-
القضاء في الإسلام مضرب المثل , روحه العدل والإنصاف , القوي ضعيف أمام القاضي حتى يؤخذ منه الحق , والضعيف قوي حتى يعود إليه حقه.وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم , يتوجّه الى الخصمين بالتحذير لئلا يطغى أحدهما على خصمه , فيأخذ ما ليس له بحق , بلباقة أسلوبه , وقدرته على صياغة الحجج المقنعة للقاضي . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنّما بشر وإنكم تختصمون إلي, ولعل بعضكم أن يكون أحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع , فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه , فإنما أقطع له قطعة من النار."وقد كان المسلمون نادراً ما يلجؤون للقضاء , لاسيما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , والراشدين.فكل يحرص على حق أخيه حرصه على حقه .
وربما تمر السنة ولا يمثل خصمان أمام قاض في دار القضاء .
مجلس قضاء تحت إشراف النبي صلى الله عليه وسلم :
انعقد هذا المجلس بعد أن رفض يهود بني قريظة عروض زعيمهم كعب بن أسد وهي : 1- أن يصدّقوا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ويسلموا .2- أن يقتلوا نساءهم وأطفالهم بأيديهم ثم يخرجوا لقتال المسلمين . 3- مباغتة النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لقتاله يوم السبت لعلمه أنهم لا يقاتلون في هذا اليوم . فك الحصار الذي دام خمساً وعشرين ليلة , ونزل القوم على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأمرهم أن يختاروا رجلاً من المسلمين يحكم فيهم . لقد وقع اختيارهم على سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه , فقد كان حليفاً لهم وكان بينه وبين القوم معاملات وتجارات.ولم يكن رضي الله عنه حاضراً لجرح أصيب به في أكحله يوم الخندق . فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في طلبه , فجاء محمولاً على بعير , هرع اليه المنافقون يسرون إليه , أحسن إلى القوم . أحسن إلى القوم . فقال:لقد آن لسعد ألاّ تأخذه في الله لومة لائم.أحكم فيهم : أن يقتل الرجال , وتسبى الذراري والنساء ,
وتقسّم الأموال . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات. ونفذ الحكم فحفر الخندق وضربت أعناق الرجال , وأصبح لهم قبراً,واقتيدت النساء والأطفال سبايا , وقسّمت الأموال.
همسة في آذان قضاة الأمة : ما رأيكم بهذه المحكمة ؟ وهل يقبل حكم قاضيها الطعن بالنقض أو الاستئناف ؟
سعد رضي الله عنه قاض وافق حكمه حكم الله بشهادة رسول الله
صلى الله عليه وسلم . المطلوب منكم يا قضاة الأمة حكم عادل يعيد الحق للمظلوم ويرفع عنه عنت الظالم . المطلوب منكم حكم يبتر الجريمة ليعيش الناس, آمنين على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم .
بكم يصلح حال الأمة وتضمن سلامتها . سعد رضي الله عنه أثلج صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضائه الذي لم يتكرر بعد هذا المجلس . فأثلجوا صدر الأمة ولو مرة واحدة رغم ذلك البون الواسع الذي يفصلكم الآن عن مجلس القضاء العادل الذي ترأسه صحابي مرموق تتلمذ في كلية الحقوق الإسلامية التي تخرّج فيها أعلام القضاة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم. شعارهم الذي مضوا عليه " اعدلوا هو أقرب للتقوى " فهلا اتخذتموه شعاراً
تمضون عليه في محاكمكم لترضوا ربكم كما أرضاه عز وجل , رجل من الأنصار.؟!