منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

العرض المتطور

  1. #1

    رمضان شهر الكرم والسّخاء

    هذه واحدة من خصوصيات شهر رمضان , شهر البركة والإحسان , فخلق الكرم في كيان المسلم الصائم هو الأبرز بوضوح . والّذي يؤكّد ذلك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هو الإمام العلم في تمثل خلق الكرم في شهر رمضان بل هو قمّة في ذلك لم يبلغ رتبته أحد ألبتة . عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس من رواية الزهري عنه قال كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل يلقاه في كل ليلة ٍ من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.[ الجمع بين الصحيحين : 5/2] هذا هو حال الأسوة بل القدوة لكل مسلم دائماً أبداً , والجود ومثله السخاء بابان كبيران من أبواب الكرم ولا نبالغ إذا قلنا هما عين الكرم , لقد سبق النبي – صلى الله عليه وسلم الريح المرسلة بالجود والسخاء , ولكن بالخير هكذا على اتساعه وشموله . فالرسول العظيم يعلمنا أن نضرب بأوفر السهام بالكرم فيما سنحت لنا فيه الفرصة في رمضان خاصة وفي بقية شهور السنة عامّة بالخير نلج كلّ باب من أبوابه ونقدّم لعباد الله شيئاً ينفعهم , والكرم هنا على خمسة أنحاء :
    1- الكرم بالنفس . 2- الكرم بالمال . 3- الكرم بالعلم .4- الكرم بالوقت .5- الكرم بالخلق . وهكذا وسّع الإسلام مفهوم الكرم ولم يجعله قاصراً على المال فحسب .
    *فالكرم بالنفس : أن تقدّم نفسك في سبيل الله نصرة للدين وإعلاء لراية الإسلام ونصرة للحق , وردّاً للظلم والعدوان , وصوناً للعرض والمال والأوطان . في ميادين الجهاد في سبيل الله , وثمرة هذا اللون من الكرم الظفر بإحدى الحسنيين الحياة الطيبة والأجر الجزيل من الله , أو الشهادة والجنة . ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . ) التوبة (111) .
    * وأمّا الكرم بالمال : فيكون بالإنفاق في سبيل الله في شتى وجوه الخير والبر , على الفقراء والأرامل واليتامى والمحتاجين والمعسرين والغارمين,وبناء المساجد ودور العلم , وتقديم المال لطلبة العلم الفقراء عوناً لهم على تحصيله , ودعم كلّ المجاهدين أينما كانوا بالمال , وهكذا ينفق المؤمن من ماله في سبل الخير ليجعل منه مطية إلى الجنة وتلك ثمرة هذا اللون من الكرم . وذلك كلّه مدّخر له عند الله (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ .) الحديد (11).
    * وأمّا الكرم بالعلم : فهذا له شأن وأيّ شأن , فالعلماء كرماء , وهم يجودون بعلمهم على الناس من خلال قنوات متنوّعة , فبالأمس جاد علماؤنا بالعلم بلا حدود في حلقات العلم في المساجد فتخرّج على أيديهم علماء ملؤوا طباق الأرض علماً بما ألّفوه من الكتب القيمة الرّاقية التي شكّلت تراثاً إسلامياً نفخر به إلى يوم القيامة في التفسير والفقه والحديث ,وسائر علوم الدين الحنيف , وكذلك في الطب والهندسة والرياضيات والصيدلة والفلسفة وعلم الكلام واللغة والنحو .... واليوم نشهد أساليب جديدة لكرم العلماء , تتمثل في التعليم المدرسي والجامعي والندوات والمحاضرات , والمؤتمرات العلمية والثقافية , وحركة التأليف والترجمة ,وجهود علماء المسلمين في نشر العلم الديني , بمختلف الوسائل المتاحة , في المساجد ووسائل الإعلام الأخرى من الفضائيات والصحافة والإذاعة ونحو ذلك . فالكرم بالعلم نهر دافق لا يتوقف أبداً ما دام في الناس رمق من الحياة .
    * والكرم بالوقت : أن لا نضنّ بالوقت على من حولنا عندما تدعو الحاجة لبذله , فإذا مضيت مع أخيك في قضاء حاجته مقدّماً له جزءاً من وقتك فهذا كرم منك . وإذا أرشدت ضالاً فأوصلته إلى المكان الّذي يريد , فهذا كرم منك بالوقت , وإذا أسفعت مريضاً فكذلك , ومثل هذا كثير في الواقع , وقد علمنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الكرم بالوقت , لمّا قدّم عمره الشريف كلّه لرفع راية هذا الدّين وإخراج الأمة من ظلمات الشرك إلى أنوار الإيمان .
    * وأمّا الكرم بالخلق : فهو لون من الكرم قلّما يفطن له في أوساط المسلمين , ولا يخفى على عاقل مدى أهميّة هذا الباب من أبواب الكرم,وما من مسلم إلاً ويستطيع أن يضرب بسهم وافر في هذا اللون من ألوان الكرم , ومن ذلك صبره على جهل الجاهلين والحمقى والسفهاء ومقابلة ذلك بسعة الصدر والحلم , لاسيما في نهار رمضان , فكرم المسلم أخلاقياً يأبى عليه أن يردّ على مثل هؤلاء بحمق بل يفعل ما علّمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرد بكلام لا إثم فيه . عن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ. [ اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان:1/ 335 ]ومن الكرم بالخلق التواضع للمؤمنين من حولك وخفض الجناح لهم , تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث علّمه الله ذلك , وأمره به , ونحن وهو في هذا الأمر سواء . (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الشعراء (215) . ومن ذلك أيضاً طلاقة الوجه والابتسامة الصادقة التي تدخل السرور إلى القلوب , عن أبي ذر قال , قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم- : لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طليق . ) وهكذا هو المسلم كريم بأخلاقه يحتضن إخوانه في ميدان التواصل الاجتماعي الراقي في كل جانب من جوانب الحياة .
    تلك هي أبواب الكرم , مفتوحة أمام المسلم في رمضان خاصّة وفي سائر شهور السنة عامة , يستطيع أن يلج أيّاً منها ويضرب بسهم وافر فيه لينمي رصيده عند خالقه يوم القيامة .
    وخذ هذا النموذج الرّاقي من كرم الصحابة – رضي الله عنهم – ترى كرماً قمّة لم يبلغه أحد بعد : جاء في صحيح البخاري في القصة العظيمة , التي عجب الله من أصحابها وضحك إليهم، وإذا ضحك الله إلى عبدٍ فلا عذاب عليه، وذلك دليل رضاه عز وجل عنه، هذه القصة التي أخفيت في الليل فنشرها الله في الصباح ، وأنزل الوحي بها على نبيه عليه الصلاة والسلام، أن الله في السماوات عجب وضحك إلى هذين الصحابيين الجليلين الرجل وزوجته.
    والقصة : عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جائع يريد من يضيفه ، فبعث إلى نسائه عليه الصلاة والسلام فقلن: ما معنا إلا الماء -وهذا بيت أعظم قائد في الأمة ما عنده إلا ماء- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يضيف هذا؟ فقال رجلٌ من الأنصار: أنا ، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ما عندنا إلا قوت صبياني ، قال: هيئي طعامك وأصلحي سراجكِ ونومي صبيانكِ إذا أرادوا عشاء -إذا طلبوا الأكل نوميهم- فهيئت طعامها وأصلحت سراجها يعني: -أشعلت الفتيلة- ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها -كأنها حركة تمثيلية- فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان ).
    وليس من الأدب أنك تغلق النور على الضيف وإن كان بعض الناس عندهم عادات في الضيافة منها ما هو حسن ومنها ما هو قبيح ، فبعضهم يغلق النور على الضيف يقول: حتى لا يستحي، وبعضهم لا يحضر مع الضيف نهائياً، وبعضهم , وبعضهم لذلك ابن القيم قال: تخلف وتكلف في أشياء ما أنزل الله بها من سلطان.
    فبطبيعة الحال لا بد من السراج من أجل أن يرى الضيف، يدخل على بيتٍ منير لكن في الوقت نفسه ستكون هناك تمثيلية أخرى بعد قليل يريانه أنهما يأكلان وهما لا يأكلان حتى لا يشعر هو بالحرج أنهما لا يأكلان ، فلذلك قامت كأنها تصلحه فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان بالصوت ووضع اليد في الإناء ورفعها وهي ما فيها شيء - كما أن جماعة من الفقراء حضرهم طعام فأطفئ السراج وجعلوا يأكلون فلما طلع النهار وجد الطعام بحاله.
    كل واحد يريد أن يؤثر- قال: فأطفأته فجعلا يريانه أنهما يأكلان فباتا طاويين، فلما أصبح الضيف وصاحب البيت غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ضحك الله الليلة - أو عجب- من فعالكما فأنزل الله : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. ) [الحشر:9] )رواه البخاري .

    فهذا الموقف العظيم إكرام الضيف وإيثاره بطعام صاحب البيت وزوجته والأطفال هذا موقف ذكر في السماء فضحك الرب فرضي عنهما، وأنزلت آية في القرآن بسبب إكرام الضيف، نزلت آية { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [الحشر:9] أي: جوع وحاجة.
    قال العلماء: إن طعام الأولاد مقدم على طعام الضيف شرعاً، ولكن إذا كان بهم جوعٌ خفيف لا يضرهم جاز تقديم الضيف كما حصل في هذه الآية، وتغلب إكرام الضيف على المشاعر الجياشة للأب والأم لأجل الفقير الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا قال: ( ألا رجلٌ يضيف هذا الليل يرحمه الله؟ ) هذه كلمة كافية - دعاء يرحمه الله- في أن يأخذ الضيف ويقدمه على نفسه وزوجته وأولاده ، فكان موقفاً عظيماً ذكر في السماء ونزل إلى الأرض وأخبر به أهل الأرض ، وكان فيه إخلاص واضح جداً في إطفاء السراج؛ ما أشعر الضيف بأي شيء وأكل ولم يشعر بأن هناك أمر عَكِر أو حرج، ولذلك أهل الإخلاص إذا أخفوا أعمالهم فالله يكشفها ليكونوا قدوة . ( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً . ) [الفرقان:74].
    وهذا نموذج آخر من كرم الصحابة في رمضان :
    ومن إكرامه كذلك:أن الإنسان ولو كان صائماً,فإنه لا ينسى الطعام لأجل الضيوف فعن أبي أمامة قال : قلت : ( يا رسول الله! مرني بعمل أدخل به الجنة؟ فقال عليك بالصوم فإنه لا مثل له ) يعني في الأجر لا مثل له ، قال الراوي: [ فكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخان نهاراً - ليس هناك طبخ، صيام دائماً- إلا إذا نزل به ضيفٌ فيرى الدخان نهاراً ] . [ سلسلة الآداب الإسلامية : 8/ 6 ] .
    وما عرضته من الشواهد عن كرم الصحابة في رمضان وغيره وإن كان مجاله إكرام الضيف فذلك فيه حضّ للمسلمين على الاستزادة من الكرم في هذا الباب وسواه من أبواب الكرم , فكن كريماً يحبك الكريم ويرضى عنك .
    وما بكم من نعمة فمن الله

  2. #2
    السلام عليكم يا أستاذنا الكريم لو وضعت بند عن العمل الخيري والناس جياع في سوريا وكانك لست منها او كذلك قسم الطبخ لو وضعوا اطباق لمن لايملك ثمن اللحم!! لاادري كيف تكتبون المواضيع وكانكم لستم من اهل سوريا...
    وسامحوا صراحتنا
    ناجي/غزة

  3. #3
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    بالعكس أخي الحبيب ( جريح فلسطين ) : فهذا الحضّ مطلوب منك ومني ومن أمثالنا ممّن هم خارج الشام ، أمّا أهل الشام فقد عوّدونا أن لا يستجدوا الآخرين في مآكل ومشارب مهمها كانوا في مخمصة ، لعمري فشعب يقدّم دماءه وفلذة أكباده في مقارعة الظلم والطغيان لهو أعزّ من أن يخدش أُنفته ، ويريق ماء وجهه بتكفّف الناس أعطوه أو منعوه ! فأحرار الأمّة هم من تُناط في أعناقهم مسئولية المبادرة لإغاثة إخوانهم ، وذلك ممّا يشرّفهم ويحطّ بعض التثريب عنهم ، وهو أضعف الإيمان !
    شكراً لحرقتك حبيبي جريح فلسطين على إخوانك في الشام .

المواضيع المتشابهه

  1. روح رمضان
    بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 06-24-2014, 12:20 AM
  2. حدث في رمضان
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 08-23-2012, 11:12 AM
  3. و جاء رمضان
    بواسطة عبد الله راتب نفاخ في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 08-25-2011, 09:28 AM
  4. رمضان مبارك لا رمضان كريم
    بواسطة محمود ابو اسعد في المنتدى فرسان المناسبات
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-01-2010, 10:23 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •