منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الادب العبرى

العرض المتطور

  1. #1

    الادب العبرى

    الادب العبرى

    --------------------------------------------------------------------------------

    الأدب العبري.. المرجعيات - المصطلحات - الرؤى


    نادرة هي الكتب والدراسات التي تبحث في الأدب العبري, قياسًا على ما يُبحث ويُنشر حول الشئون السياسية والتاريخية لكل ما يمتّ بصلة إلى اليهود والصهيونية في العصر الحديث, ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب.

    مؤلف هذا الكتاب هو حسن حميد, رئيس تحرير جريدة (الأسبوع الأدبي) التي يصدرها اتحاد الكتّاب العرب بدمشق,
    وكتابه: (الأدب العبري: المرجعيات - المصطلحات - الرؤى)
    صدر في دمشق عن دار السوسن 2001م,

    درس فيه المؤلف عدداً من القضايا والمحاور.
    تنحصر مرجعية الأدب العبري في أمرين اثنين: ديني يتمثل في التوراة والتلمود, وفكري يتمثل في الرؤى السياسية والاجتماعية والاقتصادية لواقع اليهود ومستقبلهم.
    ظهرت هذه الرؤى جليّة في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عُقد في بازل بسويسرا عام 1897م,
    مع الإشارة إلى أن الصهيونية وأفكارها لم تكن فكرة اليهود أساسًا, بل كانت فكرة أوربية خالصة, تبنّاها اليهود, فعقدوا لها مؤتمرهم المذكور.

    ويعرض المؤلف لأربعة أنواع لأدب اليهود هي:


    1- الأدب اليهودي:
    الممتد في جذوره إلى التوراة والتلمود, وينقسم إلى قسمين: أدب يهودي قديم, وأدب حديث, وكلا الأدبين, يعتمد أحيانًا إحدى لغتي اليهود: اليديشيّة المعروفة في ألمانيا, واللادينيو لغة يهود إسبانيا.

    2- الأدب الصهيوني
    , تغْلب عليه الروح الأيديولوجية للصهيونية المتشكلة عقب حركة البروتستانت في أوربا في القرن السادس عشر.

    ليس هناك لغة موحدة لهذا الأدب, فهناك الأدب الصهيوني الفرنسي, والإنجليزي والعبري, بحيث لا يفترض بالضرورة أن يكتب هذا الأدب اليهود فقط, فهناك أعمال أدبية صهيونية لأوربيين مسيحيين, كرواية (دانيال ديروندا) للروائية الإنجليزية: جورج إليوت (1819-1880م).

    3- الأدب العبري
    المكتوب باللغة العبرية, ظهر في أوربا على أثر الحركة البروتستانتية, وينقسم هذا الأدب, جغرافيًا إلى قسمين:

    أدب عبري فلسفي كتب قبل قيام الكيان الصهيوني بدءًا من أواخر القرن التاسع عشر, وأدب عبري إسرائيلي كتب في فلسطين 1948م.

    4- الأدب الإسرائيلي
    محصور ضمن حدود فلسطين, ويتضمن كل الآداب السابقة: فهو أدب يهودي, لأن غالبية كتابه من اليهود, وصهيوني, لاعتماده الأيديولوجية الصهيونية, وعبري, لأنه مكتوب باللغة العبرية الحديثة.
    ______________

    التبشير بالصهيونية
    نشأت البروتستانتية على أثر استفحال نفوذ الكنيسة الكاثوليكية, ولاسيما في فرض تفسير واحد للكتاب المقدس, وفيه إدانة صريحة لليهود بمقتل السيد المسيح.

    فرفض البروتستانت - كما يقول المؤلف - هذا التفسير, وغيره من مفاهيم ومعتقدات كاثوليكية, وبَرّأوا اليهود من تهمة قتل المسيح, ودعوا إلى اعتماد الكتاب القديم بكل ما جاء فيه, واعتباره مقدّسًا لا يمكن تجاوزه, فشاعت الأوصاف القديمة لمناقبية اليهود, وحقوقهم وسموّ عرقهم, الأمر الذي تطلّب معرفة الناس باللغة العبرية لإتقان سلوكية الإيمان, وعدم الوقوع في المحرّمات. وبذا تكون البروتستانتية هي التي أوجدت لليهود حضورهم في أوربا والعالم معًا.

    نتج عن ذلك أيضًا شيوع الآداب الأوربية التي دعتْ وأوحت باستلهام الموروث الديني اليهودي, وضرورة إيجاد وطن قومي لليهود.

    ومن أشهر الأعمال الأدبية التي سارت في هذا الاتجاه المطوّلة الشعرية الذائعة الصيت: (الفردوس المفقود)
    للشاعر الإنجليزي جون ملتون (1608-1674م)
    (الذي طبّل له العرب وزمّروا طوال أزمان وأحقاب عدة باعتبار كتابته فتحًا إبداعيًا, ومع الأسف لم يكن صنيعه الشعري سوى (الأرض الموعودة) التي تعنى اليهود تمامًا).

    ومثل ذلك, دعوات الأديب الإنجليزي ألكسندر بوب (1688-1744م)
    المبشّرة بالمملكة اليهودية المستعادة, وقصائد اللورد بايرون (1788-1824م)
    الذي بكى طويلاً على فقدان اليهود لوطنهم المقدس, ودعا في غير قصيدة إلى تحرير القدس.

    كذلك الشاعران الإنجليزيان وليم ووردزورث (1770-1850) وروبرت براوننغ الذي ألحّ في شعره على ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين.

    ومثلهم الكاتب الإنجليزي والتر سكوت (1771-1832م) في روايته الشهيرة (إيثنهو), وفي عدد آخر من أعماله التي دعا فيها إلى إيجاد وطن قومي لليهود لأنهم من عرق واحد.

    جيمس جويس نموذجًا

    توقف المؤلف طويلاً أمام الكاتب الإيرلندي جيمس جويس (1882-1941م) وبخاصة أمام روايته (عوليس) التي احتذى فيها سيرة بطل (الأوديسّة) للشاعر الإغريقي هوميروس, نوجز أهم النقاط والملامح التي اشتملت عليها:

    كُتبت الرواية ما بين 1904و1914, ولم تنشر إلا بعد 1922 بعد تشجيع من الشاعر الأمريكي عزرا باوند الذي عرّفه على أديبة فرنسية من أب طبيب يهودي فرنسي, تمتلك دارًا للنشر, كانت قد نشرت منها فصلين في مجلتها, فاشتهرت قبل صدورها لما فيها من مشاهد جنسية على هامش الصراع الذي يعيشه بطلها (ليوبولد بلوم), في سبيل الوصول إلى رغباته وتحقيقها برغم العقبات التي اعترضته.

    من حيث الموضوع الرئيس, فقد اشتملت على معظم ما طُرح وقرر في مؤتمر بال 1897, ومن حيث الأسلوب, فهي عصيّة بعض الشيء على الفهم والمتابعة, بسبب ما شاع فيها من فوضى التأليف, وتداخل الزمن, ووعورة لغتها الإنجليزية القديمة, وهي أيضًا قريبة في شذوذاتها ومناخها, من رواية مارسيل بروست: (البحث عن الزمن المفقود) من حيث عدم الحرص على الوحدة العضوية والنفسية للبنية الروائية, كل ذلك جعلها صعبة على القارئ الذي يحتاج لقراءتها إلى كثير من الصبر والعزيمة.

    ومع ذلك, فقد أحيطت (عوليس) بكثير من الدراسات والحوارات الساخنة, من قبل نقاد عرب وغربيين طوال نصف قرن, حتى صدور طبعتها الثانية المترجمة إلى العربية 1994م.

    وقد حار المؤلف في أمر الضجة والاهتمام الشديد اللذين حظيت بهما الرواية, فوجد أن المقاربة التاريخية ما بينها وبين (يُوليسّيس) الأوديسّة, من جهة, والترويج لقدرات اليهودي ومهاراته وتفوّقه في النهاية بما يمتلك من صبر وإمكانات, وثقة بالنفس, من جهة ثانية, أضف إلى ذلك: المناخ الاغترابي الذي عاشه بطل الرواية (بلوم) وهو ابن رجل يهودي هنغاري, وأدوار الغناء والبغاء التي مارستها زوجته (مولي), كل ذلك أسهم في تحقيق نسبة عالية من إقبال الناس على اقتنائها والنظر إلى بطلها برضى مطّرد.

    لقد عني جيمس جويس بتصوير سلوك أبطاله, فسلّط الأضواء على النوازع النفسية والأحاسيس المرهفة, المرافقة لتحرّكات كل منهم, فنرى (بلوم) لا يتوانى عن مساعدة زوجته في إيجاد عشّاق منتقين لها, ونرى زوجته (مُولي) لا تتوانى أيضًا عن منح جسدها برضا تام لمن هُمْ في المراتب الدنيا من السلّم البشري, ممثّلة بذلك الحاضنة الحنون أو (الجسد المشْفق), لكن ذلك لم يكن بدافع إنساني, بل من أجل ما هو أحطّ وأوْضع, أعني المال. وعندما تريد الإنجاب تلجأ إلى زوجها لقناعتها بتفرّده وخصوصيته ونقائه, كما تلجأ إلى صديقه (ستيفان ديدالوس) الذي عشقتْه لأنه يمثل في نظرها ونظر زوجها, طموح العقل وقمة المعرفة.

    ويتساءل حسن حميد: لماذا كان بطل جويس يهوديًا?

    ويجيب: لم يكن ذلك إلا بسبب الحنين إلى العودة إلى أرض الميعاد بفلسطين, فكان القلق والحيرة والاضطراب والمخاوف الناشئة من طبيعة المجتمع الأوربي المتشدد حيال اليهود, كانت كلها عوامل بحث جادّ وصراع دائم لأجل الخلاص والاستقرار, ولم يسَع جويس إلى تحرير المجتمع الإيرلندي من مآسيه وأحزانه وإحباطاته, بل إلى تحقيق أحلام بطله اليهودي (بلوم).
    كافكا....النموذج الآخر

    يحتل الكلام على كافكا في الكتاب مساحة أكبر من أي بحث آخر, حيث عرض لنقاط كثيرة, وطرح مسائل مختلفة تتعلق بسيرته, وأعماله, وعلاقته المتوترة بينه وبين والده, كما تتعلق بأهم عملين أدبيين له هما: (القلعة) و(المسخ).

    في الجانب الأول المتعلق بسيرته, يوجز المؤلف حياته كما يلي:
    عاش (كافكا) إحدى وأربعين سنة (1883-1924) قضى منها تسعًا وعشرين سنة لم ينشر خلالها أي كتاب, وفي عام 1912 نشر كتابه (تأملات) الذي يضم ثلاثًا وعشرين صفحة فقط, ولم يبع منه في سنته الأولى سوى تسع وستين نسخة, كما لم يبع منه طوال حياته سوى أربعمائة نسخة.

    وفي جانب الأعمال الأدبية, فقد انقلبت المقاييس رأسًا على عقب إثر نكسة يونيو 1967فارتفع المبيع إلى الملايين, وبلغ بيع أعماله الكاملة أربعمائة ألف نسخة, باللغة الألمانية.
    وسبب الإقبال المدهش:
    تحليله العميق لظاهرة القلق عند اليهود, وتبشيره بفكّ طوق الجيتو نحو الوطن التاريخي الموعود.
    من هنا تأتي كثرة دراستها وشرحها وتحليلها وفقًا لاتجاهات علم النفس, والفلسفة وتياراتها, ووفقًا للأساطير العبرية, ولمناهج علم الاجتماع والأنثروبولجيا, ولحسن تفهّمها للرسم والموسيقى والدراما, على الرغم من جهل كافكا التام للموسيقى, وعدم اهتمامه بالرسم والسينما.

    لقد ساد كتابات كافكا الكثير من الإحباط جرّاء الحديث عن عزلته ووحدته وكآبته وأحزانه وأقداره غير المؤاتية, الأمر الذي انعكس على دراسات أدبه التي سادها الحديث عن الغمّ والحزن والجفاف والقسوة.

    فهو يقول في رسالة إلى والده (إنّ الحياة أكثر من لعبة صبر). بالطبع لم يكن يقصد حياته هو, بل حياة اليهود بعامة في المجتمع الأوربي المسيحي, والوصول إلى الاستقلال والثقة والأمان.

    عودة إلى التوراة

    سبق للمؤلف أن طرح في بداية الكتاب, عناوين المرجعيات والمصطلحات للأدب العبري, وهاهو الآن يوسّع بعض الشيء في هذا الجانب, ويشرح السّمات العامة للأدب العبري, مضيفًا بذلك أبعادًا فنيّة على شيء من التقويم والتوضيح.

    فالنصوص الأدبية العبرية على اختلافها, ركيكة البنية, متداعية الأسلوب, باهتة الجمال, بسبب غياب السموّ التعبيري الخالص, وغلبة التفكير العقائدي المفعم بالعدوانية والعنصرية تجاه الغير.

    ومن أهم ما يطرحه المؤلف في هذا الجانب, اتجاهات الأدب العبري, وأوصافه.

    فأما اتجاهاته فهي خمسة, يؤكد كلٌّ منها ناحية أو رؤية خاصة.

    فهناك النزعة العنصرية, وهناك الحض على القوة والعدوانية, وخصوصًا مع العرب, وهناك الإحساس بالغربة والتفاهة إذا كان اليهودي يعيش خارج الكيان الصهيوني, وهناك النظرة الدونية إلى العربي والمسلم, وهناك أخيرًا النظرة الطوباوية إلى أرض الميعاد.

    وأما أوصاف هذا الأدب, فنستشعرها, إمّا بظهور الروح البكائية والأحزان المفتعلة, وإمّا بالحديث عن المعاناة التاريخية بدءًا من زمن البابليين, انتهاء بالزمن الراهن, وإمّا بانتحال صفة الضحيّة لليهود عبر التاريخ, وإمّا بإشاعة موضوعات شتى موشّاة بالألوان القاتمة كالقلق, والحزن, والنفي, والغربة, والموت, والحرب والعنف, مما يعرض له المؤلف في الفقرة الأخيرة من الكتاب.

    من داخل إسرائيل

    بعد أن عرض المؤلف لنماذج أدبية روائية وشعرية لعَلمَيْن كبيرين هما جيمس جويس وفرانز كافكا, شاء أن يتوسّع في هذا الجانب فأتى بأمثلة أدبية أوضح لعدد غير يسير من الأعلام اليهود في أوربا والكيان الصهيوني, فنقع على أسماء بعضها معروف وبعضها الآخر لم يأخذ نصيبًا من الشهرة, وقد نيَّف عددُهم على أربعة عشر كاتبًا وشاعرًا.

    يخلص المؤلف إلى جملة فوائد وأفكار لا سبيل إلى تغيُّرها في الفكر اليهودي والأدب العبري, ومنها:

    - لا بد من الرجوع دائما - لفهم مسار الحركة الأدبية الصهيونية - إلى الأصل الذي قامت عليه آداب الصهيونية وسياساتها: التوراة والتلمود والأفكار الصهيونية.

    - إشكالية الثقافة اليهودية الواحدة بسبب اختلاف ثقافات اليهود الوافدين إلى فلسطين من مختلف بقاع العالم.

    - تأصل روح العداوة والعنصرية في الذات اليهودية لكل الشعوب من دون استثناء.

    - كل الشعوب في العالم محتقرة في النص الأدبي العبري: (فالعرب فرّارون وخونة وجبناء, والألمان برابرة وقساة, والأتراك مرتشون, واليونانيون أذلاّء, والإنجليز متواطئون, والبولنديون ضعفاء, والفرنسيون ماجنون, أما اليهود فهم الجديرون بالتقدير لأنهم معصومون من العيوب والمذمات). ولا ندري لماذا غاب الأمريكيون عن القائمة?

    وصفوة القول في هذا الكتاب القيّم, أنه فتح نوافذ للدارسين كانت مغلقة, بيّن لهم فيها حسن حميد, قصورهم الشديد في الاطلاع الوافي على الأدب العبري, وسطحية نقداتهم ودراساتهم لكثير من الأعمال الأدبية الموسومة, في العمق, بالنزعة الصهيونية والتطرف اليهودي, فإذا بهم - أي نقادنا - يُمجِّدون هذه الأعمال ويرون فيها نماذج بديعة تستحق كل التقدير.

    وإن كان لنا من مساءلة, فهي: لماذا لم يذكر لنا ناقدًا عربيًا واحدًا هلل ومجَّد لتلك الأعمال?

    ثم نسأل ونلح, ألم تكن هناك أعمال أدبية عبرية اخترقت الثوابت, وجنحتْ إلى شيء من الموضوعية والتجرد? طاب قلمك يا حسن, وإلى نتاج أدبي فكري آخر أعمق, وأشمل!!.


    حسن حميد
    منقول مجلة العربى
    .
    .
    ترى الأديبة الإسرائيلية عينات كوهين:
    أن حرب أكتوبر، كانت نقطة تحول درامية مباغتة، ومذهلة، وكأنها مأخوذة من حبكة مميزة.

    فقد كانت حرب أكتوبر بحسب رؤية هذه الأديبة زلزالا حقيقيا هز أركان المجتمع الإسرائيلى، لكنه كان زلزالا متوقعا.
    وتقول عينات: كم من الوقت يستطيع إنسان، أو شعب أن يجلس ليتثاءب ويسخر من عدوه، ويستهزئ به، كم من الوقت كان من الممكن أن يعيش المجتمع الإسرائيلى بموجب مبدأ أنا ومن بعدى الطوفان.
    لقد كانت حرب أكتوبر ردا حادا وقاسيا على الشعور بالتفوق واحتقار الآخر، الذى ملأ صدورنا بعد حرب 67 الانتصار المبهر فى 67،
    الذى بدا وكأنه سيناريو سينمائى مأخوذ من أفضل أفلام هوليوود، لم يكن سيناريو صادقا، ولا أمينا، لقد أعمى عيوننا، ونفخ صدورنا، وعطل حواسنا، فلم نفق من سكرة الانتصار التى سيطرت علينا بعد هذه الحرب العجيبة، التى استمرت ستة أيام، وأسفرت عن تغيير دراماتيكى فى الخريطة الجيوبوليتية للمنطقة، وفى العقلية الإسرائيلية فى ذات الوقت.

    الآن كيف تناول الأدب العبرى حرب أكتوبر؟
    كيف عبر الأدب العبرى عن الزمن الرمزى الذى وقعت فيه الحرب،
    وعن هدم كل ما كرسته حرب 67
    .
    .
    الأديب الإسرائيلى حانوخ بارطوف::

    المعروف بمهارته الفائقة فى نسج الحبكات الأدبية المركبة، والبوليسية أحيانا، فضل أن يكتب يوميات عن الحرب.
    لقد كتب الجزء الثانى من كتاب رئيس الأركان الإسرائيلى فى حرب أكتوبر دافيد بن أليعيزر، والذى حل اسم 48 سنة، وعشرين يوما أخرى.
    وتناول فى هذا الجزء قصة العشرين يوما التى شهدت حرب أكتوبر
    6-10-73 وحتى 25-10-73.
    لقد سجل فى هذا الدفتر كل دقيقة، وكل حديث، وكل لفتة، وكل شهادة للتاريخ.
    لكن هذا الشكل الوثائقى التفصيلى نفسه، وبقلم أديب، يعكس إلى أى مدى كانت قصة حرب أكتوبر قصة صارخة، وأقوى من خيال المبدع والأديب،
    الذى وقف أمامها مكتوف الأيدى، ولم يملك سوى أن يسجلها بقلمه فى شكل يوميات حربية.

    أما رواية نار::
    فهى رواية وثائقية أيضا، كتبها الأديب الإسرائيلى الشهير " يوفال نريا"
    الذى فضل أن يكتب على غلافها الخارجى : كثير من الأحداث التى وردت بين ضفتى هذا الكتاب حدثت فى الواقع كما هى، لكن جميع الشخصيات من وحى خيال المؤلف.
    بعبارة أخرى حتى يوفال نريا لم يكن فى حاجة لنسج أحداث عن حرب أكتوبر من خياله.
    ولذلك لا يدافع إلا على عنصر الشخصيات فى عمله الأدبى لأنهم من وحى خياله

    ورواية نار تعتبر شهادة تبعث بقشعريرة فى الجسد خاصة فى الأجزاء التى تصور فيها غطرسة القيادات العليا فى الجيش الإسرائيلى، وشعور صغار الضباط الأكيد بحجم الكارثة التى توشك أن تحل بهم.
    وكيف رفضوا أن يطلبوا إجازات عيد الغفران على الرغم من التقرير الواضح الذى نشرته المخابرات الحربية أمان وجاء فيه:" لن تقع حرب فى يوم الغفران" .
    وعندما تصور الرواية المعركة التى خاضها هؤلاء الضباط بمفردهم ضد الجيش المصرى فى الأيام الأولى للحرب، وعن عودتهم إلى الجبهة الداخلية، ليجدوا الجميع يتنكر لهم، ويرفض مجالسة المهزومين.
    بطل الرواية" يائير نائب" قائد الوحدة العسكرية، أخذ يلوم نفسه وهو طريح الفراش فى المستشفى العسكرى: لقد كنت أعرف أن الحرب ستقوم، كنت واثقا، وعامير أيضا كان واثقا، لكنى لم أمتلك الشجاعة، لأذهب إلى قادتى ورؤسائى، إلى رئيس الأركان إذا استلزم الأمر، وأن أكلمهم جميعا، إذا استلزم الأمر، وأقول لهم أنتم عميان، وطرشان، الحرب تدق الأبواب، لكنى لم أذهب، ولم أصرخ بأعلى صوتى، ولم أنبس ببنت شفة، ومع ذلك مازلت على قيد الحياة، سأظل أحمل الذنب مثل قابيل، ولن يسعفنى أى شيء فى هذا العالم.
    لقد كان الشعور بالذنب هو أقوى المشاعر التى سيطرت على المقاتل الإسرائيلى، الجنود والضباط الذين نجوا من هذه الحرب على حد سواء.
    لقد ظلوا على قيد الحياة، بينما لقى العشرات، بل المئات من زملائهم مصرعهم دفاعا عنهم. وظلت علامة العار مطبوعة على جبينهم، وفى وعيهم الذاتى، وفى نظرة المجتمع إليهم، وخاصة أقارب المتوفين والمفقودين: الآباء، والأمهات الثكلى، والنساء الأرامل، والأيتام.
    .
    .
    الأديب الإسرائيلى " إسحاق بن نير" ::
    كتب قصة قصيرة عنوانها " نيكول"
    عن هذا الشعور بالذنب الذى سيطر على الجنود الناجين
    من حرب أكتوبر مثل شبح الموت،

    "باركو" بطل القصة لم يكن مثل يائير، وعامير وعيران أبطال رواية نار اللذين تصادف وجودهما على الضفة الغربية من القناة عندما اندلعت حرب أكتوبر، ووقعا فى الفخ.
    " باركو" قائد لواء فى سلاح المدرعات، كان فى أحضان عشيقته نيكول فى فندق ببئر سبع، يوم السبت السادس من أكتوبر.
    لقد كان ذنب يائير أنه ضابط صغير يشعر بالمسئولية لأنه نجا من الموت،
    بينما مات أعز أصدقائه.
    أما جريمة باركو فكانت أفظع عشرات المرات،
    وظلت عشيقته نيكول تنتقم منه من خلال استثارة الشعور بالذنب لديه،
    تجاه ضباطه وجنوده، الذين صرخوا يطلبون نجدته، دون جدوى:
    لقد ظل " الضابط يوناتان " ينادى عليه فى جهاز اللاسلكى لمدة 39 ساعة،
    حتى فرغت بطاريته من الصواريخ وانقض عليه المصريون.
    قصة نيكول، مجموعة غروب الشمس ص 136.
    أن مؤلف القصة الذى أصر على أن يكون المكان الذى يقضى فيه القائد باركو إجازته وقت اندلاع الحرب هو فندق يستقبل العشاق، لا يقصد به أن الحرب نشبت فجأة، وضبطت القادة الإسرائيليين غير مستعدين، ولكن يريد أن يشير بأصابع الاتهام لانعدام الشعور بالمسئولية فى صفوف القيادات العليا بالجيش الإسرائيلى، والغرور الذى سيطر على تصرفاتهم، وسلوكهم، والذى نبع فى الأساس من ثقة بالنفس مبالغ فيها، وعقلية كله تمام.

    الأديب الإسرائيلى " أ. ب. يهوشواع " شدد كذلك فى رواية" السيد مانى"
    على أن المقاتل الإسرائيلى" رونى" لقى مصرعه فى اليوم السادس لحرب 67 متوقعا أن الانتصار المفاجئ فى 67 سيجر هزيمة مباغتة فى 73
    ويوفال نريا فى رواية نار يبدأ عملية السرد والوصف فى الأيام الأربعة السابقة على الحرب،

    ويورد نص خطاب أرسله جندى اسمه" عيران"
    لأسرته فى صباح السادس من أكتوبر جاء فيه:

    " سيناء، السادس من أكتوبر، الساعة ال11 ظهرا، إلى ابى ، وأمى، ونيريت الأعزاء.
    - عيران الذى سيلقى مصرعه بعد ثلاث ساعات فى الحرب التى ستندلع على ضفة القناة، سيموت فى نفس المكان الذى جلس يكتب فيه الخطاب، - يطلب فيه من أبويه أن يشتريا وترا للجيتار الخاص به، لم يكن يعلم أن شبح الموت يزحف نحوه، ويوشك أن ينقض عليه .
    .
    .
    __________________لقد كان الأدب الإسرائيلى من أهم المرايا التى عكست انتصار حرب أكتوبر، والزلزال النفسى والاجتماعى الذى ضرب الوعى الجمعى الإسرائيلى ففى
    رواية التعرف على امرأة، للروائى الإسرائيلى" عاموس عوز"
    يرد ذكر حرب أكتوبر بشكل غير مباشر. يوئيل رافيد، بطل الرواية التى تدور أحداثها فى
    ال 80، جاسوس متقاعد،
    يقرأ مذكرات رئيس الأركان السابق دافيد بن أليعيزر، ويصل للنقطة التى يمتدح فيها رئيسه وضابط تشغيله فى الاستخبارات:
    لأنه كان من القلائل الذين حذروا من خطر اندلاع الحرب قبل وقوعه
    ا تعرف على امرأة ص 90.
    هنا يصر الأدباء الإسرائيليون على أن الحرب كانت متوقعة، لكن القيادات العسكرية، والسياسية لم تكن تريد أن تعرف ذلك

    هناك روايتان مهمتان أيضا تلعب فيها حرب أكتوبر دورا محوريا ::
    1- رواية العاشق للأديب" أ.ب. يهوشواع "
    2- ورواية بيت شخص آخر" لإسحاق أورباز"

    ، ورواية ريش لحاييم بئير التى تحكى قصة الصداقة المتينة التى تجمع بين طفل، ورجل غريب الأطوار، ويقال إنه مجنون يدعى" مردخاى لادر".
    الصداقة تنشأ بينهما فى القدس بالخمسينات، على الرغم من معارضة والدى الطفل.
    ولكن الطفل أصبح كاتم أسرار مردخاى لادر الذى يحلم بتكوين جيش يوزع الغذاء.
    وهو حلم مستوحى من فكرة لفيلسوف يهودى نمساوى يدعى" جوزيف بوبار"
    الذى سعى للتمييز بين الاحتياجات الأساسية للإنسان، وبين الكماليات،
    وطالب أن تتولى الدولة توزيع الغذاء على الأفراد،
    وأن يتولى المهمة جيش نظامى تشرف عليه.
    لكن الصلة بين الطفل ولادر تنقطع عندما يدخل مستشفى للعلاج النفسى بسبب فكرته العجيبة، ولا يكف الطفل الفضولى عن البحث عن لادر.
    ويهتم كذلك بمعرفة ما حدث لصديقه فى آخر حياته، خاصة أن شائعة
    انتشرت فى القدس تقول إنه تزوج من فتاة يمنية الأصل، وأنجب منها طفلا.
    وعند انتهاء حرب أكتوبر، وبعد عشرين عاما،
    وفى هذه الظروف المأساوية تأكدت الشائعة.
    والقصة كلها، تدور على خلفية أن الطفل الصغير كبر، وصار جنديا فى الحاخامية العليا بالجيش، وكلف هو ورفاقه بمهمة جمع رفات الجنود الإسرائيليين من الضفة الشرقية للقناة. أثناء محادثات فصل القوات التى دارت بين مصر وإسرائيل عند الكيلو 101 وواصل جنود الحاخامية بحثهم عن المفقودين نهارا، والقيام ليلا فزعا من الكوابيس.

    وفى أحد الأيام رن التليفون الذى يحمله الجنود فى منطقة فايد، ومن على الطرف الآخر جندى يطلب مساندة عند الفنارة، وتمنوا أن يكونوا قد عثروا على آخر المتغيبين،
    وعندما وصلوا إلى المكان، اكتشفوا أنه ليس أحد المفقودين،
    ولكنه قتيل آخر انضاف للقائمة الطويلة.
    ثلاثة سائقين على شاحنة عسكرية إسرائيلية نزلوا
    للاستحمام فى البحيرة رغم التحذيرات التى تقول إن الشواطئ ملغمة.
    وخرج اثنان منهما ينزفان دما، وأحدهما انقطعت رجله، أما الثالث فقد لقى حتفه.
    وقام الراوى وزميله بانتشال جثة القتيل من المياه،
    وصورته ستبقى مطبوعة فى ذاكرتهم للأبد، بطنه مبقورة، وساقاه متهرئتان، لكن خصلات الشعر التى تتدلى على وجهه الأسمر، تنطق بالحياة. ريش ص 247.
    وعندها يتبين للراوى أن القتيل هو ابن صديقه القديم مردخاى لادر، وينسدل الستار على الشائعة التى تقول إن لادر أنجب طفلا قبل أن يصاب بلوثة عقلية
    ويختفى من القدس فى ال 50 هذا الابن سجل نفسه فى السجلات العسكرية باسم جوزيف بوبار لادر، لكن أمه غيرت اسمه إلى يوسف شيلح،
    قتل كما هو متوقع على شاحنة نقل عسكرية، تنقل الغذاء، ليكون آخر دليل على فكرة جيش الغذاء النظامى الذى دعا أبوه إليه.
    وبوفاة الابن ماتت الفكرة، وتلاشت السلالة.
    لكن الراوى يؤكد أنه مات بلا داعى، كان من الممكن إنقاذه،
    لقد نزل إلى حقل ألغام بحرى، دون أن يراعى الأوامر العسكرية،
    لقد ورث الجنون عن أبيه، شأنه شأن دولة إسرائيل كلها،
    التى كانت تعلم أن حرب أكتوبر 73 كانت حربا حتمية،
    ولكنها رفضت كل المبادرات، وأصرت على المشى فوق الألغام بإرادتها الكاملة.

    محمد عبود
    جريدة العربي
    حرب أكتوبر فى الخطاب السياسى الإسرائيلي

    فى ظل الأهمية التى يوليها المجتمع الإسرائيلى للحرب ولبطولة المحاربين، لم يكن من السهل على هذا المجتمع الاعتراف بالهزيمة فى حرب أكتوبر.
    ومن هنا فقد لجأ قادة هذا المجتمع إلى تحاشى استخدام تعبير الهزيمة.
    واستبدلوه بتعبيرات أخري، مثل التقصير والزلزال والصدمة وما إلى ذلك.
    وقد شاع استخدام تعبير محدال، والذى يعنى التقصير،
    فى الخطاب السياسى الإسرائيلى بشكل خاص للتدليل على الهزيمة فى حرب أكتوبر.
    كما أن كل من يتحدث عن الحرب، لا يذكر كلمة الهزيمة بصراحة.
    وأقصى ما يصل إليه هو أن يقول ما حدث فى الحرب.
    ويأتى هذا الحظر، على الاستخدام الصريح لتعبير الهزيمة، فى إطار نوع من الالتزام الأيديولوجي، المفروض على أفراد المجتمع الإسرائيلي، والذى يجعلهم يمتنعون عن الحديث فى أمور معينة ومن بينها الهزيمة فى الحرب.
    ورغم هذا فقد أدت حرب أكتوبر إلى شيوع تداول بعض المصطلحات الانهزامية فى المجتمع الإسرائيلى ومن بينها مصطلحات نفسية، تستخدم لوصف حالة الجنود الذين عانوا من صدمة نفسية نتيجة للحرب، والذين امتلأت بهم المستشفيات ودور النقاهة، وظلوا لسنوات طويلة يتلقون علاجا نفسيا مكثفا ، لعلاج أعراض صدمة القتال. ومن بين هذا المصطلحات صدمة القتال، وإنهاك المعارك، والاستنزاف وغيرها .
    تدل هذه المصطلحات، وغيرها من المصطلحات التى شاعت فى الخطاب السياسى الإسرائيلى بعد حرب أكتوبر، على فشل آليات الدفاع النفسي، التى طورها المتخصصون فى المجتمع الإسرائيلي، لمساعدته عل التغلب على آثار صدمة الحرب.
    وبالتالى يمكن القول بأن حرب أكتوبر كان من أكثر الحروب تأثيرا على المجتمع الإسرائيلي، ويمكن فى هذا الصدد أن ننقل ما قالته الباحثة والأخصائية فى التحليل النفسى عدنا لومسكي (فى بحث منشور فى العدد الحادى عشر من مجلة النظرية والنقد عام1977، والتى تصدر عن معهد فان لير بالقدس)

    حيث تقول:
    فى ظل الأهمية التى يوليها المجتمع الإسرائيلى للحرب ولبطولة المحاربين، لم يكن من السهل على هذا المجتمع الاعتراف بالهزيمة فى حرب أكتوبر.
    ومن هنا فقد لجأ قادة هذا المجتمع إلى تحاشى استخدام تعبير الهزيمة.
    واستبدلوه بتعبيرات أخري، مثل التقصير والزلزال والصدمة وما إلى ذلك.
    وقد شاع استخدام تعبير محدال، والذى يعنى التقصير، فى الخطاب السياسى الإسرائيلى بشكل خاص للتدليل على الهزيمة فى حرب أكتوبر.
    كما أن كل من يتحدث عن الحرب، لا يذكر كلمة الهزيمة بصراحة.
    وأقصى ما يصل إليه هو أن يقول ما حدث فى الحرب. ويأتى هذا الحظر، على الاستخدام الصريح لتعبير الهزيمة، فى إطار نوع من الالتزام الأيديولوجي، المفروض على أفراد المجتمع الإسرائيلي، والذى يجعلهم يمتنعون عن الحديث فى أمور معينة ومن بينها الهزيمة فى الحرب. ورغم هذا فقد أدت حرب أكتوبر إلى شيوع تداول بعض المصطلحات الانهزامية فى المجتمع الإسرائيلى ومن بينها مصطلحات نفسية، تستخدم لوصف حالة الجنود الذين عانوا من صدمة نفسية نتيجة للحرب، والذين امتلأت بهم المستشفيات ودور النقاهة، وظلوا لسنوات طويلة يتلقون علاجا نفسيا مكثفا ، لعلاج أعراض صدمة القتال.
    ومن بين هذا المصطلحات صدمة القتال، وإنهاك المعارك، والاستنزاف وغيرها .
    تدل هذه المصطلحات، وغيرها من المصطلحات التى شاعت فى الخطاب السياسى الإسرائيلى بعد حرب أكتوبر، على فشل آليات الدفاع النفسي، التى طورها المتخصصون فى المجتمع الإسرائيلي، لمساعدته عل التغلب على آثار صدمة الحرب.
    وبالتالى يمكن القول بأن حرب أكتوبر كان من أكثر الحروب تأثيرا على المجتمع الإسرائيلي،

    ويمكن فى هذا الصدد أن ننقل ما قالته الباحثة والأخصائية فى التحليل النفسى عدنا لومسكي (فى بحث منشور فى العدد الحادى عشر من مجلة النظرية والنقد عام1977، والتى تصدر عن معهد فان لير بالقدس) حيث تقول:

    إن طبيعة الحرب على المستوى الإسرائيلى تعنى إذن وجوب أن تعود الحياة بعد الحرب إلى مسارها المعتاد ، وتقاس قدرة المجتمع الإسرائيلى على الصمود والاستمرارية بناء على قدرته على الاستمرار فى الحياة كالمعتاد بعد نهاية الحرب، ولدى هذا المجتمع آليات ثقافية واجتماعية تهدف إلى الحد من تأثير الحرب،
    ومنعها من إعادة تشكيل توجهات المجتمع... تقوم هذه الآليات بتوجيه الجدل المطروح حول الحرب، والنقد الموجه إلى نتائجها، فى اتجاه يسمح للفرد بالتجرد من مشاعر الذنب، والاستمرار فى حياته الشخصية كالمعتاد، وبشكل يكفل إحكام الرقابة على الأصوات الأخرى ووجهات النظر المخالفة، فى الجدل الدائر حول الحرب.

    الآثار الثقافية والاجتماعية لحرب أكتوبر:

    أبرزت حرب أكتوبر العديد من الظواهر السلبية، التى أثرت بشدة فى المجتمع الإسرائيلي، رغم وجود الآليات سالفة الذكر.
    وقد بدأ بعض هذه الظواهر فى الظهور أثناء الحرب، بينما ظهر البعض الآخر فى وقت لاحق. ومن أبرز هذه الظواهر ظاهرة التعبير عن رفض التورط فى حرب،
    كان من المملكة تلافيها، عن طريق القيام ببذل بعض الجهد. وقد عبر بعض الجنود عن هذا الرفض، أثناء الحرب، بشكل أدبي.
    وربما كان أبرز ما نشر، فى أثناء الحرب، قصيدة أرسل بها أحد الجنود الإسرائيليين، من موقع فى منطقة عيون موسي، إلى مجلة باماحانيه الناطقة بلسان الجيش الإسرائيلي، ونشرت بتاريخ 82/11/3791. جاءت هذه القصيدة كتعليق ساخر على أغنية إسرائيلية، تقول كلماتها: أعدك يا طفلتى الصغيرة أن هذه ستكون الحرب الأخيرة.
    .
    .
    .
    وكتب الجندى على نفس النمط يقول :
    كنت طفلة صغيرة وكنا فى حرب 1948،
    عندما غنيت لي:
    أعدك أن الأمور ستكون على ما يرام.
    ارتديت الزى العسكري.
    وألفت لى أغنية.
    ووعدتنى أن هذه هى الحرب الأخيرة.
    قلت لى وقتها.
    سترين يا صغيرة، أن هذه ستكون الحرب الأخيرة.
    ومرت بضع سنين.
    وعدت مرة أخرى للحرب.
    فى معارك سيناء وحرب 1956.
    ومرة أخرى كتبت لى أغنية ذاع صيتها.
    واشتريت اسطوانة - ثم أخري.
    لأنك وعدتنى مرة أخري:
    سترين يا صغيرة، أن هذه ستكون الحرب الأخيرة.
    وذهبت مرة أخرى إلى الحرب والدماء.
    وكتبت لى قصيدة جديدة، متفائلة وبريئة،
    طبعت على الفور فى كل دواوين الشعر.
    ووعدتنى مرة أخرى وقلت:
    سترين يا صغيرة، أن هذه ستكون الحرب الأخيرة.
    وهكذا وصلنا إلى حرب أكتوبر.
    وسارعت مرة أخرى إلى تأليف المزيد من القصائد.
    ومرة أخرى قلت لي:
    يا طفلتى الصغيرة.
    أنا الآن كبيرة.
    ولم أعد أصدق.
    إن كان لابد إن نحارب فلنفعل ذلك.
    ولكن على الأقل، يمكنك أن تتوقف عن كتابة القصائد وإطلاق الوعود.
    تأثير حرب أكتوبر على الرواية الإسرائيلية:

    تعتبر رواية الحرب من أكثر الأنواع الأدبية انتشارا فى الأدب العبري،
    الذى كتب فى فلسطين بعد عام1948.
    حتى ذلك العام لم يعرف الأدب العبرى سوى رواية واحدة يمكن أن تسمى رواية حرب وهى رواية الجنون الكبير (1919) للكاتب أفيجدور هامائيرى (1970 - 1980).
    وقد ازداد عدد الروايات العبرية التى تتناول كل حرب من الحروب العربية الإسرائيلية حسب النتائج التى حققتها إسرائيل فى هذه الحرب.
    وعلى سبيل المثال ففى السنوات التالية لحرب 1948 كتب عنها أكثر من عشرين رواية، أوردها الباحث الإسرائيلى ميشكا بن دافيد فى كتابه من بليشت حتى تسكلاج، وهو كتاب عن رواية حرب 1948.
    وفى الوقت الذى تناقص فيه عدد الروايات التى تناولت حرب 1956 على سبيل المثال بسبب عدم قناعة المجتمع الإسرائيلى بالنتائج التى حققها الجيش الإسرائيلى فيها تزايد عدد الروايات التى تناولت حرب1967، سواء تلك التى اعتبرتها حرب تحرير أو تلك التى تناولت الأبعاد السلبية للحرب، وتأثيراتها السلبية على المجتمع الإسرائيلى واعتبرتها أفسدت هذا المجتمع.
    أما بالنسبة لحرب 1973 فيمكن حصر ثمانية روايات تناولت الحرب كموضوع لها وهي:

    1 - رواية حرب جميلة (1974) للكاتب دان بن آموتس (1924 - 1989):

    وهو كاتب وصحفى ولد فى بولندا وهاجر إلى إسرائيل فى طفولته.
    يزعم الراوى فى هذه الرواية - باعتباره المؤلف الضمنى لها -
    انه تلقى بعد الحرب بفترة بسيطة طردا به وثائق مكتوبة بخط اليد، كتبها صديق له، وهو جندى لقى مصرعه فى الحرب.
    ويذكر أن الطرد كان به مقالة نقدية وقصة ورواية وخطاب شخصى من الجندى إلى الراوي، يطلب فيه منه نشر هذا الكلام.
    ويعبر الراوى عن تضامنه مع أغلب ما ورد فى هذه الوثائق.
    ويقرر أنه سينشرها بعد إعادة تحريرها.
    ويستخدم الراوى القصة كمحور للعمل.
    ويضيف إليها فقرات أخري.
    ويخصص الراوى أغلب المادة الروائية لوصف مشاهد من الحرب، ولطرح أفكار ومشاعر تثيرها الحرب لديه، بشأن معنى الحياة على وجه العموم، ومعناها فى إسرائيل بشكل خاص. غير أن اللافت للنظر أن هذه الرواية، وإن كانت قد كتبت بتأثير من حرب أكتوبر، إلا أنها لا تتحدث عن هذه الحرب تحديدا .
    وإنما تتحدث عن حرب أخرى خيالية، يحقق فيها العرب انتصارا ساحقا على إسرائيل، ويصلوا إلى تل أبيب، فيمارسوا أعمالا انتقامية، ردا على ما تعرضوا له من تنكيل وجرائم على أيدى الإسرائيليين. وقد كانت هذه الرواية بمثابة بداية هجوم عنيف على النظام السياسى فى إسرائيل، الذى كان السبب فى حرب أكتوبر .
    .
    .
    - رواية العاشق (1977) للكاتب إبراهام ب. يهوشواع (1936)
    تتناول الرواية قصة آدم الإسرائيلى الذى يبحث عن عشيق زوجته ويدعى جبريئيل، والذى فقد منذ ذهب لتسليم نفسه فى الجيش كجندى احتياط فى حرب أكتوبر، دون أن يرد إليه استدعاء. وقد فعل جبريئيل ذلك تحت ضغط معنوى من أسرة آدم، حيث أن الاستدعاء لم يرد إليه، نظرا لأنه لم يسجل نفسه فى مراكز التجنيد عند قدومه إلى إسرائيل.
    كان هذا الجندي/العاشق قد نزح من إسرائيل فى وقت سابق، ولكنه عاد إليها طمعا فى إرث سيرثه عن جدته التى كانت فى حالة احتضار.
    ومن الجدير بالذكر هنا أن الإرث المذكور عبارة عن بيت عربى قديم.
    ويشير هذا الإرث إلى الطبقة التى تذهب إليها فى النهاية أملاك العرب، التى طردوا منها بعد حرب 1948.
    يتناول الحدث فى الرواية فترة الأسابيع التالية لحرب أكتوبر وذلك من خلال قصة إحدى الأسر اليهودية المفككة، التى قام عائلها آدم باصطياد عشيق لزوجته مستغلا حاجته المادية.
    وقد كتب الكاتب هذه الرواية فى صورة مونولوجات صادرة عن ست شخصيات تعرض الأحداث من وجهات نظر متعددة وتمثل كل منها إحدى الجماعات فى المجتمع الإسرائيلي. وتصل الرواية إلى ذروتها بحكاية جبريئيل، التى يروى فيها عن فترة ذهابه إلى الجبهة، وهروبه من الميدان واعتباره من مفقودى الحرب.
    وعندما يقابله آدم بالصدفة يكتشف ما حدث، ويكتشف انضمامه لطائفة اليهود المتدينين الأرثوذكس فى القدس، والتى لا تخدم فى الجيش أساسا ، بحجة أنها من حملة التوراة.
    ويحكى جبريئيل لزوج عشيقته آدم عن سوء المعاملة التى تلقاها لدى وصوله إلى مركز التعبئة من جانب الضابط المسئول، الذى بدا له أنه يسعى إلى إهلاكه بإرساله إلى الميدان، دون أن يكون لديه علم بالحرب ودون أن يتلقى أى تدريب على الأعمال العسكرية.
    وعلى الجانب الآخر يبدو لنا العاشق الآخر نعيم وهو عربى يعشق ابنة آدم وكأنه أيضا أحد المرشحين لتلقى إرث آدم .
    فالنزاع هنا لا يدور بين العرب والإسرائيليين ولكنه يدور بين اليهود الذين لا يقيمون فى إسرائيل والذين يمثلهم جبريئيل وبين العرب الذين يسعون إلى استرداد أرضهم والذين يمثلهم نعيم وتبدو لنا محاولة آدم لإعادة نعيم إلى قريته فى نهاية الرواية وكأنها محاولة لإقصاء العرب عن مراكز السيطرة فى المجتمع الإسرائيلي.
    - رواية ملاذ (1976) للكاتب سامى ميخائيل (1926)

    تتناول الرواية العلاقات بين أعضاء إحدى الخلايا الشيوعية التى تضم عربا ويهود فى حيفا فى الأيام الثلاثة الأولى للحرب ، مع شرح مواقفهم المتناقضة منها.
    فى هذه الرواية يطلب مردوخ اليهودى العراقى من زوجته شولا عشية عيد الغفران استضافة اثنين من أصدقائه العرب الأعضاء فى التنظيم الشيوعى الذى ينتمى إليه.
    الأول هو فؤاد العربى المتزوج من يهودية وله منها ابنان، أحدهما يعتبر نفسه عربى والآخر يعتبر نفسه يهودي.
    والثانى فتحي، الشاعر الفلسطينى الشاب.
    وعندما تندلع الحرب يضطر فتحي بناء على تعليمات التنظيم إلى الاختفاء فى بيت مردوخ خوفا من الاعتقال، وفى نفس الوقت يترك مردوخ زوجته لترعى ابنهما المتخلف عقليا ويذهب ليلبى نداء الاستدعاء للخدمة فى الاحتياط وفى مرحلة معينة تعتقد شولا أن زوجها قد مات.
    ويظن فتحي أن انتصار العرب الوشيك سيكون ساحقا للدرجة التى تجعلهم يصلون إلى تل أبيب. ويعرض على شولا أن تترك البيت وتذهب معه ليوفر لها الملاذ الآمن كما فعلت معه.
    ولكنها ترفض لأسباب أيديولوجية.
    وهو ما يوحى ضمنيا باستحالة التعايش بين اليهود والعرب.
    .
    .
    __________________
    4 - رواية ريش (1979) للكاتب حاييم بئير (1945)

    تعتبر هذه الرواية فى الأصل رواية ذكريات تتناول الهوة التى تفصل بين المثاليات وبين الواقع السياسى لدولة إسرائيل بعد حرب أكتوبر غير أن ما يضفى عليها طابعا خاصا هو أن الرواية هنا تأتى من وجهة نظر جندى عمل فى الفترة الأخيرة من الحرب وفى الفترة التالية لها فى البحث عن جثث الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا فى الحرب فى منطقة فنارة.
    وكانت فنارة تظهر فى أحلامه كالكابوس.
    وتأتى إفاقة هذا الجندى عندما يكتشف أن إحدى الجثث التى انتشلتها وحدته من مياه القناة هى جثة ابن صديق لأسرته ، حيث يكتشف هنا أن قتلى الحرب ليسو مجرد أرقام ترد فى إحصائيات وبيانات وزارة الدفاع.
    وأن لكل منهم أب وأم وأقارب وأصدقاء وزوجة وأولاد سيفتقدونه إلى الأبد.
    وفى نقطة معينة يتذكر قول صديق له بأن الناس يدفنون رؤوسهم فى الرمال ولا يريدون موجهة المشكلة ويستمتعون بدفء الأوهام الذى يشعرهم بالهدوء.
    وهو ما يجعل القارئ يتذكر كيف دفنت الحكومة الإسرائيلية رأسها فى الرمال كالنعامة،
    ولم تر أيدى العرب الممدودة بالسلام،
    ولم تر فى نفس الوقت التجهيزات التى كانت تدور على قدم وساق للحرب من أجل تحرير الأرض العربية.
    .
    .

    حورية البحر
    استعراض الملف الشخصي
    رسالة خاصة إلى : حورية البحر
    البحث عن كافة مشاركات : حورية البحر
    إضافة حورية البحر إلى قائمة الصداقة

    #23 اليوم, 04:03 Am
    - رواية رحلة فى آب (1980) للكاتب أهارون ميجيد (1920)

    تعالج الرواية حكاية دانيئيل لفين الذى سافر إلى الولايات المتحدة بعد مقتل ابنه الأكبر نوني فى حرب أكتوبر.
    يضطر لفين إلى العودة إلى إسرائيل، التى يعتبرها مصدر كل سوء، لكى يبحث عن ابنه الأصغر جيدي، والذى هرب من الخدمة العسكرية.
    وفى أثناء البحث عن الابن المفقود يجد الأب نفسه يسير فى نفس مسار الرحلة التى قطعها من قبل إلى ميدان القتال، الذى لقى فيه ابنه الأكبر مصرعه.
    فى الرحلة الأولى كان الأب بصحبة مجموعة من الآباء الذين فقدوا أبناءهم، والذين حملتهم الحافلة إلى موقع وحدتهم فى سيناء.
    وفى الرحلة الأخيرة يلتقى الأب فى الطريق بضابط شاب، يشعر فى قرارة نفسه أنه البديل لابنه الميت.
    ويؤدى التطابق بين مسار الرحلتين أيضا إلى لفت الأنظار إلى الفارق بين الشقيقين، الابن الأكبر الذى حارب ولقى مصرعه لمجرد أن يثبت لأبويه أنه قادر على أن يكون مقاتلا، وكأن الأبوان هما اللذان ضحيا به، والابن الأصغر الذى هرب من الجيش ليعيش، والذى يحاول تعويض نفسه عن الهروب من الجيش بالقدوم إلى أحد شواطئ سيناء،
    ليقنع نفسه بأنه يعارض الانسحاب الإسرائيلى من سيناء.
    وقد حاول الكاتب بإطلاق اسم رحلة فى آب على روايته، أن يلفت نظر القراء الإسرائيليين إلى رحلة أخرى بدأت فى شهر آب (أغسطس) عام 1978 وهى رحلة الانسحاب الإسرائيلى من سيناء، التى كانت بمثابة بداية عودة إسرائيل إلى حجمها الطبيعي. وعلى هذا فإن الرواية تعتبر محاولة لتجسيد الواقع الإسرائيلى حسبما يظهر فى الحقيقة بعد حرب أكتوبر 1973.
    .
    5 - رواية الصحوة الكبري (1982) للكاتب بينى برباش

    تتناول الرواية شهادة العقيد إيلى هانجبي أمام لجنة التحقيق العسكرية التى تحقق فى خطأ ارتكبه فى أوج المعارك فى الحادى عشر من أكتوبر 1973.
    ورغم أن الكاتب/ الراوى لا يذكر أى شئ عن طبيعة هذا الخطأ،
    إلا أن تصعيد الحدث فى الرواية يوضح أن له تأثير مدمر على مستقبل العقيد إيلي،
    الذى يدفعه هذا التحقيق إلى التفكير فى حروب الجنرالات، التى ترفع عن المشاركة فيها. ويعتقد العقيد إيلي أن نجاته من العقاب الذى ينتظر أن يوقع عليه،
    والذى يتمثل فى تجميده فى منصب إدارى فى أحد مراكز التدريب،
    رهن بإفاقة أساف ضابط عمليات كتيبته، الذى فقد وعيه نتيجة لإصابته فى الحرب.
    ولا يحكى لنا الراوى شيئا عن كيفية حدوث هذه الإصابة.
    غير أن أحداث الرواية تنتهى بدون أن يفيق.
    يرمز أساف ضابط العمليات فاقد الوعى فى الرواية إلى الجيل الجديد فى إسرائيل الذى فقد وعيه الجمعى وترك الجيل السابق يقوده فى اتجاه الهاوية،
    وهى ظاهرة حقيقية لا تزال موجودة فى إسرائيل حتى الآن.
    فالمسيطرون على مقاليد الأمور فى الدولة هم مجموعة من كبار السن الذين شاركوا فى حرب1948، وأسسوا دولة إسرائيل.
    وفى المونولوج الختامى للرواية، الذى يدور فى عقل والدة أساف، التى تجلس بجواره وهو فاقد الوعي،
    تقول الأم: إن الحرب كانت فظيعة ولكنهم يقولون أن الحرب القادمة سوف تكون أفظع.
    وهو ما يعتبر صرخة إنذار مبكر من الحرب القادمة .
    .
    .
    - رواية ظهور إلياهو (1999) للكاتب س. يزهار (1916)
    تعتبر هذه الرواية مجموعة من ذكريات الكاتب _وهو من كبار الكتاب فى إسرائيل- عن الأسبوع الأخير من الحرب فى الجبهة المصرية فى منطقة الدفرسوار،
    التى عرفت فى وقت لاحق باسم الثغرة.
    حاول الكاتب إكساب الذكريات طابعا قصصيا بإدراج قصة البحث عن صهره إلياهو كجزء منها. حيث تبدأ الراوية بالتساؤل عن مكان إلياهو، وتنتهى باللقاء بين الطرفين.
    بينما لا تصل الأحداث فى المنتصف إلى أى تصعيد درامي.
    وتقتصر المنطقة الوسطى من الرواية على عرض مشاعر الشخصيات والشخوص إزاء الحرب وإزاء التجارب التى تمر بهم فيها.
    ويشير الكاتب إلى ما يتجاهله الكثيرون، وهو الكذبة الكبيرة التى حاول القيادة السياسية الإسرائيلية أن تجعل الشعب يعيش فيها :
    لماذا لا يحكون حقيقة ما حدث، حقيقة ما سيترك أثرا على المرء طوال حياته ، لن يستطيع أن يتجاهله حتى بعد مرور سنين بعد أن يصبح كل ما حدث تاريخا بعيدا .
    ماذا يعنى اشتعال النار فى الدبابة واحتراقها، بينما جندى يقفز منها والآخر يحترق.
    وكيف يحترق؟؟؟
    لا أحد يمكنه أن يقول الكلمات الكبيرة.
    ويحاول المرء أن يتخلص منها ومن العبء النفسى الذى تمثله، أو يحاول أن يحولها إلى تلك المجموعة من المقولات الجاهزة التى يعلم الجميع مصدرها بدون خوض فى التفاصيل، وبدون تعقيدات ولا يحكى سوى كلمات معروفة. ( ص 164 )
    لقد سقط الجميع فى إسرائيل فى المصيدة التى أعدتها القيادة السياسية، مصيدة المقولات الجاهزة والتعميم والقوا باللائمة عما حدث فى الحرب على التقصير.
    ولم يحاولوا مجرد محاولة أن يطلقوا على ما حدث الاسم الصحيح الذى يجب إطلاقه عليه وهو الهزيمة. ولم يحاولوا محاسبة أحد عن التقصير المزعوم .
    غير أن الملاحظ أن الكاتب هنا يكتفى هو الآخر أيضا بنفس المقولات الجاهزة التى لا يجوز الخروج عنها وإن كان يشير إلى ضرورة السماح بالخروج عنها. والرواية بمثابة صرخة معارضة للحرب أيا كان الطرف المنتصر فيها.
    إذ أن الكاتب يعتقد أن هناك قدسية لحياة البشر، لا يجب التفريط فيها بسبب الحرب.
    ويرى أن الحرب هى نتاج قرار لشخص غير عاقل يعتقد أن قطعة أرض أو الاحتفاظ بمزيد من الأرض أفضل من حياة البشر.
    والجدير بالذكر أن الكاتب قد عرض فى روايته لمشهد قميء ومقزز، لبعض الجنود الإسرائيليين، الذين يركلون القتلى المصريين فى وجوههم، ويضربونهم بكعوب بنادقهم فى ذقونهم لكى يخلعوا أسنانهم الذهبية ويأخذونها.
    وقد صرح الكاتب بأن هذا المشهد حقيقيا وأنه شاهده أثناء الحرب وتعرض نتيجة لهذا التصريح لهجوم عنيف من النقاد الإسرائيليين من كافة التيارات، حتى تراجع عن تصريحه تحت وطأة الضغط، وهو ما يوضح لنا بشكل عابر محدودية مساحة الحرية التى يكفلها المجتمع الإسرائيلى لمفكريه.
    .
    .
    - رواية علامة التنشين (1999) للكاتب حاييم سباتو (1950)

    هذه أيضا رواية ذكريات تتناول الأيام الثلاثة الأولى للحرب على الجبهة السورية.
    ويصف فيها الكاتب/ الراوى كيف دمر السوريون الدبابات الإسرائيلية كالحشرات فى الهجوم الأول (ص 120)
    تحكى الرواية قصة البحث عن دوف صديق الراوى الذى لقى حتفه فى الحرب.
    وتنقسم إلى جزئين رئيسيين.
    الجزء الأول قصة الخروج للحرب.
    والجزء الثانى قصة الأيام الثلاثة الأولي، والتى يحكيها جنود الفصيلة للمحققين
    . وتعتبر القصة الأخيرة هى الهدف الرئيسى للرواية وتضفى عليها طابعا توثيقيا .
    وتوضح هذه القصة مدى تخاذل الجنود الإسرائيليين، والبطولات التى أبداها الجنود السوريين فى الأيام الأولى للحرب، قبل التدخل الأمريكى لمساعدة إسرائيل.
    وتتخلل القصتان المكونتان للرواية وقفات مقصودة من جانب الكاتب يدرج من خلالها صلوات ومقتطفات من كتب التراث الديني، يستخدمها الكاتب كرموز لنقل رسالة إلى الملتقي، وتفيد بأن ما جرى من أحداث فى الحرب، مثل موت دوف ومجموعة كبيرة من الجنود، وسقوط الجولان بالكامل فى أيدى السوريين، إلى أن وصلوا إلى بحيرة طبرية، فى الأيام الأولى للحرب، هو بمثابة قضاء وقدر.
    ويعتبر هذا بمثابة محاولة لإضفاء طابع دينى على الهزيمة بالزعم بأنها جاءت كعقاب لمن ابتعدوا عن الدين .

    .
    .

    منقول

    مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية - مؤسسة الأهرام
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    موضوع مهم اختي ام فراس ولو انه طويل شوي لازمله زيارات وزيارات
    وسلامي لفراس وموفق بدراسته يارب

  3. #3
    موضوع مهم اختي ام فراس ولو انه طويل شوي لازمله زيارات وزيارات
    نعرف على الاقل كيف بيفكروا تمام
    وسلامي لفراس وموفق بدراسته يارب

المواضيع المتشابهه

  1. كورس كامل لتعليم العبرى (كتاب + صوت)
    بواسطة عمرو زكريا خليل في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-28-2013, 06:49 PM
  2. الحرب وانعكاساتها في الادب العبري المعاصر / مع نماذج عبرية مختارة ومترجمة
    بواسطة عبدالوهاب محمد الجبوري في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-09-2011, 10:57 AM
  3. قراءة في فلسفة الأدب العبري واتجاهاته
    بواسطة عبدالوهاب محمد الجبوري في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-05-2011, 11:03 AM
  4. رؤية نقدية لقصدة منى/أحمد العبري
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-05-2009, 10:57 AM
  5. قراءة جديدة في فلسفة الادب العبري واتجاهاته
    بواسطة عبدالوهاب محمد الجبوري في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-14-2008, 06:03 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •