مهـــرجان وهـــــران الســـــينمائي بمشــــــاركة ســــــورية

أعلنت المهرجانات أنها تعمل على رفع شعار وحدة السينما العربية على أمل أن تكون بعيدة عن السياسة
على الرغم من أجواء التوتر والأحداث التي تشهدها المنطقة العربية وما فيها من اضطرابات، لم تتوقف المهرجانات السينمائية العربية عن انطلاقاتها، متحدية كل الظروف الشائكة والحزينة التي تمر بها المنطقة، ولكن الآمال تبددت منذ بدء مهرجاني القاهرة ودبي السينمائيين، واختتام فعالياتهما دون مشاركة أي فيلم من الأفلام السورية، حيث تم استبعاد ثلاثة أفلام من بينها فيلم "مريم" للمخرج باسل الخطيب الذي تغيب عن المهرجان بسبب رؤية المشرفين بأن الأفلام تعود إلى مواقف صانعيها السياسية، والغريب أن هذا الفيلم لاقى المصير نفسه في مهرجان وهران الذي افتتح في الـ 15 من الشهر الجاري، ولكن هذه المرة دون إعطاء أسباب مقنعة للحجب، رغم حديث مسؤولة التظاهرة "ربيعة موساوي" في الافتتاح عن عدم الاعتراض على أي عمل بناء على مضامينه السياسية، حيث كان مقرراً أن يعرض هذا الفيلم في "قاعة السعادة" لأول مرة أمام الجمهور وضيوف المهرجان.
> في السياق ذاته، لم تتغيب السينما السورية بشكل نهائي، كما حدث في مهرجان دبي، فقد اقتصر المهرجان على عرض فيلم "الشراع والعاصفة" لمخرجه غسان شميط عن رواية للأديب السوري حنا مينة، والذي سيدخل ضمن المسابقة الرسمية لمسابقة الأفلام الطويلة، وتدور قصته حول الحرب العالمية الثانية، وقد ترجم فيه المخرج مجموعة من المتناقضات الجماعية والفردية بالاعتماد على الرمزية كوسيلة لإسقاط مضمون الفيلم الذي يقف عند فئة من الشعب السوري، ويخوض معارك قاسية انتهت بنيله الاستقلال الكامل عام 1946، ويبرز في هذه الفترة أبطال يتحدى كل واحد منهم العاصفة والمتغيرات الجوية بطريقته، كما يشارك في المهرجان فيلم "صديقي الأخير" لجود سعيد الذي كتب بياناً حمل اسم "رسالة إلى الأحرار في معنى الديمقراطية"، بعد أن تم إقصاء فيلمه الذي كان مقرراً أن يكون العرض الأول له في مهرجان دبي، ويقول البيان: "إن السينما التي تنطق بها أفلامنا، هويتها سورية، وهمها سوري، وصنّاعها سوريون، وقضاياها إنسانية سورية، وهي باقية، وستشاهد إن لم يكن اليوم فغداً، والإقصاء الذي تم في مهرجان دبي السينمائي أقله هو إقصاء لجزء من مكون الهوية الثقافية السورية، فالسينما التي أصنعها تعبر عني وعن قناعاتي، ولن تعرف الممالأة لك سيدي الحر، كما لم تعرف مهادنة أية سلطة.. ستبقى سينما حرة أصيلة كزيتون بلادي".
وكان مهرجان وهران السينمائي قد افتتح فعالياته بالفيلم الجزائري "تماماً مثل امرأة" للمخرج العالمي رشيد بوشارب احتفاء بالعيد الخمسين لاستقلال الجزائر، وعيد ميلاد السينما الجزائرية، وتدور أحداث الفيلم حول مغامرة قادت "موني" إلى الهروب من البيت في شيكاغو برفقة "مرلين" هرباً من سطوة حماتها وتسلطها على ابنها، وهي دراما كوميدية أمريكية رفع فيها بوشارب قضية المرأة وعبّر فيها عن حياة المسلمين في أمريكا، وفي هذا السياق قالت "ربيعة موساوي" رئيسة المهرجان: "إن لجنة الإشراف للفيلم العربي أعدت برنامجاً خلال أيام المهرجان الثمانية تم فيه اختيار 12 فيلماً من بين عدد كبير من الأفلام المرشحة من الوطن العربي للتنافس على جوائز الوهر الذهبي"، وأضافت ربيعة: "إن الدول العربية المشاركة في المهرجان هي: الجزائر، ومصر، ولبنان، والأردن، والمغرب، وسورية، والكويت، وفلسطين، والمملكة العربية السعودية، وسيخوض المسابقة الرسمية للمهرجان 13 فيلماً روائياً طويلاً، و14 فيلماً قصيراً".
يتضمن المهرجان أيضاً ثلاثة أفلام مصرية ستنافس على جائزة الوهر الذهبي للأفلام الطويلة هي "الشوق" لخالد الحجر، وتدور أحداثه حول أسرة فقيرة تعيش في مدينة الاسكندرية، وبعد معرفة الأم بحاجة ابنها الأصغر لغسيل كلوي أسبوعي يحتاج 300 جنيه، وعدم امتلاك الأسرة أموالاً كافية، لذلك تسافر إلى القاهرة لتتسول بعيداً عن موطنها الأصلي، وبعد أن تجمع أموالاً كافية تعود لتكتشف وفاة الابن، فتقرر حماية ابنتيها "شوق" و"عواطف" من الفقر، فتعود إلى القاهرة وتستمر في التسول لتجمع لهما مزيداً من الأموال كي تبتعد بهما عن الحارة المليئة بالفساد، بالإضافة إلى فيلم "الخروج إلى النهار " لهالة لطفي، و"برد يناير" لـروماني سعد، وتشارك الجزائر في هذه المسابقة السينمائية بفيلمين روائيين طويلين هما فيلم "يما" للمخرجة جميلة صحراوي، و"عطر الجزائر" للمخرج رشيد بلحاج، حيث يروي الفيلم قصة فتاة جزائرية تعمل مصورة فوتوغرافية تعيش منذ فترة مراهقتها في باريس، فقد غادرت الجزائر وعمرها 20 سنة، بسبب خلافات عائلية كثيرة، وقطعت كل صلة بأسرتها، ولكن بعد 20 عاماً من الغربة تتصل بها أمها وتطلب منها العودة إلى البيت، وكان لها ذلك، لتكتشف عالماً مختلفاً تماماً عما تركته قبل الرحيل، ليس فقط على المستوى العائلي، بل على مستوى وطنها الجزائر، بالإضافة إلى 3 أفلام قصيرة هي "الجزيرة" لأمين سيدي بومدين، و"النافذة" لـ "أنيس جعاد" و"حياة بائسة" للمخرج الجزائري أكرم زغبة، وسيكون لبنان الذي حاز جائزة "الوهر الذهبي" لدورة 2011 عن فيلم "هلأ لوين" للمخرجة نادين لبكي، ممثلاً بفيلمي "تنورة ماكسي" للمخرج جو بوعيد، و"33 يوماً" للمخرج جمال شورجي، كما يتنافس في القائمة نفسها فيلم مغربي بعنوان "الوتر الخامس" للمخرجة سلمى برقاني، وفيلم تونسي للمخرج محمد بن محمود بعنوان "الأستاذ"، وفيلم "تورا بورا" للمخرج الكويتي وليد العوض، إضافة إلى الفيلم الفلسطيني "لما شفتك" للمخرجة آن ماري جاسر، والفيلم السعودي "وجدة" للمخرجة هيفاء المنصور الذي حاز على جائزة الوهر في مهرجان دبي السينمائي في دورته التاسعة، وفيلم "الجمعة الأخيرة" للمخرج الأردني يحيى العبد الله.
كان عام 2012 الذي شارف على الانتهاء حافلاً بالمهرجانات العربية التي صارعت لتحقيق أهدافها رغم ظروفها الصعبة، وبعدد كبير من الأفلام التي قدمت طروحات جديدة، ربما استوحى مخرجوها مواضيعها من حياتهم اليومية، وربما ابتكروا لها تقنيات جديدة، ولكن يبقى المجهود الذي يكون معظمه فردياً في غياب التمويل والمواقف السياسية، وتبقى الأفلام التي تترك أثرها في رحلة السينما المستمرة.


جُمان بركات
http://www.albaath.news.sy/user/?id=1613&a=138156