اللـواء تكشف النقاب عن تفاصيل الضربات التي وجهتها الأجهزة الأمنية إلى شبكات «الموساد» الإسرائيلي العميلة 1
أمين البابا من مقاومٍ ضد المحتل الإسرائيلي إلى عميل منذ العام 1997!
تقرّب من محمود المجذوب... وإفتتح محلاً للإنترنت في صيدا تمكّن الإسرائيليون التجسس على مستخدميه
فرقة كوماندوس إسرائيلية قلته بحراً من الجية إلى حيفا
إكتشف من قبل المقاومة فجنّد كعميلٍ مزودج لمدة خمسة أشهر وحدد مواقع المقاومة على الخرائط الجوية


هيثم زعيتر


وجهت الأجهزة الأمنية اللبنانية خلال الفترة الماضية ضربات مؤلمة الى أجهزة المخابرات الإسرائيلية، تعتبر الأشد إيلاماً لهذا الجهاز منذ نشأته، حيث تمكنت من كشف العشرات من شبكات التجسس ومن توقيف العشرات من العملاء، الذين زوّدوا العدو ببنك معلومات، حقق منه العديد من الأهداف، فيما بقي قسم كبير من هذه المعلومات بهدف استثماره لاحقاً..
- ما هي المعايير التي يتم على أساسها إختيار العملاء؟
- ماذا عن الإغراءات والتغرير بهم، وكيف تتم الإستفادة من نقطة الضعف وإصابة الهدف المحدد؟
- كيف يتم تدريب العملاء، وما هي المراحل التي يمرون بها لإثبات تأهلهم؟
- كيف يتم تدريب العملاء على استخدام الوسائل التي يزودون بها؟
- ما هي مهمات الشبكات وتوزع الأدوار؟
- ماذا عن البريد الميت وجهاز الإرسال البدائي، وكيف تطورت الوسائل المستخدمة وصولاً الى الـ «يو.أس.بي.» وأجهزة الـ «جي.بي.أس.»؟
- أي المعايير التي تعتمد بإختيار خطوط الإتصالات الخليوية والخطوط الدولية وعبر القمر الصناعي؟
- كيف يتم تحديد البلدان للقاء ونقل العملاء الى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
- ماذا عن الخطط الإحتياطية والبديلة لدى كل طارئ؟
- ماذا عن خطط الإخلاء والإجلاء؟
- أين هي الأماكن البرية المحددة لتسليم التجهيزات والمعدات وإخلاء العملاء؟
- ماذا عن النقاط البحرية المحددة على الشاطئ اللبناني التي يتم من خلالها وصول عناصر من الكومندوس الإسرائيلي؟
- وفق أي إعتبارات يتم مشاركة ضباط إسرائيليين في العمليات والتفجيرات؟
- ما هو الدور الذي يقوم به العملاء في إثارة الفتنة؟
- ما هي الوسائل التي يستخدمها «الموساد» لمتابعة نشاط شبكاته، وكيف تتم مراقبتهم؟
- ما هو المصير لمن تورط لو رفض تنفيذ الأوامر؟
- ماذا عن إعلان الكشف عن العملاء والوسائل المستخدمة بتزويد المعلومات؟
- كيف يتم كشف العملاء بخللٍ تقني أو مراقبة ومتابعة، أو بإعترافات عملاء موقوفين؟
- من هم الشخصيات المستهدفة للمراقبة والجهات والمنظمات والأحزاب؟
- هل تعدد دور الأجهزة الأمنية في ملاحقة شبكات التجسس يُساعد أم يُربك؟
- يُلاحظ أن جهاز «الموساد» الاسرائيلي، وهو الجناح الخارجي للإستخبارات الإسرائيلية قد إختار عملائه بدقةٍ متناهية، دون النظر الى الجنسية أو الطائفة أو المنطقة التي يقيم فيها، بل كان يستفيد من أيٍ من هؤلاء، وفق الخطة التي يرسمها لتتلاءم مع هدفه بالحصول على المعلومات، ولكن ما جمعهم جميعاً أنهم استحقوا ذات اللقب «عملاء».. خانوا أنفسهم قبل أن يخونوا عائلاتهم ووطنهم..
«اللـــواء» تفتح ملف الشبكات الإسرائيلية العميلة، كاشفة على حلقات النقاب عن أبرز الشبكات التي جرى توقيفها من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، والمهمات الموكلة إليها..

خلال عدة سنوات كانت الأجهزة الأمنية اللبنانية توقف بين الحين والآخر عملاء لـ «الموساد» الإسرائيلي، ولعلّ أبرزهم أفراد شبكة أحمد الحلاق، الذي تم إحضاره من المنطقة الحدودية المحتلة بعملية أمنية نوعية داخل المنطقة الحدودية في شباط من العام 1997، حيث نُفذ به حكم الإعدام بعد إدانته بإغتيال فؤاد مغنية، في محلة صفير في الضاحية الجنوبية بتاريخ 20 كانون الأول 1994..
ومن أبرز الإنجازات الجديدة للأجهزة الأمنية، هو ما حققته إثر توقيف العميل محمود رافع، الذي أقدم بالتعاون مع حسين خطاب على إغتيال القيادي في «حركة الجهاد الاسلامي» محمود المجذوب وشقيقه نضال في صيدا بتاريخ 26 أيار 2006، قبل أن يتم توقيفه بتاريخ 7 حزيران 2006.
وكرّت سبحة توقيف العملاء، وخصوصاً بعد عدوان تموز 2006، حيث سعى العدو الاسرائيلي الى الحصول على أكبر كمية من المعلومات استعداداً للحرب المقبلة، والقيام بتوجيه ضربة لتغطية الهزيمة التي مُني بها خلال العدوان، وهو ما تجسد في تقرير «لجنة فينوغراد» الاسرائيلية» الصادر في شهر كانون الثاني من العام 2008، والتي أقرت بالهزيمة الإسرائيلية، ودعت للإستعداد للحرب المقبلة، دون تحديد تاريخ موعدها أو مكانها..
الأهداف والتجنيد
وقد لوحظ أن العدو الاسرائيلي ركز في رصد أهداف تتوزع بين: الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، و«حزب الله» والمقاومة، والفصائل والتنظيمات الفلسطينية وشخصيات وقيادات لبنانية، فضلاً عن سوريا، بشقين حول منظومة أسلحتها، والمسح الجغرافي..
وتبيّن أن إختيار من يتم تجنيده والعمل لصالحه، عبر:
- أن يتم تجنيده خلال فترة إعتقاله لدى الاسرائيليين أو العملاء.
- من العملاء السابقين في ميليشيا العميل لحد.
- من خلال أحد العملاء المجندين معهم وبينهم زوجته أو قريب.
- رصد شخصية ما، يتم الإتصال بها أو استقطابها بعدة وسائل واغراءات.
- إنشاء صندوق بريد وهمي لطلب الوظائف.
- إفتتاح شركات توظيف وتأمين موظفين.
- ربط شخصين في شبكتين منفصلتين، بحيث يُطلب من عميلٍ تجنيد أحد الأشخاص، دون معرفته أن الشخص المنوي تجنيده، هو مجند مع الإسرائيليين قبل ذلك.
وكان يتم التعامل مع العملاء في غالبية الأحيان بشكل مستقل ومباشر مع ضابط إسرائيلي، وكثيراً ما كان يتم تشكيل أفراد شبكات يفوق عددها 3 أشخاص - وفقاً لإعترافات عدد ممن تم توقيفهم.
وتبين أن عدة عمليات كان يشترك بها أفراد من أكثر من شبكة، دون أن يعرفوا بعضهم البعض، بل قد توكل إليهم مهمات وأدوار في ذات المهمة للمتابعة أو المواكبة لأي تطورات قد تحصل.
وتوزع نشاط هذه الشبكات، وفق الآتي:
- مهمة لوجستية تتضمن تأمين الدعم اللوجستي لأفراد الشبكات، عبر وضع البريد الميت أو تأمين خطوط خليوية أو أجهزة.
- القيام بعمليات مراقبة ومسح.
- تنفيذ تفجير.
- زرع عبوات ناسفة، وكان يشترك بها في بعض الأحيان ضباط من المخابرات الاسرائيلية، كانوا يدخلون الى لبنان، إما عبر إختراقات في الشريط الحدودي، أو من خلال كوماندوس عبر البحر.
وسائل الإتصال
وتطورت عمليات تأمين المعلومات والإحداثيات للإسرائيليين، وفقاً لمراحل تطوير التكنولوجيا، بحيث كان يتم الإتصال عبر:
- خطوط هاتفية خليوية لبنانية، في مناطق قريبة من الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين المحتلة.
- الإتصال بواسطة خط هاتف اسرائيلي.
- خطوط من دول أوروبية.
- خطوط هاتف موصولة بالأقمار الصناعية (الثريا).
- أجهزة إرسال كانت توضع داخل طاولات خشبية أو أجهزة إتصال مشفّرة.
- أجهزة كمبيوتر «لاب توب».
- «فلاش موموري» للتواصل عبر البريد الإلكتروني السري.
- كاميرات فوتوغرافية وكاميرات فيديو تنقل مباشرة عبر الأقمار الصناعية ما يتم تصويره.
- إستخدام جهاز «جي.بي.أس.» لوضع إحداثيات على الخرائط.
- جهاز «الجريكان» وهو عبارة عن «طرمس» صغير للمياه، يبث صوراً مباشرة عبر الأقمار الصناعية.
- جهاز تلفزيون «أل.سي.دي» يرسل عبر الأقمار الصناعية.
- تزويد سيارات بأجهزة متطورة وبالغة التعقيد، ويتم خلالها البث عبر الأقمار الصناعية.
- وكان يتم إحضار المتفجرات من قبل الضباط الاسرائيليين وحتى الوسائل التي تستخدم للتفجير، مثل باب السيارة التي استخدمت في إغتيال الأخوين المجذوب في صيدا.
الإجلاء واللقاءات
وتوزع لقاء الإسرائيليين بالعملاء عبر:
- إجلائهم من خلال بوابات الشريط الحدودي أو نقاط على الشريط.
- إصطحابهم من قبل قوة كوماندوس بواسطة زورق مطاطي، وكان يتم ذلك من خلال منفذين في شاطىء الجية وشاطئ جبيل.
- لقاء في دول أوروبية، وقسم منهم كان يتم نقله الى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بجوازات سفر يتم تأمينها لهم.
وكان يتم تقديم تسهيلات للعملاء للحصول على تأشيرات دخول، وخصوصاً من خلال عدد من سفارات أوروبا الشرقية المتواجدة في لبنان.
وكان يتم تدريب العملاء على التقنيات التي سيستخدمها، وإخضاعهم لجهاز «فحص الكذب».
وكان يكلف الى شبكات «الموساد» الإستنفار في بعض الأحيان، عندما تكون هناك عملية أمنية سيتم القيام بها، لإحداث حادث سير أو عرقلة سير تحسّباً لأي طارئ.
تحديد البدل ووسائل الدفع
كان يتم دفع مكافآت للعملاء تتفاوت بين أهمية ودور كل منهم، وتتوزع وفق الآتي:
- البريد الميت: وهو عبارة عن تحديد مكان غالباً ما يكون في الطبيعة، حيث يُطلب من العميل التوجه لأخذه، وكانت منطقة رأس المتن الأكثر تخصيصاً لذلك.
- إرسال تحويلات من خلال شركات تحويل أموال.
- التسليم المباشر من قبل ضباط إسرائيليين، كانوا يحضرون الى لبنان، أو أثناء لقاء في الخارج أو داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتتفاوت فترة تعامل العملاء وطريقة تجنيدهم ونوعيتهم، والتي توزعت بين مواطنين عاديين، أو مقاومين ومقاتلين في تنظيمات لبنانية وفلسطينية، أو مقربين من مراجع روحية أو شخصيات أو قيادات ومسؤولين حزبيين، أو مقيمين بالقرب من منازلهم أو مقارهم. وصولاً الى رجال أعمال وشخصيات، وتبين لاحقاً السعي الى دخول القطاع المصرفي، والدخول الى المؤسسة العسكرية والأمنية ومن مراكز رفيعة المستوى لمتقاعدين أو ممن ما زالوا في الخدمة، مما يوفر لهم كمية ونوعية من المعلومات والوثائق الهامة والسرية.
وكثيراً ما كان يتم اكتشاف الشبكات عبر:
- متابعة دقيقة من رصدٍ وبعدة وسائل.
- إعترافات أحد الموقوفين.
- خلافات عائلية بين الزوج وزوجته ناتجه عن «خيانته الزوجية لها»، بعدما تكون قد تسترت عليه رغم إكتشافها أنه على علاقة بمخابرات «الموساد» الاسرائيلية.
- خلل تقني بإستخدام الهاتف أو خلال عملية الإرسال.
ولهذا، فقد طوّر جهاز «الموساد» الإسرائيلي من التقنية التي زوّد بها عملائه في محاولة للحفاظ عليهم، لعدم إكتشاف أمرهم، وهو كان يطلب منهم تجميد أعمالهم عندما يشعر أن هناك عدداً من المتعاملين قد تم توقيفهم، وكان يبلغهم ببعض المعلومات الجديدة بأنه لم يتم اكتشافهم، وكان يطلب من البعض المغادرة أو الإخلاء قبل أن يتم إكتشاف أمره، وقد تم فرار عدد منهم عبر المنطقة الحدودية.
ونجحت مخابرات الجيش اللبناني، وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، والمديرية العامة للأمن العام، وجهاز أمن الدولة و«حزب الله» من توقيف عدد من العملاء والمشتبه بهم بالتعامل، حيث تم تحويل الغالبية الكبرى منهم الى المحكمة العسكرية الدائمة التي تُحاكمهم.


العميل أمين البابا

المتتبع لمسيرة أو حياة أمين ابراهيم البابا، تلخص كيف أن العدو الاسرئيلي يغتنم ويتحين الفرص لإختيار صيده وتحويله الى عميل، واللافت أن أمين تحول من مقاومٍ كان له عمليات ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي وعملائها، قبل أن تتحول حياته الى عميل خان الأمانة، ووصل به الأمر الى كشف ما أؤتمن عليه، والإبلاغ عن عمليات نفذها مقاومون وتفاصيل عن عمليات وأحزاب وأسلحة، وطرقاتٍ كان يستخدمها المقاومون، وأرقام هواتف قياديين وأماكن تدريبات وإحداثيات لمراكز وأحزاب والمراكز العسكرية الأمنية..
واعترف أنه قابل الإسرائيليين مراراً، وأنه تم نقله بواسطة قارب سريع الى بارجة إسرائيلية ومنها الى حيفا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأنه طلب إليه افتتاح محلاً للكمبيوتر في صيدا، حيث تمكن الاسرائيليون من التجسس على مستخدمي الانترنت في المحل..
وكُلف بالتركيز على أماكن إقامة القيادي في «حركة الجهاد الإسلامي» محمود المجذوب (الذي اغتيل في العام 2006) ولعدة سنوات، وصولاً الى العمل في منطقة الشويفات بعد عدوان تموز 2006، حيث زوّد الإسرائيليين بمعلومات عن هذه الأبنية والمشرفين عليها قبل أن يتم إفتضاح أمره وتجنيده لصالح «حزب الله» لمدة خمسة أشهر، وبقي على تواصل مع الاسرائيليين بإشراف عناصر الحزب قبل توقيفه،.
وتم تسليمه الى مخابرات الجيش اللبناني في 2 نيسان 2010.
×{‬ العميل أمين ابراهيم البابا مواليد صيدا 1967، وكان يقيم في صيدا - عبرا - طلعة المحافظ، حيث أوقف من قبل مخابرات الجيش اللبناني بتاريخ 2 نيسان 2010 وبالتحقيق معه تبين ما يلي:
في العام 1980 وعلى أثر خلاف بينه وبين والده ترك منزل ذويه، ولجأ الى «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» في بيروت، وانتمى إليها وتابع معها دورات عسكرية. وخلال الاجتياح الاسرائيلي لبيروت أُعتقل وأُخلي سبيله من قبل القوات الاسرائيلية لأربع مرات.
خلال العام 1983، أسس مع عدد من رفاقه مجموعة لمقاومة القوات الاسرائيلية في صيدا ومحيطها ولضرب المتعاملين مع هذه القوات، وأطلق على هذه المجموعة إسم «مجموعة الملاك الطاهر»، ونفذ عدة عمليات مع أعضاء مجموعته ضد القوات الإسرائيلية وعملائها.
في العام 1988 ترك العمل المقاوم وسافر الى ليبيا وعمل بمجال الأدوات الصحية (سمكري) في منطقة بني غازي، قبل أن يعود الى لبنان في العام 1990، حيث تواصل مع «التنظيم الشعبي الناصري»، وكلف من قبله في العام 1992، بوضع عبوة ناسفة على معبر صيدون، الذي كانت تسيطر عليه ميليشيا العملاء، حيث ضرب يومها ناقلة جند بمساعدة عنصر من «الحزب الشيوعي اللبناني» وعنصر من «الحزب الديمقراطي الشعبي» كما كُلف في العام 1993 من قبل «التنظيم الشعبي الناصري» بالتوجه الى مثلث حاريص – فرون – الغندورية، لضرب صواريخ «ستريلا» على الطيران الاسرائيلي وصواريخ «غراد» على المناطق الاسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة.
وفي أواخر العام 1994 ولد إبنه ابراهيم، وبعمر الثلاثة أشهر أعطي دواءً عن طريق الخطأ، سبب له خللاً في الدماغ، وراح أمين البابا يسعى لمعالجة إبنه، وعلم من طبيب إبنه أنه بحاجة للعلاج في الخارج، ولم تتوفر أية وسيلة لذلك سوى عن طريق جمعية «SOS» في صفاريه وكان ذلك في العام 1996.
في العام1997 قرر التوجه عبر الجبال الى صفاريه – قضاء جزين، وخلال سيره التقى براعي أغنام، واصطحبه هذا الأخير بعد أن أخبره بوضعه الى مركز جمعية «SOS»، التي وصل إليها مساءً، فلم يجد أحداً بالمركز، فدعاه الراعي للمبيت عنده، فلبى دعوته، وخلال وجوده في المنزل المذكور، حضر ثلاثة مسلحين من جهاز أمن ميليشيا العميل أنطوان لحد، وأخذوه الى ثكنة الفوج العشرين في جزين، وحقق معه العميل جوزيف كرم المعروف بإسم (علوش) لمدة ثلاثة أيام، بعدها نقله العميل كرم بسيارته الى الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر بوابة فاطمة في كفركلا، ووعده بأن من سيقابلهم سيساعدونه بعلاج إبنه ابراهيم، حيث نقلوه الى أحد المستعمرات والتقاه الضابط الاسرائيلي شوقي، الذي قام بتجنيده للعمل لصالح «الموساد الاسرائيلي» بعد أن وعده بمساعدته بعلاج إبنه، وبقي أمين البابا في المستعمرة لمدة أربعة أيام، تم عرضه على آلة كشف للكذب، وأدلى بمعلومات عن مراكز التنظيمات في صيدا وضواحيها، وقام بتحديدها لهم على الخرائط الجوية، وبعدها زوّده شوقي بخط هاتف خليوي على أن يفتح هذا الخط كل 15 يوماً بوقت محدد للتواصل معه، كما أُعطي مبلغ 2500 دولار، وتمت إعادته الى جزين ومنها الى المناطق المحررة.
مراقبة «الجهاد الإسلامي»
في العام 1997، زاره القيادي في حركة «الجهاد الاسلامي» محمود المجذوب «أبو حمزة» (أغتيل في 26 أيار 2006 مع شقيقه نضال من قبل شبكة العميلين محمود رافع وحسين خطاب، لدى خروجهما من منزله في حي الوسطاني في صيدا) في منزله، وعرض عليه الانتماء الى «الجهاد الاسلامي»، وستكون مهمته في التنظيم ضمن الاسناد الناري، فوعد المجذوب خيراً، واتصل بنفس الليلة بالضابط شوقي الذي فرح للأمر، وأخبره أنه يهمه أن ينتمي الى «الجهاد الإسلامي». وقد زوّده أمين بمعلومات عن عملية سوف تنفذ ضد الاسرائيليين في اليوم التالي بناء لحديث مع المجذوب، ولكن الأخير لم يحدد له مكان هذه العملية، وبالفعل فقد شارك شخص من «الجهاد الإسلامي» وآخر من «حزب الله» بضرب 8 قذائف هاون 120 ملم على موقع الدبشة من منطقة حبوش – قضاء النبطية.
في العام 1998 أرسل شوقي بطلب أمين، حيث انتقل الأخير الى جزين، ومنها نقله العميل كرم الى مستعمرة اسرائيلية، وبقي هناك ثلاثة أيام التقى خلالها بالضابط شوقي، وزوده أمين بتفاصيل عن العمليات والأحزاب والأسلحة المستعملة ومرابض هذه الأسلحة والطرقات التي تستعملها المقاومة، وتم تدريبه خلال هذه المدة على جهاز إرسال وإستقبال مموّه على شكل «ستريو».
وزوّد أمين «الموساد الاسرائيلي» بإرقام هواتف كوادر «الجهاد الاسلامي»، ومن بينهم محمود المجذوب وبمراكز تدريب عناصر هذا التنظيم على الحدود اللبنانية – السورية، وأخبرهم أن هذه التدريبات يشرف عليها مدربون ايرانيون وآخرون من «حزب الله».
في نهاية العام 1998 كلف «الجهاد الاسلامي» أمين بمتابعة دورة تدريبية على الهاون في بعلبك بإشراف الحرس «الثوري الايراني»، فأبلغ شوقي بالأمر وتابع الدورة لمدة شهر، ونال تنويهاً على جدارته فيها، وبعد الدورة أعطاه محمود المجذوب ملفاً يتضمن إحداثيات مراكز كل الأحزاب والمراكز العسكرية والأمنية في صيدا، فإتصل بشوقي وأخبره عن الدورة والمدربين، وعن الملف الذي سلم اليه، وأواخر نفس العام أرسل شوقي بطلبه فأخذ الملف معه وسلمه نسخة عنه، وسأله شوقي يومها عن مكان الدورة فلم يستطع تحديده، وبعد عودته الى لبنان بفترة طلب منه شوقي التوجه الى منطقة الشمال، وأرشده عبر الهاتف الى منطقة قبل مدينة طرابلس، حيث طلب منه الدخول الى أحد المنازل في هذه المنطقة، بعد أن وضع له مفتاح هذا المنزل (تحت الدعسة) كون المنزل لم يكن بداخله أحد، حيث استلم جهاز إرسال واستقبال موضوع ضمن طاولة خشبية، إضافة الى جهاز ستريو يتصل بجهاز الارسال والاستقبال، ومبلغ 8000 دولار أميركي وأوراقاً مدوّن عليها موجات الجهاز.


افتتاح محل انترنت في صيدا

في العام 2001 وبعد تحرير الجنوب اللبناني كان أمين قد تلقى عدة طرود بريد ميت من مناطق مختلفة، وخاصة في المتن (بعلشميه، زندوقة، قرطاضه،...) عبارة عن مبالغ مالية وخطوط هاتفية، طلب شوقي مقابلته، ولهذه الغاية طلب منه استطلاع منطقة النبي يونس في الجية ليلاً، وبعدها بإسبوع طلب منه شوقي التوجه الى نفس المكان على أن يصطحب معه «كيس» كان قد سلمه إياه سابقاً على أن يضع بداخله «قرآن كريم» ومنشفة وزجاجة مياه، ويوصوله الى المكان مع الأغراض المذكورة، حضرت فرقة كوماندوس اسرائيلية مؤلفة من 16 عنصراً واصطحبته بحراً الى قارب سريع نقله الى بارجة اسرائيلية، حيث كان شوقي بإنتظاره برفقة ضابط آخر يدعي أمير، ونقلوه الى حيفا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تم إنزاله في فندق لمدة 24 ساعة، طلبا خلالها منه تعلم الكمبيوتر بعد عودته الى لبنان، ليقوم بإفتتاح محل للكمبيوتر في صيدا، وزوداه بمبلغ 25 ألف دولار أميركي. وتمت إعادته الى لبنان بنفس الطريقة، حيث تابع ثلاث دورات على الكمبيوتر في «معهد السلام»، وإفتتح محلاً للكمبيوتر في شارع دلاعة في صيدا، وطلب منه شوقي إفتتاح قسم للإنترنت في المحل، وأرسل له بواسطة البريد الميت 25 ألف دولار أميركي، حيث اشترى 11 جهاز كمبيوتر، وعمل بعدها مع شوقي عبر أحد المواقع الالكترونية على برنامج يتيح للإسرائيليين التجسس على مستخدمي الانترنت من محله.
مراقبة المجدوب
في العام 2003 أرسل شوقي بطلبه مرة أخرى وبنفس الطريقة السابقة، تم اصطحابه من قبل فرقة كوماندوس اسرائيلية من منطقة الجية، واجتمع مع شوقي وأمين وثلاثة آخرين داخل باخرة شحن، حيث قاموا بتقييم عمله خلال الأعوام السابقة، وطلبوا منه حصر عمله بمجال الانترنت، وركز معهم شوقي على مكان إقامة محمود المجذوب في بيروت والغازية وحارة صيدا، وعن مواعيد زياراته له، ونقده يومها شوقي مبلغ 25 ألف دولار وأعيد الى الجية.
في العام 2004 حصل عطل في جهاز الارسال، وأفاد شوقي عن الأمر، فطلب منه أن يقوم بإتلافه والتواصل معه عبر الهاتف، وبعدها بشهرين طلب منه شوقي التوجه ليلاً الى منطقة زندوقة (منطقة المتن) بالقرب من محطة محروقات، وبقي شوقي معه على الهاتف حيث طلب منه التوقف في مكان محدد في منطقة حرجية، خرج منها 4 مسلحين باللباس المدني ووضعوا صندوقين في سيارته، تبين أن بداخلهما جهاز أرسال واستقبال مموّه على شكل بلاطة رخام وجهاز كمبيوتر (case) وثلاثة أقراص مدمجة، يحتوي إحداها التعليمات لتشغيل الجهاز، والقرصان الآخران صوراً جوية لمنطقة صيدا وجوارها، إضافة الى مبلغ 10 آلاف دولار.
عميل مزدوج قبل التوقيف
خلال حرب تموز 2006 طلب الاسرائيليون منه تحديد منصات الصواريخ والكمائن البحرية، فنفى معرفته بها كونه لم يكن يشارك بالحرب مع أي تنظيم، وبعد الحرب طلبوا منه التقرب من «مؤسسة جهاد البناء» في بيروت، فعمل ضمن ورش إعادة الإعمار في منطقة الشويفات، وزوّد الاسرائيليين بمعلومات عن هذه الأبنية والمشرفين عليها.
خلال آذار من العام 2007 طلب منه أحد مسؤولي «الجهاد الإسلامي» الملقب (أبو أحمد) التوجه الى مخيم اليرموك في سوريا لحضور إجتماع للحركة، وهناك كان بإنتظاره عناصر من «حزب الله» قاموا بالتحقيق معه، واعترف بتعامله مع «الموساد» وقاموا بتجنيده لصالحهم لمدة خمسة أشهر بقي خلالها على تواصل مع الاسرائيليين بإشراف عناصر الحزب، وبعدها قام «حزب الله» بتوقيفه، حيث تم تسليمه الى مخابرات الجيش اللبناني بتاريخ 2 نيسان 2010.

صلاح هالي-من الايميل