منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: التصاق

العرض المتطور

  1. #1
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    العراق -بغداد
    المشاركات
    193
    مقالات المدونة
    1

    التصاق

    التصاق

    ربما تجرعتك لحظة مخاض مجبرة عليها ، فتقتطع جزء منها لتكون أنت ، تحاول الخروج من تلك الشرنقة التي أحاطتك ، وحملتك وهنا وكرها ،عاريا مسلوخا مطرودا من دفء أحشاء استعمرتها عنوة ، أشهر مرت وأنت تقتات من جسد مزقته بيدك وأقدامك تبحث عن مكان للخروج ، فقد ضاقت بك تلك الفسحة وأنت تحاول النفاذ إلى فضاء اعتقدته أوسع من عالمك الموءود لتمتطي صهوة العدم ، فتنطلق حيث السراب ، حبلك السري خنجر يخترقها يغور في أحشائها وأحشاءك .
    حوارية تتكرر في داخلها كأسطوانة مشروخة هل أقتله أم يقتلني ..؟ تترقب العالم من نافذة معتمة وتتطلع إلى الخلاص , و تسمع لغط المحيطين بك ، تسمع بكائها ونحيبها، وهي تختلي بك في زاوية قصية من غرفتها ، تجلس القرفصاء ، تشعر بدفء نار أحشائها وهي تتسرب لأوصالك ، تحس أن ثمة ارتعاش خفي يهزك ،قد تصرخ ولا يسمع بك أحدا ، قد يشعر بك من لا يعرف كنهك ولا تراه ، أجهزة الرنين تؤكد وجودك رغما عن كل محاولات الإنكار والإخفاء ، سبات الفصول الأربعة يلغي إرادتك المحمومة بالبقاء ، فهي رهينة مبضع جراح متفنن قد يلغي دورة النشوء مذ أن اجتمعت نصف جيناتها وجينات أب ضاع في غياهب المجهول ، فلولا ذلك الدفء الذي تغلغل إلى كيان هزيل وأمات كل مقاومة عندها ، لما كنت أنت ، كل انتفاضاتك ومحاولات الخروج أصبحت تخبطا محموما في جدران من العتمة ، لا رفيق لك ، لا ظل لك ، ولا بصيص من نور غير بحر من ظلمات يستفز كيانك المنقاد عنوة إليها ، قد تبحر بلا مجداف في بحر تطوقك أعماقه ، أخاديد الدم تحيط بك من كل مكان كأسلاك شائكة ، الخروج منها محال فأما أن تمزقها أو تمزقك ، أعرف أن أنياب الخوف من المجهول زرعت في أرضها اليباب ، وأحالت الفرح إلى كابوس وأوهام ، وثمة سؤال يدور في أعماقها ما الذي جعل الخطيئة مرهونة بلحظة ضعف ولذة تموت لحظة انتهاء ، ثم تعتصرها لحظات ندم وحزن مقرونة ببكاء مجنون يجعلها ترجم نفسها بألف حجارة ندم تشج رأسها ، فتنتفض لحقيقة أربكت كيانها المعمد بنجيع دم مسفوح قتل براءتها ,أهدر عذريتها ، فاستوطنها حزن لا يطاق
    وهواجس تدور في دوامة خيالها وخوف من المجهول مخبوء تحت طي لسانها ، ووابل من هموم اكتست بها روحها (فشرفها كعود ثقاب لن يشتعل مرة أخرى ) هكذا سمعت من أمها وهي تلحظ تكور غريب ، بعدها أصبحت علقة ،وتسللت إلى روحها كسحابة من غيوم داكنة سوداء ، لتصبحا جمرات من النار أنت و تلك الخطيئة ، رهيني محبس محكم الإغلاق ، لا أحد يعرف ما جرى وما سيجري ، قد يغفلون عن ارتفاع هضابها التي بدت تربو وتغير تضاريس جسدها الممشوق ،الذي بدا يفقد توازنه أمام أي نظرة تحاول اكتشاف سرها ،قد يتهامسون في حيرة،ولغط ، أنى لها هذا ...! ، كل شيء تغير فيها لم تعد تلك الابتسامة قرينة لشفتيها ،ولم تعتد بخطى واثقة بعد، أين ذلك الغنج والدلال وكبريائها ، رغباتها بالموت قرينة بخوفها من افتضاح أمرها ، كل شيء مرهون بك ،كل يوم تزداد الريبة ، وأنت في أحشاءها تدور دون أن توصلك أقدامك لنهاية الطريق ، كم حاولت أن تمحو آثارك ،وتخترق حجبك ، لتخرجك من تلك الدياجير ، كي تزرعك في الأرض بذرة حرام وينتهي كل شيء ، قد أينع رأسك ، وحان قطافك ، ستلفظك ، لتنهي تطفلك المقيت عليها، أو لتلفظ أنفاسك الأولى والأخيرة ، ستخرج من عتمة الليل ، الآلام تنتزع منها لحظات الصمت التي رافقتها مذ خرجت من البيت خلسة ، الكل في حالة سبات إلا أنا وهي ، راح صوتها الواهن يستنجد ني كي تخلص من عذاباتها ، من تلك الخطيئة التي ضلت لصيقة برحم حملك كل هذه الشهور، ارتج القبو بالصراخ ، وخرجت أنت ، بعد مخاض عسير، لم تكن كبقية الأطفال كنت مسخا في داخل كرة من اللحم ، أمام ذهولها وذهولي تمزقت تلك الكتلة ، حاولت الخروج ، انشطرت إلى نصفين ، كأفعى تنتزع جلدها راحت تحاول الخلاص ، ثم زحفت نحوها أردت أن ترضع من ثديها ، لكنه كان كالثلج ، لا حياة فيه ، اختفت ملامح أمك ، بعد أن عمدت جسدها بدموعها وأصبحت كتمثال رخامي بلا ألوان ،
    - أين أبي ..؟
    تلعثمت الكلمات ، وارتبك الراوي ، وهو يحاول جمع شتات أفكاره ، أطبقت يده على عنقه ، فجحظت عينيه ، وراح يجد بالتقاط أنفاسه
    نشب أظافره في عنقه ونز الدم من أوداجه . وهمّ بالكلام لكن يد المسخ أحكمت قبضتها :أن..... وانقطع الصوت ، سقط الرجل ... مضرجا بدمائه ، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة
    _ أنا أبوك ,, نظر إليه بعين تقدح شررا ، ثم اخترقت يده صدر أبيه ، ليوقف بيده أخر نبضة
    لقلب أحبه رغم أنه كان مسخا
    ثم تقوقع وعاد ليزرع نفسه من جديد في جسد ضحية أخرى .....

  2. #2
    صيدلانية/مشرفة القسم الطبي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    2,020
    يا الله...
    كان سردا موجعا بطعم العروبة الجريحة....
    اهلا بك اديبنا الفاضل واهلا بنصك وسردك المتقن
    ندى
    من كل شيءٍ اذا ضيعتهُ عوضٌ
    وما منَ اللهِ إن ضيعتهُ عوضٌ
    **********

    واعلم ان الله ما منعك الا ليعطيك
    وما ابتلاك الا ليعافيك
    وما أمرضك الا ليشفيك
    وما اماتك الا ليحييك

  3. #3
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    الدولة
    العراق -بغداد
    المشاركات
    193
    مقالات المدونة
    1
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى نحلاوي مشاهدة المشاركة
    يا الله...
    كان سردا موجعا بطعم العروبة الجريحة....
    اهلا بك اديبنا الفاضل واهلا بنصك وسردك المتقن
    ندى
    أستاذتي الرائعة ندى
    شكرا على كل حرف كتبتيه ، دام تواصلك ، لقد إزدان نصي بألق مرورك
    وسرني أن يعجبك هذا النص ، وأرجو من الله أن تزال هذه الغمة عن هذه الأمة
    التي كثرت السكاكين عليها يريد ون نحرها
    أنشاء الله يعم الأمان والأمن في كل بقاع الوطن العربي من المحيط إلى الخليج
    دمت مبدعة وأهلا بك تقديري وامتناني لك

  4. #4
    أي عروبة تلك أستاذنا سالم..وهل وصل يوما رخص الدم العربي إلى هذه الدرجة؟ هل نحن في عالم أندلس اخرى؟
    وتثبيت
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •