منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5

العرض المتطور

  1. #1

    في الذكرى 39 على استشهاد الأديب غسان كنفاني 8 تموّز

    في الذكرى 39 على استشهاد الأديب غسان كنفاني 8 تموّز
    لماذا يقتلعون كل الدروب الواصلة بيننا وبين الشهداء.!؟
    امرأة تتعتّب ركن الرصيف القصيّ، تحضن صرّة تفوح منها رائحة الريف، وشقوق غائرة كم عاشت فصولاً ذابحة من خرير ماء ينسفح على "درج عمارة" شاهقة.
    أين أنت يا أم سعد، أيتها الـ أمي الطاهرة.؟
    الصغير يتنكّب "مرتينة خاله.!" لكنه لا يجد الطريق للعبور.!
    "السرير رقم 12" يئن وجعاً.!
    والساعة المعلّقة على كثبان الصحراء تشدو رتابتها على شقوة الباحثين عن ثغرة نجاة.!
    ندق "جدران الخزان" يا غسّان، لكن الصدى يرتدّ إلينا محفوفاً بمفردات أصبحت في نسيج القضية..
    "المسامير المثلّثة" تشظّت من زواريب المخيمات، وتعشّقت صدور الموصومين بتهمة النضال..
    أصوات باهتة، وخرق فقيرة مكتوب عليها (عودة عن عودة تفرق.!)
    آه يا غسان..
    كيف ألتقيك في تموز هذا، وقد نصبوا بيني وبينك ألف قيد مفخخ.؟
    وشرّعوا أبواب السجون ليعتقلوا صوتي.!
    ع ك
    2-7-2011
    موقع عدنان كنفاني
    http://www.adnan-ka.com/

  2. #2

    رد: في الذكرى 39 على استشهاد الأديب غسان كنفاني 8 تموّز


    كلمات ثائره
    لغسان كنفانى
    - قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت..إنها قضية الباقين
    - ربما كان الاسم الواحد كالعمر الواحد لا يكفي لإخراج كل ما يموج في الداخل.
    - إن الموت السلبي للمقهورين والمظلومين مجرد انتحار وهروب وخيبة و فشل.
    - ليس بالضرورة أن تكون الأشياء العميقة معقدة. وليس بالضرورة أن تكون الأشياء البسيطة ساذجة.. إن الإنحياز الفني الحقيقي هو: كيف يستطيع الانسان أن يقول الشيء العميق ببساطة.
    - الثورة وحدها هي المؤهلة لاستقطاب الموت..الثورة وحدها هي التي توجه الموت..و تستخدمه لتشق سبل الحياة.
    - لنزرع شهداءنا في رحم هذا التراب المثخن بالنزيف..فدائما يوجد في الأرض متسعا لشهيد آخر.
    - كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق وتافه لغياب السلاح..و إنها تنحدر الآن أمام شروق الرجال الحقيقيين الذين يموتون كل يوم في سبيل شيء أحترمه.
    - لك شيء في هذا العالم .. فقم!
    - أنا أحكي عن الحرية التي لا مقابل لها..الحرية التي هي نفسها المقابل.
    - لا أرتد حتى أزرع في الأرض جنتي..أو أقتلع من السماء جنتها..أو أموت أو نموت معا
    - هذا العالم يسحق العدل بحقارة كل يوم!
    - ليس المهم أن يموت الانسان، قبل أن يحقق فكرته النبيلة، بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل أن يموت.
    - إن الفكرة النبيلة لا تحتاج غالباً للفهم بل تحتاج للإحساس..
    - إن الشجاعة هي مقياس الاخلاص .
    - إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية..فا لأجدر بنا أن نغير المدافعين..لا أن نغيرالقضية
    - الغزلان تحب أن تموت عند أهلها..الصقور لا يهمها أين تموت
    - ليس المهم أن يموت أحدنا..المهم أن تستمروا
    - هذه المراة تلد الأولاد فيصيروا فدائيين..هي تخلف و فلسطين تأخذ
    - في صفاء رؤيا الجماهير تكون الثورة جزءا لا ينفصم عن الخبز و الماء و أكف الكدح و نبض القلب
    - إن ضرب السجين هو تعبير مغرور عن الخوف
    - إن الخيانة في حد ذاتها ميتة حقيرة
    - سيظل مغروسا هنا ينبض وحده في العراء..إلى أن يموت واقفا
    - فإذا بالجميع يصرخوا دفعة واحدة" أية حياة هذه..الموت أفضل منها" و لأن الناس عادة لا يحبون الموت كثيرا..فلابد أن يفكروا بأمر آخر
    - إن الانتصار هو أن تتوقع كل شيء..و ألا تجعل عدوك يتوقع
    - إنها الثورة! هكذا يقولون جميعا..و أنت لا تستطيع أن تعرف معنى ذلك إلا إذا كنت تعلق على كتفك بندقية تستطيع أن تطلق..فإلى متى تنتظر؟!
    - أموت وسلاحي بيدي لاأن أحيا وسلاحي بيد عدوي.
    - خلقت أكتاف الرجال لحمل البنادق فاما عظماء فوق الأرض أوعظاما في جوفها.
    - إن الرجل الذي يلتحق بالفدائيين لا يحتاج بعد إلى رعاية أمه.
    - لا تمت قبل أن تكون نداً
    - لا أحد على أي حال يعرف كيف تُرتب الحياة نفسها أحيانا يحسب المرء أن قصة ما انتهت فإذا بها تبدأ!.
    - إن حياتي و موتك يلتحمان بصورة لا تستطيع أنت و لا أستطيع أنا فكهما.. ورغم ذلك فلا يعرف أحد كيف يجري الحساب ها هنا
    - لن تستطيعي ان تجدي الشمس في غرفه مغلقة
    - إن المعجزه التي تحدث عنها اليهود لم تكن الا وهما
    - قد لا نكون الجيل المهيأ لتحقيق النصر, لكننا نعد الجيل القادم للنصر
    - جاعوا، وأخذت السماء تزخ، حيث يسقى فولاذ الرشاشات تضحى له رائحة الخبز..!
    - بالدم نكتب لفلسطين...!
    - الدموع لا تسترد المفقودين ولا الضائعين ،ولا تجترح المعجزات ..... كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقا صغيرا يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود.


    اللهم اجعلنا ممن
    يتركون خلفهم
    اثارا طيبه

  3. #3

    رد: في الذكرى 39 على استشهاد الأديب غسان كنفاني 8 تموّز

    'فى الذكرى 39 على إستشهاد رائد أدب المقاومة الأديب الفلسطيني غسان كنفاني تعالوا نعرف من هو : يجب علينا أن نعرف من هو غسان...وماالظروف التي شكلت عجين شخصيته.....وكيف استقى خصوبة خيالاته..مرارة أدبه..... أشياء حاولت تناول جوانبها....عبر عرض ما وجدته أثناء بحثي عن غسان الطفل...غسان الشاب.......غسان الزوج.....وصاحب حق....وصاحب هوية....والأديب.... غسان الكنفاني : ولد الشهيد غسان كنفاني عام 1936 في مدينة عكا بفلسطين..وهو عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين..عرفته جماهيرنا صحفياً تقدمياً جريئاً، دخل السجن نتيجة جرأته في الدفاع عن القضايا الوطنية أكثر من مرة نشأته وحياته والده: خرج أبوه من أسرة عادية من أسر عكا وكان الأكبر لعدد غير قليل من الأشقاء، وبما أن والده لم يكن مقتنعاً بجدوى الدراسات العليا فقد أراد لابنه أن يكون تاجراً أو كاتباً أو متعاطياً لأي مهنة عادية ولكن طموح الابن أبي عليه إلا أن يتابع دراسته العالية فالتحق بمعهد الحقوق بالقدس في ظروف غير عادية.صفر اليدين من النقود وحتى من التشجيع فما كان عليه إلا أن يتكل علي جهده الشخصي لتأمين حياته ودراسته فكان تارة ينسخ المحاضرات لزملائه وتارة يبيع الزيت الذى يرسله له والده ويشترى بدل ذلك بعض الكاز والمأكل، ويشارك بعض الأسر في مسكنها، إلى أن تخرج كمحام.وعاد إلي عكا ليتزوج من أسرة ميسورة ومعروفة ويشد رحاله للعمل في مدينة يافا حيث مجال العمل أرحب وليبني مستقبله هناك. وكافح هناك وزوجته إلى جانبه تشد أزره وتشاركه فى السراء والضراء ونجح وكان يترافع فى قضايا معظمها وطني خاصة أثناء ثورات فلسطين واعتقل مرارا كانت إحداها بإيعاز من الوكالة اليهودية. وكان من عادة هذا الشاب تدوين مذكراته يوماً بيوم وكانت هذه هى أعز ما يحتفظ به من متاع الحياة وينقلها معه حيثما حل أو ارتحل، وكثيراً ما كان يعود إليها ليقرأ لنا بعضها ونحن نستمتع بالاستماع الى ذكريات كفاحه، فقد كان فريدا بين أبناء جيله، وكان هذا الرجل العصامي ذو الآراء المتميزة مثلاً لنا يحتذي. هذا هو والد غسان كنفاني الذى كان له بدون شك أثر كبير فى حياة ثالث أبنائه غسان. غسان الطفل: هو الوحيد بين أشقائه ولد في عكا، فقد كان من عادة أسرته قضاء فترات الأجازة والأعياد فى عكا، ويروى عن ولادته أن أمه حين جاءها المخاض لم تستطع أن تصل إلى سريرها قبل أن تضع وليدها وكاد الوليد يختنق بسبب ذلك وحدث هذا فى التاسع من نيسان عام 1936. كان من نصيب غسان الالتحاق بمدرسة الفرير بيافا وكنا نحسده لأنه يدرس اللغة الفرنسية زيادة عما ندرسه نحن.ولم تستمر دراسته الابتدائية هذه سوى بضع سنوات.فقد كانت أسرته تعيش في حي المنشية بيافا وهو الحي الملاصق لتل أبيب وقد شهد أولى حوادث الاحتكاك بين العرب واليهود التى بدأت هناك إثر قرار تقسيم فلسطين.لذلك فقد حمل الوالد زوجته وأبناءه وأتي بهم إلي عكا وعاد هو إلى يافا، أقامت العائلة هناك من تشرين عام 47 إلى أن كانت إحدى ليالي أواخر نيسان 1948 حين جري الهجوم الأول على مدينة عكا. بقي المهاجرون خارج عكا على تل الفخار (تل نابليون) وخرج المناضلون يدافعون عن مدينتهم ووقف رجال الأسرة أمام بيت جدنا الواقع في أطراف البلد وكل يحمل ما تيسر له من سلاح وذلك للدفاع عن النساء والأطفال إذا اقتضى الأمر. ومما يذكر هنا أن بعض ضباط جيش الإنقاذ كانوا يقفون معنا وكنا نقدم لهم القهوة تباعا علما بان فرقتهم بقيادة أديب الشيشكلي كانت ترابط في أطراف بلدتنا.وكانت تتردد على الأفواه قصص مجازر دير ياسين ويافا وحيفا التي لجأ أهلها إلى عكا وكانت الصور ما تزار ماثلة فى الأذهان.فى هذا الجو كان غسان يجلس هادئاً كعادته ليستمع ويراقب ما يجري. استمرت الاشتباكات منذ المساء حتى الفجر وفي الصباح كانت معظم الأسر تغادر المدينة وكانت أسرة غسان ممن تيسر لهم المغادرة مع عديد من الأسر في سيارة شحن إلى لبنان فوصلوا إلى صيدا وبعد يومين من الانتظار استأجروا بيتاً قديما في بلدة الغازية قرب صيدا في أقصى البلدة علي سفح الجبل، استمرت العائلة في ذلك المنزل أربعين يوما في ظروف قاسية اذ أن والدهم لم يحمل معه إلا النذر اليسير من النقود فقد كان أنفقها فى بناء منزل في عكا وآخر في حي العجمي بيافا وهذا البناء لم يكن قد انتهي العمل فيه حين اضطروا للرحيل. من الغازية انتقلوا بالقطار مع آخرين إلى حلب ثم إلى الزبداني ثم إلى دمشق حيث استقر بهم المقام في منزل قديم من منازل دمشق وبدأت هناك مرحلة أخرى قاسية من مراحل حياة الأسرة.غسان فى طفولته كان يلفت النظر بهدوئه بين جميع إخوته وأقرانه ولكن كنا نكتشف دائماً أنه مشترك فى مشاكلهم ومهيأ لها دون أن يبدو عليه ذلك. غسان اليافع: فى دمشق شارك أسرته حياتها الصعبة، أبوه المحامي عمل أعمالاً بدائية بسيطة، أخته عملت بالتدريس، هو وأخوه صنعوا أكياس الورق، ثم عمالاً، ثم قاموا بكتابة الاستدعاءات أمام أبواب المحاكم وفي نفس الوقت الذي كان يتابع فيه دروسه الابتدائية.بعدها تحسنت أحوال الأسرة وافتتح أبوه مكتباً لممارسة المحاماة فأخذ هو إلى جانب دراسته يعمل في تصحيح البروفات في بعض الصحف وأحياناً التحرير واشترك فى برنامج فلسطين في الإذاعة السورية وبرنامج الطلبة وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيات والمقطوعات الوجدانية. وكانت تشجعه على ذلك وتأخذ بيده شقيقته التى كان لها في هذه الفترة تأثير كبير علي حياته. وأثناء دراسته الثانوية برز تفوقه في الأدب العربي والرسم وعندما أنهى الثانوية عمل في التدريس في مدارس اللاجئين وبالذات فى مدرسة الاليانس بدمشق والتحق بجامعة دمشق لدراسة الأدب العربي وأسند إليه آنذاك تنظيم جناح فلسطين في معرض دمشق الدولي وكان معظم ما عرض فيه من جهد غسان الشخصي.وذلك بالإضافة إلى معارض الرسم الاخري التى أشرف عليها. وفي هذا الوقت كان قد انخرط في حركة القوميين العرب وأترك الكلام هنا وعن حياته السياسية لرفاقه ولكن ما أذكره انه كان يضطر أحيانا للبقاء لساعات متأخرة من الليل خارج منزله مما كان يسبب له إحراجا مع والده الذي كان يحرص علي إنهائه لدروسه الجامعية وأعرف أنه كان يحاول جهده للتوفيق بين عمله وبين إخلاصه ولرغبة والده. قي أواخر عام 1955 التحق للتدريس في المعارف الكويتية وكانت شقيقته قد سبقته في ذلك بسنوات وكذلك شقيقه.وفترة إقامته في الكويت كانت المرحلة التى رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة وهى التى شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق.كان يقول انه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن ستماية صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة. وهناك بدأ يحرر في إحدى صحف الكويت ويكتب تعليقا سياسياً بتوقيع "أبو العز" لفت إليه الأنظار بشكل كبير خاصة بعد أن كان زار العراق بعد الثورة العراقية عام 58 على عكس ما نشر بأنه عمل بالعراق. في الكويت كتب أيضاً أولي قصصه القصيرة "القميص المسروق" التى نال عليها الجائزة الأولي في مسابقة أدبية.ظهرت عليه بوادر مرض السكري فى الكويت أيضاً وكانت شقيقته قد أصيبت به من قبل وفي نفس السن المبكرة مما زاده ارتباطاً بها وبالتالي بابنتها الشهيدة لميس نجم التى ولدت في كانون الثاني عام 1955.فأخذ غسان يحضر للميس في كل عام مجموعة من أعماله الأدبية والفنية ويهديها لها وكانت هى شغوفة بخالها محبة له تعتز بهديته السنوية تفاخر بها أمام رفيقاتها ولم يتأخر غسان عن ذلك الا فى السنوات الأخيرة بسبب ضغط عمله. عام 1960 حضر غسان إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية كما هو معروف. غسان الزوج: بيروت كانت المجال الأرحب لعمل غسان وفرصته للقاء بالتيارات الأدبية والفكرية والسياسية. بدأ عمله في مجلة الحرية ثم أخذ بالإضافة إلى ذلك يكتب مقالاً أسبوعيا لجريدة "المحرر" البيروتية والتي كانت ما تزال تصدر أسبوعية صباح كل اثنين.لفت نشاطه ومقالاته الأنظار إليه كصحفي ومفكر وعامل جاد ونشيط للقضية الفلسطينية فكان مرجعاً لكثير من المهتمين.عام 1961 كان يعقد فى يوغوسلافيا مؤتمر طلابي اشتركت فيه فلسطين وكذلك كان هناك وفد دانمركي.كان بين أعضاء الوفد الدانمركي فتاة كانت متخصصة في تدريس الأطفال.قابلت هذه الفتاة الوفد الفلسطيني ولأول مرة سمعت عن القضية الفلسطينية. واهتمت الفتاة اثر ذلك بالقضية ورغبت فى الإطلاع عن كثب على المشكلة فشدت رحالها إلى البلاد العربية مرورا بدمشق ثم إلى بيروت حيث أوفدها أحدهم لمقابلة غسان كنفاني كمرجع للقضية وقام غسان بشرح الموضوع للفتاة وزار وإياها المخيمات وكانت هى شديدة التأثر بحماس غسان للقضية وكذلك بالظلم الواقع على هذا الشعب.ولم تمض على ذلك عشرة أيام إلا وكان غسان يطلب يدها للزواج وقام بتعريفها علي عائلته كما قامت هي بالكتابة إلى أهلها.وقد تم زواجهما بتاريخ 19 أكتوبر 1961ورزقا بفايز في 24/8/1962 وبليلي فى 12/11/1966. بعد أن تزوج غسان انتظمت حياته وخاصة الصحية اذ كثيراً ما كان مرضه يسبب له مضاعفات عديدة لعدم انتظام مواعيد طعامه. عندما تزوج غسان كان يسكن في شارع الحمراء ثم انتقل إلى حى المزرعة، ثم إلى مار تقلا أربع سنوات حين طلب منه المالك إخلاء شقته قام صهره بشراء شقته الحالية وقدمها له بإيجار معقول. وفي بيروت أصيب من مضاعفات السكري بالنقرس وهو مرض بالمفاصل يسبب آلاماً مبرحة تقعد المريض أياماً.ولكن كل ذلك لم يستطع يوماً أن يتحكم في نشاطه أو قدرته على العمل فقد كان طاقة لا توصف وكان يستغل كل لحظة من وقته دون كلل. وبرغم كل انهماكه في عمله وخاصة في الفترة الأخيرة إلا أن حق بيته وأولاده عليه كان مقدساً.كانت ساعات وجوده بين زوجته وأولاده من أسعد لحظات عمره وكان يقضى أيام عطلته (إذا تسنى له ذلك يعمل فى حديقة منزله ويضفي عليها وعلى منزله من ذوق الفنان ما يلفت النظر رغم تواضع قيمة موجوداته. غسان القضية: أدب غسان وإنتاجه الأدبي كان متفاعلا دائما مع حياته وحياة الناس وفي كل ما كتب كان يصور واقعا عاشه أو تأثر به. "عائد إلى حيفا"، عمل وصف فيه رحلة مواطني حيفا في انتقالهم إلى عكا؛ وقد وعي ذلك، وهو ما يزال طفلاً يجلس ويراقب ويستمع. ثم تركزت هذه الأحداث في مخيلته فيما بعد من تواتر الرواية. "أرض البرتقال الحزين"، تحكى قصة رحلة عائلته من عكا وسكناهم في الغازية. "موت سرير رقم 12"، استوحاها من مكوثه بالمستشفي بسبب المرض. "رجال في الشمس" من حياته وحياة الفلسطينيين بالكويت واثر عودته إلى دمشق في سيارة قديمة عبر الصحراء، كانت المعاناة ووصفها هى تلك الصورة الظاهرية للأحداث أما في هدفها فقد كانت ترمز وتصور ضياع الفلسطينيين فى تلك الحقبة وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش مثبتاً أنهم قد ضلوا الطريق. فى قصته "ما تبقي لكم"، التي تعتبر مكملة "لرجال في الشمس"، يكتشف البطل طريق القضية، في أرض فلسطين وكان ذلك تبشيراً بالعمل الفدائي. قصص "أم سعد" وقصصه الاخري كانت كلها مستوحاة من ناس حقيقيين. في فترة من الفترات كان يعد قصة ودراسة عن ثورة 36 في فلسطين فأخذ يجتمع إلى ناس المخيمات ويستمع إلى ذكرياتهم عن تلك الحقبة، والتي سبقتها والتي تلتها، وقد أعد هذه الدراسة لكنها لم تنشر (نشرت في مجلة شؤون فلسطين) أما القصة فلم يكتب لها أن تكتمل بل اكتمل منها فصول نشرت بعض صورها في كتابه "عن الرجال والبنادق". كانت لغسان عين الفنان النفاذة وحسه الشفاف المرهف فقد كانت في ذهنه في الفترة الأخيرة فكرة مكتملة لقصة رائعة استوحاها من مشاهدته لأحد العمال وهو يكسر الصخر فى كاراج البناية التى يسكنها وكان ينوى تسميتها "الرجل والصخر". غسان الرائد: تجب وضع دراسة مفصلة عن حياة غسان الأدبية والسياسية والصحفية ولكننا في هذه العجالة نكتفي بإيراد أمثلة عن ريادته بذكر بعض المواقف في حياته وعتها الذاكرة: كان غسان أول من كتب عن حياة أبناء الخليج المتخلفة ووصف حياتهم وصفاً دقيقا مذهلا وذلك في قصته "موت سرير رقم 12"، ولا أستطيع أن أؤكد إذا كان سواه قد كتب عن ذلك من بعده. فى أوائل ثورة الـ 58 بالعراق أيام حكم عبد الكريم قاسم زار غسان العراق ورأى بحسه الصادق انحراف النظام فعاد وكتب عن ذلك بتوقيع "أبو العز" مهاجما العراق فقامت قيامة الأنظمة المتحررة ضده إلى أن ظهر لهم انحراف الحكم فعلا فكانوا أول من هنأوه على ذلك مسجلين سبقه في كتاب خاص بذلك. بعد أن استلم رئاسة تحرير جريدة "المحرر" اليومية استحدث صفحة للتعليقات السياسية الجادة وكانت على ما أذكر الصفحة الخامسة وكان يحررها هو وآخرون.ومنذ سنة تقريبا استحدثت إحدى كبريات الصحف اليومية فى بيروت صفحة مماثلة وكتب من كتب وأحدهم أستاذ صحافة فى الجامعة الأميركية كتبوا في تقريظ هذه الصفحة وساءني أن يجهل حتى المختصون بالصحافة أن غسان قام بهذه التجربة منذ سنوات. لا أحد يجهل أن غسان كنفاني هو أول من كتب عن شعراء المقاومة ونشر لهم وتحدث عن أشعارهم وعن أزجالهم الشعبية فى الفترات الأولى لتعريف العالم العربي على شعر المقاومة، لم تخل مقالة كتبت عنهم من معلومات كتبها غسان وأصبحت محاضرته عنهم ومن ثم كتابه عن "شعراء الأرض المحتلة" مرجعا مقررا فى عدد من الجامعات وكذلك مرجعا للدارسين. الدراسة الوحيدة الجادة عن الأدب الصهيونى كانت لغسان ونشرتها مؤسسة الأبحاث بعنوان "في الأدب الصهيوني". أشهر الصحافيين العرب يكتب الآن عن حالة اللا سلم واللا حرب ولو عدنا قليلا إلى الأشهر التى تلت حرب حزيران 67 وتابعنا تعليقات غسان السياسية فى تلك الفترة لوجدناه يتحدث عن حالة اللا سلم واللا حرب أى قبل سنوات من الاكتشاف الأخير الذى تحدثت عنه الصحافة العربية والأجنبية. إننا نحتاج إلى وقت طويل قبل أن نستوعب الطاقات والمواهب التى كان يتمتع بها غسان كنفاني. هل نتحدث عن صداقاته ونقول أنه لم يكن له عدو شخصي ولا في أى وقت وأي ظرف أم نتحدث عن تواضعه وهو الرائد الذى لم يكن يهمه سوى الإخلاص لعمله وقضيته أم نتحدث عن تضحيته وعفة يده وهو الذى عرضت عليه الألوف والملايين ورفضها بينما كان يستدين العشرة ليرات من زملائه.ماذا نقول وقد خسرناه ونحن أشد ما نكون فى حاجة إليه، إلى إيمانه وإخلاصه واستمراره على مدى سنوات في الوقت الذى تساقط سواه كأوراق الخريف يأساً وقنوطا وقصر نفس. كان غسان شعباً في رجل، كان قضية، كان وطناً، ولا يمكن أن نستعيده إلا إذا استعدنا الوطن. عمل فى الصحف والمجلات العربية التالية: عضو في أسرة تحرير مجلة "الرأى" في دمشق. عضو في أسرة تحرير مجلة "الحرية" فى بيروت رئيس تحرير جريدة "المحرر" في بيروت. رئيس تحرير "فلسطين" في جريدة المحرر. رئيس تحرير ملحق "الأنوار" في بيروت. صاحب ورئيس تحرير "الهدف" في بيروت. كما كان غسان كنفاني فنانا مرهف الحس، صمم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما رسم العديد من اللوحات. من مؤلفات الشهيد: * قصص ومسرحيات: موت سرير رقم 12. أرض البرتقال الحزين. رجال في الشمس - قصة فيلم "المخدوعون". الباب (مسرحية). عالم ليس لنا. ما تبقى لكم (قصة فيلم السكين). عن الرجال والبنادق. أم سعد. عائد إلي حيفا *بحوث أدبية: أدب المقامة في فلسطين المحتلة. الأدب العربي المقاوم في ظل الاحتلال. في الأدب الصهيوني *مؤلفات سياسية: المقاومة الفلسطينية ومعضلاتها. مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات التي تعالج جوانب معينة من تاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربية (سياسياً وفكرياً وتنظيميا). استشهد صباح يوم السبت 8/7/1972 بعد أن انفجرت عبوات ناسفة كانت قد وضعت في سيارته تحت منزله مما أدي إلي استشهاده مع إبنة شقيقته لميس حسين نجم (17 سنة) بعد أن عرفنا من هو غسان الكنفاني......سيكون يسيرا علينا...الإقبال على ماخطه قلمه الشهيد.....،خاصة وبعد أن صرنا قادرين عن جدارة واستحقاق......قراءة ما كتبه بروح فلسطينية....عايشت القضية الفلسطينية السليبة بكل لحظات اغتصابها....وسنوات الاحتلال المريرة....'>Sabah Hosny7:52pm Jul 3 ‫فى الذكرى 39 على إستشهاد رائد أدب المقاومة الأديب الفلسطيني غسان كنفاني تعالوا نعرف من هو :

    يجب علينا أن نعرف من هو غسان...وماالظروف التي شكلت عجين شخصيته.....وكيف استقى خصوبة خيالاته..مرارة أدبه..... أشياء حاولت تناول جوانبها....عبر عرض ما وجدته أثناء بحثي عن غسان الطفل...غسان الشاب.......غسان الزوج.....وصاحب حق....وصاحب هوية....والأديب.... غسان الكنفاني : ولد الشهيد غسان كنفاني عام 1936 في مدينة عكا بفلسطين..وهو عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين..عرفته جماهيرنا صحفياً تقدمياً جريئاً، دخل السجن نتيجة جرأته في الدفاع عن القضايا الوطنية أكثر من مرة نشأته وحياته والده: خرج أبوه من أسرة عادية من أسر عكا وكان الأكبر لعدد غير قليل من الأشقاء، وبما أن والده لم يكن مقتنعاً بجدوى الدراسات العليا فقد أراد لابنه أن يكون تاجراً أو كاتباً أو متعاطياً لأي مهنة عادية ولكن طموح الابن أبي عليه إلا أن يتابع دراسته العالية فالتحق بمعهد الحقوق بالقدس في ظروف غير عادية.صفر اليدين من النقود وحتى من التشجيع فما كان عليه إلا أن يتكل علي جهده الشخصي لتأمين حياته ودراسته فكان تارة ينسخ المحاضرات لزملائه وتارة يبيع الزيت الذى يرسله له والده ويشترى بدل ذلك بعض الكاز والمأكل، ويشارك بعض الأسر في مسكنها، إلى أن تخرج كمحام.وعاد إلي عكا ليتزوج من أسرة ميسورة ومعروفة ويشد رحاله للعمل في مدينة يافا حيث مجال العمل أرحب وليبني مستقبله هناك. وكافح هناك وزوجته إلى جانبه تشد أزره وتشاركه فى السراء والضراء ونجح وكان يترافع فى قضايا معظمها وطني خاصة أثناء ثورات فلسطين واعتقل مرارا كانت إحداها بإيعاز من الوكالة اليهودية. وكان من عادة هذا الشاب تدوين مذكراته يوماً بيوم وكانت هذه هى أعز ما يحتفظ به من متاع الحياة وينقلها معه حيثما حل أو ارتحل، وكثيراً ما كان يعود إليها ليقرأ لنا بعضها ونحن نستمتع بالاستماع الى ذكريات كفاحه، فقد كان فريدا بين أبناء جيله، وكان هذا الرجل العصامي ذو الآراء المتميزة مثلاً لنا يحتذي. هذا هو والد غسان كنفاني الذى كان له بدون شك أثر كبير فى حياة ثالث أبنائه غسان.

    غسان الطفل:

    هو الوحيد بين أشقائه ولد في عكا، فقد كان من عادة أسرته قضاء فترات الأجازة والأعياد فى عكا، ويروى عن ولادته أن أمه حين جاءها المخاض لم تستطع أن تصل إلى سريرها قبل أن تضع وليدها وكاد الوليد يختنق بسبب ذلك وحدث هذا فى التاسع من نيسان عام 1936. كان من نصيب غسان الالتحاق بمدرسة الفرير بيافا وكنا نحسده لأنه يدرس اللغة الفرنسية زيادة عما ندرسه نحن.ولم تستمر دراسته الابتدائية هذه سوى بضع سنوات.فقد كانت أسرته تعيش في حي المنشية بيافا وهو الحي الملاصق لتل أبيب وقد شهد أولى حوادث الاحتكاك بين العرب واليهود التى بدأت هناك إثر قرار تقسيم فلسطين.لذلك فقد حمل الوالد زوجته وأبناءه وأتي بهم إلي عكا وعاد هو إلى يافا، أقامت العائلة هناك من تشرين عام 47 إلى أن كانت إحدى ليالي أواخر نيسان 1948 حين جري الهجوم الأول على مدينة عكا.
    بقي المهاجرون خارج عكا على تل الفخار (تل نابليون) وخرج المناضلون يدافعون عن مدينتهم ووقف رجال الأسرة أمام بيت جدنا الواقع في أطراف البلد وكل يحمل ما تيسر له من سلاح وذلك للدفاع عن النساء والأطفال إذا اقتضى الأمر. ومما يذكر هنا أن بعض ضباط جيش الإنقاذ كانوا يقفون معنا وكنا نقدم لهم القهوة تباعا علما بان فرقتهم بقيادة أديب الشيشكلي كانت ترابط في أطراف بلدتنا.وكانت تتردد على الأفواه قصص مجازر دير ياسين ويافا وحيفا التي لجأ أهلها إلى عكا وكانت الصور ما تزار ماثلة فى الأذهان.فى هذا الجو كان غسان يجلس هادئاً كعادته ليستمع ويراقب ما يجري. استمرت الاشتباكات منذ المساء حتى الفجر وفي الصباح كانت معظم الأسر تغادر المدينة وكانت أسرة غسان ممن تيسر لهم المغادرة مع عديد من الأسر في سيارة شحن إلى لبنان فوصلوا إلى صيدا وبعد يومين من الانتظار استأجروا بيتاً قديما في بلدة الغازية قرب صيدا في أقصى البلدة علي سفح الجبل، استمرت العائلة في ذلك المنزل أربعين يوما في ظروف قاسية اذ أن والدهم لم يحمل معه إلا النذر اليسير من النقود فقد كان أنفقها فى بناء منزل في عكا وآخر في حي العجمي بيافا وهذا البناء لم يكن قد انتهي العمل فيه حين اضطروا للرحيل. من الغازية انتقلوا بالقطار مع آخرين إلى حلب ثم إلى الزبداني ثم إلى دمشق حيث استقر بهم المقام في منزل قديم من منازل دمشق وبدأت هناك مرحلة أخرى قاسية من مراحل حياة الأسرة.غسان فى طفولته كان يلفت النظر بهدوئه بين جميع إخوته وأقرانه ولكن كنا نكتشف دائماً أنه مشترك فى مشاكلهم ومهيأ لها دون أن يبدو عليه ذلك.

    غسان اليافع:
    فى دمشق شارك أسرته حياتها الصعبة، أبوه المحامي عمل أعمالاً بدائية بسيطة، أخته عملت بالتدريس، هو وأخوه صنعوا أكياس الورق، ثم عمالاً، ثم قاموا بكتابة الاستدعاءات أمام أبواب المحاكم وفي نفس الوقت الذي كان يتابع فيه دروسه الابتدائية.بعدها تحسنت أحوال الأسرة وافتتح أبوه مكتباً لممارسة المحاماة فأخذ هو إلى جانب دراسته يعمل في تصحيح البروفات في بعض الصحف وأحياناً التحرير واشترك فى برنامج فلسطين في الإذاعة السورية وبرنامج الطلبة وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيات والمقطوعات الوجدانية. وكانت تشجعه على ذلك وتأخذ بيده شقيقته التى كان لها في هذه الفترة تأثير كبير علي حياته.
    وأثناء دراسته الثانوية برز تفوقه في الأدب العربي والرسم وعندما أنهى الثانوية عمل في التدريس في مدارس اللاجئين وبالذات فى مدرسة الاليانس بدمشق والتحق بجامعة دمشق لدراسة الأدب العربي وأسند إليه آنذاك تنظيم جناح فلسطين في معرض دمشق الدولي وكان معظم ما عرض فيه من جهد غسان الشخصي.وذلك بالإضافة إلى معارض الرسم الاخري التى أشرف عليها. وفي هذا الوقت كان قد انخرط في حركة القوميين العرب وأترك الكلام هنا وعن حياته السياسية لرفاقه ولكن ما أذكره انه كان يضطر أحيانا للبقاء لساعات متأخرة من الليل خارج منزله مما كان يسبب له إحراجا مع والده الذي كان يحرص علي إنهائه لدروسه الجامعية وأعرف أنه كان يحاول جهده للتوفيق بين عمله وبين إخلاصه ولرغبة والده. قي أواخر عام 1955 التحق للتدريس في المعارف الكويتية وكانت شقيقته قد سبقته في ذلك بسنوات وكذلك شقيقه.وفترة إقامته في الكويت كانت المرحلة التى رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة وهى التى شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق.كان يقول انه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن ستماية صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة. وهناك بدأ يحرر في إحدى صحف الكويت ويكتب تعليقا سياسياً بتوقيع "أبو العز" لفت إليه الأنظار بشكل كبير خاصة بعد أن كان زار العراق بعد الثورة العراقية عام 58 على عكس ما نشر بأنه عمل بالعراق. في الكويت كتب أيضاً أولي قصصه القصيرة "القميص المسروق" التى نال عليها الجائزة الأولي في مسابقة أدبية.ظهرت عليه بوادر مرض السكري فى الكويت أيضاً وكانت شقيقته قد أصيبت به من قبل وفي نفس السن المبكرة مما زاده ارتباطاً بها وبالتالي بابنتها الشهيدة لميس نجم التى ولدت في كانون الثاني عام 1955.فأخذ غسان يحضر للميس في كل عام مجموعة من أعماله الأدبية والفنية ويهديها لها وكانت هى شغوفة بخالها محبة له تعتز بهديته السنوية تفاخر بها أمام رفيقاتها ولم يتأخر غسان عن ذلك الا فى السنوات الأخيرة بسبب ضغط عمله. عام 1960 حضر غسان إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية كما هو معروف.

    غسان الزوج:
    بيروت كانت المجال الأرحب لعمل غسان وفرصته للقاء بالتيارات الأدبية والفكرية والسياسية. بدأ عمله في مجلة الحرية ثم أخذ بالإضافة إلى ذلك يكتب مقالاً أسبوعيا لجريدة "المحرر" البيروتية والتي كانت ما تزال تصدر أسبوعية صباح كل اثنين.لفت نشاطه ومقالاته الأنظار إليه كصحفي ومفكر وعامل جاد ونشيط للقضية الفلسطينية فكان مرجعاً لكثير من المهتمين.عام 1961 كان يعقد فى يوغوسلافيا مؤتمر طلابي اشتركت فيه فلسطين وكذلك كان هناك وفد دانمركي.كان بين أعضاء الوفد الدانمركي فتاة كانت متخصصة في تدريس الأطفال.قابلت هذه الفتاة الوفد الفلسطيني ولأول مرة سمعت عن القضية الفلسطينية. واهتمت الفتاة اثر ذلك بالقضية ورغبت فى الإطلاع عن كثب على المشكلة فشدت رحالها إلى البلاد العربية مرورا بدمشق ثم إلى بيروت حيث أوفدها أحدهم لمقابلة غسان كنفاني كمرجع للقضية وقام غسان بشرح الموضوع للفتاة وزار وإياها المخيمات وكانت هى شديدة التأثر بحماس غسان للقضية وكذلك بالظلم الواقع على هذا الشعب.ولم تمض على ذلك عشرة أيام إلا وكان غسان يطلب يدها للزواج وقام بتعريفها علي عائلته كما قامت هي بالكتابة إلى أهلها.وقد تم زواجهما بتاريخ 19 أكتوبر 1961ورزقا بفايز في 24/8/1962 وبليلي فى 12/11/1966. بعد أن تزوج غسان انتظمت حياته وخاصة الصحية اذ كثيراً ما كان مرضه يسبب له مضاعفات عديدة لعدم انتظام مواعيد طعامه. عندما تزوج غسان كان يسكن في شارع الحمراء ثم انتقل إلى حى المزرعة، ثم إلى مار تقلا أربع سنوات حين طلب منه المالك إخلاء شقته قام صهره بشراء شقته الحالية وقدمها له بإيجار معقول. وفي بيروت أصيب من مضاعفات السكري بالنقرس وهو مرض بالمفاصل يسبب آلاماً مبرحة تقعد المريض أياماً.ولكن كل ذلك لم يستطع يوماً أن يتحكم في نشاطه أو قدرته على العمل فقد كان طاقة لا توصف وكان يستغل كل لحظة من وقته دون كلل. وبرغم كل انهماكه في عمله وخاصة في الفترة الأخيرة إلا أن حق بيته وأولاده عليه كان مقدساً.كانت ساعات وجوده بين زوجته وأولاده من أسعد لحظات عمره وكان يقضى أيام عطلته (إذا تسنى له ذلك يعمل فى حديقة منزله ويضفي عليها وعلى منزله من ذوق الفنان ما يلفت النظر رغم تواضع قيمة موجوداته.

    غسان القضية:
    أدب غسان وإنتاجه الأدبي كان متفاعلا دائما مع حياته وحياة الناس وفي كل ما كتب كان يصور واقعا عاشه أو تأثر به. "عائد إلى حيفا"، عمل وصف فيه رحلة مواطني حيفا في انتقالهم إلى عكا؛ وقد وعي ذلك، وهو ما يزال طفلاً يجلس ويراقب ويستمع. ثم تركزت هذه الأحداث في مخيلته فيما بعد من تواتر الرواية. "أرض البرتقال الحزين"، تحكى قصة رحلة عائلته من عكا وسكناهم في الغازية. "موت سرير رقم 12"، استوحاها من مكوثه بالمستشفي بسبب المرض. "رجال في الشمس" من حياته وحياة الفلسطينيين بالكويت واثر عودته إلى دمشق في سيارة قديمة عبر الصحراء، كانت المعاناة ووصفها هى تلك الصورة الظاهرية للأحداث أما في هدفها فقد كانت ترمز وتصور ضياع الفلسطينيين فى تلك الحقبة وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش مثبتاً أنهم قد ضلوا الطريق. فى قصته "ما تبقي لكم"، التي تعتبر مكملة "لرجال في الشمس"، يكتشف البطل طريق القضية، في أرض فلسطين وكان ذلك تبشيراً بالعمل الفدائي. قصص "أم سعد" وقصصه الاخري كانت كلها مستوحاة من ناس حقيقيين. في فترة من الفترات كان يعد قصة ودراسة عن ثورة 36 في فلسطين فأخذ يجتمع إلى ناس المخيمات ويستمع إلى ذكرياتهم عن تلك الحقبة، والتي سبقتها والتي تلتها، وقد أعد هذه الدراسة لكنها لم تنشر (نشرت في مجلة شؤون فلسطين) أما القصة فلم يكتب لها أن تكتمل بل اكتمل منها فصول نشرت بعض صورها في كتابه "عن الرجال والبنادق". كانت لغسان عين الفنان النفاذة وحسه الشفاف المرهف فقد كانت في ذهنه في الفترة الأخيرة فكرة مكتملة لقصة رائعة استوحاها من مشاهدته لأحد العمال وهو يكسر الصخر فى كاراج البناية التى يسكنها وكان ينوى تسميتها "الرجل والصخر".

    غسان الرائد:
    تجب وضع دراسة مفصلة عن حياة غسان الأدبية والسياسية والصحفية ولكننا في هذه العجالة نكتفي بإيراد أمثلة عن ريادته بذكر بعض المواقف في حياته وعتها الذاكرة: كان غسان أول من كتب عن حياة أبناء الخليج المتخلفة ووصف حياتهم وصفاً دقيقا مذهلا وذلك في قصته "موت سرير رقم 12"، ولا أستطيع أن أؤكد إذا كان سواه قد كتب عن ذلك من بعده. فى أوائل ثورة الـ 58 بالعراق أيام حكم عبد الكريم قاسم زار غسان العراق ورأى بحسه الصادق انحراف النظام فعاد وكتب عن ذلك بتوقيع "أبو العز" مهاجما العراق فقامت قيامة الأنظمة المتحررة ضده إلى أن ظهر لهم انحراف الحكم فعلا فكانوا أول من هنأوه على ذلك مسجلين سبقه في كتاب خاص بذلك. بعد أن استلم رئاسة تحرير جريدة "المحرر" اليومية استحدث صفحة للتعليقات السياسية الجادة وكانت على ما أذكر الصفحة الخامسة وكان يحررها هو وآخرون.ومنذ سنة تقريبا استحدثت إحدى كبريات الصحف اليومية فى بيروت صفحة مماثلة وكتب من كتب وأحدهم أستاذ صحافة فى الجامعة الأميركية كتبوا في تقريظ هذه الصفحة وساءني أن يجهل حتى المختصون بالصحافة أن غسان قام بهذه التجربة منذ سنوات. لا أحد يجهل أن غسان كنفاني هو أول من كتب عن شعراء المقاومة ونشر لهم وتحدث عن أشعارهم وعن أزجالهم الشعبية فى الفترات الأولى لتعريف العالم العربي على شعر المقاومة، لم تخل مقالة كتبت عنهم من معلومات كتبها غسان وأصبحت محاضرته عنهم ومن ثم كتابه عن "شعراء الأرض المحتلة" مرجعا مقررا فى عدد من الجامعات وكذلك مرجعا للدارسين. الدراسة الوحيدة الجادة عن الأدب الصهيونى كانت لغسان ونشرتها مؤسسة الأبحاث بعنوان "في الأدب الصهيوني". أشهر الصحافيين العرب يكتب الآن عن حالة اللا سلم واللا حرب ولو عدنا قليلا إلى الأشهر التى تلت حرب حزيران 67 وتابعنا تعليقات غسان السياسية فى تلك الفترة لوجدناه يتحدث عن حالة اللا سلم واللا حرب أى قبل سنوات من الاكتشاف الأخير الذى تحدثت عنه الصحافة العربية والأجنبية. إننا نحتاج إلى وقت طويل قبل أن نستوعب الطاقات والمواهب التى كان يتمتع بها غسان كنفاني. هل نتحدث عن صداقاته ونقول أنه لم يكن له عدو شخصي ولا في أى وقت وأي ظرف أم نتحدث عن تواضعه وهو الرائد الذى لم يكن يهمه سوى الإخلاص لعمله وقضيته أم نتحدث عن تضحيته وعفة يده وهو الذى عرضت عليه الألوف والملايين ورفضها بينما كان يستدين العشرة ليرات من زملائه.ماذا نقول وقد خسرناه ونحن أشد ما نكون فى حاجة إليه، إلى إيمانه وإخلاصه واستمراره على مدى سنوات في الوقت الذى تساقط سواه كأوراق الخريف يأساً وقنوطا وقصر نفس. كان غسان شعباً في رجل، كان قضية، كان وطناً، ولا يمكن أن نستعيده إلا إذا استعدنا الوطن. عمل فى الصحف والمجلات العربية التالية: عضو في أسرة تحرير مجلة "الرأى" في دمشق. عضو في أسرة تحرير مجلة "الحرية" فى بيروت رئيس تحرير جريدة "المحرر" في بيروت. رئيس تحرير "فلسطين" في جريدة المحرر. رئيس تحرير ملحق "الأنوار" في بيروت. صاحب ورئيس تحرير "الهدف" في بيروت. كما كان غسان كنفاني فنانا مرهف الحس، صمم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما رسم العديد من اللوحات.
    من مؤلفات الشهيد:

    * قصص ومسرحيات:

    موت سرير رقم 12.
    أرض البرتقال الحزين.
    رجال في الشمس - قصة فيلم "المخدوعون".
    الباب (مسرحية). عالم ليس لنا.
    ما تبقى لكم (قصة فيلم السكين).
    عن الرجال والبنادق.
    أم سعد.
    عائد إلي حيفا

    *بحوث أدبية:

    أدب المقامة في فلسطين المحتلة.
    الأدب العربي المقاوم في ظل الاحتلال.
    في الأدب الصهيوني

    *مؤلفات سياسية:

    المقاومة الفلسطينية ومعضلاتها.

    مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات التي تعالج جوانب معينة من تاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربية (سياسياً وفكرياً وتنظيميا).

    استشهد صباح يوم السبت 8/7/1972 بعد أن انفجرت عبوات ناسفة كانت قد وضعت في سيارته تحت منزله مما أدي إلي استشهاده مع إبنة شقيقته لميس حسين نجم (17 سنة)

    بعد أن عرفنا من هو غسان الكنفاني......سيكون يسيرا علينا...الإقبال على ماخطه قلمه الشهيد.....،خاصة وبعد أن صرنا قادرين عن جدارة واستحقاق......قراءة ما كتبه بروح فلسطينية....عايشت القضية الفلسطينية السليبة بكل لحظات اغتصابها....وسنوات الاحتلال المريرة....‬

    صباح حسني
    --
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  4. #4

    رد: في الذكرى 39 على استشهاد الأديب غسان كنفاني 8 تموّز

    يقول غسّان جملة قصيرة، محّشوة بألف سؤال.!
    "إنه ثمن باهظ بلا شك أن يشتري الإنسان حياته اليومية، بموت يومي"
    أية فلسفة سهلة تنساب بين هذه الكلمات المقتضبة التي أسالها غسّان مختصراً مسافات شاسعة من التنظيرات، ومعلناً سباقاً "بنصفه الذي بقي حيّاً" بدأ لتوه مع ذلك المجهول الذي غزا جوفه، وأعلنه طبيب في عيادة متواضعة، قال كلمة واحدة، رفعت جداراً عملاقاً انتصب في لحظة بينه وبين الحلم والأمل.. السكري..!
    الموت من هنا يعلن زحفه.. يبدأ غازياً خفّياً للشرايين، ثم ينقّض في لحظة غائبة، يقضم ساقاً أو ينتزع عيناً أو لساناً.. هو هكذا.. كان في ذلك الوقت، وما زال..
    هكذا تصبح الصورة.. يتبدل العالم من حوله إلى زجاجات وقوارير، وحقن يغرزها في لحمه تحمل إلى عروقه كل صباح ومساء شحنات [أنسولين].. أو قضمات من السّكر، تحقق التوازن إلى حين. وهو يعلم أنها تفعل ذلك إلى حين.!
    لم يستسلم.. بل أعلن السباق.!
    من هنا أخوض ومن هنا أشير تحديداً إلى مرحلة حياته الممتدة بين 31/5/1959 يوم اكتشفنا بحزن مرضه بالسكري، ويوم استشهاده في 8 تموز 1972..
    مرحلة عمر امتدت ثلاثة عشر عاماً، عبأها قدر ما يستطيع من فيض عطائه، فامتلأت بإنتاج قل نظيره من أديب قضى ولمّا يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره، تاركاً إنتاجاً ملوّناً فاض أضعاف ما تستوعبه تلك السنوات القليلة من عمر الزمن. حققّه عبر رسم صارم جرى تخطيطه بدراية وإصرار أيضاً. وبالتزام مطلق للمضي مستقيماً في ثلاث مسالك متوازية..
    عمل على تكثيف إنتاجه الأدبي الغزير في مجالات القصة والرواية والمسرحية والمقالة والبحث والتعليق والخاطرة والنقد والنقد الساخر والرسم والتخطيط والنحت... الخ.
    كّم مذهل تركه بيننا، شحنه بفيض إبداعاته لخدمة هدف واحد لم يحد عنه قيد شعرة.. يحمل عنواناً واحداً أثيراً.. "فلسطين"..
    كل ذلك جرى ويجري تماماً إلى جانب تّحد من نوع عجيب وسباق مع الموت أو ما حسبه يأتيه بالموت..
    أطبق بقدرة استثنائية على المسالك الثلاث التي نصّبها هدفاً لما تبّقى من مسيرته في الحياة..
    ولعلني أستطيع أن أضيف أن غسان حلّق في كل المجالات، أجاد وأبدع، وأضاف إلى مفهوم ركيزة النجاح صفة غير مسبوقة تمثّلت بمجد لم يسع إليه، بل أتاه طيّعاً.. لأنني أعلم عن يقين أنه لم ينشد في أي يوم مجداً شخصياً بدليل أنه اختفى طويلاً وراء أسماء مستعارة متعددة، وحين يعلن اسمه، يهدي إنتاجه إلى آخرين أكثر استحقاقاً.. وهذا ما لن أستفيض بذكره بعد أن أفاض الكثيرون فيه تحليلاً ودراسةً واستنباطاً على قدر لم ينله أي مبدع عربي سواء بإنتاجه، أو بشخصه على ما أعرف..
    كان جل ما ينشد.. الوطن، هذا المفرود على مساحة رؤياه في كل وقت.. الوطن هو الغاية وهو الطريق، مسخّراً السياسة والأدب ووسائل النضال والحركة اليومية وسيلة تأتي طيّعة بين يديه لتقريب العودة دون سواها إلى فلسطين كل فلسطين بتاريخها وجغرافيتها وتقاليدها وآثارها وقيمها ومعالمها.. بالمعنى والقيمة والمادّية..
    واتفق مع الجماهير وأمانيها على الانتقال من صورة لاجئين قدرهم الاستجداء واستدرار العطف والشفقة، إلى مقاتلين وفدائيين وأصحاب قرار، ينصبون خيمة جديدة، تضع على ألسنة الناس ببساطة أن "خيمة عن خيمة تفرق"، وهذه نقلة نوعية واسعة كرّست على واقع الرؤيا والتجربة أن لا بديل عن الكفاح، وخلق الوسائل في كل وقت، لتحقيق ما هو مطلوب جماهيرياً، استحقاقاً وطنياً شعبياً فلسطينياً لصالح فلسطين، وبالتالي لصالح محيطها القومي، وعمقها الاستراتيجي التاريخي والعقلاني الضروري الأساسي والمؤسس، والمستهدف.
    وكان الأدب بكل أطيافه وسيلته للتعبير والالتصاق وتفعيل الانتماء..
    استخدم الفكرة الواضحة الجلّية والسهلة، مبتعداً عن الترميز المغرق الذي غالباً "في استخدامات الأدباء" ما يضع المتلّقي أمام تفسيرات واحتمالات متعددة تمّيع صلابة الاتجاه المقصود، مستخدماً الجملة السلسة والفكرة الجلّية الواضحة والصورة الوصفية الرائقة والبديعة والرمز السهل إذا تطّلب الأمر ذلك، بحيث يوصل المقولة ممتزجة بيسر مع رؤيا الآخرين المعنيين، مباشرة إليهم كقاعدة عريضة تستقطب الفاعلين الأهم على الساحة نضالاً والتزاماً وتوّجهاً ونقاءً، ولم يفارقهم، انتزع أبطاله من بينهم، وحركّهم في ميادينهم وحاراتهم وأزّقتهم، بل واختارهم بدّقة من آبائهم أو أبنائهم أو نسائهم فالتصق بهم وذاب وتذّوب في معاناتهم وتطلّعاتهم فاستحق حبهم، حملهم فحملوه، حلّق بهم فوضعوه في المكان الذي يستحق.
    ومن منطلق مبدئي يقول، إن الإنسان في كل الأحوال هو موقف، كان غسّان كذلك أيضاً، وانسحب الصدق اللصيق الذي رافق سنوات حياته على كل ممارساته وعلاقاته، فقد كان نقيّاً متفّهماً وسهلاً.
    في علاقته بأسرته، كان مثال الابن البار الذي يعيش هّم الجميع، مادّياً رغم إمكاناته المتواضعة. ومعنوياً في تحريض تشكيل معالم الشخوص حوله على طريق الالتزام المطلق بكل الصفات والمعايير. وأخلاقياً نبيلاً يتعّشق الوفاء والتضحية والإيثار والتواضع.
    وضع نصب عينيه في وقت سابق جدّاً عامل الوراثة، "كان يعاني من الروماتيزم، وآلام المفاصل، إضافة إلى السكري" وهذا ما فرض عليه إلغاء رغبات إنسانية ملّحة، هي حق لكل نفس بشرية، آثر ألا يمارسها، رغم أن مرضه الأخير كما قررت مجموعات من الأطباء جاء بسبب الإرهاق لا الوراثة لكنّه خاف من الذيول، ولو لمجرد نسبة الاحتمال.
    تقول السيدة "آني" زوجة غسّان:
    (يوم التقيت غسان لأول مرة في بيروت، أخبرته أن مرادي زيارة المخيمات الفلسطينية، غضب وقال أنه لن يقبل ولن يفعل قبل أن أتّعرف أكثر على المسألة الفلسطينية برّمتها، كنت متحمّسة لزيارة المخيمات، لكنني بعد جوابه لم أحس بالإهانة.)
    تتابع السيدة آني..
    (بعد أسبوعين من لقائنا الأول دعاني للعشاء في مقهى الغلاييني، وقبل أن نغادر المكان قال: عليك أن تجيبي عن سؤالي.. هل تتزوجيني.؟ ثم أردف، عليك أن تعرفي أنني فقير، لا مال عندي، ولا هوية، أعمل في السياسة، لا أمان لي، وأنا مصاب بالسكري..
    كنت أستمع إلى كل تلك النقاط السوداء، قلت أن علّي أن أفكر بالأمر.! كنا نصعد الدرج المفضي إلى فناء المقهى، قبل أن نصل الدرجة العليا الأخيرة قلت: نعم.. سأتزوجك..)
    تزوجا في تشرين الثاني 1961 وأنجبا في العام التالي ولدهما الأول فايز [وقد أسماه على اسم أبيه]..
    تقول السيدة آني، المرأة الرائعة التي واصلت حمل الرسالة بأمانة، ونذرت نفسها منذ لحظة استشهاد غسان وحتى الآن للإسهام والمساهمة بما تملك من جهد وقدرة في تعبيد الدرب الذي اختّطه غسّان، وقضى من أجله..
    (يوم السبت 8 تمّوز 1972 جلسنا أطول من المعتاد، نحتسي فنجان قهوة على شرفة بيتنا في الحازمية، تحدث غسان في أمور كثيرة، كعادته، واستمعنا باهتمام أنا وشقيقته فايزة كعادتنا إلى حديث عن ذكريات طفولته في فلسطين، وقبل أن يغادرنا في الساعة الحادية عشر إلى مكتبه، أصلح القطار الكهربائي لعبة ابننا فايز المفضّلة، وكان على لميس ابنة أخته أن ترافقه لزيارة أقارب لنا في وسط بيروت، بعد دقيقتين دّوى صوت انفجار هائل، تحطّم زجاج النوافذ، واهتّز البيت بعنف، صرختُ دون وعي.. غسّان، ودون وعي نزلت الدرجات بسرعة لأجد سيارتنا الصغيرة أشلاء ممزّقة، رأيت لميس ملقاة على بعد أمتار من السيارة جثة متفحّمة هامدة، ورأيت وسط الركام ساق غسّان اليمنى مبتورة وملقاة بين الأنقاض، صرخت بفزع: غسّان... غسّان.. علمت فيما بعد أنهم وجدوا أشلاءه في الوادي وعلى أغصان الأشجار، نقلوها بعيداً عني، أيقنت أنني فقدت غسّان إلى الأبد).
    ولست أنسى يوم حملت ابنها فوق قبر أبيه ساعة الدفن، وقالت له بصلابة: (أنظر جيداً.. هذا والدك.. إيّاك أن تنسى بأن اليهود قتلوه، إياك أن تنسى هذه الصورة.)
    ويوم سألها أحد الصحفيين: هل ستحملين أولادك إلى الدنمرك "موطنها الأصلي" قالت دون تردد، لن أحمل أولادي إلى بلد أجنبي.!
    كلمات بسيطة وحزينة أسدلت فيها آني الستارة عن رحلة عمرها القصيرة مع غسّان.
    كان في سباق مع الموت، لكنّه لم يدرك أبداً أن الموت وهو يسخر من حقن الأنسولين اليومية، ومن الحمية المنهكة، والخوف المعّشش في اللحظات سيأتيه من ها هنا، ليكمل بفعله المأساوي حلقة أخرى متصّلة مع حلقات ما زالت تسطر فصول ملحمة، تكرّسه أثراً ومعلماً ومثالاً يحتذى..
    رحم الله غسان الشهيد الشاهد..

    ع.ك
    موقع عدنان كنفاني
    http://www.adnan-ka.com/

  5. #5
    نعم

    ثمن باهظ ان نشتري حياتنا اليومية بموتنا اليومي


    رحم الله الصوت الحر وصاحبه

المواضيع المتشابهه

  1. الذكرى الأربعين على استشهاد غسان كنفاني..
    بواسطة عدنان كنفاني في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-04-2016, 11:40 AM
  2. رعشة المأساة لـ غسان كنفاني
    بواسطة عدنان كنفاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-19-2013, 12:00 PM
  3. غسان كنفاني في الذكرى 41 على استشهاده
    بواسطة عدنان كنفاني في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-08-2013, 06:18 AM
  4. في ذكرى استشهاد رفيقي غسان كنفاني / الحاج لطفي الياسيني
    بواسطة الشاعر لطفي الياسيني في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-06-2010, 04:53 PM
  5. في الذكرى ال 37 لاغتيال غسان كنفاني / للشاعر العروبي لطفي الياسيني
    بواسطة الشاعر لطفي الياسيني في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-17-2009, 03:58 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •