منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    السرد معتقل في رواية السرداب 2 ليوسف الصائغ

    سرد معتقل في في رواية السرداب 2

    (1)‏

    تنتمي رواية السرداب رقم (2) ليوسف الصائغ إلى الروايات التي تدعى روايات السجون لأنها تسعى إلى تصوير ما يدور في السجون من قمع وإذلال وقتل وفساد ولا شيء إلا لتهمة سياسية.‏

    وقد سبق الصائغ عدد من الروائيين منهم صنع الله إبراهيم وحنا مينة وإلياس خوري، وعبد الرحمن منيف في ( شرق المتوسط ) أسلوباً وبناءً، ودلالة، فلم يكن وكده في ( السرداب) أن يمجد تنظيماً سياسياً دون آخر، أو وجهة نظر سياسية دون أخرى، أو أظهار بطولات وأمجاد لبعض المعتقلين.‏

    لقد صورت السرداب (2) الإنسان بلا تجمل عارياً من أية شعارات أو أي انتماء سوى إلى الإنسانية المجردة من كل شيء بقوته وضعفه، بفرحه وحزنه، بكبريائه وذله، بكياسته ونزقه...‏

    ولعل هذا ما يفسر البنية السردية للرواية، فقد نهضت على البناء السردي الحَلَقي، أي أن الراوي بدأ يسرد الرواية على شكل حلقات مغلقة ومتداخلة، فبدأ الحلقة الأولى وعند نهايتها يروي الحلقة الثانية وهكذا مع وجود تداخل بين الحلقات، وقد سميت كل حلقة باسم شخصية روائية كعبد الله، والمصور، وأبو النمنم وغيرهم.. وهذا هو البناء السردي الملحمي بعينه، ولعل الصائغ أراد أن يستثمر أسلوب السرد الملحمي فقد أفاد من بنية الراوي العليم بكل شيء المتموضع داخل المكان وخارجه وداخل الشخصيات وخارجها، أما البناء الزمني فقد كان بناء تتابعياً يسير على وفق الخط التصاعدي للزمن مع ملاحظة وجود ارتدادات زمنية هي عبارة عن استذكار هنا وهناك لا يؤثر في التصاعد الزمني.‏

    (2)‏

    بعد هذه المقدمة السريعة لا بد لنا من الوقوف عند الشخصيات الروائية / الفواعل، سيما وأن فصول الرواية/ حلقاتها السردية قد سميت بأسماء، ولنحاول كذلك إجلاء الصورة الأخرى للشخصية السياسية المناضلة والتي تجلت هنا بوصفها شخصيات إنسانية متجردة من أي انتماء آخر، حتى أن الراوي لم يشر إلى انتمائهم أو رؤاهم الآيديولوجية ..‏

    1 ـ عبد الله ... تبدأ الرواية بمأساة عبد الله الإنسانية عندما (( كان الوقت منتصف الليل سمعنا صوت الباب الحديدي وهو يفتح. أعقب ذلك صوت صرخة مكتومة )) الرواية ص 7. هكذا يدخل عبد الله السرداب مكللاً بكل أنواع العذاب والعار الأبدي الذي لا يمحى، فقد (( جاؤوا بزوجته واغتصبوها أمامه)) (الرواية ص)9.‏

    لقد اشتغلت ثلاث منظومات اجتماعية على تحطيم هذا الرجل، وهي مجتمع الخارج وأعرافه وتقاليده التي دفعت المنظومة الثانية وهي مجموعة رفاق السجن بالاستهزاء منه وتقريعه حتى وصل بهم الإيذاء النفسي له حداً بحيث عدوّه ديوثاً.‏

    أما المنظومة الثالثة كانت سلطة القمع التي تجردت من أساسيتها وتحولت إلى حيوان مفترس عندما اغتصبت زوجته أمامه.‏

    تحول هذا المناضل إلى محض حطام إنسان حتى أنه لم يكن في السجن سوى شبح بلا روح ولا جسد ولم يُلحظ عليه سوى الإنطوائية والسلبية كما أنه لم يرد على الإهانات بسوى الانتحار .(الرواية ص 28ـ30).‏

    2 ـ إبراهيم المصور .... تعدّ هذه الشخصية خلاصة الصراع النفسي الذي يحتدم داخل المناضل نتيجة العلاقة الطردية بين خارج السجن وداخله، فكما صمد من كان خارجاً زاد صمود الداخل والعكس صحيح، فعلى الرغم من أنه مناضل صلب، وطيب، ومتسامح، ومتعاون مع زملائه، غير أنه مسحوق من الداخل فكاد يقتله الشك فلا معيل لزوجته وأولاده، غير أنها تعمل أي شيء من أجل إسعاده على حد قوله عندما أعطته الثلاثين ديناراً في إحدى الزيارات.(الرواية ص 62).‏

    وعندما تساءل من أين لها النقود وهنا بدأ الشك والانهيار النفسي فمرة يغني وأخرى يتشاكس، ومرة يطوّل لحيته وأخرى يحلقها.. حتى جاء يوم وقد أخذ من السرداب إلى مكان آخر، ربما ليلتقي مع عبد الله، ولكن بطريقة مختلفة.‏

    3 ـ الدكتور إحسان ... طيب معروف ومحترم غير أنه لم يمارس مهنة الطب في المعتقل حتى أساء السجناء الظن به إلى أن جاء يوم قال لهم فيه: ((عوضاً عن أن تطلبوا مني أن أعلمكم وتعرفون أنني لا استطيع، تدبّروا طريقة لتحسين ظروف اعتقالكم على الأقل لتحسين الطعام الذي تتناولونه)) (الرواية ص61).‏

    هكذا تسير الأمور إلى أن يقود إضراباً عن الطعام يدفع ثمنه هو ... عندما غادر السرداب بلا عودة.‏

    4 ـ كاكا كريم كردي .. دفع ثمن دفاعه عن ولده المناضل لا غير عندما توفي نتيجة الطعام الملوث وانعدام المعالجة، وقصته صورة لقسوة و المسؤولين وفسادهم عن السجن .‏

    5 ـ أبو النمنم ... مناضل عنيد استطاع أن يموه على الشرطة حتى هرب من السجن إلى ساحات النضال.‏

    6 ـ العجمي ... واسمه مجيد كان مناضلاً عنيداً، غير أن ظروف السجن جعلته سمساراً لمن يريد أن يقدم رشاوى للآمر السجن.‏

    7 ـ الشكرجي ... مناضل غير أنه من طبقة أرستقراطية.‏

    8 ـ أبو الشلغم ... بائع خضار، مناضل، اعتقل ليلة عرسه.‏

    9 ـ العرجة .... رجل كبير سُجن لأنه هرَّب ولديه المناضلين، غير أن الراوي يسلب وقاره ويظهره لصاً مرة وأحمق أخرى وأخيراً يطلق سراحه برشوة إلى الآمر.‏

    10 ـ سلمان المحامي .... محام كبير ومعروف يمتاز بالهدوء والوقار، حتى أنه قد انطوى على نفسه إلى أن جاء يوم زاد عدد المعتقلين فضلاً عن زيادة البرودة في الشتاء مما اضطر السجناء إلى أن يشتركوا بالفراش فكان نصيب المحامي استضافة فتى اسمه ( حيدر ) وهو مناضل صغير السن نوغي الشتاء (( وعلى غير إرادة يلتصق الجسدان، تعبيراً عن حاجة حقيقية للوصول إلى الدفْ الإنساني)) (الرواية ص 200).‏

    غير أن الوضع مع المحامي اتخذ شكلاً آخر، فقد شوهد حيدر وهو يركل المحامي ويشتمه ((نذل ـ جبان )) . (الرواية ص 201).‏

    ومن الواضح أن سبب ذلك هو شعور حيدر بـأن المحامي قد تحرش به جنسياً، ولم تفلح جهود الآخرين بالتخفيف من ذلك، هكذا سقط نفسياً وجسدياً وأخلاقياً، نتيجة التحرش الجنسي.‏

    11 ـ الراوي .... ( أنا ) لم يتحدث الراوي عن نفسه بل تحدث عن الآخرين وبذلك أراد أن راوياً شاهداً على الأحداث موثقاً لها، كأنه يكتب مذكرات يومية .. لقد حاول الراوي أن يكون موضوعياً حتى في فقرته، وأن يصور السرداب بسكانه جميعاً بلا مجاملات، بلا طبقات، بلا شعارات، فقد ظهر الإنسان المجرد من جميع أقنعته أو انتماءاته، بل بصفته الإنسان فحسب، ... وهذا يحسب للصائغ الذي أدار الصراع الروائي ببراعة وحسن أداء أدبي مميز.‏

    ( 3 )‏

    لم يكن السرداب رقم (2) عنوان الرواية، بل بؤرة الحدث الروائي الذي تشظت منه الأحداث الأخرى، فالسرد معتقل مع السارد في السرداب (2).. لا يرى ما يدور خارجاً ولا يعنيه منقطع في الزمان والمكان عن الخارج.‏

    إن المكان هنا هو الشخصية الحورية في الرواية بل إنه الدافع الأساسي لأحداثها، فقد نشر ظلاله على نفسيات المعتقلين ودفعهم إلى أن يتعاملوا مع بعضهم بطريقة لم يعتادوا عليها.‏

    لعل المكان قد تشظى إلى شخصيات تمارس الحديث الروائي بوحي منه وإنه العقل المركزي الذي يتحكم بالأحداث ويضبط إيقاعها.‏

  2. #2
    الحديث عن السجون امر يطول ففيها يموت جمهور كبير من النخبة و ربما مظلومين وهكذا...
    ولكن لااظن ان هناك من كتب عن السجون السياسية بدقه وخصوصية وكشف لهوية كل يجب تماما وكنت سمعت ان هناك كاتب تخطى المحظور وربما قدم لنا رواية وقريبا على هذا النسق اتمنى ان اعرف المزيد عنها.
    كل التقدير لدراستك القيمة دكتور
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. نصيحة من ام معتقل
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان القانوني
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-25-2014, 03:40 AM
  2. رسالة من معتقل في بوكا
    بواسطة سالم وريوش الحميد في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-18-2012, 09:22 PM
  3. باكرا على الأرض، مجموعة شعريّة جديدة بالفرنسّية ليوسف رزوقة
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى ركن اللغة الفرنسية .
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-01-2011, 11:14 PM
  4. خوف مبررللشيخ توفيق الصائغ
    بواسطة راما في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-09-2011, 07:43 AM
  5. الهجوم على بنت الصانع ؟؟؟؟ !!!
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 01-20-2008, 04:54 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •