عَلَى رَأْيِ الْمَثَلِ
للدكتور محمد جمال صقر
1
أَنْ تَرِدَ الْمَاءَ بِمَاءٍ أَكْيَسُ
أي من الحكمة الاستعداد للمفاجآت
حتى إن الحكيم الذاهب إلى الماء لَيَحْمِلُ معه الماء الكافي
فإن وجد الماء حين يصل استفاد منه وإلا اعتمد على ما حمله معه

2
الْخَيْلُ تَجْرِي عَلَى مَسَاوِيهَا
أي أصحاب النفوس الكبيرة والهمم العالية لا يُوئِسُهُمْ من المضي إلى غايتهم شيء
فإنه إذا عاقهم عنها عائق مما يصرف غيرهم هونته عليهم نفوسهم وهممهم
ولم يبالوا بما أصابهم في سبيلها

3
خَيْرُ الْفِقْهِ مَا حُوضِرَ بِهِ
أي خير العلم ما نفعك وقت حاجتك إليه
وأي خير في علم لا ينفعك عندئذ
وأي علم أولى من علم الوجود

4
التَّمْرَةُ إِلَى التَّمْرَةِ تَمْرٌ
أي القليل مع القليل كثير
فخير الأعمال أدومها وإن قل
وشر الأعمال أذهبها وإن كثر

5
مَنْ خَوَّفَكَ حَتَّى تَلْقَى الْأَمْنَ أحْرَصُ عَلَيْكَ مِمَّنْ أَمَّنَكَ حَتَّى تَلْقَى الْخَوْفَ
أي الزم من لا يبالي في الحق أن تغضب عليه وتنصرف عنه
واترك من لا يبالي في رضاك أن يبطل الحق ويحق الباطل
ففي صحبة الأول السلامة وفي صحبة الآخر الندامة

6
غَثُّكَ خَيْرٌ مِنْ سَمِينِ غَيْرِكَ
أي عملك لنفسك وإن كان قبيحا خير من عمل غيرك لك وإن كان حسنا
فإنك مفض بالإلحاح على عملك هذا نفسه إلى تحسينه
فأما غيرك فربما قطع عنك عمله فانقطعت

7
يَا طَبِيبُ طِبَّ لِنَفْسِكَ
أي يا معالج الناس من مرض واقع بك عالج نفسك أولا
ولا سيما إذا كان المرض ظاهرا عليك فإن لم يكن ظاهرا فلا بأس
إذ كيف يصدقونك فيما لم تصدق فيه نفسك

8
يَا بَعْضِي دَعْ بَعْضًا
أي يا أهلي الذين يشكو بعضهم إليَّ بعضا
اتقوا الله في ولا تطالبوني بما لا أستطيع
فكلكم عندي سواء

9
قِيلَ لِلشَّحْمِ أَيْنَ تَذْهَبُ قَالَ أُقَوِّمُ الْمُعْوَجَّ
أي ينبغي أن تُحَقَّقَ حقيقةُ الظاهر ليقدر قدره
فربما حُقِّر شأنه وهو وِقاء القلوب
وربما عُظِّم شأنه وهو سِتار العيوب

10
قَالَ الْجِدَارُ لِلْوَتِدِ لِمَ تَشُقُّنِي قَالَ سَلْ مَنْ يَدُقُّنِي
أي ينبغي علاج أصل الداء وسبب البلاء
فإن من الغفلة الاشتغال بعلاج الفروع والآلات عن الأدواء والبلاءات
إذ كلما عولج بعضها نشأ غيره

11
إذا اصْطَلَحَ الْفأْرَةُ وَالسِّنَّوْرُ خَرِبَ دُكَّانُ الْبَقَّالِ
أي إذا ائتلف اللص والشرطي اختل ميزان الحياة
إذ تضيع بينهما حقوق الناس
وإذا ضاعت الحقوق ضاعت الواجبات

12
قِيلَ لِلْبَغْلِ مَنْ أَبُوكَ قَالَ الْفَرَسُ خَالِي
أي كلٌّ يلجأ عند المناظرة إلى ما يتقنه اتقاءَ ما لا يتقنه
فإذا تركت له ما تُتقنه وتبعتَه أدهشك وغلبك
وإذا أبيتَ كنت جديرا أن يتبعك

13
أَنْفُكَ مِنْكَ وَإِنْ كَانَ أَجْدَعَ
أي أخوك على كل وجه من وجوه الأخوة هو أخوك
لا يجوز ولا يمكن أن تنكر أخوته إذا كان ضعيفا أو فاسدا أو مفسدا
بل ينبغي أن تنصره على ضعفه أو فساده أو إفساده

14
مَا عَدَا مِمَّا بَدَا
أي ما الذي حول حالك
لقد وعدتنا وعودتنا ثم خالفت فجأة عن موعدتك وعن عادتك
ولا يكون مثل ذلك إلا عن رأي جديد قاهر أو باهر

15
ابْنُكَ ابْنُ بُوحِكَ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْ صَبُوحِكَ
أي لا يكون الابن لك ابنا حتى يكون من صلبك وينشأ على عينك
فإنه إن لم يكن من صلبك لم تأمن أن ينحرف به عنك إرثه
وإن لم ينشأ على عينك لم تأمن أن تنحرف به عنك معيشته

16
كُسَيْرٌ وَعُوَيْرٌ وَكُلُّ غَيْرٍ خَيْرٌ
أي هذا أسوأ ما يمكن أن يحدث لي
فلا يلومنَّني أحد على تطلعي إلى ما لم أعرف
فإنما أهرب مما أعرف

17
لا تُصَاحِبْ مَنْ لا يَرَى لَكَ مِنَ الْفَضْلِ مِثْلَ مَا تَرَى لَهُ
أي لا تخدع نفسك بصحبة من يستصغر شأنك
ولا يرى أنه ينتفع بوجودك ما لا ينتفع بفقدك
فلا يصح معنى الصحبة إلا بتَنَافُعِ المتصاحبين

18
أَنْتَ تَئِقٌ وَأَنَا مَئِقٌ فَكَيْفَ نَتَّفِقُ
أي ينبغي للمتصاحبين ألا تتنافر أخلاقهم
فإن ما تنافر منها اختلف
وما توافق منها ائتلف

19
إِذَا عَزَّ أَخُوكَ فَهُنْ
أي إذا قادك فانقد له
ولا تَنْفِسْ عليه أن يقودك
فعزُّه عزُّك

20
تَرَى الْفِتْيَانَ كَالنَّخْلِ وَمَا يُدْرِيكَ مَا الدَّخْلُ
أي ربما أعجبك جمهور المحتشدين لك
ولو اطلعت على ذوات بينهم لنفضت منهم يدك
ولتمنيت أنْ لو سلم لك منهم فتى واحد

21
مَنِ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ ظَلَمَ
أي من وكل إلى عدوه أمر نفسه فقد ظلم نفسه وعدوه
فأما ظلم نفسه فتمكين عدوه منها
وأما ظلم عدوه فسوء ظنه به

22
خُذْ مِنْ جِذْعٍ مَا أَعْطَاكَ
أي اقبل إحسان من لم تتوقع منه إحسانا
فربما انفتح بذلك باب المحبة
أو انسد باب البغضاء

23
هَيْنٌ لَيْنٌ وَأَوْدَتِ الْعَيْنُ
أي إصلاح الباطن خير وأبقى من إصلاح الظاهر
فلا تعبأ بمن يخدعك عن ذاك بهذا
وإلا صرتَ سُخْرَةَ الساخرين

24
آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ
أي لا يستغني عالم عن مذاكرة علمه
فمن ثم ينبغي أن يعلِّم علمه من يجهل ويتعلم غيره ممن يعلم
فإذا فعل ذلك حفظ ما علم وعلم ما جهل

25
آفَةُ الرَّأْيِ الْهَوَى
أي لا يسلم الرأي في شيء لمن يحبه من أثر حبه له
فإذا أردت نَظَرَ المتجرِّدين فلا تسأله
وإذا أردت بَوْحَ المحبِّين فلا تسأل غيره