إيقاعية . وكذلك اللغة العربية قد تحمل جملها وعباراتها موسيقا خاصة , ولكنها موسيقا غير إيقاعية , ولكن الشعر العربي , لا يتميز عن النثر إلا بالإيقاع أي بانتظام متابعة التفاعيل لتصلح للإنشاد الشعري الإيقاعي الموسيقي .
    ثم إن الشعر بإيقاعه وتزامن وحداته الموسيقية لا يوجد في النثر , حتى وإن وجدت في النثر بعض الجمل التي تحسبها موزونة إلا إنها ليست من الشعر بشيء , لأن الإيقاع يبعدها عن الشعر بشيء واحد وهو تكرار الجمل الموسيقية الإيقاعية لبيتين أو ثلاثة أبيات من القول الموقع ليطمئن إليها المتلقي ويستأنس بإيقاعها بالوزن والقافية فيحكم عليها بأنها قصيدة , وسميت القصيدة بهذا الاسم لأن الشاعر قصدها بثلاثة أبيات على الأقل , ومن هنا نستطيع القول : إن بعض آيات الله لو أحسست بأن بعضها جاء على وزن التفاعيل , فلا نستطيع أن نسميها شعراً , لثلاثة أسباب وهي: .
    1 ــ إنها لم تبلغ الأبيات الثلاثة ليقال عنها شعراً .
    2 ــ إنها ترتل ترتيلاً , والترتيل والتجويد ينسف بالإيقاع الشعري ليبعده عن الإيقاع .
    3 ــ إن القرآن كلام الله , والله نفى أن يكون كلامه شعراً , ثم إن الله سبحانه رتل القرآن ولم ((( يقصد الشعر بوزنه ليقال إنها قصيدة )))
    أشكر الأخ الفاضل عدنان كنفاني الذي أتاح لي الفرصة في تكملة موضوع الموسيقا الداخلية في قصيدة النثر .

  3. #3
    أشكرك أيها الأديب الكبير عدنان , على هذا البحث الهام , وأشكر الأستاذ العروضي الكبير غالب الغول الذي أضاف وفسر ووضح معاني ومصطلحات هامة , لكما الشكر والتقدير

  4. #4
    السلام عليكم
    مازلت مصرة على تعريف كلمة شاعر لنصل من خلالها للمفهوم الذي نبحث:
    فهل هو من ينظم القوافي؟ام من يكتب تهويمات وجدانية غامضة يجعل القارئ يبحث عن المغزى املخبأ وراء الأسطر؟
    ماكان الشعر لغزا ولا بحثا بلا جدوى عن معاني غارقة في الإبهام.
    لكن باختصار:ربما كانت بداية كل موهبة نثرية عموما لكن هذا لايجعل الباب مفتوحا بحال للوصول عالم نثري شعري بلا وزن ونقول عنه شعر ,بل الموهوب يتطور بتطور تجربته الأدبية ليصل للمفهوم الأعمق والذي يستحق بعدها ان يدعى"شاعر"
    كل التقدير لفتح هذا الباب الهام.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    الأخت ريمه الخاني : لا شك أن الشاعر الشاعر هو من يستوحي كلماته العفوية من شعور مرهف , تلك الكلمات العربية الفصيحة التي تتميز بعذوبة لفظها وطلاوة معناها, وحسن جرسها وتتابع حركاتها الإيقاعية التي تفصلها أزمنة متناسبة , في كل أبيات القصيدة , بمشاعر حساسة , تتراقص لنغماتها الإيقاعية القلوب , متساوقة كلماتها مع موسيقاها العذب .

  6. #6
    الاساتذة والادباء الكرام شكرا لاضافتكم الكريمة وشكرا لتفهمكم وجههة نظري التي اتنباها .
    موقع عدنان كنفاني
    http://www.adnan-ka.com/

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •