منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4

العرض المتطور

  1. #1

    Thumbs up أبو لهب ( نزف قلم : محمد سنجر )

    اختلط الحابل بالنابل ، الجميع يفرون في كل اتجاه ،
    النار تفترس بشراهة كل ما يعترض طريقها ،
    تقفز من بيت لبيت كالبرق ،
    صرخات الاستغاثة تتعالى هنا و هناك ،
    ألسنة اللهب تطاول النخيل ،
    سحب الدخان الأسود تحجب الرؤية ،
    الضوء و الحرارة الناتجة عن النيران حول الليل ظهرا ،
    على أطراف القرية هناك ،
    صوت دقات قبضة قوية متتالية على باب الدار الخشبي العتيق ،
    ضوء المصباح يتسلل من بين فتحات إحدى نوافذ الطابق العلوي ، تستيقظ المرأة مذعورة ،
    وكزة نسائية يقفز لها الزوج جالسا ، يصرخ )
    ـ الله أكبــر ، الله أكبر ، فيه إيــــــــــــه ؟ فيه إيه يا ولية ؟ حرام عليكي ، بتزغدي بهيمة و الا حمار ؟
    ـ ما تفز ياعمدة تشوف مين البقف اللي بيخبط بالشكل ده في ساعة زي دي ...
    ـ هو فيه حد بيخبط ؟
    ( ينتبه لصوت الدقات المتتالية ، ينزل سريعا من فوق السرير الحديدي العالي ، تزل قدماه فيسقط أرضا )
    ـ سلامتك يا سبع البرمبا ، هي هي هي هي ...
    ( يحاول لملمة ما تبقى له من كرامة ، يتجه إلى النافذة ، يفتحها صارخا )
    ـ ميــن ؟ ميـــــــــــــــــن ؟
    ( يظهر رجل ضخم الجثة يرتدي ملابس الخفر و بندقيته على كتفه )
    ـ الحق البلد بتولع يا عمدة ...
    ( عندها يلتفت العمدة إلى ألسنة اللهب التي تتعالى هنا و هناك ،
    يصل إلى مسامعه صرخات أهالي القرية ، يتساءل )
    ـ يا مصيبة سوخة ، النار دي قايدة في دار مين يا شيخ الخفر ؟
    ـ دي مش دار واحدة يا حضرة العمدة ، دي ماسكة من دار ( زنوبة أم حمايد ) و انته جاي ، الحق اتصل لنا على المطافي بسرعة .......
    ـ مطافي إيه يا ابو مخ تخين ؟ مطافي مين الساعة دي ؟ دي عبال لما المطافي تيجي تكون البلد ساحت ، بسرعة تلم الغفر و تروح على الدوار
    و كل واحد يجيب طفاية حريق من اللي العمدة الصغير باعتها من مصر و تحصلوني على هناك ، يلا بلاش لكاعة ، بسرعة ....
    ـ أوامرك يا حضرة العمدة ، حالا أهوه
    ( يجري شيخ الخفر إلى مكان النيران التي بدأت تتأجج أكثر فأكثر ، يسأله أحد الخفر )
    ـ أمال فين المطافي يا شيخ الغفر ؟
    ـ ما لكش دعوة انته ، لم لي بسرعة الغفر و خليهم يحصلوني على دار العمدة القديم ، و انته تفضل واقف هنا لغاية لما يجي حضرة العمدة ، إياك حد يهوب ناحية النار ، سامع و الا لأ ؟
    ـ أوامرك يا شيخ الغفر ...
    ( أخذ الأهالي يشمرون عن سواعدهم ، منهم من اخذ يساعد الأطفال و النساء الذين حاصرتهم النيران ، و البعض الآخر يجري بالأواني النحاسية إلى الترعة يملأها بالماء ، و البعض يقذف النار بالتراب و الماء لإخمادها ، و لا فائدة ،
    النيران تزداد شراسة ، ظهرت و كأنها تباريهم ، يحاولون إطفائها من اليمين ، تتأجج من اليسار ، يسارعون لإخمادها هنا ، تتعالى ألسنتها هناك ،
    لكن الرجال ما زالوا يقاتلون في بسالة ،
    صرخات العمدة التي تأتي من بعيد ترهب الناس و تجعلهم يتوقفون للحظات )
    ـ إنته بتعمل إيه يا غبي انته و هوه ؟ و انته يا غفير يا اللي واقف زي الجاموسة ، سايبهم إزاي يقربوا من النار بالشكل ده ؟ دا أنا منبه عليكم و قايل ما تخلوش حد يهوب ناحية النار لغاية لما المطافي تيجي ، حصل و الا ما حصلش ؟
    ـ حصل يا حضرة العمدة و شيخ الغفرقال لهم الكلام ده كله ، بس ما حدش عبر كلامك في الجزمة القديمة .
    ـ و اللي انته شايلها على كتفك دي لازمتها إيه يا بجم ؟
    ( يقترب من أذن العمدة هامسا )
    ـ يعني أطخ اللي ما يعبرش كلامك في الجزمة و على مسؤوليتك ؟
    ( يوكزه العمدة في كتفه )
    ـ البهيم ها يفضل طول عمره بهيم ، لكن ها أقول إيه ؟
    ( يغمز له بعينه بينما يهمس )
    ـ عيارين فشنك ، تهويش في الهوا مش أكتر يا بهيمة معشش في مخها حمار معشش في مخه شوية بهايم ( يرفع صوته )
    إياكم حد يهوب نواحي النار لغاية لما المطافي تيجي ، أديني بانبه أهوه .
    ( صرخة طفلة تشق سكون الإذعان الذي خيم على الوجوه ، حاول أحد الشباب اقتحام النيران في اتجاه الصرخة ، عندها يمسك الخفير بجلبابه بينما يصرخ العمدة في وجهه )
    ـ إنته رايح فين يا مجنون انته ؟ مش شايف النار عاملة إزاي ؟
    ـ و حضرة العمدة قال لي اللي يقرب من النار ها أطخه .
    ـ و البت اللي ها تولع دي يا عـــــالم يا هــــــــــوه ؟
    ـ يعني البت تولع و إلا انته ما تعبرش كلام أبوك العمدة في الجزمة ؟
    ( تصرخ البنت ، عندها يحاول الإفلات بجلبابه من قبضة الخفير ، و لكنه لا يفلح إلا بتمزق جلبابه من شدة الجذب )
    ـ ده انت اللي تولع بجاز وسخ انته و العمدة بتاعك ....
    ( ا نفلت الشاب منطلقا إلى وسط النيران ، عندها تفور دماء الناس بالثورة ، ألهب الحماس ظهورهم ، البعض منهم عاد يملأ الأواني بالماء يلقيها على ألسنة اللهب ، لم يعد أحد يعبئ بصرخات العمدة و طلقات بندقية الخفير في الهواء ،
    مر الوقت دهرا حتى استطاعوا السيطرة على ألسنة اللهب ،
    بدأت النيران تنحسر هنا و هناك ،
    دقائق أخرى من العمل الجاد حتى خفتت النيران شيئا فشيئا ،
    اللهم إلا بعض الأدخنة المتصاعدة من مكان لآخر ،
    خيم الصمت على المكان ،
    استلقى الرجال أرضا من شدة التعب و الإجهاد ،
    عندها وقف العمدة وسطهم يصرخ )
    ـ بقى بتكسر كلام العمدة ياد يا حسن يا أبو سليمان ؟ ليلتك هباب ، اقبض عليه يا غفير ، هو و كل اللي شارك في الجريمة دي ، و تاخدهم دلوقتي حالا على دوار العمدة .
    ( بدأ الخفر في تقييد أيادي بعض الرجال و اقتيادهم إلى دار العمدة ،
    فجأة شق سكون الليل صوت سيارة الإطفاء ،
    بدأ ضوءها يقترب يدور مترددا على أعالي الأشجار و جدران البيوت ،
    من بين الأدخنة يظهر شيخ الخفر يركب عربة يجرها حمار ، يجلس فوقها الخفر و قد ارتدى كل منهم ملابس رجال الإطفاء و يمسك بطفاية حريق ، يمسك أحدهم ببوق ورقي يقلد صوت سيارة الإطفاء ، بينما خفير آخر يقف حاملا مصباحا يدويا يدور به فوق العربة ، يتساءل شيخ الخفر )
    ـ فين النار يا عمدة ؟
    ـ الأهالي كسروا كلامي و طفوها ، بس يا ويلهم يا سواد ليلهم مني .....
    ـ و العمل يا كبير البلد ؟ يعني ها تسيبهم كده و همه ما عبروش كلامك في الجزمة القديمة ؟
    ـ ما خلاص بقى يا شيخ الخفر ، خلاص ، خلااااااااااااص .
    ( يهمس في أذن العمدة )
    ـ طب و ها نعمل إيه دلوقتي في طفايات الحريق اللي ها تقعد في أرابيزنا دي ؟ دا احنا ما صدقنا نولع في البلد من غير ما حد ياخد باله ....
    ( يصيح العمدة في أهالي البلد )
    ـ العيال اللي طفوا الحريق بالشكل ده ها ياخدوا جزاءهم ، الموضوع مش ها يعدي كده بالساهل ....
    ( يصرخ شيخ الخفر في الجموع )
    ـ هو سلق بيض ؟ و الا كان سلق بيض ؟ طفوا إيه إن شاء الله ؟
    طب و النار اللي قايدة تحت الرماد دي ؟ مش شايفين الدخان طالع منها إزاي ؟
    ـ و دلوقتي لما البلد تنام ترجع تشب تاني ؟ هو مين المسئول عن الأمن و السلامة في البلد دي يا عالم ؟
    ـ انته طبعا يا حضرة العمدة ...
    ـ يعني أرواحكم متعلقة في رقبتي ، و سلامتكم هي أهم حاجة عندي ، و مش ها اسمح أبدا لشوية عيال صيع يضحكوا عليكم و يقولوا كذب و بهتان إنهم طفوا الحريقة ، لازم كل حاجة تتعمل زي ما بيقول الكتاب ،
    أما بخصوص تمن الطفايات اللي جاية لكم مخصوص من مصر ،
    و لا يكون عندكم فكرة ، ها اقسطها لكم ، يعني مش واخد منكم حاجة دلوقتي لغاية المحصول إن شاء الله ، و بعدين دي كلها كلام فاضي ، بسرعة يا لا يا غفير انته و هوه ،
    ولعوا لنا النار في البيوت دي من تاني ،
    ولـــــع ولـــــــــــع ولــــــــــــــــــع .


  2. #2
    مزج بين اوجاع الواقع والرمزية في القصة
    نص ناجح وموفق جدا
    تحيتي اديبنا العزيز
    بنت الشام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الواقع المؤلم يصرخ من جديد ويعوي..
    وسؤالي للنقاد الكرام: إلى أي حد يسمح لنا باستخدام العامية في النص؟
    تحيتي لك .
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

  4. #4
    لولا عاميتها لأصابها النجاح أكثر , شكراً لكاتبها .

المواضيع المتشابهه

  1. يا ليتني ( نزف قلم : محمد سنجر )
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-26-2009, 11:26 PM
  2. وا أماه ( نزف قلم : محمد سنجر )
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01-12-2009, 03:53 AM
  3. وا أماه ( نزف قلم : محمد سنجر )
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-12-2008, 03:23 AM
  4. سي السيء ( نزف قلم : محمد سنجر )
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-17-2008, 07:41 AM
  5. من خلق الله ؟ ( نزف قلم : محمد سنجر )
    بواسطة محمد سنجر في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 12-27-2007, 07:52 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •