منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5

العرض المتطور

  1. #1

    بين الشاهد والشهيد

    بين الشاهد والشهيد

    توحيد مصطفى عثمان

    تمهيد:
    سُئل حَبر الأمَّة عبد الله بن العباس م: بمَ حصَّلت هذا العلم ؟ فقال: {أُوتيتُ لساناً سَؤولاً، وقلباً عَقولاً}.
    ولعلَّ أحد أهم أسباب قلَّة علمنا هو قلَّة أسئلتنا، وإن سأل أحدُنا سؤالاً فإنه يسأل عن أشياء سطحيَّة بسيطة قد لا تقدِّم ولا تؤخِّر، حتى أصبحنا آلات تَلَقّي، نأخذ ما يُلقى علينا فقط، دون أن نكلِّف أنفسنا عناء البحث والتدبُّر؛ وتفسير ذلك أمر يطول وهو يقع خارج نطاق هذا البحث.
    إن من أخطر القضايا التي تواجهنا في هذا العصر، والتي ينفذ منها عدوُّنا لفكرنا محاولاً تفكيكه وإعادة بنائه وفق ما يخدم أهدافه هي قضية المصطلحات، وخاصة الدينيَّة منها. والسبب في رأيي يعود إلى أن مصطلحاتنا غير محدَّدة المفاهيم وغير مضبوطة كما ينبغي، وهي تختلف في أذهاننا بين الواحد والآخر، وحين أقول مصطلحاتنا فأنا لا أقصد تلك المصطلحات المعاصرة أو محدودة الاستعمال فقط، بل أقصد أيضاً تلك المصطلحات التي هي أساس بناء فكرنا وديننا، كمصطلحَي الإسلام والإيمان على سبيل المثال؛ والفهم الذي يُبنى على مفاهيم غامضة أو ملتبسة لا يمكن له أن يُنتج فكراً واضحاً بيِّناً وفاعلاً، بل سيُنتج فكراً مشوَّشاً هشَّاً غير متماسك، وطبيعيٌّ أن يكون مثل هذا الفكر سهل الاختراق والنفاذ إلى عمقه وتقويضه.
    ولا يمكن لنا أن نواجه هذه المحاولات إلا بإعادة تفعيل هذا الفكر وتنشيطه بعد أن غفا لعقود طويلة من الزمن، بل لقرونٍ خلَت؛ وذلك بإعادة التفكُّر وصولاً للتدبُّر، فالتفكير هدفه التدبير، ولا يمكن للتفكير أن يكون صائباً إلا بالتفكُّر، كما لا يمكن للتدبير أن يكون نافعاً إلا بالتدبُّر.
    ولأهمية الشهادة في الإسلام، وأنها الركن الأول من أركانه الذي تُبنى عليه بقية الأركان وتدور في فلكه، والذي إن اختلَّ أو اضطرب تقوَّضت الأركان جميعاً وأصبحت هباءً منثوراً.
    ونظراً لغموض مفهوم الشهادة ومفهوم الشهيد عند الكثيرين، ولعدم عثوري على تحديدٍ مضبوطٍ له ومُجمَع عليه، فقد قمت بمحاولة ضبطه وتحديده، واستنباط مفهومه من القرآن الكريم والسنَّة النبوية المطهَّرة، عبر قراءةٍ موضوعيَّة جمعتُ خلالها الآيات القرآنية والأحاديث النبويَّة التي ورد فيها ذكر الشهادة بتصاريفها المختلفة، ثم بحثتُ عن الخيط الناظم لها والرابط بينها، وجمعتُ الأركان القائمة عليها، والتي تُشكِّل مع ما جاء عن الشهادة في كتب اللغة ومعاجمها نسيجاً واحداً محكَم الحبك، بيِّن الملامح، مُنسجم الألوان؛ كل ذلك خدمةً للقرآن الكريم، وتيسيراً لفهمه، وتثبيتاً لمفاهيمه.
    راجياً المولى جلَّ وعلا أن يتقبل ذلك بقَبول حسن، وأن يكتب هذا العمل في سجلِّ الصالحات من الأعمال، الخالصة لوجهه الكريم، إنه سميع الدعاء.

    أولاً- الشهادة في اللغة العربية:
    1- جاء في القاموس المحيط:
    الشَّهادةُ: خَبَرٌ قاطِعٌ؛ وشَهِدَ:كعَلِمَ. وشَهِدَ لِزَيْدٍ بكذا شَهادَةً: أدَّى ما عندَهُ من الشَّهادَةِ فهو شاهِدٌ. واسْتَشْهَدَهُ: سألَهُ أن يَشْهَدَ.
    والشَّهيدُ وتُكْسَرُ شينُهُ: الشاهِدُ والأَمِينُ في شَهادَةٍ، والذي لا يَغيبُ عن عِلْمِهِ شيءٌ، والقَتيلُ في سبيلِ الله لأن مَلائِكَةَ الرحْمةِ تَشْهَدُهُ أو لأَن الله تعالى وملائكتَهُ شُهودٌ له بالجَنَّةِ أو لأَنه ممَّن يُسْتَشْهَدُ يومَ القيامةِ على الأمَمِ الخاليةِ أو لسُقوطِهِ على الشاهِدَةِ أي: الأرضِ، أو لأنه حَيٌّ عندَ رَبِّهِ حاضرٌ أو لأنه يَشْهَدُ مَلَكوتَ الله ومُلْكَهُ ج: شُهَداءُ والاسمُ: الشَّهادَةُ. وشاهَدَهُ: عايَنَهُ. وامرأةٌ مُشْهِدٌ: حَضَرَ زوْجُها.
    2- وجاء في لسان العرب (باختصار) تحت كلمة (شَهِدَ)،زيادةً عمَّا جاء في القاموس المحيط:
    قال أَبو إِسحق: الشهيد:من أَسماء الله، الأَمين في شهادته. والشهيد: الحاضر، والجمع: شُهَداء. قال أَبو بكر بن الأَنباري في قول المؤذن: أَشهد أَن لا إِله إِلا الله: أَعْلَمُ أَن لا إِله إِلا الله، وأُبَيِّنُ أَن لا إِله إِلا الله، قال: وقوله أَشهد أَن محمداً رسول الله: أَعلم وأُبيِّن أَنَّ محمداً رسول الله.
    وقوله عز وجل: ﴿شهد الله أَنه لا إِله إِلا هو والملائكة وأولي وأولو العلم.قال أَبو عبيدة معنى شَهِدَ الله: قضى الله أَنه لا إِله إِلا هو، وحقيقته: عَلِمَ اللهُ وبَيَّنَ اللهُ، لأَن الشاهد هو: العالم الذي يبين ما علمه.وشَهِدَتِ الملائكةُ: لِما عاينت من عظيم قدرته، وشَهِدَ أُولو العلم: بما ثبت عندهم وتَبَيَّنَ من خلقه الذي لا يقدر عليه غيره. وقال أبو العباس: شَهِدَ الله: بيَّن الله وأَظهر. وشَهِدَ الشاهِدُ عند الحاكم: أَي بيَّن ما يعلمه وأَظهره.
    وقَوْم شُهُود: أَي حُضور؛ والشاهِدُ والشَّهيد: الحاضر، والجمع شُهَداء وشُهَّدٌ وأَشْهادٌ وشُهودٌ. وقوله تعالى: ﴿وذلك يومٌ مَشْهودٌ أَي: محضور، يَحضُره أَهل السماءِ والأَرض، ومثل: ﴿إِنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً يعني صلاة الفجر: يَحْضُرها ملائكة الليل وملائكة النهار. انتهى

    ثانياً- الشهادة اصطلاحاً:
    بعد هذا البيان اللغويِّ لمفهوم الشهادة، وبعد تتبُّع الآيات القرآنية التي ذُكرت فيها الشهادة بتصاريفها المتعدِّدة، والتي وردت -فيما أحصيته في تسعة وتسعين موضعاً؛ وجدت أنَّ الشهادة تقوم على محورٍ واحدٍ وثلاثة أركان.
    أما المحور فهو الحقُّ؛ لأن علَّة وجود الشهادة هو وجود حقٍّ واجبِ الأداء في ذمَّة طرفٍ لغيره، كدَينٍ أو أمانةٍ أو ما شابه؛ فإن لم يكن هنالك حقٌّ لم يكن للشهادة حاجة.
    والحقُّ قد يكون في ذمَّة الشاهد، وتكون شهادته إقرار علنياً بهذا الحق وصولاً لأدائه. وقد يكون الحق في ذمَّة غيرالشاهد، فتكون شهادته بمثابة إثباتٍ لهذا الحق وصولاً لأدائه من قِبل من هو في ذمَّته.
    وأما الأركان فهي: العلم؛ والحضور؛ والبيان.
    1- العلم:
    وهو الركن الأهم في هذه الأركان، لأنه بناءً عليه يُحدَّد الحق الواجب أداءه؛ والمقصود بالعلم هنا: معرفة الحقِّ وإدراكه وتمييزه؛ سواء معرفته بحقيقته، وهذا هو العلم؛ أم معرفته بحقيقةٍ أخرى أو معرفته بآثاره، وهذه هي المعرفة.
    ويحصل هذا العلم بإحدى الحواس الخمس أو أكثر، والتي هي مناسبةٌ لعلم الشهادة، فإن كانت الشهادة كلاماً وحديثاً كانت وسيلة علمه المناسبة هي السَّمْع؛ وإن كانت الشهادة رائحةً كانت وسيلة علمه المناسبة هي الشمُّ، وهكذا.
    ويُضاف إلى هذه الحواس: الفكر، الذي به تحصل المعرفة؛ إذ من الممكن أن يُحصَّل علم الشهادة بالمحاكمة العقلية والاستنتاج بعد جمع المعلومات الخاصة بالحدث المرتبط بالحقُّ - بالوسائل الممكنة، كمعرفته بالمقارنة مع حقيقة أخرى.
    ولا يُشترط في العلم - الخاص بالشهادة - أن يكون شاملاً لكل تفصيلات المشهود، بل يمكن أن يكون علماً بجزءٍ منه فقط، وهو ما يُسأل عنه.

    2- الحضور:
    والحضور مرتبطٌ بالعلم والمعرفة وتابعٌ له؛ والمقصود بالحضور كركنٍ من أركان الشهادة هو الهيئة التي تمكِّن الإنسان من تلقِّي العلم وتحصيل المعرفة بشكلٍ سليمٍ؛ وبهذا المعنى يكون الحضور تعبيراً عن الاستعداد والأهليَّة.
    ويمكن أن يكون الحضور حضوراً في الزمان والمكان معاً، أو يكون حضوراًَ في الزمان فقط؛ أي أنه من الممكن أن يكون الشاهد حاضراً في زمن الحدث ومكان حدوثه، فيعلم أحداثه التي سيشهد عليها بشكل مباشر بإحدى حواسِّه؛ أو من الممكن أن يكون حاضراً في زمن حدوثه فقط، بحيث يصله علمه بإحدى طرق العلم المعتبَرة. فالحضور إذاً: أهليَّةٌ واستعدادٌ لتلقي العلم وتحصيله.

    3- البيان:
    هو إظهار العلم والإفصاح عنه للطرف المشهود أمامه، وهوصاحب الحقِّ أو من يمثِّله.
    وللبيان أشكالٌ عدَّة، فقد يكون قَولاً، أو كتابةً حين تعذُّر النطق؛ أو يكون بلغة الإشارة الواضحة، أو يكون بالفعل المترجِم للعلم (كتمثيل مشهدجريمةٍ، أو جزء منه مثلاً)؛ وأقوى أنواع البيان وأفصحه ما كان بالقول والحال.

    وبذلك يكون مفهوم الشهادة اصطلاحاً، هو: علمٌ بحقٍّ ثبت وجوبه، ليُبيَّن عند الاقتضاء.
    (يتبع)




    وطني... محلُّ تكليفي، ومختبر صلاحي

  2. #2

    مفهوم الشاهد، ومفهوم الشهيد

    ثالثاً- مفهوم الشاهد:

    تبيَّن معنا آنفاً أن الشهادة تقوم على ثلاثة أركان، وهي أركان لابدَّ أيضاً من تحقُّقها جميعاً في الشاهد، وهي: العلم، والحضور، والبيان.
    وقد يكون الشاهد مَن بذمَّته الحق، فيبيِّنه لإعلان إقراره به واعترافه، من أجل أدائه لاحقاً؛ أو قد لا يكون الحقُّ في ذمة الشاهد، ولكنَّه ممَّن عرف الحق، وبيَّنه من أجل إثبات الحق لصاحبه، وصولاً لأدائه.
    بذلك يكون مفهوم الشاهد اصطلاحاً: مَن كان حاضراً وعلِم الحقَّ، ثم بيَّن هذا العلم.

    شواهد قرآنية:
    فيما يلي أورد أمثلةً من القرآن الكريم عن الشاهد، تُبيِّن تحقُّق الأركان الثلاثة فيه، كما تُبيِّن طرق معرفة الحق التي ذُكرت سابقاً؛ يقول المولى تبارك وتعالى في سورة آل عمران:
    ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِين َقَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ، وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ.
    الحقُّ في هذه الآية الكريمة يتمثَّل فيما أُنزِل على الرسول (ص) وهو قوله تعالى في الآية 75 من السورة نفسها: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ، وهذا الحقُّ يتطلَّب إقراراً به بعد علمه، من أجل أدائه بالإيمان به والعمل بمقتضاه.
    والشاهدون في هذه الآية الكريمة هم القسِّيسون والرهبان من النصارى؛ ونلاحظ أنهم تحقَّقوا بالأركان الثلاثة للشهادة، وذلك لأنهم كانوا:
    · حاضرين: وحضورهم كان حضوراً زمانيَّاً ومكانيَّاً، لأنهم كانوا يستمعون لما أنزل الله سبحانه من آياتٍ، وهذا يقتضي الحضور الزمانيَّ والمكانيَّ حال السماع.
    · عالمين: وحصلوا على العلم عن طريق السمع: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ فكان سماعهم للآيات القرآنية هو الوسيلة لتحصيل العلم ومعرفة الحق، وكان تأثُّرهم بما سمعوا دليلاً على حصول هذه المعرفة ﴿تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ؛ ثمَّ بعد ذلك:
    · بيَّنوا علمهم: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا؛وقولهم: ﴿ربَّنا آمنَّا تأكيدٌ منهم على أن ما سمعوه هو الحق الذي يستوجب الإيمان به، وقد فعلوا؛ وهذا أقوى أنواع البيان.
    ولأنهم أكملوا أركان الشهادة فقد دعوا الله ربهم أن يكتبهم مع الشاهدين ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ؛ ونرى أن الله عزَّ وجلَّ قد استجاب لهم دعوتهم، وأثابهم على شهادتهم: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ.

    والمثال الآخر الذي ورد في القرآن الكريم جاء في سورة يوسف عن تحصيل المعرفة بواسطة الفكر والملاحظة والاستنتاج العقلي؛ فقد استُدعيَ رجلٌ لم يكن حاضراً في مكان الحدث، ولم يسمع أو يرى مشهد الحدث؛ ورغم ذلك كانت شهادته مقبولةً ومعتبَرة:
    ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا: إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ.
    الحقٌّ المطلوب بيانه في شهادة الشاهد هنا يتمثَّل في الفصل بين قول امرأة العزيز، وقول سيدنا يوسف على نبيِّنا وعليه السلام، لأن قول كل منهما يترتَّب عليه حقوقاً للآخر في حال ثبوته؛ جاء ذلك في الآية التي سبقت: ﴿قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي.
    ونرى هنا أيضاً أن هذا الشاهد الذي شهد في المسألة قد تحقَّق بالأركان الثلاثة، لأنه كان:
    · حاضراً: حضوراً زمانيَّاً فقط؛ لأنه لم يكن حاضراً في مكان الحدث، ولم يرَ أو يسمع ما دار بينهما.
    · وعَلِم: بوسيلة معتبَرة هي ما يُطلَق عليه اليوم دليل القرينة، أي معرفة الحقيقة بحقيقةٍ أخرى، والحقيقة الأخرى هنا هي الأثر الناتج عن الفعل، ويتمثَّل بقدِّ القميص من قُبلٍ أم دُبرٍ؟
    · وبيَّن علمه: بقوله ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ.
    نلاحظ هنا أن العلم الذي بيَّنه، والذي توصّل إلى معرفته بدليل القرينة، هونتيجة خبرته الفكريَّة؛ وهو أي الشاهد -بهذا ينطبق عليه ما يسمّى اليوم بالخبير لدى المحاكم، وخبرته هذه تُقيمه مقام الشاهد الذي سمع أو رأى؛ وهذا ما وصفه به ربنا جلَّ وعلا ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا.

    إذاً، أركان الشاهد – كمصطلح قرآني - هي ثلاثة أركان: الحضور؛ العلم؛ البيان.

    رابعاً- مفهوم الشـهـيد:

    لا شكَّ أن المفهوم الاصطلاحي للشاهد معروفٌ بشكلٍ أو بآخر قبل تحديده السابق، لكن الإشكال الحقيقي القائم هو في مفهوم الشهيد !
    وقد وجدتُ بفضل الله ومنَّته أن الشهيد هو من يتحقَّق فيه ركنان فقط من أركان الشهادة، وهما: الحضور والعلم.
    والآية الكريمة التالية من سورة البقرة توضح ذلك بجلاء:
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَايَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَادُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

    نلاحظ في هذه الآية الكريمة أن الله عزَّ وجلَّ قد أطلق صفة الشهيد على مَن يُدعى لحضور عملية المداينة كي يعلم شروطها وتفصيلاتها، وذلك بقوله: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ، أي ادعوهما ليكونا:
    · حاضريْن: ليشهدا عملية المداينة. وليكونا:
    · عالميْن: بشروطها وتفصيلات الحقوق فيها.
    ثم أكَّد على هذه الصفة بقوله: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَادُعُواأي إنَّ صفة الشهيد تبقى ملازمة لهم بعد حضورهم وعلمهم، وذلك لحين دعوتهم لبيان شهادتهم (علمهم).
    فالشهيد في هذه الآية قد تحقَّق بركنين فقط من أركان الشاهد، وهما الحضور والعلم.

    وفي هذه الآية الكريمة أيضاً، يُبيِّن لنا الله عزَّ وجلَّ أمراً مهماً جداً فيما يتعلق بالشهداء، وهو حمايتهم من أي ضرر قد يلحق بهم جرَّاء علمهم بموضوع الشهادة، وهو ما يُطلَق عليه اليوم: برنامج حماية الشهود؛ وذلك بقوله جلَّ وعلا: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَاشَهِيدٌأي يجب عدم إلحاق أي ضرر بهم، سواء قبل أداء الشهادة أو بعدها. والتحذير من ذلك - إلحاق الضرر- واضحٌ وخطير: ﴿وَلَايُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْأي خروج عن شرع الله ومنهجه القويم.

    في سورة المائدة، يقص علينا ربنا عزَّ وجلَّ على لسان سيدنا عيسى عليه السلام كيف أنه وصف نفسه بأنه شهيدٌ على أمته، وذلك لأنه كان حاضراً بينهم، عالماً بما يصنعون، ولم يُبيِّن بعدُ شهادته يوم القيامة: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.

    وبذلك يكون مفهوم الشهيد الاصطلاحي:
    مَن كان حاضراً وعلِم الحقَّ، ولم يُبيِّن بعدُ ذلك العلم.

    من هذا التحديد لمفهوم الشهيد، نرى أن الصحيح أن نسمّي مَن يُستدعى لحضور عقد زواج أو عقد بيع أو ما شابه، الصحيح أن نسميه شهيداً وليس شاهداً كما هو دارجٌ ومألوف. لأنه لا يصبح شاهداً إلا بعد بيان شهادته.

    (يتبع)




    وطني... محلُّ تكليفي، ومختبر صلاحي

  3. #3
    السلام عليكم
    ماشاء الله أستاذنا موضوع غير مسبوق ودرس دراسة عميقة مع الشواهد المناسبة.
    واعتذر للمقاطعة ولكن للزوم الامر :
    هل للبيان شروط ؟لاهميته وحساسيته.
    ربما بات يجب ان ننتظر بقية البحث تباعا.
    مع جل التقدير.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    الأستاذة القديرة ريمة الخاني
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    أشكر لكِ لطفكِ في الإشادة بهذا الموضوع، كما أثمِّن سؤالكِ الذي ينمُّ عن قراءةٍ واعية متبصِّرة.
    إن "شروط البيان" الذي تفضَّلتِ بالسؤال عنها تندرج في دائرة مسألة "شهادة الزور".
    أعدكِ بأن أجيب عن هذه المسألة بشكل عام إن شاء الله بعد إدراج الجزء التالي والأخير من هذا البحث، الذي أتطرق فيه لبعض الإشكالات التي قد تُطرح بناءً على المفاهيم التي قدَّمتها.

    لكِ شكري وتقديري مع عميق مودتي.






    وطني... محلُّ تكليفي، ومختبر صلاحي

  5. #5

    إشكالاتٌ معترضة



    سادساً- إشكالاتٌ معترِضة:

    بعد هذا التحديد لمفاهيم مصطلحات الشهادة، والشاهد، والشهيد؛ فإنه تعترضنا بعض المسائل التي تبدو مشكلةً وغير متوافقة معه، لكنها في حقيقة الأمرلا إشكال فيها البتَّة، بل هي منسجمة تمام الانسجام معه؛ وسأعرض بعض هذه الإشكالات ومن ثمَّ رفع الإشكال عنها.

    أ- الإشكال الأول: إن الله عزَّ وجلَّ لم يطلق على أحد من الأنبياء صفة الشاهد إلا على نبينا محمد صلى الله عليه وسلَّم، وذلك في قوله تعالى:
    ﴿يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.
    وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا.

    رغم أنه - جلَّ وعلا- قد أطلق عليه في سورة النساء صفة الشهيد: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا.

    رفع الإشكال:

    إن من تمام عدل ربنا جلَّ وعلا أنه يُشهِد الناس بعضهم على بعضٍ يوم القيامة ليحكم بينهم؛ والرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام سيَشهد يوم القيامة على الأمم جميعاً: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا.
    ومن المعلوم أن الشهود مراتب ودرجات، أدناهم شهود الزور، وأعلاهم درجةً هم شهود العدل؛ وهذا التصنيف معمولٌ به في معظم المحاكم مع بعض الاختلافات في التوصيف؛ وشهيد العدل مصدَّق لدى هيئة المحكمة فيما يقول، وهي تأخذ بشهادته على أنها القول الفصل، خصوصاً عند تعارض الشهادات أو تباينها.
    وشهادة رسول الله محمَّد صلوات ربي وسلامه عليه هي الشهادة النهائية على جميع الأمم، وهي مقبولة عند الله تبارك وتعالى لأنه الصادق المصدوق، وهو بذلك بحكم شهيد العدل بين الشهداء.

    إذاً، لأن شهادة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يوم القيامة مقبولة ومصدَّقة، فهي بحكم الناجزة؛ لذلك اعتبره ربنا جلَّ وعلا بحكم ومنزلة الشاهد.

    وهنا تظهر لنا لطيفةٌ بديعة، وهي أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يقل عن نفسه أبداً أنه: شاهدٌ؛ بل كان يصف نفسه دائماً بأنه شهيد. وهذا من عظيم خُلقه ورفيع أدبه مع الله تبارك وتعالى.

    ب- والإشكال الثاني: لماذا نطلق على مَن يُقتل في سبيل الله صفة الشهيد؟

    رفع الإشكال:
    إن الله عزَّ وجلَّ قد أصَّل في القرآن الكريم لمفهوم الشهيد الذي يُقتَل في سبيل الله، وجاء الرسول الأكرم عليه صلوات ربي وسلامه موصِّفاً ومفصِّلاً بناءً على ذلك التأصيل.
    فالتأصيل جاء ابتداءً في الحقِّ الذي أوجبه ربنا تبارك وتعالى على نفسه في عقد المبايعة الذي عقده مع المؤمنين من عباده، بأن يُقاتلوا في سبيله ولهم الجنَّة؛ جاء ذلك في سورة التوبة، الآية 111: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.
    والوفاء بهذا العقد يكون عند استحقاقه وقت الجهاد في سبيل الله؛ والجهاد أنواع، أشدّه وأكرهه على النفس هو القتال، لأن في القتال تمحيصٌ لإيمان المؤمن، وتمييز بينه وبين المنافق، فمن قاتل وصبر في قتاله في سبيل الله رغم الشدَّة فقد صدق إيمانه وأوفى بعهده. والله عزَّ وجلَّ يُشهِد الناس بعضهم على بعض يوم القيامة في أفعالهم وأحوالهم ليحكم بينهم؛ فمَن سيشهد على المؤمنين الذين صدقوا في إيمانهم وأوفوا بعهدهم الذي عاهدوا الله عليه أن يقاتلوا في سبيله؟ إن من سيشهد لهم هم الذين يُقتَلون منهم في ميدان القتال؛ وهذا ما تبيِّنه الآيات الكريمات التاليات:
    ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ[آل عمران: 140-142].

    وهنا نجد أن التحديد آنف الذكر لمفهوم الشهيد ينطبق تماماً على الذين يُقتَلون في سبيل الله؛ وذلك لأن الركنين الأوَّلين من أركان الشاهد قد تحققا فيهم، وهما: الحضور، والعلم؛ لأنهم:

    · كانوا حاضرين: حضوراً زمانيَّاً وحضوراً مكانيَّاً، لأنهم كانوا في ساحة القتال.
    · وكانوا عالمين:بموضوع الشهادة، وهو القتال في سبيل الله، امتثالاً لأمره وتنفيذاً للعقد الذي عقدوه مع الله تبارك وتعالى.

    وستكتمل أركان الشاهد فيهم يوم القيامة بعد أن يُبيِّنوا علمهم هذا بين يدي ربهم عزَّ وجلَّ بأن مَن كانوا معهم قاتلوا في سبيل الله؛ عندها يحكم بينهم المولى تبارك وتعالى ويجزيهم الجنة وفاءً لعهده سبحانه وتعالى.

    فإن سأل سائلٌ: ومن سيشهد على الذين يُقتَلون في سبيل الله يوم القيامة (أي على الشهداء) ؟
    الجواب جاء على لسان سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلَّم كما جاء في البخاري، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما إذ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُد في ثوب واحد، ثم يقول أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد، وقال: "أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة".

    اللهم ربَّنا وربَّ كلِّ شيء، أنا شهيدٌ أنَّك واحدٌ أحدٌ، فردٌ صمدٌ، وأن محمَّداً عبدك ورسولك، أرسلته بالهدى ودين الحقِّ؛ فاكتبني اللهمَّ مع الشاهدين.
    وطني... محلُّ تكليفي، ومختبر صلاحي

المواضيع المتشابهه

  1. حكم الشاهد على الظلم
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-10-2014, 08:37 PM
  2. امضاء على الشاهد / إلى ستة قرون بين المعري وغاليلو
    بواسطة حسن ابراهيم سمعون في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-04-2010, 11:15 AM
  3. اغتيال المجاهد والشهيد/إياد شلباية
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-19-2010, 08:42 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-08-2010, 05:32 AM
  5. الله..... صمت الشاهد في قلب العابد
    بواسطة مازن الطباع في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-21-2009, 06:23 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •